حصل شيء مهم وخطير في الأسبوع الماضي في الرياض. ففي ختام القمة الخليجية مع العاهل المغربي الملك محمد السادس، رفعت السعودية سقف خصومتها مع الجزائر الى أقصاها. جاء في البيان الختامي المشترك للقمة الخليجية المغربية أن قادة هذه الدول «يدعمون مغربية الصحراء، ويساندون مبادرة الحكم الذاتي التي تقدّم بها المغرب، كأساس لأي حل لهذا النزاع الإقليمي المفتعل». هذا الموقف الخليجي، يعني انحيازاً كلياً للمملكة المغربية ضد الجزائر في أعقد قضية بين الرباطوالجزائر، أي مصير الصحراء الغربية. هذا المصير لا يزال محور نزاع بين البلدين وملفاً معقداً جداً في الأممالمتحدة. ماذا تعيب السعودية على الجزائر؟ تحفّظت الجزائر مراراً على الموقفين السعودي والقطري ضد سوريا. حصل أكثر من اشتباك بين وزراء خارجية هذه الدول قبيل وخلال طرد سوريا من جامعة الدول العربية. (راجع كتاب الأسد بين الرحيل والتدمير الممنهج). رفضت دعم التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن. وقبل ذلك لم تنخرط في أي تحالف عربي أو إسلامي بقيادة الرياض لضرب الإرهاب. عللت الجزائر ذلك بقوانين البلاد التي تمنع الجيش الجزائري من الانخراط في حروب خارجية. تحفظت الجزائر على تصنيف «حزب الله» بالإرهابي من قبل مجلس التعاون الخليجي ومجلس وزراء الداخلية العرب وجامعة الدول العربية. لم تمضِ ساعات على قرارات القمة الخليجية المغربية بدعم موقف الرباط بشأن الصحراء، حتى أرسلت الجزائر الى دمشق وفداً وزارياً برئاسة وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل. قالت وزارة الخارجية الجزائرية إن «الزيارة ستشهد انعقاد الدورة الثانية للجنة المتابعة، التي سيترأسها الوزير مساهل ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري همام الجزائري، لبحث مختلف جوانب التعاون بين البلدين، وسبل ترقيتها وتوسيع مجالاتها». هذا تصريح لافت حول أول تعاون علني ورسمي بين دولة عربية وسوريا منذ بداية الحرب (باستثناء العراق)، ولافت أيضاً لأن هذه اللجنة لم تجتمع منذ عام 2009 حين انعقدت في الجزائر (أي قبل عامين من الحرب السورية)… ولافت ثالثاً لأن الوزير الجزائري هو المسؤول عن الشؤون المغاربية وجامعة الدول العربية. لا داعي للتفتيش عن السبب، فهو واضح، وردّ مباشر على القمة الخليجية المغاربية. أيضاً كان سبق هذه اللقاءات الجزائرية السورية زيارة وفد من المستثمرين السعوديين إلى الصحراء الغربية، ما أثار حفيظة الجزائر وشكوكها ووسّع شقة الخلاف مع الرياض. هذه إذاً رسالة جزائرية أولى الى السعودية، وربما لولا وهن صحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والقلق من موجات إرهاب تضرب الجزائر في خلال الإعداد لخليفته، لكانت الجزائر رفعت مستوى التحدي إلى أبعد من ذلك. فالصحراء بالنسبة لها قضية استراتيجية أولى وقضية أمن قومي تماماً كما هي بالنسبة للمملكة الجارة.