بلغ أيها المسلم إخوانك أن من بدّل عهده مع الله ونقض غَزله من بعد قوة وعاد إلى الغي والفتور.. فإن ذلك علامة الخسران ودليل الحِرمان.. نعمة سابِغة ورحمة واسعة أن تخرج من رمضان مغفوراً لك.. فحافظ على تلك النعمة ولا تبدِّلها نقمةً بالعودة إلى العصيان بعد خروج رمضان. عهدناك يا مسلم حياً حيِياً في شهر الصيام، فخذ على نفسك العهد أن تبقى على عهد الحياة والحياء بعد شهر الصيام، فعسى أن يكون هذا العهد توبةً من الله عليك وتوفيقاً وذُخراً لديك.. فإذا أبرمت ذلك العهد فإياك والنّكث: "فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ". الفتح/1. يا أيها المسلم إني قريب راحل.. فيا حسرة على أهل النكوص والقعود عن الطاعات. إنّ هذه الأيام المعدودات من نفائس أيام المؤمنين، جرَت فيها أحاسيس حية ومشاعر صادقة.. وإنّ للطاعات فيها منافع وآثار في النفوس أغنت عن لذات الطعام وزينة الحياة ومكاسب الأموال.. فأمّا المجتهدون فنقول لهم: تقبل الله طاعتكم وأثابكم جنة ومغفرة وعتقا ورضوانا.. فلا تتكاسلوا أو تتراخوا.. وأما المقصرون فنقول لهم: لا وقت للبكاء.. وإن كان البكاء لِخسارة رمضان قليل.. اعملوا من الآن وانهضوا من غفلتكم، وادعوا الله أن يبلِّغكم رمضان آخر لتُحسنوا العمل.. وأحسنوا الظن بالله وأرُوه من أنفسكم خيرا.