بعد أن أوقف مشواره الكروي فجأة قبل نهاية الموسم قبل الماضي بسبب الإصابة، يعود ثعلب المساحات يسعد بورحلي إلى ذكرياته الجميلة وغير الجميلة في هذا الحوار المطول... «سقوطي مع الوفاق يبقى نقطة سوداء، ورمي القميص على كرمالي كان خطأ الشباب” «القبائل فازوا علينا ب 0-3 في سطيف وكانوا السبب في مجيء حاج منصور” «برج منايل أدخلتنا الإنعاش وبلعباس أسقطتنا بسبب أموال الكاب” «في 93 كنا منهزمين أمام المولودية 2-0، الأنصار غادروا ولم يعلموا بفوزنا 2-3 سوى في نشرة الأخبار” «من لم يلعب داربي المولودية - الاتحاد أو السنافر- الموك لا يقول إنني لعبت في الجزائر” «لم أشارك في لقاء سوسطارة - السياسي في 96 وفي 97 بعد علمي بأنهما مرتّبان” «السنافر أفضل جمهور، يحبون الألوان ولا يهمهم الأشخاص حتى لو ترأس الفريق مهبول من الشارع” «سوسو وقف معي ضد رغبة المسيرين في تسريحي وأهّلني كولسة على أساس أنني أدرس في معهد الرياضة” «في لقاء الحراش - السنافر كنت الوحيد اللي ما تقاسش ولاعبو الحراش قالوا لي اجبد روحك” بعد قبوله دعوتنا لزيارة مقر المكتب الجهوي ل “الهدّاف” أمسية الخميس، وهي الدعوة التي قبلها بصدر رحب حيث جاء مرفوقا بابنيه وبعض الأصدقاء، ورد بصراحة منقطعة النظير على كل الأسئلة وبدون تحفظ، كما اكتشفنا الذاكرة القوية لبورحلي الذي يتذكر الكثير من الوقائع التاريخية وكأنها كانت بالأمس... في البداية مرحبا بك يسعد، منذ أكثر من سنة تقريبا انقطعت أخبارك، فأين أنت؟ شكرا على الدعوة، يسعد بورحلي يتواجد في سطيف، ابتعدت عن كرة القدم والرياضة مدة عام ونصف أو أكثر، وأنا منشغل بتجارتي في سطيف. نشرع من بداية مشوارك. أغلب اللاعبين في سطيف يبدؤون من اتحاد سطيف، ولكن أنا بدأت من فريق آخر هو جامعة سطيف (كان موجودا في نهاية الثمانينيات)، وهذا في صنف الأصاغر موسم 1987- 1988 تقريبا، ثم شاهدني عمي بوعلام سنساوي رحمه الله ألعب وقام باستقدامي إلى وفاق سطيف في صنف الأشبال. وكانت بداية مشوارك مع الوفاق، من وجدت من اللاعبين في تلك الفترة؟ وجدت نصر الدين صادي مدربا للأشبال في تلك الفترة، أما اللاعبون فكان إلى جانبي سمير بن طالب، رويقم، جّلال، وبعد سنة فقط في الأشبال تمت ترقيتي إلى صنف الأواسط أين وجدت نبيل عزوق، حسين بوعون، وكان المدرب هو كمال عباسن، وفي السنة الثانية أواسط تمت ترقيتي إلى صنف الأكابر في مرحلة الإياب. كيف تلقيت أول استدعاء للأكابر؟ كان من طرف المدرب ضياء الدين بولحجيلات في موسم 91-92 حين كنت في البيت وتم إخباري بأنني معني بالتنقل إلى ڤالمة مع الأكابر، كانت فرحة كبيرة خاصة أن الاستدعاء جاء في يوم التنقل. وكيف كان اللقاء الأول لك؟ المقابلة في حد ذاتها كانت صعبة لأن ڤالمة والوفاق كانا يريدان النجاة من السقوط، لم أكن أساسيا في المواجهة بحيث بقيت على مقعد البدلاء، ولا أتذكر من هو اللاعب الذي أصيب في الشوط الثاني وأقحمني بولحجيلات مكانه. كيف كان أداؤك؟ حتى لو لم أسجل في تلك المباراة إلا أنني أديت مباراة جيدة، حيث قدمت كرتين جميلتين لمصطفى غريب سجل من واحدة هدفا والثانية ضيعها، ومنذ تلك المباراة بقيت مع الأكابر بصفة دائمة بعد أن طلب مني بولحجيلات أن أواصل التدرب مع الأكابر وأنا في سن 17. وأول هدف لك مع الأكابر أمام من كان؟ في ذلك الموسم 91-92 لم تكتمل البطولة في شهر جوان بسبب اغتيال الرئيس محمد بوضياف، وتم تأجيل 5 أو 6 جولات إلى شهر سبتمبر 92، وفي هذه المواجهات سجلت أول هدف لي مع الأكابر، كان ذلك أمام مولودية الجزائر في بولوغين أين خسرنا ب 2-1 وكنت أنا من سجل هدف الوفاق. إذن منذ البداية وأنت تسجل على المولودية ولك حكايات معها. فعلا، الهدف الأول لي كان أمام المولودية وسجلت مع الوفاق العديد من الأهداف الجميلة ومع اتحاد العاصمة أيضا سجلت على المولودية، لا يوجد سر في هذا ولكن مرات اللاعب تكون له الفعالية أمام فريق معين وتبقى تسجل عليه، هذا الأمر كان حاصلا لنا في الوفاق حيث يسجل العديد من اللاعبين في كل مرة علينا كما حصل لنا في الوفاق مع الهادي عادل عندما كان مع عنابة، وعليش مع النصرية، مرات تكون الفعالية للاعب أمام فريق ما، ولكن ربما أهدافي أمام المولودية كانت حاسمة، ربما من كثرة ارتباطي بالمولودية أصبح ابني ياسر يناصرها. أمر مفاجئ أن يناصر ابن بورحلي المولودية. هذه هي الحقيقة فابني يناصر المولودية منذ الفترة التي أقمت فيها مع العائلة بالعاصمة بمناسبة حملي ألوان الاتحاد، حين كان مناصر المولودية من باب الواد المعروف باسم “الزاڤو” يحدثه في كل مرة عن المولودية حتى دخلت “راسو”. سنتحدث فيما بعد عن ياسر، بورحلي والمولودية، ولنكمل التاريخ في 92 كانت دورة الأردن، وبعدها غادر الوفاق اللاعبون القدامى وبقيتم أنتم الشباب فقط. تلقينا دعوة للمشاركة في دورة الأردن التي نظمها نادي الوحدات، وبمشاركة فرق وطنية وقتها من الأردن، العراق، إثيوبيا، الكونغو، وتم توجيه الدعوة للفريق السطايفي على أساس اللقب الأفرو- آسيوي الذي حصل عليه، فأدينا دورة كبيرة وفزنا على إثيوبيا والكونغو واحتللنا المرتبة الرابعة، بعد أن فاز علينا العراق في نصف النهائي رغم أن التشكيلة السطايفية كانت خليطا بين القدامى والجدد بعد التحاق سمير جيلاني ومصطفى مهداوي. بعد دورة الأردن كان الانفجار. فعلا، بعد العودة من الأردن كان الانفجار، وغادر الرئيس محمد بلباي وغادر معه العديد من اللاعبين مثل سرّار، ماتام، رحموني، عجاس، زرقان، غريب وغيرهم، وجاء الأخوان مداني الزين وجمال وبقي الشبان فقط مع المدرب حاج نور الدين. وفي هذه الفترة اكتشف الجمهور بورحلي في لقاء متلفز، هل تتذكره؟ اللقاء كان أمام اتحاد البليدة في سطيف، أديت مباراة كبيرة وفزنا ب (2-1) وسجلت هدفا مميزا، وكانت الفرصة للجمهور الجزائري لاكتشافي لأول مرة، بعد أن كان اسمي معروفا في محيط أنصار الوفاق السطايفي، والأكثر من ذلك أن ذلك الفوز المحقق على البليدة كان الوحيد في ثلث البطولة، لقد كانت الأمور صعبة وكنا نخسر دوما خارج الديار ومرات في الديار. ذهاب حاج نور الدين كان بعد لقاء القبائل، هل تتذكره؟ وصلنا إلى مرحلة معقدة وكانت لنا 7 نقاط من 11 جولة كاملة، وكانت الخسارة أمام شبيبة القبائل في سطيف وراء مغادرة حاج نور الدين، لأننا خسرنا ب 0-3، كان المنافس قويا جدا بتواجد مفتاح، بن حملات، وغيرهما، بصراحة “سينمو بينا وبهدلونا”. وجاء حاج آخر لخلافته هو حاج منصور. الإدارة استنجدت في البداية بخلفة عبد الكريم للإشراف على الفريق، وتكلم المعني مع الإدارة وأكد لها وجود مدرب كفء في ألمانيا كان قد تعرف عليه عندما درس هناك، ويتعلق الأمر بالفلسطيني حاج منصور، وهو ما وافقت عليه الإدارة. كيف كانت بداية العمل مع حاج منصور؟ الأمر الجيد أن قدوم حاج منصور في تلك الفترة تزامن وراحة شهر من المنافسة، ما سمح له بإعادة العمل البدني من الصفر، لأنه لما قام بإجراء الاختبارات البدنية لنا “لقانا زيرو”، وقمنا بالتربص في دار المعلم لمدة 20 يوما، لأن الوفاق في تلك الفترة لم تكن له الإمكانات، أتذكر جيدا أن المتتبعين في تلك الفترة كانوا قد أجزموا على أن وفاق سطيف هو أول من سيسقط إلى القسم الثاني، ولكننا رفعنا التحدي في المرحلة الثانية واستعدنا الثقة في النفس، وبدأت نتائج التربص تظهر من لقاء إلى آخر. التشكيلة كانت شابة جدا، ألم تتأثروا نفسيا في ظل التخوف من السقوط؟ فعلا كنا 7 أواسط في التشكيلة ومعنا لاعب من الأشبال هو خالد عيادي، وكانت البداية بالتعادل أمام مستغانم في سطيف وكان مدربهم المرحوم عبد القادر بهمان، وبعدها تعادلنا في برج منايل 0-0، وكانت هذه المقابلة التي استعدنا فيها الثقة بالنفس، لأن برج منايل في ذلك الوقت كان من أقوى الفرق أيام المرحوم تحانوتي، فمن كان يخرج بالتعادل من ملعب تاكجراد فقد حقق إنجازا. وكانت الانطلاقة الحقيقية أمام مولودية الجزائر في 5 جويلية لما قلبتم الخسارة 2-0 إلى تفوق 2-3. بعد برج منايل تعادلنا مجددا في سطيف ولا أتذكر مع من، ثم بدأت تظهر نتائج العمل الذي قمنا به في التربص مع حاج منصور، وأمام المولودية كانت المقابلة في رمضان وبقيت 12 دقيقة ونحن منهزمون 2-0، وحتى أنصارنا غادروا مدرجات ملعب 5 جويلية لأنهم وصلوا إلى قناعة بأننا خسرنا، ولكن في آخر 10 دقائق سجلنا 3 أهداف وأنا شخصيا سجلت الهدف الرابع الذي لم يحتسبه الحكم، ووقعت لنا حادثة طريفة في طريق العودة. ما هي؟ في تلك الأمسية قطعت الإذاعة الجزائرية بث المقابلات بسبب حدث سياسي لا أتذكر ما هو، وهو ما جعل أنصارنا في سطيف لا يعلمون بالنتيجة النهائية، وحتى المناصرين الذين كانوا في ملعب 5 جويلية التقيناهم في طريق العودة بمطاعم نواحي البويرة من أجل تناول وجبة غذائية، كانوا “يشوفوا فينا شوفة مش مليحة” لأنهم لم يعلموا بأن النتيجة انقلبت من 2-0 كما تركوها عند مغادرتهم أرضية الميدان إلى 2-3 في نهاية اللقاء، ولم يعلموا بالخبر الصحيح سوى في نشرة أخبار الثامنة. بعد هذا اللقاء دخلت في أذهانكم فكرة البقاء. بالتأكيد أنه عندما تفوز على المولودية في 5 جويلية يعود “المورال” ثم عادت الثقة أكثر للاعبين من لقاء إلى آخر، وأكملنا المسيرة مع الدكتور منصور وخلفة، وحتى اللاعبين ضحوا كثيرا في العمل رغم وجود 7 أواسط ولاعب من الأشبال ضمن التعداد، حيث كانت تنقصنا الخبرة. ألا ترى أن المباراة التي انفجر فيها بورحلي في ذلك الموسم (92-93) هي مباراة اتحاد الشاوية؟ صحيح، كان اتحاد الشاوية فريقا كبيرا وكان يريد الحصول على لقب البطولة الوطنية في أول موسم له ضمن بطولة القسم الوطني الأول، لقد فزنا عليه في سطيف ب 4-1 قبل جولتين من نهاية البطولة، وأظن أن تلك المقابلة هي التي حرمته من التتويج بالبطولة التي آلت لمولودية وهران، سجلت في تلك المباراة هدفين الأول والرابع وكان استعراضا كبيرا، حيث فرضنا سيطرة كبيرة على المباراة ما جعل رئيس اتحاد الشاوية ياحي يصرح لوسائل الإعلام وقتها بأن لاعبي وفاق سطيف يتناولون المنشطات، المهم كان موسما للتحدي وأبقينا الوفاق في القسم الأول. كنت شابا في ذلك الوقت، كيف سيرت ضغط اللعب لتفادي السقوط؟ صحيح أنه ليس سهلا للاعب أن يبدأ مشواره بحسابات السقوط، وخاصة أنه في تلك الفترة كان أنصار الوفاق “ما يرحموش” لأن الفريق كان بطلا لإفريقيا وبطلا أفرو- آسيويا 4 أو 5 سنوات فقط من قبل، وليس سهلا أن تجد نفسك تلعب “على الهبطة”، لذلك كان الضغط شديدا علينا نحن اللاعبين وهو ما انعكس علينا لأننا كنا نفوز في أغلب المواجهات بصعوبة وب 1-0. الفضل في بقاء الفريق موسم 92-93، إلى من يعود في رأيك؟ يعود لحاج منصور، خلفة ودون أن أنسى كل اللاعبين الذين كانوا معنا وضحوا بدءا من الحارس عابد، حركات، جيلاني، مهداوي، زيات، والبقية، وحتى الجمهور الذي هجر الفريق في مرحلة الذهاب عاد ووجدناه في الإياب لأنهم “فاقو” وعادوا إلى مساندتنا بقوة. انتهى الموسم وذهب حاج منصور وجاء كرمالي صيف 93، ماذا تغير في الفريق وقتها؟ بعد عودة كرمالي قامت إدارة الوفاق وقتها ببعض الاستقدامات كإعادة زرقان، عجاس ورحموني من تونس، واستقدام الحارس عبد النوري والمدافع كيفاجي من عنابة، ولكن الموسم كان أصعب من سابقه لأن بعض اللاعبين العائدين “ما مشاوش” مليح في صورة رحموني، وزاد الضغط من الجمهور الذي كان يبحث عن لعب البطولة أو الأدوار الأولى، وبالتالي كانت الموسم صعبا مع كرمالي. وكان لك مشكل القميص في ملعب 20 أوت أمام بلوزداد. فعلا وقع لي مشكل مع كرمالي، لأنه ممكن أن يكون هناك ناس “غلطوه فيا” فقد كنا نسكن “حومة واحدة” (في بومرشي)، وكان قد تكلم معي يوم الاثنين مثلما أتذكر جيدا وقال لي أعمل جيدا وستكون أفضل مهاجم في الجزائر، ويوم الخميس في ملعب 20 أوت أمام بلوزداد أدخلني 5 دقائق وأخرجني بعدها، وهو ما جعلني لا أتحكم في أعصابي وأقوم بخطأ الشباب. رميت عليه القميص، كيف سارت الأمور فيما بعد؟ كما قلت لك كان خطأ الشباب من طرفي، وبعد أسبوعين طلبت منه السماح، وتم إدماجي من جديد في الفريق. وكيف اقتنعتم بأن الوفاق سقط في ذلك الموسم؟ شخصيا أرى أن السقوط كان أمام برج منايل، لما تعادلنا 1-1، حيث كنا فائزين ب 1-0 إلى غاية الدقائق الأخيرة حين عادل “كوريفة” النتيجة بكرة دائرية، أرى أن هذه النتيجة هي التي أدخلت الوفاق في غرفة الإنعاش، قبل أن تكمل علينا بلعباس في اللقاء قبل الأخير. لكن الفريق عندما تنقل إلى بلعباس كان الاتحاد قد سقط فكيف لم تفوزوا؟ بلعباس كانوا قد سقطوا قبل البقية، ولكنهم “خدمو الماتش بينهم بين شباب باتنة”، لأن هذا الأخير كان من يصارعنا على هوية الفريق الثالث الذي سيغادر إلى القسم الثاني، لاعبو بلعباس كانوا يقولون لنا على الميدان إنهم سيفوزون علينا من أجل أموال “الكاب” وهو ما كان، حيث فازت علينا بلعباس ب 1-0 وأسقطتنا معها إلى القسم الثاني، وبقي “الكاب” في القسم الأول. السقوط صعب جدا، أليس كذلك؟ “الهبطة واعرة” ومرارة السقوط لا أتمناها لأي لاعب، خاصة أنني شخصيا كنت شابا عندما سقط الوفاق (20 سنة من العمر)، لو يأت السقوط مع الفريق لأي لاعب وهو في نهاية مشواره بإمكانه أن يقبلها ولكن للاعب شاب فأمر صعب جدا، إلى درجة أنني أصبحت أرى أي مناصر في الشارع ينظر إلي وإلى بقية لاعبي الوفاق بنظرة احتقار، ومهما كانت برودة الأعصاب فإن السقوط مع الوفاق سنة 94 يبقى نقطة سوداء في مشواري الكروي. رغم وجود إمكانات في ذلك الموسم، لماذا سقط الوفاق؟ نتحمل المسؤولية جميعا من إدارة إلى طاقم فني ولاعبين لأنه كان هناك الكثير من الاستهزاء لأنه في الكثير من المباريات كانا فائزين ثم نتلقى الهدف القاتل في الوقت بدل الضائع، وكثرة التعادلات في سطيف مع بوفاريك، الكاب، برج منايل وغيرها هي من تسببت في السقوط لأننا حسابيا سقطنا في 8 ماي. وأقصيتم أيضا أمام شبيبة القبائل في الكأس، هل شاركت في اللقاء؟ نعم، لعبنا في أول يوم رمضاني لسنة 94، أدينا مقابلة كبيرة لكن توقيت اللقاء لم يكن مناسبا لنا حيث خسرنا بعد الوقت الإضافي بركلة جزاء، الإقصاء كان تابعا للصعوبات التي كنا نعاني منها في البطولة و«جات على بعضاها” ودخل الوفاق في نفق مظلم. الفريق سقط إلى القسم الثاني وبقيت معه في الموسم الأول؟ بعد نزول الفريق إلى القسم الثاني بدأنا الموسم مع كل من بوزيد شنيتي وضياء الدين بولحجيلات وكانت كل الفرق تريد الإطاحة بوفاق سطيف لأنها تلعب لقاء العمر أمام الوفاق، وقمنا بمشوار جيد لكن في منافستنا أيضا كان فريق قوي هو إتحاد عين البيضاء الذي كان يضم لاعبين كبار ومدرب قدير هو بوعراطة وبقينا نتنافس مع عين البيضاء إلى غاية أن خسرنا عندهم (1-0) وكان الصعود حليف عين البيضاء. ألا ترى أن صعود عين البيضاء جاءت بفضل الكولسة في ظل قلة خبرة إدارة وفاق سطيف في ذلك الوقت؟ فعلا، إدارة الوفاق آنذاك كانت تتكوّن من اليزيد قيرواني كرئيس للجمعية وعبد الحكيم سرّار كرئيس للفرع وكان أول موسم له في التسيير، وفعلا كانت عين البيضاء أقوى في الكولسة، وحتى رئيس إتحاد الشاوية اعترف في حواره الأخير مع “الهدّاف” بأنه ساعد إتحاد عين البيضاء في حوالي 8 مقابلات كانت “مكولسة”، وحتى لما ذهبت إلى قسنطينة التقيت مع ياحي على هامش إحدى المباريات وأكد لي أن الوفاق لن يصعد. سجلت هدفا جميلا في ذلك الموسم، هل تتذكره؟ تقصد الهدف أمام “الكراك” (بناء قسنطينة)، فعلا كان هدفا جميلا حيث كنا منهزمين في الشوط الأول (1-0) ثم عادلت النتيجة بمقصية جانبية رائعة، ومن الصدف أنني أعدت اللقطة 3 مرات مرتين في الشوط الأول تصدى الحارس للمقصية الأولى ومرت الثانية جانبية لتكون المقصية الثالثة في الشباك، لقد كان هدفا جميلا وللأسف لم تكن كاميرا التلفزيون موجودة، ولو أنه يوجد مصوّر محترف التقط الهدف جيدا بعدسته وهو المصور جمال كرّاش الذي أحييه بالمناسبة. انتهى موسم (94-95) ولم يصعد الوفاق وغادر بورحلي الفريق نحو شباب قسنطينة، كيف كانت المغادرة؟ كنت وقتها في صنف الآمال (21 سنة) وجاء رئيس شباب قسنطينة إلى سطيف وتحدث مع سرّار على وثائقي وتم الاتفاق بينهما في البداية على أساس أن تتم إعارتي لشباب قسنطينة، لكن فيما بعد استغلت إدارة “السياسي” إحدى مواد القانون وأهّلتني. ما هي هذه المادة؟ المادة تنص على أنّ اللاعب الذي تكون له التزامات دراسية في مدينة تبعد بأكثر من 80 كم عن مدينته الأصلية يصبح حرا من كل التزامات بشرط أن ينضم إلى فريق المدينة التي يدرس فيها، وهي المادة التي كانت وراء قيام إدارة شباب قسنطينة بتأهيلي. لكنك لم تذهب إلى قسنطينة للدراسة. هذه “كواليس” فقد قامت إدارة شباب قسنطنية بتسجيلي في معهد الرياضة بقسنطينة على أساس أنني طالب، وباعتبار أن قسنطينة تبعد عن سطيف بأكثر من 125 كم فقد تم تأهيلي بصفة عادية، فقد كانت لشباب قسنطينة إدارة قوية ولها الخبرة الكافية في المجال القانوني. وجدت نفسك تلعب أمام 50 ألف مناصر. ليس سهلا أن تجد نفسك تلعب أمام هذا العدد خاصة أن المواسم الأولى التي تمت ترقيتي فيها إلى الأكابر ضمن الوفاق عرفت هجرة للجماهير من المدرجات، وكان الحضور لما يكون كبيرا يصل إلى 15 ألف متفرج، لأجد نفسي في قسنطينة ألعب أمام 50 ألف مناصر، وفي الكثير من الحصص التدريبية يكون الحضور 10 آلاف مناصر كانت أجواء مبهرة للغاية، أتذكر أنه في لقاء الكأس في ذلك الموسم أمام مولودية وهران الذي استقبلنا فيه بقسنطينة حضر المباراة 83 ألف متفرج، نعم كان جمهورا قياسيا لم أر مثله في حياتي. تزامن تواجدك في أول موسم مع التحاق حاج منصور بالعارضة الفنية للشباب، هل ساعدك هذا؟ فعلا، كان يعرف إمكاناتي وساعدني ذلك لأنني عانيت في البداية من إصابة أبعدتني عن الملاعب لمدة شهرين ونصف إلى 3 أشهر تقريبا إلى درجة أن كل أعضاء إدارة شباب قسنطينة كانوا يريدون منحي وثائق المغادرة، لكن شخصا واحدا وقف إلى جانب وأصر على إبقائي. من هو؟ الرئيس بو الحبيب الذي وقف ضد فكرة بقية أعضاء الإدارة القسنطينية بتسريحي وأكد أنني يجب أن أبقى حتى لو يسدد مستحقاتي من ماله الخاص، ورغم أنّ الإصابة كانت بليغة على مستوى أربطة الركبة إلا أنه تحمّل مسؤولية بقائي. كان الموسم صعبا لك؟ وجدت نفسي مع حلوي رحمه الله، ماتام، كاوة، بوالفلفل وبودماغ، في موسم (95-96) لم ألعب كثيرا بسبب الإصابة، لكن كانت نواة الفريق الذي توج في الموسم الموالي باللقب بعد أن استقدمت إدارة شباب قسنطينة كلا من عمران، حدادة، بن عمارة وكان موسما رائعا. بدأتم الموسم جيدا ووصلتم إلى الصدارة بعد الفوز ب “الداربي” أمام “الموك”؟ كان لدينا فريق قوي في موسم (96-97) بوجود بونعاس، كاوة، خياط، شنة واللاعبين الذين ذكرتهم سابقا، سيطرنا على البطولة وفزنا على مولودية قسنطينة في لقاء الذهاب (2-1) وكان لقاء جميلا وسجلت فيه الهدف الثاني عن طريق “اللوب”. أجواء خاصة كانت في تلك المباراة. لعبت أكثر من 17 سنة في المستوى العالي بين وفاق سطيف، شباب قسنطينة، مولودية الجزائر وإتحاد الجزائر وأظن أنّ من لم يلعب “داربي” العاصمة أو “داربي” قسطينة لا يقول إنه لعب “داربي” في حياته، ومن لم يلعب هذين الداربيين كأنه لم يلعب كرة القدم في الجزائر، وأنا هنا أتحدث عن الداربيات الحقيقية لنهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة وليس داربيات الموسم الحالي التي أصبحت تلعب وكأن الملاعب معاقبة من طرف الأنصار وليس الرابطة. لكنهم يقولون إن مباراة (2-1) كانت آخر “داربي” نظيف بين “الموك” و«سي. أس. سي” وبعدها أصبحت السلطات تتدخل في تحديد نتيجة “الداربي”. أظن أنه حتى مواجهة الإياب في ذلك الموسم كانت نظيفة لأنه في الإياب كنا نحتاج اللقاء من أجل الفوز بالبطولة وكانت “الموك” تحتاج اللقاء من أجل البقاء في القسم الأول حتى وإن انتهى بالتعادل (0-0)، وأنا أؤكد هنا أنه لم يكن “مخدوم”، لكن في المواسم الموالية بدأت “الهدرات” الأخرى وذهب طعم “الداربي” القسنطيني. بدأتم جيدا في ذلك الموسم ثم كادت مولودية وهران أن تنتزع منكم البطولة، ماذا حصل؟ كنا نسير جيدا و«هاربين” ب 9 نقاط على مولودية وهران قبل أن تحصل المشاكل بين بو الحبيب والمدرب حنكوش مما أثر علينا سلبا نحن اللاعبين وأكمل معنا لعور كمدرب مؤقت، وبعد أن كنا “هاربين” ب 9 نقاط وجدنا أنفسنا في الجولة قبل الأخيرة بالرصيد نفسه مع مولودية وهران مع أفضلية ل “الحمراوة” في فارق الأهداف، ومن حسن الحظ أن تلمسان في اللقاء الأخير فرضت التعادل على وهران في تلمسان وهي لا تحتاج اللقاء، في حين أننا لعبنا أمام “لياسما” و«كنا نسالوهم مغرفة تاع دقيق قبلوهالنا” حيث أعطيناهم البطولة في 96 في ملعب حملاوي فأعادوها لنا في العام الموالي في بولوغين وحصلنا على البطولة. تنازلكم عن لقاء ربع نهائي الكأس هل يدخل في إطار تسوية لقاء البطولة؟ «دارو سبة” ولم يتم لعب اللقاء، لا أدري كيف تمت التسوية فأنا عندما تم إعطاء البطولة لاتحاد العاصمة في قسنطينة لم أشارك، ولما تم إعطاء لقب البطولة لشباب قسنطينة في ملعب بولوغين لم أشارك أيضا. لماذا لم تشارك؟ رفضت المشاركة في لقاء 96 وخلقت سببا حتى لا أشارك في لقاء سمعت أنه “معدول”، وحتى في بولوغين لما عرفت أن المواجهة “تريكي”، لكن أوضح أمرا هاما. ما هو؟ شباب قسنطينة كان الأقوى والأحق ببطولة 97 لكن مشاكل الشباب الداخلية هي التي سمحت لمولودية وهران بأن تلحق بنا، رغم أن الصراع في البداية كان بيننا وبين مولودية الجزائر التي خرجت من السباق بعد خسارتها في بولوغين أمام شبيبة القبائل (2-5)، ومولودية وهران عادت من بعيد وكادت أن تأخذ منا البطولة في آخر 3 جولات فقط. كيف كانت أجواء فرحة “السنافر” باللقب وقتها؟ شخصيا كانت فرحتي شديدة لأنه اللقب الأول في مشواري الكروي، وبالتأكيد أن الفرحة لأنصار الشباب كانت خاصة لأن الفريق بقي في غيبوبة طيلة عشرات السنين، واللقب جاء 99 سنة بعد تأسيس الفريق يعني قرن كامل دون فرحة، والأجواء في قسنطينة يوم التتويج وفي الأسبوع الذي تلاه كانت خارقة للعادة، وكانت أجواء فرحة كبيرة لجمهور لا يوجد بصراحة مثله في الجزائر. ما رأيك في أنصار شباب قسنطينة والتهمة التي لصقت بهم منذ الثمانينات أنهم “قباح”؟ هذه شهادة حق وأقولها عن قناعة وكما يقال بالعامية “شهادة لربي”، لا يوجد أنصار أوفياء لفريقهم في الجزائر مثل أنصار شباب قسنطينة فهم لا يهمهم من يسيّر الفريق بقدر ما يهمهم أنّ الفريق يمشي وحتى لو يترأسه “مهبول” من الشارع فهذا لا يهمهم، لأنهم لا يحبون الأشخاص بل يحبون اللونين الأسود والأخضر. ورغم مشاكل 97 ودخول بو الحبيب إلى السجن إلا أنكم ضيّعتم فرصة الحصول على بطولة ثانية في (97-98)؟ رغم المشاكل التي كانت وخسارتنا أمام “الموك” بالغياب وخصم 4 نقاط من رصيدنا (3 نقاط الخاصة باللقاء زائد نقطة الغياب) في أول جولة إلا أننا عدنا في البطولة بقوة وكان بإمكاننا أن نتوج كأبطال للمجموعة ونلعب مواجهة الفصل أمام إتحاد العاصمة بطل المجموعة الأخرى، إلا أن التعثر أمام الشاوية أين تعادلنا (0-0) في قسنطينة هو الذي أفسد الحسابات، كما أن الحراش استفاد أيضا من خدمة الرابطة لما أعادت برمجة لقاء بلوزداد الذي يدخل في إطار الجولة الأولى بعد عدة أشهر من منحه على البساط لشباب بلوزداد، لكن منطقيا ضاعت من شباب قسنطينة فرصة الحصول على لقب ثان على التوالي. في مقابلة الحراش خسرتم (1-0) وحصل ما حصل. لعبت المواجهة وكان ملعب المحمدية أصغر بكثير من أن يحتضن مواجهة تتويج بالبطولة بين الفريقين، صحيح أنهم “ضربونا شوية” وكان الجمهور على هامش الميدان ودخلوا فرحا بعد إعلان ركلة الجزاء. هل تعرضت للضرب في تلك المقابلة؟ لا، فقد تقدم مني لاعبو الحراش وقالوا لي “اجبد روحك”، ربما يعود هذا إلى العلاقة المميزة التي كانت تربط وفاق سطيف بكل الأندية العاصمية وربما أنني في تلك المواجهة كنت اللاعب الوحيد في شباب قسنطينة “اللي مادارولو والو”. ألا ترى أن الخطأ كان في عدم لعب لقاء “الموك”؟ أكيد لما تخسر 4 نقاط في لقاء واحد وفي النهاية تجد نفسك تضيّع بطل المجموعة للحراش بنقطة واحدة فهذا معناه أن الخطأ كان أمام “الموك”، أنا متأكد أنه لو بقي بو الحبيب في ذلك الموسم ما كان ليعاد لقاء الحراش – بلوزداد. ضيعتم أيضا فرصة الذهاب بعيدا في رابطة أبطال إفريقيا. انهزمنا في الدور الأول أمام الجمارك السنغالي رغم أننا عدنا بخسارة مطمئنة من داكار بنتيجة (2-1) وكنت مسجل الهدف، لكن في الإياب تعادلنا (0-0) لأننا لعبنا أمام منافس قوي بدليل أنه بعد اللقاء تنقل 6 أو 7 لاعبين من فريق الجمارك إلى فرنسا وكانت لهم عقود احترافية وكان فريق “صحيح”، ومن جهتنا لم تكن لنا الخبرة الكافية على الصعيد الخارجي وتوقف المشوار في أول لقاء. كان معكم في ذلك الموسم سعدان كمدرب. سعدان كان معنا في ذلك الموسم لكن الظروف كانت أقوى منه ومشاكل كبيرة حصلت بعد دخول رئيس الفريق إلى السجن، وهو ما عطّل الفريق كثيرا وأعاده إلى الخلف سنوات عديدة لأنه كان قد سطّر مشاريع كبرى، مما أثر على اللاعبين ككل وعلى النتائج أيضا، رغم المساعي التي قام بها الطبيب محساس إلا أنه لم يكن يملك إمكانات بو الحبيب وبدأت المغادرة وشخصيا غادرت في صيف 98. دخول بو الحبيب السجن أثر كثيرا فيكم أليس كذلك؟ بو الحبيب كان أصغر رئيس فريق في تلك الفترة أظن كان عمره 29 أو 30 سنة فقط وعدد من اللاعبين كانوا في سنه أو أكبر منه، وكان صديقنا و«صحاب في بعضانا” وكان يعلم جيدا ما الذي يفعله، كما كانت له الإمكانات اللازمة لتحقيق سياسته لذلك كان دخوله إلى السجن نقطة تحول سلبية في تاريخ شباب قسنطينة، والنتيجة واضحة من اللعب على البطولة في موسمين متتالين (حصلنا الأولى وضيّعنا الثانية) عاد الفريق إلى النزول إلى القسم الثاني والبقاء فيه 3 أو 4 سنوات ثم الصعود والاحتفال به من جديد، ليكون النزول من جديد بعد موسم أو اثنين في القسم الأول وهذا أمر ليس في مستوى أنصار شباب قسنطينة. إذا طلبنا منك أن تقول كلمة ل بو الحبيب، ماذا تقول؟ لا أنسى وقفته معي في أول موسم لما أراد كل المسيرين تسريحي وأؤكد لأنصار الشباب أن الفضل كل الفضل في تتويج الشباب ببطولة 97 يعود له، وكان بإمكان الفريق أن يذهب بعيدا في السيطرة على الكرة الجزائرية أو على الأقل أن يكون أحد ركائزها لعدة سنوات، وأقول له أنا سعيد جدا بالنتائج التي يحققها شباب قسنطينة بعد عودتك إليه في الموسم الحالي وأتمنى أن يكون الصعود حليفك في نهاية الموسم.