ما لم تفعله أية جريدة فعلته “الهدّاف” بتنقلها إلى غاية صوفيا العاصمة البلغارية تقفيا لأثر الحارس الدولي الجزائري مبولحي رايس وهاب، الحارس اللغز الذي يخفي الكثير من الأسرار ولا يعرف عنه أحد إلا القليل سواء ما تعلق به أو بالفرق التي لعب لها، خاصة أن لا أحد يملك أدنى معلومة عن فريقي سلافيا وسياسكا صوفيا اللذين اقتحمت “الهدّاف” قلعتيهما أول أمس. فرق شاسع بين “أليتاليا” و”إيربلغاريا” رحلتنا إلى بلغاريا انطلقت بداية من الساعة الرابعة و35 دقيقة من الأربعاء في طائرة تابعة للخطوط الجوية الإيطالية “أليتاليا”. كان الطيران دون أية دقيقة تأخير والوصول كذلك مثلما هو مكتوب على التذكرة الإلكترونية وفي رحلة ممتعة وهادئة، وبعد 3 ساعات من البقاء في رواق المرور بمطار روما كان الموعد مع التسجيل في رحلة صوفيا التي انطلقت متأخرة وكذلك الركوب على طريقة الخطوط الجوية الجزائرية. طائرة قديمة ومهترئة والمشروبات الكحولية مجانا وبعد تأخر دام أكثر من 45 دقيقة كان الإقلاع بإتجاه صوفيا في طائرة أقل ما يقال عنها إنها قديمة وتكاد تكون غير صالحة للإستعمال باعتبار أن الصدأ موجود في عدة أماكن منها، وحتى محركات الطائرة وبعض قطعها كانت واضحة، وهو ما جعل حتى البلغاريين يتخوفون كثيرا قبل أن يكون الوصول بعد ساعة و50 دقيقة بسلام في رحلة تقدم فيها المشروبات الكحولية مجانا للركاب، وهي المشروبات التي اكتشفنا هنا في بلغاريا أنهم يستهلكونها مثلما نستهلك نحن المشروبات الغازية في الجزائر. الشرطة حققت معنا في صوفيا وكأننا متهمون مفاجأة غير سارة كانت في انتظارنا في مطار صوفيا، حيث وبعد أن قدمنا جواز السفر طلبت منا الموظفة الإنتظار، وهو ما فعلناه قبل أن يتقدم منا شرطي لطرح مجموعة من الأسئلة علينا ورغم استعانتنا ب “التكليف بالمهمة” الذي نملكه إلا أن هذا لم يمنعه من أن يغيب عنا مدة نصف ساعة ثم يعود لطرح مجموعة أخرى من الأسئلة وووصل الحد إلى الاستفسار عن اسم الشخص الذي نعرفه وسيستقبلنا في بلغاريا، كما أخرجنا (دون حقيبة) إلى خارج المطار لنحدد له الشخص الذي ينتظرنا رغم أنه غير موجود أصلا. إذ كنا قد أعلمناه بأننا سنقيم في فندق “فوشير” إلا أنه أكد أنه من المستحيل أن يتركنا نمر دون أن نكون على معرفة بأحد هنا. السبب تخوّف البلغاريين من العرب والإرهاب في هذه الظروف استعنا بصديق عراقي هو عصام المشهداني المقيم في بلغاريا منذ 3 سنوات (لاجئ سياسي) الذي تكلم مع الشرطي هاتفيا وأقنعه بأننا متوجهون إليه، الشرطي وبعد محاولات عديدة واتصالات بصديقنا طلب من عون أمن تفتيش أغراضنا كلية حتى الملابس الداخلية، بالإضافة إلى قراءة كل الأوراق التي أخذناها قبل أن نفهم فيما بعد أن السبب هو التخوّف من الإرهاب والعرب ككل، ثم سمح لنا بالمغادرة وبمعاملة باردة جدا. الكثير من العرب يقيمون هنا و”الهدّاف” التقت لاجئين عراقيين وتونسيين ويقيم في صوفيا الكثير من العرب ودون الحديث عن الأتراك الذين يشكلون نسبة 6 % من السكان فإن كثير من العراقيين والسوريين يقيمون هنا بشكل دائم، وقد التقت “الهدّاف” بأصدقاء عصام المشهداني وهم 3 يسكنون معا في شقة واحدة كلهم هربوا من الإحتلال الأمريكي والتهديدات فيما تعرض بعضهم لمحاولات إغتيال وهو ما جعلهم يتركون عائلاتهم ويهربون، وإضافة إليهم التقينا بالتونسي محسن قارة المقيم في بلغاريا منذ 17 سنة وهو لاجئ سياسي لعب دور المترجم. “المافيا” لازالت موجودة وسائق يسطو علينا وإذا كانت بلغاريا قد عرفت في وقت مضى ب “المافيا” التي كانت تفرض سيطرتها على البلاد، فإن الأكيد أن هذه “المافيا” التي هددت مرة باختطاف شقيق اللاعب البلغاري بارباتوف و قيل إنه قُضي عليها لا زالت موجودة، بدليل ما فعله معنا سائق من المطار. فلما عرف أننا غرباء غير تسعيرة الكيلومتر على العداد حوالي 10 أضعاف من 0.59 ليفة (30 دينار) إلى 5 ليفة (250 دينار)، وبعد أن سألناه عن قيمة الليفة أكد لنا أنها تساوي نصف أورو لنتأكد بعد 3 كيلومتر من السير أننا رحنا ضحية احتيال (حوالي 1000 دينار جزائري مدة دقيقتين من السير) فطلبنا منه التوقف فورا، لنركب مع سائق جديد أكد أنه لا يمكن لنا أن نفعل شيئا مادام الاحتيال كان أمام أنظارنا وبرضانا من خلال مشاهدتنا العداد قبل الركوب. شعب حزين ومظاهر اللاحياة تنسيك أنك في أوروبا الانطباع الأولي الذي تأخذه عن البلغاريين أنهم شعب حزين، حيث لا توجد مطلقا مظاهر الحياة والسعادة إلا في الملاهي الليلية ومحلات القمار، ما عدا ذلك كل شيء متوقف حتى التجارة ليست نشيطة والحركة قليلة، بعض الشوارع خالية كلية والكآبة سيدة الموقف لاسيما مع الجو الحزين الذي وصلنا فيه، وهو ما لا يعطيك الانطباع بأنك في أوروبا. هذا إذا أضفنا إلى ذلك أن بعض ملامح البلغاريين تشبه العرب فيما يشبه البعض الآخر منهم الصرب. الهجرة إلى ألمانيا حلم كثيرين بسبب البطالة وتدني الأجور وتعتبر الهجرة الى ألمانيا حلم الجميع، خاصة بعد انضمام بلغاريا إلى الإتحاد الأوروبي قبل 4 سنوات، حيث يتواجد كثيرون منهم في ألمانيا طلبا للقمة العيش كما أن هناك مهاجرين في الدول الأوروبية الأخرى. يحصل هذا لأن فرص العمل قليلة في بلغاريا والأجور متدنية للغاية (400 ليفة شهريا التي تعادل 200 يورو) ولا تكفي لشيء، في وقت أن كل شيء غال. فمثلا سعر 1 لتر من البنزين هو 2 ليفة (حوالي 100 دينار) وخبزة 1.5 ليفة (75 دينار). السيارات قديمة والبنايات كذلك وكأننا في روسيا خلال الثمانينيات صحيح أن هناك أماكن حديثة في العاصمة البلغارية إلا أن مظاهر الحياة القديمة في كل مكان، حيث يظهر ذلك في السيارات القديمة التي تسير في المدينة الأولى في بلغاريا، وهي سيارات ألمانية وإيطالية بالدرجة الأولى في وقت لا يمتلك إلا الأغنياء السيارات الفارهة. وحتى البنايات عتيقة أيضا وهو ما يعطي الانطباع بأننا في زمن الشيوعية وتحديدا في روسيا سنوات الثمانينيات. كل اللافتات بالبلغارية وصوفيا لا ترحب بالأجانب ويبدو أن صوفيا خلقت لتكون مدينة للبلغاريين وحدهم. كيف لا وهي التي لا ترحب مطلقا بزوارها لأن أغلب، إن لم نقل كل، اللافتات الإستدلالية مكتوبة باللغة المحلية أي السلافية، وهي اللغة التي لا يتكلم بها سوى البلغار (حروف الروسية نفسها لكن اللغة مختلفة)، وهو ما يجعل الزائر لا يجد نفسه تماما ويضطر إلى السؤال. والمشكل الأكبر هو أن النسبة الكبيرة من البلغاريين لا يتكلمون الإنجليزية، وهو ما أوقعنا في مشكل وجدنا حله بتوظيف التونسي محسن قارة مترجما لنا خلال مختلف تنقلاتنا. شعب متهوّر في السياقة ومحلات “الشيفون” بكثرة الشيء الآخر الذي تلاحظه في بلغاريا هو تهوّر الشباب في سياقة مركباتهم ، حيث انتبهنا أن نسبة معتبرة منهم تنطلق بأقصى سرعة بالسيارة مباشرة بعد تشغيلها. كما يدور بعضهم المنعطفات بسرعة غير عادية رغم أن سياراتهم قديمة، كما شاهدنا الكثير من المخالفات في غياب الشرطة التي لا تتوزع بشكل كثيف في الطرقات. وإضافة الى ذلك تحتوي صوفيا على محلات بيع “الشيفون” خاصة بالقرب من الشارع الكبير المسمى بيتروتسكا (أي شارع الإستجمام باللغة العربية)، حيث يقبل البلغار خاصة أصحاب الدخل المتواضع على هذه المحلات من أجل الحصول ملابس تقيهم قر الشتاء القارس. الكلاب في كل مكان، و البلغاريون أصدقاء للحيوانات وتتواجد الكلاب في كل مكان في العاصمة، حيث يعتبر البلغار من عشاق هذه الحيوانات، ويربونها في كل البيوت، ورغم أن بعضها يظهر شاردا إلا أن له اصحابه. كما أن أحد من تحدثنا إليهم أشار الى أن دهس إنسان بالسيارة هنا أهون من دهس كلب، مشيرا إلى أن قتل هذا الحيوان بالخطأ قد يؤدي حتى الى السجن. وقد صادفنا الكثير من إعلانات البحث عن كلاب ومقابل مكافآت مغرية. شرطي يعرف مبولحي ويصفه ب “المتكبّر” وفي الوقت الذي كنا بصدد البحث عن مقر “سياسكا“ أول أمس سألنا شرطيا بلغاريا عن العنوان، ليطلب هويتنا. وبعد التعرف علينا كان جوابه مباشرة: “أنتم ستذهبون إلى مبولحي، إنه شخص متكبّر“. ولما أردنا أن نفهم سبب إطلاق هذه التسمية رد بالقول: “أنا من عشاق سلافيا وصادفت مرتين الحارس الجزائري في الطريق، لكن أجوبته على أسئلتي باعتباري محبّا كانت مختصرة وفوق القلب“، ما جعل الشرطي يعتقد أنه تكبر رغم أنه طبع مبولحي بالأساس. سائق طاكسي يسمّيه “الكودكا” سائق طاكسي يدعى “ڤيورغي إيفارد“ عاشق لكرة القدم يعرف كل شيء عن فرق العاصمة، لما تعرف على هويتنا وعلم بأننا سنذهب عند مبولحي أكد أن هذا الحارس اسمه “الكودكا” التي تعني باللغة المحلية “القط”، مشيرا إلى أنه يحظى باحترام شديد في بلغاريا والجميع ينظر إليه على أساس أنه الحارس رقم 1، مستدلا على ذلك بما قدمه في كأس العالم. حيث يرى صديقنا أن مبولحي أنقذ الجزائر من هزيمة قاسية أمام انجلترا وأخرى أمام أمريكا. الجميع في مقر “صلافيا” يطلب أن نبلغه السلام وقد توجهت “الهدّاف” الى مقر “سلافيا“ الفريق الأول لمبولحي، حيث لم نعثر على رئيس الفريق ولا أحد من الإداريين، في وقت أن الفريق الأول برمج تدريباته في المساء. وعندما تعرف علينا بعض من كانوا بالداخل أصروا أن نوصل تحياتهم الى مبولحي خاصة “إيفيان“ التي تشغل داخل نادي الفريق، وهو ما جعلنا نتأكد أن مبولحي يملك قدرا كبيرا من الإحترام وسط أنصار “سلافيا“ رغم مغادرته النادي. مبولحي وصل متعبا أول أمس وتدرب لأن “سياسكا“ بحاجة إليه وقد تنلقت “الهدّاف” صباح أول أمس أمس إلى مقر “سياسكا صوفيا” ولم نجد أحدا. وبالمقابل أكد لنا مسؤول الإدارة أن مبولحي سيلتحق في المساء عبر باريس. ورغم أنه كان يظهر أنه سيصل متعبا إلا أن رايس تدرب حصة المساء لحظات فقط بعد وصوله. والسبب حسب ما أكده لنا مدرب الحراس أنه يفكر في الإعتماد عليه أساسيا غدا أمام “كاليكرا“ في إطار البطولة. شاهدناه يضحك للمرة الأولى منذ لقاء انجلترا بمجرد نهاية الحصة التدريبية كنا قرب غرف حفظ الملابس، أين تعرف علينا مبولحي مباشرة قبل دخوله للإستحمام. حيث طلب منا انتظاره، وهو ما فعلناه. وفي الوقت الذي كنا نحاور مدربه وقائد الفريق، خرج ضاحكا موجها نظراته إلينا، وهو أمر لم نعتده من مبولحي الذي لم نشاهد هذه الإبتسامة على الأقل على محياه منذ مباراة انجلترا في كأس العالم. إذ رحّب بنا بعدها وقبل إجراء حوار على عجل بما أن حافلة الفريق كانت في انتظاره لكننا طلبنا منه تأجيل ذلك الى اليوم الموالي عندما يكون متفرغا. قائد الفريق مازحه:”لقد اصبحت نجما وتجلب إليك حتى صحفيين من الجزائر” وبعد أن انهينا حوارنا مع قائد الفريق “تودور يانتشف“ صاحب الخبرة الطويلة (34 سنة) والذي احترف في “ترابزن سبور“ التركي، وتوجهنا الى مبولحي مازحه الأول باللغة البلغارية قائلا له: “لقد أصبحت نجما وتجلب إليك صحفيين من الجزائر”. وهي الجملة التي ترجمها لنا مسؤول الإدارة، علما أن مبولحي يفهم البلغارية ويتكلمها ولكن ليس بصورة جيدة. ------------------------------------------------------- “دارك راديو” تكلّمت عن “الهدّاف” و”لوبيتور” عبر الأثير طلبت منا صحفية “دارك راديو” تسمى “راليتسا“ وهي صحفية كبيرة ومعروفة بعلاقاتها المهنية في بلغاريا اسمنا وما يتعلق بالصحيفة التي نشتغل فيها. حيث قامت مساء أول أمس ببث ذلك في نشرة الأخبار الرياضية مشيرة إلى أن صحيفة جزائرية أرسلت موفدا إلى هنا لمحاورة مبولحي وهو أمر نادر الحدوث في بلغاريا. رئيس الإتحادية ميخايلوف يرحّب ب “الهدّاف” من سويسرا بمساعدة من المناجير “ميلكو“ اتصلنا برئيس الإتحادية البلغارية لكرة القدم “ميخايلوف بوريسلاف“ الحارس التاريخي السابق الذي يملك أكبر عدد من المشاركات في تاريخ المنتخب البلغاري (102 مباراة)، بخصوص إمكانية إجراء حوار صحفي، لكنه اعتذر بلباقة بما أنه متواجد في سويسرا ولن يعود قبل الأربعاء القادم. وقد سألنا إن كان يساعدنا التوقيت، لكننا أكدنا له أن ذلك مستحيل لأننا سنعود قبل ذلك، قبل أن يرحب بنا ويطلب منا الإتصال به في حال وجود أي طارئ في مهمتنا. شقيقه هو من اكتشف مبولحي ويملك “ميخاليوف“ شقيقا يدعى “روسلان“ هو مدرب حراس “ليفسكي“ الآن. “روسلان“ يرى مبولحي ويقول في مختلف تصريحاته إنه هو من اكتشفه وهو الذي طوّر إمكاناته وجعله يتألق بشكل كبير في “سلافيا“ إلى درجة نيله لقب أفضل حارس في البطولة. بيروقراطية كبيرة والبلغاريون “حافظين الميم” زرنا مقر الاتحادية البلغارية لكرة القدم من أجل لقاء “ميخاليوف“ (قبل اتصالنا به)، لكن الغريب في الأمر أن مسؤولي الإستقبال رفضوا حتى الحديث معنا مادمنا لا نملك موافقته (غير متواجد أصلا في بلغاريا). وما لفت انتباهنا أنهم “حافظين الميم” على الطريقة الجزائرية، وهو ما صادفناه أيضا عندما كنا نسأل عن رئيسي فريقي “سلافيا“ و“سياسكا“ حيث تأتي الإجابة مباشرة أنهما غير موجودين. الصحافة ادعت محاولة اعتداء الجمهور الجزائري على مبولحي كشف لنا صديق بلغاري أن إحدى الصحف هنا نشرت مقالا عن المردود السيء للحارس مبولحي في لقاء إفريقيا الوسطى، ولم تتردد حتى في التأكيد على أن الهدف الأول الذي وصفته ب “المجاني” تسبّب في محاولة اعتداء الجمهور الجزائري عليه. ولسنا ندري أين التقى مبولحي الجمهور، أم هل كانت تقصد الصحافة البلغارية جمهور إفريقيا الوسطى الذي كان متواجدا على خط التماس ووراء المرمى؟ -------------------------- مبولحي فرح ب “الهدّافّ، مدربه وقائد الفريق ومسؤولو “سياسكا” يؤكدون أن مكانته في البطولة الإسبانية على الرغم من وصوله المتأخر من باريس إلا أن الحارس الدولي الجزائري رايس وهاب مبولحي تدرب أول أمس بشكل عادٍ رفقة زملائه في “سياسكا صوفيا“. وفي نهاية الحصة التدريبة بداية من الساعة السابعة مساء بالتوقيت المحلي (الخامسة بالتوقيت الجزائري) كان لنا لقاء به. إذ توجه مباشرة إلينا بعد أن أعلمه المسؤول الإداري للفريق بتواجدنا. توجّه إلينا مباشرة وقبِل إجراء حوار ورغم أننا ألفنا مبولحي بعقليته الخاصة ورفضه مختلف الحوارات، إلا أننا شاهدناه أول أمس وهو يضحك مباشرة بعد أن رآنا بحكم علاقتنا به من قبل. حيث رحّب بنا وسأل عن مكان إقامتنا، وأكد أنه يمكن إجراء حوار معه على السريع إن كنا نريد، خاصة أن حافلة الفريق كانت في انتظاره. لكننا رفضنا ذلك بما أننا جئنا لإجراء حوار مطوّل وكشف أدق تفاصيل هذا الحارس، لا سيما الجانب المخفي من شخصيته. أكّد أنه لا يمكن أن يردنا بعد أن وصلنا إلى غاية بلغاريا وقد قام مبولحي بنفسه بتحديد المكان الذي سنجري معه فيه حوارا مطوّلا – من المفترض مساء أمس – بعد حصة التدليك التي سيجريها فريقه، مشيرا الى أنه لا يمكن أن يردّنا بما أننا تنقّلنا إلى غاية بلغاريا من أجله. كما أن قائد الفريق “تودور يانتشف“ بادره بالقول: “إنك صرت تجلب الإعلاميين من آلاف الكيلومترات“، فيما قال له مدرب الحراس إنه يستحق هذا الاهتمام من الجزائريين. “أنا إنسان لا أحب الظهور، ويشرّفني احتمال تتويجي أفضل حارس جزائري” وفي دردشة قصيرة معه أكد مبولحي أن السبب الذي يجعله يرفض الحوارات هو أنه قليل الكلام، ولا يحب أحيانا أن يقول أي شيء. ثم إنه أصلا في الكثير من المناسبات لا يجد الكلام الذي يقول. قبل أن يضيف أنه إنسان يحب الظل ولا يحب الظهور والأضواء. ولمّا أعلمناه أنه يحتمل أن يتوّج أفضل حارس في مسابقة الكرة الذهبية ل “الهدّاف” و “لوبيتور” رد مبولحي بالقول: “صراحة ذلك يشرّفني كثيرا، رغم قصر الفترة التي حملت فيها ألوان المنتخب، إلا أنه لو يحصل أمر مثل هذا فسأكون في غاية الفرحة”. مدربه، ممرّن الحراس، قائد الفريق وكوستادينوف يؤكّدون أن مكانته في بطولة أخرى واستغلت “الهدّاف” تواجدها في مقر “سياسكا” لإجراء حوارات سننشرها تدريجيا مع مدربه المقدوني “جورج جوانوفسكي“، ومدرب الحراس الحارس الدولي البلغاري السابق “يوردانوف جاف“ بالإضافة إلى قائد الفريق “يانتشف“. وقد أجمع هؤلاء أنه حارس متكامل وكبير ويمكنه اللعب حتى في البطولة الإسبانية وفق كلام مدربه. في الوقت الذي تمنى الجميع بمن في ذلك المدير الرياضي “كوستادينوف“ اللاعب الأسطوري لمنتخب بلغاريا أن يرى فريقه يتمكّن من شراء عقده من “سلافيا“. من الممكن جدًا أن يلعب أساسيًا أمام كاليكرا رغم وصوله المتأخر وإذا كان مبولحي قد التحق مساء أول أمس ووجد نفسه مضطرا للتدرب، فإن السبب هو أن فريقه بحاجة ماسة الى خدماته في لقاء البطولة أمام كاليكرا. وهي المباراة التي أكد مدرب الحراس أنه يفكر بجدية في أن يعتمد عليه أساسيا فيها رغم تأخره إلى هذا الوقت، خاصة أنه الأفضل والأحسن حاليا في فريقه، ولا يمكنه المغامرة بحارس آخر. ------------------------------------- مبولحي يستقبلنا بحفاوة، يفاجئنا بتواضعه وطيبته ويكشف أسرارا تخصه لأول مرة الساعة كانت تشير أمس في صوفيا ببلغاريا إلى الثالثة بعد الزوال بالضبط عندما شاهدنا مبولحي بسيارة “المرسيدس” في موعد اللقاء الذي حدده معنا دون أي تأخير، ركن سيارته وبكل تواضع رحّب بنا، لكن هذا لم يكن كافيا لطمأنتنا بأنه سيتكلم معنا ويطيل البقاء الى جانبنا مثلما نريد لأننا لم نأت إلى هنا من أجل حوار قصير بل لاكتشاف هذا الحارس اللغز. رايس بقي معنا إلى غاية الرابعة ونصف مساء فيما كانت ساعة ونصف كافية لتسمح لنا بالتعرف عليه أكثر واكتشاف أمور جديدة. هو من حدّد موعد الحوار، وحضر دون أي تأخير مبولحي الذي قيل الكثير عن عقليته الخاصة وطبعه الغريب التقينا به بعد نهاية الحصة التدريبية لفريقه سيسكا مساء أول أمس، كنا نعرف مسبقا أنه متعب لأنه وصل لتوه من باريس وتدرب وقد يرفض إجراء أي حوار لهذا تركناه على راحته، فأعجبه ذلك بل وسألنا إن كنا نريد حوارا مستعجلا فرفضنا ذلك لأن إقامتنا متواصلة في صوفيا، فأجلنا كل شيء إلى اليوم الموالي (أمس)، حيث طلب توقيت التدريبات من مسؤول الإدارة في الفريق وموعد حصة التدليك فعرف أنه بداية من الساعة الثالثة زوالا سيكون متفرغا ليحدد بنفسه زمان ومكان الحوار الذي تم في فندق “شيراطون البلقان“. “هكذا أحب، وأدعو لعدم الحديث معي على الساخن” كان يساورنا شك بأنه يمكن أن لا يأتي مبولحي خلال هذا الموعد لأنه قليل الكلام ولا يحب الصحافة – مثلما يظهر –، لكنه كان في الموعد بالدقيقة وهو أمر تعلمه من حياته المهنية، قبل أن يؤكد لنا أنه لا يحب الحوارات فعلا خاصة التي تجري على الساخن بعد نهاية اللقاءات مباشرة، وأنه من الأفضل لأي صحفي أن لا يسأله بعد نهاية أية مباراة لأنه من الصعب عليه الحديث حينها، حيث قال: “هناك صحفيون مهما كانت النتيجة يتقدمون إلي ويريدون رأيي، أنا لا أتكلم هكذا، أريد أن أكون مرتاحا ومن معي كذلك، واليوم أحس أني قادر على الحديث والإجابة على أي سؤال”. كان طيبا، متواضعا، وضحك عدة مرات في ساعة ونصف وخلال الفترة التي بقي فيها حارس سيسكا صوفيا إلى جانبنا كان طيبا للغاية حيث أكد أن ذلك طبعه وأن من يعرفونه يمكن أن يؤكدوا لنا الأمر، كما فاجأنا بتواضعه وخجله الشديد فضلا عن هذا رأينا ابتسامة عريضة لا يظهرها في المباريات في العديد من المرات، وخلال فترة ساعة ونصف أجاب على كل الأسئلة دون تحفظ وطلب منا أن نكون على راحتنا لأنه تحت خدمتنا. طلب أن يوصلنا إلى الفندق وعرض خدماته علينا في نهاية الحوار أكد لنا مبولحي أنه يمكننا استعمال هاتفه للاتصال بأي شخص في الجزائر أو في أي مكان، وأكثر من ذلك أصر على أن يوصلنا إلى الفندق الذي نقيم فيه، “هذا أقل شيء أقدمه لكم هنا في بلاد أجنبية” قال أفضل حارس في الدور الأول من المونديال، كما عرض علينا خدماته وسألنا إن كنا بحاجة إلى أي شيء في بلغاريا، وضرب موعدا لنا بعد نهاية مباراة كاليكرا غدا الأحد. لا يقرأ الصحف ويشرح سبب رفضه الحوارات مبولحي كشف الكثير من الأسرار عنه ستطالعونها في الأعداد القادمة من “الهداف”، منها سبب رفضه إجراء حوارات حيث قال: “هناك صحف تكتب أي شيء، صحف لا أعرف حتى أسماءها وأقرأ فيها حوارات على لساني، بعضها كلام فارغ لا أقوله أنا، كتبوا كل شيء نقلا عني، لهذا قررت أن أتجنّب الصحافة، حتى في بلغاريا لا أتعامل معها لأنني إنسان يحب الهدوء وأود دوما أن لا أشغل نفسي إلا بالميدان، ثم إنني أصلا لا أقرأ الصحف”، لكن هذا لم يمنع مبولحي من أن يسألنا عن موعد نشر الحوار. فاجأنا بأنه لعب في القسم الثالث من بطولة اليابان بفضل تروسيي كما تحدث مبولحي عن أمور كثيرة تخص مشواره الكروي في مرسيليا، اسكتلندا واليونان وصولا إلى اليابان، حيث أن قلة تعرف أنه لعب قبل 3 مواسم فقط في فريق ياباني ينشط في القسم الثالث بفضل المدرب الفرنسي فيليب تروسي، ورغم ذلك إلا أنه اعتبره محطة نقلته إلى سلافيا صوفيا، الحارس الرحالة في سن 24 سنة يحلم بمشوار كبير في ناد أكبر رغم أنه لا يناصر أي فريق في العالم ولا يحلم باللعب لفريق معين. تحدث عن مانشستر يونايتد وويست هام والحظ العاثر كما تحدث عن مانشتسر يونايتد وقيامه بالتجارب في هذا الفريق العملاق بالإضافة إلى ويست هام الإنجليزي وأمور أخرى، كما أشار إلى الحظ العاثر الذي طارده في بداية مشواره وجعله يجد صعوبات كبيرة في فرض نفسه، كما رفض أن يصف الموسم الماضي بأنه الأفضل في مسيرته، وقال: “لازالت صغيرا وسيكون لي الحظ بإذن الله للعب في فريق آخر”. تأثر لما تحدث عن والدته وكاد يذرف الدموع ولم نهمل الحديث مع مبولحي عن والدته التي توفيت قبل شهرين، حيث لا زال يعيش على ذكراها وهي التي أرجع لها الفضل في تربيته على الطريقة الجزائرية، وقد أحسسنا بتأثر شديد للحارس عندما تحدث عن هذا الموضوع وهو ما جعلنا نغير سياق الكلام احتراما لمشاعره ومن أجل معرفة رأيه في أمور أخرى. يؤكد أنه جزائري 2000 % ويسخر من المصريين وأكد مبولحي أنه لا يعرف شيئا عن الحرب الإعلامية التي قادها المصريون عليه عقب استدعائه إلى المنتخب لأنه يسمع بالأمر لأول مرة، معتبرا أن الجواب على التشكيك في أصوله وحقيقة إسلامه رده موجود عند المصريين أنفسهم وليس بحوزته، قبل أن يشير إلى أن ذلك ما يبعث حقيقة على السخرية ويثير لديه رغبة قوية في الضحك، كما قال إن ما كتب في بعض الصحف المصرية كلام فارغ لأنه جزائري 2000 % ولا شك في ذلك أبدا. سيزور مغنية ويعد بحضور حفل الكرة الذهبية ل “الهداف” و”لوبيتور” كما كشف لنا مبولحي عن نيته في زيارة مغنية حيث حدد لنا توقيت هذه الزيارة التي ستكون إلى منزل جدته، هذه الأخيرة لا زالت في باريس لكن عائلتها في الجزائر، كما أشار إلى أنه إذا تلقى دعوة لحضور حفل الكرة الذهبية ل “الهداف” و”لوبيتور” سيعمل المستحيل للحضور خاصة إذا كانت لا توجد منافسة في تلك الفترة، كما تحدث عن احتمال تتويجه بلقب أفضل حارس بالقول إنه سيكون شرفا كبيرا له إن حصل. حكى عن سيارته، بارتيز، رمضان، سعدان، شاوشي، مستقبله وأمور أخرى ولم ينس مبولحي أن يشير إلى أنه يشعر بالفخر بما أن صحيفة جزائرية أرسلت موفدا إلى غاية بلغاريا لتتبع خطواته، حيث سألنا في بداية عما إذا كنا جئنا لأجله أم أن هناك سببا آخر لتواجدنا في هذا الوقت غير إجراء حوار معه، ولما عرف الجواب رد بالقول: “شكرا لكم، أنا فخور، لكنني لم أقم بشيء يا صديقي”، قبل أن يسمح لنا بإجراء حوار تحدث فيه عن سيارته الغريبة، بارتيز، شهر رمضان والمدرب السابق سعدان والحارس شاوشي، فضلا عن مستقبله في ديسمبر، كما تحدث عن “الخضر” وبانغي والمغرب وأمور كثيرة يمكنكم مطالعتها في الأعداد القادمة.