“سنغتنم الفرصة لنجسد أخوة الشعبين المغربي والجزائري ولن نترك الفرصة للأعداء كي يترصدوا لنا” “لا أرشح الجزائر ولا المغرب للتأهل إلى كأس إفريقيا مادمنا قد منحنا الفرصة لتانزانيا وإفريقيا الوسطى” من بين الوجوه التي حضرت حفل الكرة الذهبية، كان النجم المغربي الكبير عزيز بودربالة، حيث استقبل دعوة “الهداف” بصدر رحب وشارك في الحفل الذي أسعده كثيرا، خاصة حينما التقى بعدد من نجوم الكرة الجزائرية من أمثال بلومي وماجر. يتحدث بودربالة في هذا الحوار عن أمور كثيرة تخصه شخصيا وأخرى عن منتخب بلاده والمباراة الكبيرة المقرر أن تجمع الجزائر والمغرب شهر مارس القادم، بودربالة الذي كان فنانا في الميادين المغربية والفرنسية غير مهنته وتحول إلى فنان في التلفزيون تكتشفونه في هذا الحوار الشيق... - مرحبا بكم في الجزائر وتشرفنا بمشاركتكم في حفل الكرة الذهبية. — أنا الذي تشرفت بدعوتكم لي، وككل مرة سعيد بحضوري في بلدي الثاني الجزائر، كما أن سعادتي كبيرة بتواجدي اليوم وسط تظاهرة رياضية كبيرة تتمثل في الكرة الذهبية، وبالمناسبة أجدد شكري لجريدة “الهداف” التي أتاحت لي الفرصة لأشارك وأحضر لهذه الاحتفالية، خاصة وأنها جمعت نجوم الكرة الجزائرية وعددا من اللاعبين الكبار، كما منحتني الفرصة كي ألتقي بنجوم قدامى من أمثال ماجر وبلومي، ونجوم جدد كعنتر يحيى وبودبوز، هي فرصة التقيت فيها الجميع وتجاذبنا أطراف الحديث، وعلى كل أحمد الله بأنني حاضر معكم حيث أؤكد أن الرياضة كما يقال تجمع الشعوب والدليل على هذا أنني اليوم حاضر في الجزائر وفي أي وقت تريدونني أنا جاهز لتلبية دعوتكم. - وكيف وجدت احتفالية “الهداف” والتكريمات التي خصصتها للفائزين بالكرة الذهبية؟ — من دون مجاملة، أقول إن الاحتفالية كبيرة وجمعت عددا كبيرا من نجوم الكرة، ليست الجزائرية فقط بل حتى الأجنبية، بدليل الضيف الكبير ونجم النادي الملكي ريال مدريد “إيميليو بوتراڤوينيو”، ولاعبين كبارا آخرين أمثال بلومي وماجر والمدرب إيغيل مزيان الذي تجاذبت معه أطراف الحديث خلال السهرة، فضلا على التكريمات المميزة التي قدمتموها سواء للاعبين القدامى أو من فارقوا الحياة... يمكنني أن أقول لكم “برافوا” على كل شيء. - وما قولك لمجيد بوڤرة الذي نال “الكرة الذهبية” للمرة الثانية؟ — تابعت مجيد بوڤرة في المباريات التصفوية التي أهلت الجزائر إلى المونديال وكذا في اللقاءات التي كانت للجزائر في جنوب إفريقيا، بكل صراحة أهنئه على التتويج الثاني على التوالي لأنه كان أفضل من زملائه من حيث المستوى ومحافظته على قوته وإمكاناته، كما أتمنى كل التوفيق، له ولزملائه سواء عنتر يحيى أو بودبوز. - قلت في حديث جانبي من قبل إنك كنت حاضرا في مهرجان مراكش الفني، وتنقلت بعدها في سفرية طويلة إلى الدارالبيضاء، لتحضر معنا اليوم الحفل، وهذا رغم مرض الوالدة، هذا يؤكد حرصك الشديد على مشاركتنا الحفل. — صحيح، لقد شاركت في المهرجان وقطعت هذه المسافة من مراكش إلى الدارالبيضاء ثم إلى الجزائر مباشرة، وهذا كما قلت رغم مرض والدتي التي تركتها في المستشفى، لأنني أرى أن هناك مسؤولية ملقاة على عاتقي ورسالة بحضوري ومشاركتي في حفل الكرة الذهبية، كما أرى أنني كلاعب معروف يملك اسما في كرة القدم المغربية من واجبي الحضور، لأن الرياضي له دور مهم جدا ليس فقط في الوسط الرياضي بل في كل المجالات، كما كشفت لي التجربة القصيرة التي كانت لي بعد اعتزالي كرة القدم أن صوت الرياضي مسموع أكثر من الفنان، لأنني لاحظت ذلك في مهرجان مراكش، حيث كنت الرياضي الوحيد وكانت كل وسائل الإعلام الدولية والمحلية متوجهة نحوي، وكان هناك فضول واهتمام بي من الجميع. - وما هو الدور الذي كان لك في المهرجان؟ — كنت من بين المدعوين رفقة عدد من نجوم السينما، أولا كرياضي وثانيا كفنان، لأن ميولي كما يعرف البعض للميدان الفني، ففي صغري كنت شغوف بالموسيقى والمسرح، وصرت اليوم فنانا، حيث قدمت سلسلة تلفزية تحتوي على 16 حلقة كان لها إقبال كبير في المغرب، ومثلت دور البطولة مع عدد من نجوم السينما المغاربة مثل محمد مجد، أمل عيوش، لزهر رڤراڤي، سي محمد الخفي، سعيد عامل وكلها اسماء معروفة في الميدان الفني المغربي. - بعدما كنت نجما في كرة القدم، أنت اليوم تشق طريقك للبروز ودخول مجال الفن بقوة، فهل لديك مشاريع أخرى أو اهتمامات أخرى؟ — هناك عدة مشاريع لكنها كلها فنية، فلدي شريط تلفزي سلجنا فيه في شهر رمضان عنوانه “دفء الحياة” وهي قصة رومنسية لعبت فيها دور البطل، كما يوجد سلسلة بها 30 حلقة سأنطلق فيه في شهر مارس القادم، كما سأشارك في حلقة من سلسلة بوليسية معروفة في المغرب إسمها “لابريڤاد“. - دخولك مجال الفن أبعدك كلية عن كرة القدم، ألم تجد مشكلة في هذا التغيير؟ — على كل حال ليست لدي مشكلة حاليا ما دمت قد ابتعدت عن كرة القدم منذ ثلاث سنوات، لأنني أقوم بمشوار كبير في مجال الفن، اعتبر نفسي أنني دخلت مع الميدان الفني والبداية يمكنني أن أقول عنها والحمد لله تسير في شكل جيد، خاصة كما قلت في السابق أنه لدي رغبة شخصية للفن، حيث أقول دائما إن الرياضي المغربي أو العربي يجب ألا نأخذ عنه تلك الفكرة الخاطئة بأنه جاهل وليس مثقفا ولا متعلما، بل يمكن أن يكون شاعرا، كاتبا أو غير ذلك. - ولكن هؤلاء قلما نشاهدهم، فهل يمكنك أن تقدم لنا أمثلة في المغرب؟ — أعرف الكثير ولكن يبقى ذلك مجرد ميول بالنسبة لهم، إذ تبقى لكل لاعب شخصية ومستقبل هو حر في اختياره. - لنترك الفن ونتحدث عن كرة القدم والمنتخب المغربي، لو يأتيك عرض من الجامعة المغربية لمساعدة “ڤيراتس” ماذا تقول؟ — لن أشتغل معه، لأنني بكل صراحة أفضل منه بكثير، في بلادي الجميع يعرف بودربالة والسمعة الكبيرة التي أتميز بها، كما أنه باستطاعتي أن أقدم أمورا كثيرة لمنتخب بلادي، لأنني حملت ألوانه وأشعر بنفس ما يشعر به أي لاعب وأي مناصر، وهذا الأمر يفتقده “ڤيراتس”، فضلا على هذا فإنني شاركت في عدة دورات دولية ومونديال ولعبت لأقوى الأندية الأوروبية، لماذا دائما نبقى ننظر إلى الأجنبي على أنه أفضل من المحلي؟ هل تربى لدينا مركب نقص أم صرنا نستورد كل شيء من الخارج؟ - كمغربي ولاعب دولي سابق، كيف عشت تأهل الجزائر إلى المونديال؟ — أتذكر جيدا أنه ومباشرة بعد تأهل الجزائر إلى المونديال عقب المباراة الفاصلة التي جمعتكم بالمنتخب المصري، تقريبا كل الشعب المغربي خرج ليحتفل بتأهلكم، أعتقد أن كل من تابع القنوات المغربية لاحظ ردة فعل الشارع المغربي، لا أقول إن المغاربة لديهم شحنة أو عداوة تجاه مصر، ولكن ميولهم إلى الجزائر ورغبتهم في رؤية منتخب من بلد مغاربي يتأهل كانت أكثر. - وهل هناك أمر شد انتباهك آنذاك؟ — الأمر الأهم الذي شد انتباهي ليس في المباراة الفاصلة فقط بل حتى في مشوار التصفيات، هو الروح الوطنية، الحرارة الكبيرة والرغبة التي ظهر بها المنتخب الجزائري، ولهذا أقول إن أي رياضي يحمل قميص منتخب بلاده ولا يقدم أفضل ما لديه من إمكانات ويلعب بحرارة ورغبة فلا يمكن أن تنتظر منه شيئا لأنه يفتقد للوطنية. - تابعنا في القنوات المغربية العديد من الحصص توجه انتقادات كبيرة للاعبي المنتخب المغربي في هذا الشأن، وتتهمهم بفقدان الروح الوطنية، ما تعليقك؟ — هذا صحيح، وهنا أقول إنه حينما تحمل قميص منتخب بلادك يتملكك شعور خاص يصعب على أي كان وصفه، بل لما تحب أو تعشق أي شيء يمكنك أن تعبر عنه بينما الألوان الوطنية يستحيل أن تصف شعورك لحظة حملها، ومن هذا المنطلق إن أي لاعب لما يدخل أرضية الميدان ويعزف النشيد الوطني، إن كانت لديه حمية وطنية فإنها تمنحه شحنة قوية في المباراة، وعليه فإن أي رياضي لا يتملكه هذا الشعور لا يستحق حمل الألوان الوطنية. - أكيد أنك تابعت مشوار المنتخب الوطني في المونديال، كيف تقيمه؟ — تأثرنا كثيرا لفشل المنتخب الجزائري وعدم اجتيازه الدور الأول، رغم أن الفرصة كانت مواتية له، وعلى كل حال هي تجربة أعتبرها مفيدة لأنها مكنت اللاعبين من الاحتكاك بالمستوى العالمي. - كيف ترى مباراة الجزائر والمغرب؟ — أنا على عكس عدد كبير من الذين يعتقدون بأن العلاقة متوترة، فإذا كانت هناك مشاكل فنحن بعيدون عنها كشعوب، لأن علينا أن نبقي كرة القدم في إطارها الرياضي، أتمنى أن تقربنا هذه المباراة أكثر من أن تبعدنا وتفرقنا لأننا رياضيون، أود أن تصل رسالتي للمغاربة وللصحافة. - المغرب عرف تغيير المدرب والجزائر كذلك، فهل بإمكان المدربين الجديدين تغيير الأمور وحمل المنتخبين إلى أعلى مستوى؟ — على كل حال، أتحدث هنا عن “ڤيراتس” الذي قاد المنتخب في مباراة ودية واحدة لعبها أمام إيرلندا، كان أداء المنتخب أفضل، ولكن هذا لا يعني أننا نملك منتخبا متجانسا، بل ما هي إلا مباراة ودية، وبالنسبة لي سواء كان “ڤيراتس“ أم “أرسن فينڤر“ أم جلبنا “الحاج العربي بن مبارك” من قبره، فلن يتمكن المنتخب المغربي من العودة السريعة إلى سابق قوته، لأن هناك أمورا كثيرة يجب على المسؤولين إعادة النظر فيها ودراستها. - وما هي هذه الأمور؟ — هي كثيرة، فمثلا نظام المنخرطين في الجامعة المغربية الذي مضت على وضعه 13 سنة، لكنه لم يأت بالجديد بقدر ما أدخل المنتخب في دوامة من المشاكل، لأننا أصبحنا اليوم نرى أشخاصا بعيدين عن كرة القدم، بينما من هم أولى وأصحاب الاختصاص تجدهم بعيدين. - وهل سيكون لهذه المشاكل تأثير على اللاعبين؟ — أكيد، خاصة على مستوى الأندية، لأن المنتخب الوطني المغربي يتكون بالأساس من لاعبين ينشطون في البطولة المحلية، ولأن هؤلاء الدخلاء والمسيرين للأندية ليست لديهم علاقة بالرياضة باستثناء التسويق وجلب الأموال، وهنا تكمن المشكلة، دعوا كرة القدم لأصحاب الاختصاص ليس فقط في المغرب بل في كل البلدان. - صرح صالح بصير في حوار سابق ل “الهداف” أنه يرشح المغرب للتأهل، فمن ترشح أنت؟ — أقول بكل موضوعية، لا أرشح لا الجزائر ولا المغرب للتأهل حاليا، لأن تانزانيا وإفريقيا الوسطى هما الأفضل بكل بساطة. - ألا ترى أننا أنقصنا كثيرا من قيمة هذين المنتخبين وهذا ما تسبب لنا في نكسات؟ — أكيد، لأن إفريقيا الوسطى ما كانت لتأتي إلى المغرب وتتعادل معنا دون هذا الأمر، ولا حتى نضع حسابات لتانزانيا ونفرح بالفوز عليها، ونفس الشيء مع الجزائر التي انهزمت في إفريقيا الوسطى وتعادلت في ميدانها أمام تانزانيا، بكل صراحة أقول إنه وفي هذا الوقت أحتار في الحسابات التي نقوم بها إلى درجة أن البعض بدأ يحسب عدد الأهداف، شخصيا لا يمكنني الحديث عن الضعفاء، لما أواجه منتخبات كبيرة كالجزائر، نيجيريا، مصر، تونس أو الكامرون، فهؤلاء يمكن أن نقول عنهم إنهم معايير في كرة القدم، ولكن تانزانيا أو إفريقيا الوسطى فإن هذا تقليل من قيمتنا، طبعا مع كل احتراماتي للمنتخبين، في نظري المشكل أصبح فينا نحن، أما عن تانزانيا وإفريقيا الوسطى أقول “برافوا” لهما، لأن الخلل فينا واغتنماه بشكل جيد. - هل أصبحنا بحق نتحسر على ما وصلنا إليه؟ — طبعا، لأننا لما نرى أن منتخباتنا ضعيفة ومستواها أقل بكثير من منتخبات لم نكن في يوم نضع لها حسابا، أكيد نتأثر ونتحسر على ما وصلت إليه، إلا أنه يجب أن نبقى متمسكين ببصيص من الأمل، فلو لاحظنا الأفارقة لوجدنا أنهم يتحسنون والدليل هو أن الأندية الأوروبية الكبيرة صارت تعتمد عليهم، بينما نحن المغاربة لا يوجد لدينا لاعبون كبار. - لكن هناك الشماخ في المغرب، بوڤرة، يبدة، بودبوز في الجزائر، بن خرف الله في تونس، وعليه فما زالت بلداننا تدعم البطولات الأوروبية. — معظم هؤلاء ولدوا في فرنسا، مثلا الشماخ يلعب في أرسنال، ولد وتربى في أوروبا، وأيضا اللاعبون الجزائريونوالتونسيون، حديثي هنا ليس عن الشماخ أو لاعب آخر، وإنما عن اللاعبين المحليين الذين تربوا في المغرب أو الجزائر وتكونوا في أندية محلية، الأمر الصعب هو أن هؤلاء لم يجدوا دعما قويا وأرضية تسمح لهم بتطوير قدراتهم في بلدهم قبل التنقل إلى أوروبا. - كلمة أخيرة نختم بها الحوار الشيق معك، بشأن نداء تقدمه للجماهير المغربية والجزائرية. — رسالتي للجماهير الجزائرية والمغربية هو أن نستغل الفرصة لنقرب بين الشعبين، لأن المباراة ما هي إلا لقاء تنافسي يجب أن نستغله أحسن استغلال ونجعله فرصة لتوطيد العلاقات وتقريب وجهات النظر وليس أن تبعدنا وتفرقنا عن بعض، لأن تاريخنا، ديننا، عاداتنا وتقاليدنا واحدة، ولأن الرياضة تقرب بين الشعوب وعلينا أن نستثمر في هذا الجانب.