يشغل خالد الفوهامي منصب مدرب حراس المرمى في المنتخب المغربي لأقل من 23 سنة، حيث استغللنا فرصة تواجدنا بملعب البشير بالمحمدية من أجل إجراء جوار معه بعد انتهاء لقاء منتخب بلاده أمام المنتخب الكامروني في آخر مبارياته في دورة "لوناف". ويعتبر الفوهامي من بين أبرز الحراس الذين لعبوا لمنتخب أسود الأطلس وكانت له آخر مشاركة في نهائيات كأس إفريقيا 2004 مع منتخب بلاده في تونس وهي الدورة التي واجه فيها منتخبنا الوطني في الدور ربع النهائي. كما تطرقنا في هذا الحوار مع الفوهامي إلى عديد النقاط أبرزها المباراة المقبلة شهر مارس بين المنتخبين الجزائري والمغربي. كيف كان المستوى في دورة شمال إفريقيا للمنتخبات الأولمبية؟ هذه الدورة كانت ناجحة إلى أبعد الحدود رغم أننا كنا نوّد مشاركة أكبر لدول شمال إفريقيا على غرار تونس ومصر، لكن لم يحدث ذلك ونشكر المنتخبين الجزائري والليبي على حضورهما والمشاركة بتعداد مكتمل، بالإضافة إلى المنتخب الكامروني الذي شارك من أجل المشاركة فقط، وأستغل الفرصة لتهنئة المنتخب الجزائري على تتويجه بهذه الكأس وأتمنى له كل التوفيق في المستقبل إن شاء الله. وكيف وجدت المنتخب الجزائري في هذه الدورة؟ سأكون صريحا معك، في المباراة الأولى أمام المنتخب الكامروني أبهرنا المنتخب الجزائري بتنظيمه الجيد في الخطوط الثلاثة والفعالية الهجومية بتسجيل ستة أهداف كاملة أمام منتخب يعتمد على الاندفاع البدني مثل الكامرون، ولكن في اللقاء الثاني الذي لعبه الجزائريون أمامنا فإننا اندهشنا للخطة الدفاعية المحضة التي اعتمدها مدربكم وتأسفنا لذلك، لأننا كنا ننتظر الظهور بوجه أحسن واللعب المفتوح حتى نشاهد مباراة جميلة. ولكن كل مدرب حرّ في الخطة التكتيكية التي ينتهجها، أليس كذلك؟ بالفعل، لكن الأمر يتعلق بدورة ودية تحضيرية ومن جهتنا كان بودنا فتح اللعب من أجل متابعة مباراة جميلة لا غير. وتكون بذلك الفرصة مناسبة للمنتخب المغربي لتحقيق الفوز... لا أتحدث عن الفوز أو النقاط الثلاث لأننا في هذه الدورة بصدد التحضير وسعينا لمنح أكبر عدد ممكن من اللاعبين فرصة المشاركة من أجل الوقوف على مستواهم، وتمنينا اختبارهم أكثر أمام المنتخب الجزائري الذي يضم عدة عناصر بارزة خاصة في الخط الخلفي. بما أنك حارس سابق، كيف تقيّم مستوى حارس مرمى المنتخب الجزائري؟ الحارس الذي لعب المباراتين الأوليين (يقصد معزوزي) لديه إمكانات عالية وساهم بقسط وافر في تحقيق الفوز خاصة في المباراة الثانية أمامنا، حيث أنقذ رفاقه من عدة فرص خطيرة. أتمنى له كل التوفيق لأن أمامه مستقبلا زاهرا في حال واصل العمل بجدية. على الرغم من المستوى الذي كشف عنه فهو الحارس الثالث في فريقه اتحاد العاصمة بالجزائر، ما تعليقك؟ (يتعجب)... لا هذا غير معقول، فحارس بمثل هذه الإمكانات لا يمكنه أن يكون حارسا ثالثا في فريق جزائري بل بإمكانه اللعب بكل سهولة أساسيا في أي فريق مغربي من الدرجة الأولى دون الإنقاص من قيمة حراسنا، ونصيحتي لهذا الحارس مغادرة ناديه في أسرع وقت ولو تطلب ذلك اللعب هنا في المغرب. لنتحدث الآن عن المنتخبات الأولى والمباراة المرتقبة بين المنتخب الجزائري ونظيره المغربي شهر مارس القادم بالجزائر، كيف تبدو لك منذ الوهلة الأولى؟ منذ أن أجريت القرعة وكل الشارع الرياضي المغربي يتحدث عن هذا اللقاء وكان يتخوّف من المجموعة التي وقع فيها منتخبنا الوطني بالنظر إلى مشاركة المنتخب الجزائري في كأس العالم والتطور الملحوظ في مستواه، بالإضافة إلى اللاعبين المحترفين الذين يضمهم منتخبكم وكانت حظوظ الجزائر أوفر، لكن في الوقت الراهن تغيّرت المعطيات كثيرا وصار التكافؤ يميز هذه المباراة ولا يمكن التكهن بنتيجتها حتى عندما ستلعب في الجزائر. وضّح أكثر؟ تعثر المنتخب الجزائري في الخرجتين الأخيرتين أمام تنزانيا وإفريقيا الوسطى أخلط كل أوراق المجموعة ومنح فرصة التنافس على التأهل إلى هذين المنتخبين كذلك، بعدما كان الجميع يتوقع أن التنافس سيحتدم بين المغرب والجزائر دون أن ننسى التغييرات العديدة التي طرأت على منتخبكم من تعويض المدرب سعدان ب بن شيخة وكذا تعويض عدة لاعبين بآخرين، وهو ما يجعل المنتخب الجزائري يشبه كثيرا المنتخب المغربي. نفهم من كلامك أن المنتخب المغربي بإمكانه تحقيق الفوز في الجزائر؟ بالتأكيد، فهذه كرة القدم ونملك منتخبا محترما يضم عناصر بارزة تنشط في أقوى البطولات الأوروبية، لكن هذا لا يجعلني أقلل من قيمة المنتخب الجزائري الذي أعتبره مثل العملاق النائم والقادر على الانتفاض في أي لحظة ليظهر بذلك الوجه الذي كشف عنه في تصفيات كأس العالم الأخيرة، وكذا نهائيات أمم إفريقيا التي وصل فيها إلى الدور نصف النهائي. الكثيرون يعتبرون مباراة مارس مصيرية للمنتخبين الجزائري والمغربي، ما هو رأيك في هذا الصدد؟ منطقيا هذا اللقاء مصيري أكثر بالنسبة للمنتخب الجزائري، لكن من وجهة نظري فإن هذا اللقاء سيكون حاسما ونتيجة لقاء شهر مارس مهما كانت ستقصي المغرب أو الجزائر. كيف ذلك؟ في حال انهزم المنتخب الجزائري فإنه سيفقد كامل حظوظه، وإذا كان العكس فإنه سيعود بكل قوة ومتأكد أن المنتخب المغربي سينهار لأنه لا زال هشا، وحتى في حال التعادل فإن الأفضلية ستكون للمنتخب المغربي والجزائر تغادر هذه التصفيات مبكرا. من خلال تواجدنا هنا بالمغرب لمسنا حساسية قبل هذا اللقاء المرتقب، ألا تخشى أن تتفاقم الأوضاع ويتكرّر سيناريو الجزائر مع مصر مثلا؟ لا يمكنني التكهن بماذا سيحدث في الأيام المقبلة لكن معك حق فالجميع هنا في المغرب يتحدث عن هذا اللقاء ويوليه أهمية قصوى على الرغم من أنه سيلعب في شهر مارس ونحن لا نزال في شهر ديسمبر. ما يمكنني قوله هو أن المسؤولية تقع على الجميع ويجب اتخاذ كامل الاحتياطات وتفادي تضخيم الأمور، بما أنها مباراة في كرة القدم فيها فائز ومنهزم، ففي حال فازت الجزائر سنهنئها وفي حال العكس أنا متأكد أن إخواننا الجزائريين سيفرحون لنا مثلما فرحنا بتأهلهم إلى كأس العالم وناصرناهم هنا بالمغرب كما لو أن الأمر يتعلق بمشاركة أسود الأطلس. كما أنني أستبعد تكرار سيناريو الجزائر مع مصر في حال ما إذا تعاملت وسائل الإعلام مع الوضع بحكمة. نفهم من كلامك أنك تحمّل مسؤولية ما حدث بين الجزائر و مصر لوسائل الإعلام؟ بنسبة كبيرة نعم، لأنه لولا تلك الحملة الشرسة من وسائل الإعلام والحرب الإعلامية قبل أشهر عديدة عن لقاء القاهرة لما حدث ما حدث وأنا أحمّل المسؤولية لكلا الطرفين (الجزائر ومصر) لأنه كان يجدر بهم الدعوة للتحلي بالروح الرياضية وعدم التفرقة بين شعبين يجمعهم الدين واللغة والتاريخ. التحق المدرب إيريك ڤيريتس مؤخرا بالعارضة الفنية للمنتخب المغربي بعد كل الضجة التي أثيرت قبل ذلك، هل ترى أنه قادر على تقديم الإضافة؟ سننتظر ماذا سيقدمه ڤيريتس والجميع يعرف هذا المدرب القدير الذي يحظى بسمعة طيبة، وفي أول خرجة له أمام المنتخب الإيرلندي الشمالي ظهرت لمسته وهو الذي حفز اللاعبين كثيرا. صراحة منتخبنا كان في حاجة فقط إلى مدرب من العيار الثقيل ونتمنى ل ڤيريتس كل التوفيق ونحن كلنا هنا في مساعدته وهو الذي يلقى الدعم من الجميع. سبق لك أن واجهت الجزائر في ربع نهائي كأس أمم إفريقيا 2004 بتونس في الدور ربع النهائي، ما هي الذكرى التي بقيت تحتفظ بها؟ (يضحك)... تلك المباراة ستبقى راسخة في أذهان الكثيرين خاصة في الجزائر لأن المنتخب الجزائري كان قريبا جدا من الوصول إلى الدور نصف النهائي لولا هدف مروان الشماخ في الوقت بدل الضائع والذي أعادنا إلى اللقاء وسمح لنا بعدها بتسجيل هدفين من حاجي والزايري والتأهل إلى الدور الموالي. وكيف عشت ذلك اللقاء؟ الضغط كان شديدا في ذلك اللقاء خاصة أن الجماهير الجزائرية تواجدت بقوة في المدرجات وكأن الأمر يتعلق بلعب اللقاء في الجزائر، وهو ما منح منتخب بلادكم الأفضلية ولا أخفي عنك أننا عانينا من ضغط رهيب، ولكننا حافظنا على تركيزنا إلى غاية آخر لحظة على الرغم من تأخرنا في النتيجة حينها. ألا تتوقع أن يعيش منتخبكم الحالي ضغطا أشد بحضور 80 ألف متفرج في شهر مارس القادم عند مواجهة المنتخب الجزائري؟ بالتأكيد سيعيش رفاق الشماخ ضغطا رهيبا في الجزائر وهذا أمر طبيعي ولطالما كانت المباريات بين المغرب والجزائر تشهد حضورا غفيرا للأنصار الذين يكون لهم دورهم في النتيجة النهائية. نعود إلى لقاء 2004، ما هي اللقطة التي لن تنساها في ذلك اللقاء بما أنك شاركت فيه؟ أتذكر جيدا أننا في الوقت الذي كنا متأخرين في النتيجة سنحت فرصة حقيقية للمهاجم شراد من أجل تسجيل الهدف الثاني لكنني حرمته منها وأبقيت على حظوظنا كاملة للتأهل، وحتى رفاقي شكروني كثيرا بعد نهاية اللقاء على الرغم من أنني لم أسجل أي هدف من تلك الثلاثية المسجلة في ذلك اللقاء، وأتذكر كذلك لقطة حزت في نفسي كثيرا ولم أتقبّلها. ما هي؟ عند انتهاء اللقاء أمر طبيعي أن نفرح بالتأهل إلى الدور نصف النهائي ونحن الذين كنا نملك مجموعة قوية ولاعبين ممتازين بدليل أننا وصلنا إلى المباراة النهائية في تلك الدورة، وعن اللقطة التي أحدثك عنها هي أن وسط ميدان المنتخب الجزائري كراوش رفض مصافحتي على الرغم من أنني توجهت مباشرة إليه واستغربت الأمر لأنه كان لاعبا محترفا في بلجيكا وكان الأجدر به إعطاء صورة تليق به وبالمنتخب الجزائري. هل تعرف بعض لاعبي المنتخب الجزائري الحالي؟ بعم أعرف زياني، بوڤرة والحارس شاوشي، وأستغل الفرصة لاستفسارك عن سبب إبعاده من المنتخب الجزائري وهو الذي يعتبر من خيرة الحراس في القارة الإفريقية دون مبالغة. يقال إنه تم إبعاده لأسباب انضباطية، ولكنه قدّم اعتذاره مؤخرا وينتظر العودة... صراحة الحارس شاوشي يعجبني كثيرا وأستمتع بمشاهدته يحرس المرمى وأتمنى أن يعود إلى المنتخب الجزائري في أسرع وقت لأنه يستحق ذلك. وعن الجانب الانضباطي فلطالما شاهدنا حالات مماثلة في كرة القدم، ولكن اللاعب يبقى إنسان وبإمكانه أن يخطئ والعيب ليس في الخطأ بل في تكراره. تتمنى عودة شاوشي وهو الذي قد يواجه منتخب بلادكم شهر مارس؟ نعم أنا أتمتع بالروح الرياضية وشاوشي حارس كبير وتواجده في مارس لا يقلقني، بل بالعكس فإنه سيزيد من صعوبة اللقاء على المنتخب المغربي والفوز سيكون لهم طعم ألذ بتواجد حارس مثله. صراحة استمتعنا بالحديث إليك، بماذا تريد أن تختم هذا الحوار الشيّق؟ حتى أنا استمتعت وتمنيت البقاء معك أكثر لكن لدي ارتباطات أخرى، وأطالب فقط الجماهير الرياضية في الجزائر وحتى هنا في المغرب التحلي بالروح الرياضية قبل اللقاء القادم لأننا قبل كل شيء إخوة والأحسن هو الذي ستكون له الكلمة الأخيرة، كما أهنّئ منتخبك لأقل من 23 سنة بمناسبة التتويج بكأس شمال إفريقيا وبالتوفيق إن شاء الله .