الظّاهر أن البلد الذي سوف يحتضن القمّة التي ستجمع بين المنتخب الجزائري ونظيره الليبي لحساب تصفيات كأس إفريقيا 2013 سوف يسيل الكثير من الحبر، بالنظر إلى احتمال رفض العديد من البلدان العربية احتضان مباراة من هذا النوع. فرغم مطامع الاتحادية الليبية لكرة القدم في رفع الحصار عليها من طرف "الفيفا" والسماح لمنتخبها باستقبال الجزائر في العاصمة طرابلس، إلاّ أنّ مصادرنا الخاصة تؤكد أن الحصار لن يرفع وأن ليبيا ستستضيف الجزائر في بلد محايد يختاره الليبيون. ويضع الليبيون تونس على رأس البلدان التي يمكن أن يستقبلوا فيها الجزائر، غير أن مصادر تونسية أكدت لنا أمس استحالة ذلك في ظلّ الظروف التي تمر بها تونس أيضا، لكنها لم تستبعد قبول السلطات التونسية استضافة المنتخبين بشروط تبدو نوعا ما تعجيزية. الحدّ من حضور جماهير غفيرة ومنح كمية محدودة لأنصار المنتخبين وحسب ما علمته "الهداف"من مصادر تونسية، فإن السلطات التونسية ووزارة الشبيبة والرياضية التي يرأسها طارق ذياب، قد يوافقا على طلب الليبيين الذين لم يتقدّموا بذلك حتى الآن لأنهم في انتظار ردّ "الفيفا"، لكن بشروط من بينها الحدّ من الحضور الجماهيري الغفير، وتفادي الغزو الذي قد تعرفه تونس من الجانبين، سواء غزو الليبيين لها أو زحف الجزائريين عليها. إذ أن السلطات التونسية إن وافقت على برمجة اللقاء على أراضيها فإنها ستقرّ بمنح كمية محدودة جدّا من التذاكر للمنتخبين، كمية لمنتخب ليبيا وأخرى من التذاكر أقلّ لمنتخب الجزائر، وذلك لتفادي أيّ طارئ، لأن نزوح الجماهير بكثرة من الجانبين على تونس في هذا الظرف الحسّاس التي تمر به هي الأخرى لن يساعدها. الأمر حدث في لقاء ليبيا - الكامرون وأضافت مصادرنا أن هذا الحلّ هو الأقرب للتطبيق في حال موافقة تونس لاحتضان هذه المباراة، مستدلة بما فعلته السلطات التونسية في لقاء الدور التصفوي لكأس العالم 2014 الذي جمع المنتخب الليبي بنظيره الكامروني منذ أيام وعرف فوز ليبيا، حيث رفضت في بادئ الأمر احتضان المباراة، قبل أن توافق وبشروط بعد تدخل الوزير طارق ذياب، وشرطها أن تمنح أنصار منتخب ليبيا كمية محدودة من التذاكر لم يتعدّ عددها 5000 تذكرة. وتضيف مصادرنا أن الأمر تعلق بمباراة أمام منتخب كامروني لا أنصار له، لكن أن يتعلق الأمر بمواجهة الجزائر في مباراة مصيرية للمنتخبين، فذلك يعني أن السلطات في تونس ستقلّص من عدد التذاكر الممنوحة لأنصار المنتخبين، هذا في حال موافقتها على برمجة اللقاء على أراضيها. .. وربما قد يشترطون أن تجرى المباراة دون جمهور!! ولا تستبعد مصادرنا أن يقترح التونسيون حلاّ حتى لا يتّهموا برفضهم استقبال الليبيين والجزائريين على أراضيهم، والحلّ يكمن في برمجة المباراة دون جماهير، لتفادي أيّ مشاكل قد تحدث بين الطرفين، وهو الاقتراح الذي قد لا يقبل به الليبيون الذين يعوّلون على أنصارهم في لقاء الذهاب، لضمان نتيجة جيدة تجعلهم يزورون الجزائر في لقاء العودة مرتاحين. رضا الكرايم (الأمين العام للاتحاد التونسي): "لا يمكنني تأكيد أيّ شيء ما لم نتلق طلبا من الليبيين" وحتى نؤكد ما كشفته لنا مصادرنا ونعرف موقف المسؤولين على كرة القدم في تونس، أجرينا ظهر أمس اتصالا هاتفيا ب رضا الكرايم الأمين العام للاتحادية التونسية لكرة القدم، الذي رفض الخوض كثيرا في الموضوع واكتفى بالقول: "لا يمكنني أن أقول لك سوف نوافق على احتضان اللقاء، ولا يمكنني أن أؤكد لك أننا نرفض احتضانها، لأننا حتى الآن لم نتلقّ أيّ طلب رسمي من الليبيين أو من أيّ جهة رسمية باحتضانها، وعندما يحدث ذلك سيمكننا الردّ على هذا الطلب. الجزائريون والليبيون أشقاؤنا ومرحبا بهم في أيّ وقت بتونس، لكننا لم نتلق حتى الآن أي طلب رسمي". حتى مصر قد ترفض احتضان اللقاء بحضور الجماهير وحتى مصر التي يضعها الليبيون ضمن البلدان التي يرغبون في استضافة الجزائر على أراضيها قد ترفض لعب المباراة بحضور الجماهير، فمصر التي وافقت في وقت سابق على أن يستضيف المنتخب الليبي خصومه في تصفيات كأس إفريقيا 2012 على أراضيها، لم توافق إلا بعدما اقتنع الليبيون بلعبها دون جمهور، وقد تقترح ذلك مجدّدا رغم عودة الهدوء النسبي إلى هذا البلد. وبالتالي فمن المتوقع أن تقترح السلطات المصرية إذا تلقت طلبا باستضافة اللقاء بأن يلعب دون جمهور أو بتحديد عدد الأنصار الذين سيسمح لهم بالدخول. وتجدر الإشارة إلى أن برمجة المباراة في مصر ستجعل الجماهير الجزائرية ترفض التنقل إلى هناك أصلا بعد الذي كان حدث لهم سنة 2009. السودان أمنها غير مستقرّ والمغرب قد تكون الحلّ الأنسب وحتى السودان التي صنّفت ضمن دول الجوار التي يرغب مفتاح كويدر رئيس الاتحادية الليبية لكرة القدم على استضافة الجزائر على ملعب من ملاعبها، اهتزّ استقرارها مؤخرا، بعد المسيرات والاشتباكات التي عرفتها أم درمان بين الشعب والسلطات، ومن المستبعد أن تتم الموافقة على احتضان مباراة مهمّة بحجم مباراة "الخضر" وليبيا، وقد تكون المغرب آخر الحلول وأنسبها في نهاية المطاف، لأن الجمهور سيستعصى عليه التنقل إلى المغرب بأعداد غفيرة وقياسية، سواء الجمهور الليبي أو الجمهور الجزائري، وبالتالي لا غرابة إن بُرمجت المباراة هناك.