أفضل شيء يمكن أن يقوله رفائيل بنيتز عن الوقت الذي أمضاه في تشيلسي هو انه غادر النادي وهو يحمل احترام حتى أشد منتقديه قسوة. وحضر المدرب الاسباني الى استاد ستامفورد بريدج وسط استياء جماهيري لكنه ترك المشجعين - الذين استقبلوه بطريقة سيئة - وسمعته قد تعز وقاد بنيتيز - الذي تولى تدريب نابولي المنتمي لدوري الدرجة الاولى الايطالي لكرة القدم يوم الاثنين - تشيلسي الى لقب كأس الاندية الاوروبية وساعده على احتلال المركز الثالث في الدوري الانجليزي الممتاز ليتأهل بذلك الى دوري أبطال أوروبا في الموسم القادم. وتعين على بنيتيز - غير المحبوب وغير المرغوب فيه من هؤلاء الغاضبين من اقالة البطل آنذاك روبرتو دي ماتيو في نوفمبر تشرين الثاني - قيادة فريق احتل المركز السادس في الدوري الموسم الماضي الى المراكز الاربعة الاولى. وبعد ان جنى على نحو غير عادل سمعة كمثير للمتاعب في ادوار سابقة كان الفشل سيبدد أي أمل له في الحصول على وظيفة كبرى في مكان آخر. ونجح بنيتيز في قيادة سفينة مترنحة خلال فترة خطيرة بمساعدة قدرته الخططية على التنظيم بالاضافة الى تدقيقه في التفاصيل وهي صفات ربما افتقدها تشيلسي تحت قيادة دي ماتيو. ولم يكن المدرب الاسباني ليحظى بشعبية بين مشجعي تشيلسي بعدما حرمهم من فرصة اللعب في نهائي دوري ابطال اوروبا مرتين عندما كان يتولى تدريب ليفربول. وزاد بنيتيز الطين بلة بتعليقات المح فيها الى الاجواء في استاد ستامفورد بريدج وقارنها على نحو سلبي بالصيحات الهادرة للجماهير في ملعب انفيلد خلال ليلة اوروبية. والنقطة الحاسمة في منطق مشجعي تشيلسي كانت هي ان بنيتز حل محل احد ابناء ناديهم والرجل الذي قاد الفريق لاحراز لقب دوري ابطال اوروبا في مايو ايار 2012. ولم يعر الكثيرون انتباها لحقيقة ان بنيتز ليس هو من اقال دي ماتيو وضمن ذلك عدم اعطاء الفرصة لبذور الاستقرار لتنبت. ومع مرور الاشهر واستمرار ارتفاع نسبة فرص النادي في النجاح لانت حتى أكثر قلوب مشجعي تشيلسي قسوة. وبينما لم يكن هناك امتنان جماعي عند رحيله فان عددا قليلا من رسائل العرفان بالجميل ظهرت اثناء آخر مباريات الفريق في الدوري الانجليزي الممتاز ضد ايفرتون. ومثلما كان مطلوبا منه نجح بنيتيز في قيادة النادي للعودة الى دوري ابطال اوروبا واضاف لقبا اوروبيا آخر الى خزينة بطولاته. وسيكتب لقب كأس الاندية الاوروبية - الذي تحقق بالفوز على بنفيكا ونتيجة لخطط بنيتز التدريبية - كانجاز في كتب التاريخ للاجيال القادمة. ويظهر الوقت الذي امضاه في تشيلسي مع ذلك ان دور المدرب ذهب الى ما أكثر من قدراته الخططية التي لا شك فيها. وتعامل بنيتيز مع العداء الجماهيري ببساطة بل واستخدمه ليجني بعض القوة داخل النادي. ووصفت وسائل الاعلام البريطانية في البداية دعوته الموجهة الى الجماهير الغاضبة بالهدوء بعد انتصار روتيني على ميدلسبره في كأس الاتحاد الانجليزي بأنها "تبجح". وبعد ذلك ثبت انه كان ثاقب الفكر في هذا التحرك الذي منحه احترام اللاعبين وادى الى اعادة تفكير من أغلب مشجعي تشيلسي. ونجح بنيتيز ايضا في ان ينحي جانبا اثنين من أهم لاعبي النادي بطريقة تفادى بها الدخول في حرب مفتوحة. وفي مواجهة اسئلة متكررة حول استبعاد لاعبي النادي العظماء فرانك لامبارد وجون تيري نأى بنيتز بنفسه عن المواجهة التي شوهت فترة المدرب السابق اندريه فيلاس بواش في العام السابق. وتم تنحية مسألة عقد لامبارد جانبا كأمر خاص بالنادي وليس المدرب المؤقت. وتحول دور تيري - الذي ينظر اليه على انه لاعب مؤثر داخل غرفة الملابس وخارج نطاق الملعب تحت قيادة دي ماتيو - من تميمة في الملعب الى قائد خارج الملعب بدون الدخول في المشاحنات التي كان من الممكن ان تنشأ اذا ابدى اللاعب امتعاضه علنا. وتمكن بنييتز ايضا من حل مشكلة معقدة أخرى عندما نجح في التعامل مع ديفيد لويس وهو مدافع تسببت غزواته المتكررة في الجانب الآخر من الملعب وعادته في ارتكاب اخطاء ساذجة تسفر عن ركلات حرة وركلات جزاء في ان يصبح عبئا على الدفاع. وكان اشراك اللاعب البرازيلي في وسط الملعب حلا منطقيا وهو امر تجنبه مدربون سابقون بدلا من تبنيه وارتفعت قيمة اللاعب. ووسط الحماس الناجم عن العودة المحتملة لجوزيه مورينيو من المستبعد ان ينظر أي مشجع لتشيلسي الى الوراء باتجاه بنيتز. ويتم التجاوز عن انجازاته في كرة القدم على نحو متكرر لكنها تستحق الذكر. وفاز بنيتيز بدوري الدرجة الاولى الاسباني مرتين وكأس الاتحاد الاوروبي مرة واحدة مع بلنسية ونال لقب دوري ابطال اوروبا وكأس الاتحاد الانجليزي وكأس السوبر الاوروبية في ليفربول وكأس العالم للاندية مع انترناسيونالي وكأس الاندية الاوروبية مع تشيلسي. واعطى بنيتيز انطباعا بأنه يتوق للعودة الى ليفربول حيث قاد الفريق لنهائي دوري ابطال اوروبا مرتين في غضون ثلاث سنوات من تعيينه وحيث يمتلك منزلا وتستمر اسرته في العيش هناك. وبعد العودة للعمل مرة أخرى في دوري الدرجة الاولى الايطالي يبدو ذلك سيناريو مستبعدا بشكل متزايد لكن اذا حدث فان مشجعي ليفربول لن يكونوا بحاجة الى احد ليقول لهم كيفية الترحيب به مرة أخرى.