قلق شديد تعيشه أعلى السلطات الأمنية في ولاية عنابة بسبب مباراة "الخضر" اليوم التي صارت مصدر قلق وصداع للكل، هي ساعات فقط تفصل عن الموعد، لا نقول إنّ كل شيء مر ما يرام لكن الأمور سارت وفق الإمكانات المتوفرة في انتظار الأهم وهو إنجاح المباراة وإخراجها إلى المخرج السليم، حيث تحذّر "الهداف" بصورة مسبقة من فوضى أمام الأبواب ومشاكل أخرى بسبب التذاكر التي بيعت وتباع وستباع في الساعات القليلة قبل اللقاء. جولة في "الكور" سمحت بمشاهدة العجب قمنا أمس بجولة إلى ساحة الثورة (المعروفة أكثر باسم الكور) من أجل رصد أجواء المقابلة وكان القصد أن ننقل صورة مقرّبة عن الأجواء الخاصة والمميزة التي تحيط باللقاء من خلال توافد آلاف الأنصار من كل الولايات، غير أننا تفاجأنا بالعجب وقررنا تغيير فحوى الاستطلاع بعد أن شاهدنا كل شيء: مناصرون من كل مكان ينشطون في السوق السوداء، تذاكر مزوّرة بالجملة، دعوات تباع بأسعار رمزية، انهيار رهيب في الأسعار وخلافات بين بارونات التذاكر. وهراني يبيع رايات إتحاد الحراش وعنابة من بين الصور التي احترنا لها تواجد مناصر وهراني جاء من على بعد 1100 كلم ليبيع منتجات للتشجيع، ورغم أنها تجارة ممنوعة وغير مرخصة إلا أنا كلنا أبناء وطن واحد مادمنا من الولايات ال 48، غير أنّ الغريب في الأمر أنّ هذا الوهراني كان يبيع منتجات خاصة بإتحاد الحراش وإتحاد عنابة وهي صور لا نشاهدها إلا عندنا. "السنافر" بقوة ونشطوا في السوق السوداء مناصرون آخرون من كل الولايات مثل قسنطينة خاصة من "السنافر" كانوا في "الكور" بعضهم نشطوا في السوق السوداء للحصول على هامش ربح بعد أن اشتروا التذاكر من بعض البارونات وكانوا يعيدون بيعها، أحدهم قال لنا: "تعرفون أنّ فريقنا عوقب ب 4 لقاءات دون جمهور ليس لنا ما نفعله سوى اقتناء التذاكر وإعادة تسويقها، هامش ربحنا ليس كبيرا وهدفنا أن يحضر الجميع". أنصار كل الولايات بسلعة "الشان" والمونديال وغير هؤلاء وجدنا مناصرين من مستغانم يبيعون مجلات قديمة أنتجت بعد التأهل إلى كأس العالم (دليل "الخضر" لصاحبه نزيم بصول)، كما هو الشأن لآخرين من باتنة جلبوا رايات ل "محاربي الصحراء" وهو الأمر نفسه للبعض الآخر من واد سوف أحضروا كميات كبيرة من الأقمصة، البذلات، الرايات لكنها قديمة بما أنها سلعة "الكان" والمونديال، حتى الأقراص المضغوطة كانت تسوّق في أجواء شبّهها بعض العنانبة الذين كانوا حاضرين بما سبق مبارتاي مصر في القاهرة وأم درمان السودانية. اعتقالات بالجملة أول أمس والأمن يتابع باللباس المدني منذ أن طُرحت التذاكر في السوق للبيع والتزوير "داير حالة" والكل يبحث عن الربح السريع وحتى قوات الأمن وجدت صعوبات في التفريق بين التذاكر المزورة والأصلية التي بيعت في الأيام القليلة الماضية، قيل لنا في ساحة الثورة من طرف بعض الباعة إنّ مصالح الأمن اعتقلت عددا من الباعة وتم التحقيق معهم أول أمس بشأن التذاكر التي يمتلكونها وحسبهم دائما فإن تذاكر كثيرة من الكمية التي ضبطت كانت مزورة في الوقت الذي كان الكثير من رجال الأمن باللباس المدني يتجوّلون لمراقبة الأمور. الكل يملكون الدعوات بأسعار أقل من 1000 دينار ملاحظة أخرى سجلناها وهي أنّ الدعوات موجودة بوفرة في المتناول حيث تسمح بالدخول إلى المدرجات (المغطاة وغير المغطاة) وتُمنح ولا تباع بما أنها لا تحمل عليها سعرا، غير أننا وجدناها تباع ولو كان الأمر يتعلق بكمية قليلة منها لكان الأمن يهون لكننا وجدنا العشرات منها في يد كل مناصر بطريقة تؤكد وجود تزوير، حتى أن أسعارها لم تتجاوز 1000 دينار والبعض الآخر من تسأله عن السعر يرد عليك مباشرة "ساومني مليح نبيعلك". الجميع يردّدون "تذاكر حرّين" وكأنها ماركة ملابس المضحك والمبكي في الوقت نفسه أنّ من يملكون التذاكر لا يرددون سعرها وإنما يكتفون بترديد عبارة "BILLETS حرّين" في إشارة إلى أنها تذاكر أصلية وليست مزورة، جملة يستعملها الكل لطرد خوف من يترددون في اشترائها مخافة أن تكون مقلدة فيمنعهم ذلك من دخول اللقاء وقد يعرضهم إلى مشاكل أخرى على مستوى الأبواب، ترديد هذه العبارة جعلنا نتخيّل أن التذاكر تحوّلت إلى ملابس وأنها من الماركة الأولى وأن هناك أخرى مقلدة من النوعية الثانية والثالثة. لا يمكن التفريق بين التذاكر الأصلية والمزورة وبما أنّ الكل يطبّقون في ساحة الثورة مبدأ المثل الشعبي القائل "فولي طياب" ويتحدّثون عن حقيقة التذاكر التي يملكونها، فإن الواقع الذي ننقله هو أنه لا فرق بين التذاكر الأصلية والمزورة بما أن تقنيات الإعلام الآلي جعلت التذكرة المزورة تخرج مشابهة للتذكرة الأصلية. مناصر اشترى كمية كبيرة يصرخ: "حرڤولنا السوق" مناصر قال إنه جاء من الحروش (سكيكدة) لينشط في السوق الموازية قال لنا: "هؤلاء فسدولي السوق، زوّروا التذاكر ويبيعونها بمبالغ منخفضة ماداموا لم يخسروا شيئا لأنها مزورة، أنا استثمرت أموالا كبيرة لأجل شرائها من الذين حصلوا عليها من الشبابيك لكن الكل خائف مني وكأني أحمل قنبلة، لمن سأبيعها؟"، وغادرنا بعد طرح هذا السؤال وهو يلوّح لنا بحزمة تحوي حوالي 50 تذكرة. بائع: "حذار التذكرة التي عُرضت عليكم مزوّرة" خلال الجولة التي قمنا بها كان كثيرون يقتربون منا لعرض التذاكر، قاصر لا يتجاوز 16 سنة من العمر خاطبنا قائلا: "إمنحني سعرا مناسبا أبيعها لك" في إشارة إلى تذكرة كانت في يده، وبعد أن حاولنا أن نعرف السعر أصر أن نعطي سعرا غير أننا غادرنا وبمجرد ذلك تقدّم منا أحد باعة السوق السوداء كان يرصد ما يدور بينا وبين الشاب وأكد لنا أن التذكرة مزورة وبطريقة سيئة ولا داعي للمغامرة. الإقبال كان كبيرا وآلاف التذاكر سعرها لا يزيد عن 800 دينار سجّلنا إقبالا كبيرا في الأيام الأولى لبيع التذاكر عندما كانت أسعارها 4000 دينار غير أنه قل عندما راود كثيرون الشك بشأنها خاصة أن الآلاف من التذاكر المزوّرة أغرقت السوق، وما أثار دهشتنا أنّ أسعارها انهارت إلى 800 دينار وحتى 500 دينار وربما أقل بتعاقب الساعات، حتى مع هذه الأثمان كانت المئات من التذاكر إن لم نقل الآلاف في السوق وهو ما ينذر بوقوع مفاجأة غير سارة. قبل ساعات نحذّر من رغبة الكل في الدخول من الواجب التنبيه إلى أنّ ما يقع في ساحة الثورة (الكور) غير طبيعي للغاية لأنّ 100 ألف تذكرة موجودة في السوق، وإذا كانت "الفاف" قد وجهت نداء إلى من لا يملكون تذاكرا بعدم الحضور فإن ما نحذّر منه أنّ كل من يملكون تذاكر سواء الأصلية أو المزورة سيتنقلون إلى الملعب فهؤلاء دفعوا مبالغ متفاوتة (من 500 دينار حتى الآن إلى 4000 دينار) ولن يرضوا بغير الدخول إلى الملعب لمشاهدة المنتخب الوطني. من الطبيعي أنّ تذاكر 200 دينار تكون في متناول الكل لتزويرها من البداية كانت "الهداف" قد أشارت إلى أنّ بيع التذاكر ب 200 دينار خطأ وبمثابة تشجيع على ممارسة السوق السوداء، لأنها لو كانت ب 1000 دينار فعوض أن يشتري الواحد 5 تذاكر يكتفي بواحدة لأن المبلغ مرتفع نوعا ما، كما أنّ حماية التذكرة من التزوير لا تتم إلا بطريقة متقنة في وقت أنها لو كانت بأسعار أكبر لصُنعت بطريقة أجود ومن ورق أفضل واستعملت فيها حتى تقنيات مستحدثة مثل الشريط المستعمل في ورقة 1000 دينار. الأبواب ستُغلق مبكرا ومن لا يدخلون فأعوان الأمن لا ذنب لهم هذا السيناريو يجعلنا من الآن نقول إنّ الأمور ستكون واضحة وأنّ من سيكونون في المدرجات في الصباح هم من سيحظون بفرصة مشاهدة اللقاء، والبقية سيبقون في الخارج وتغلق الأبواب في وجوههم حسب التوقعات ساعات قبل اللقاء، وهو ما يدفعنا لأن نتصوّر رد فعل من سيحضرون بالتذاكر ويجدون الأبواب مغلقة، وهو سيناريو صعب نوعا ما لكن على هؤلاء أن يكونوا أكثر تعقلا بما أنهم وقعوا في قبضة "مافيا التذاكر" وأن يدركوا أنّ لا للشرطة ولا للمناصرين الآخرين ذنب فيما وقع. ما لا يقل عن 100 ألف تذكرة في السوق ونتمنى أن يمر كل شيء على ما يرام من دون مبالغة كما أشرنا إليه فإن حوالي 100 ألف تذكرة طُرحت في السوق في وقت أن التذاكر التي طبعت خصيصا للقاء هي 45 ألف تذكرة، وهو أمر يدعونا لأن نطلب من الجميع الهدوء والتعقّل وترك المباراة تمر في ظروف رياضية بما أنها في النهاية مجرد 90 دقيقة في لعبة كرة القدم وليست حربا، مع الأخذ بعين الاعتبار أننا أبناء وطن واحد. حتى "الفيميجان" يُباع بصورة عادية ووصل إلى 1900 دينار وشاهدنا أيضا "الفيميجان" يباع بصورة عادية في "الكور" رغم أنه ممنوع قانونا ومحظور أيضا في الملاعب وقد يعرّض إلى عقوبات قاسية من "الكاف" و"الفيفا" وقد حذّرت من استعماله الاتحادية الجزائرية كثيرا، لكنه يباع بأسعار تراوحت بين 1600 دينار و1900 دينار رغم كل حملات التوعية، ويبقى أن نشير مرة أخرى إلى أنه ليس في مصلحتنا أن نستعمله ولا أن نفسد به انتصار المنتخب الوطني (الذي نتمناه جميعا) بما أنه قد يكون حجة للمغاربة وقد يجلب معه عقوبات لا يتمنّاها أحد. مدير الملعب يتبرّأ من حكاية ال 20 ألف تذكرة وراجت إشاعة عن ضبط 20 ألف تذكرة في السوق السوداء وهو أمر غير صحيح لأن ما وقع أنّ إدارة الملعب طبعت 75 ألف تذكرة لكن "الفاف" طلب بيع 45 ألف فقط لأسباب تنظيمية بحتة، أما بقية التذاكر لم تروّج حسب تأكيدات مدير الملعب لعشيشي الذي نفى كلية أن تكون هناك حكاية 20 ألف تذكرة إضافية. 20 ألف تذكرة إضافية سُلّمت إلى السلطات ولم تُضبط بحوزة أحد وقال المعني بالأمر إنّ إدارة الملعب فعلا قامت بطبع 20 ألف تذكرة إضافية لكنها وضعتها كما تقتضي الأعراف بحوزة السلطات الولائية وسلّمتها لها يوم الأربعاء مباشرة وكان ذلك بمحاضر رسمية تتواجد بحوزته، وهو ما يعني أنّ هذه التذاكر لم تُضبط بحوزة أحد بل متواجدة لدى السلطات، ولا ندري إن كان يحق لنا أن نتساءل هل هناك من سرّب بعضها أم أنها بقيت في الحفظ والصون؟ حرب الشوارع والعصابات يجب أن تنتهي بلغنا ونحن في "الكور" أنّ هناك بعض المناصرين من حي شعبي في عنابة حضروا أنفسهم للرد على ما تعرضوا له من "حڤرة" على حد قولهم في عملية بيع التذاكر عندما تعرضوا إلى اعتداءات بالخناجر والأسلحة البيضاء من طرف شبان من حي معروف في مخرج عنابة، وهو سيناريو يُنذر بكارثة أخرى يجب أن نحذّر منها بشكل مسبق لأن تصفية الحسابات وحروب العصابات والشوارع يجب أن تنتهي ويتصدى لها الكل من أجل إخراج المباراة نحو مخرج سليم وهي مسؤولية مشتركة. كل ما في الحكاية 90 دقيقة وانتهى الأمر الحقيقة أنّ الأحداث التي وقعت لأجل الفوز بالتذاكر وبعض المشاكل التنظيمية الأخرى التي وقعت كلها أمور في النهاية ليست في مصلحتنا ولا تقدّمنا بالشكل الصحيح أمام العالم ككل، بما أنه ليس من مصلحتنا تماما أن تنقل القنوات العربية المعروفة بالإثارة أخبارا عن وقوع جرحى بسبب تذاكر مباراة في كرة القدم، كما ليس من مصلحتنا أن نكرّر ما وقع قبل أيام ونسمح لها بنقل الصور التي تريدها لتغذية جوعها للإثارة، فمهما كانت أهمية هذه المباراة تبقى في الأخير مجرد 90 دقيقة بين منتخبين شقيقين وشعبين يحبّان بعضهما البعض ولا يمكن للرياضة إلا أن تجمعهما بعد أن فرّقتهما السياسة. نصيحتنا لمن سيحضر: التشجيع المتواصل لأن المغاربة خائفون من الجمهور كما أن نصيحتنا للمحظوظين بدخول الملعب هي أن يشجعوا المنتخب دون توقف من الدقيقة الأولى إلى الأخيرة مع معرفة تسيير الجهد كما يفعل اللاعبون لأنه لا فائدة من الهتاف وترديد الأهازيج ساعات قبل اللقاء، الجمهور يجب أن يكون مشجعا ومناصرا وعنصر دفع إلى الأمام لا متفرجا يصمت لأن المغاربة وحسب المعلومات الأولية كان من الواضح أنهما خائفون من الجمهور الذي بإمكانه تحديد النتيجة النهائية للقاء.