المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي محمد إسماعين    الحزب الوطني الريفي يدعو لتبني موقف يجعل من الصحراء الغربية والريف آخر مستعمرتين في القارة الإفريقية    الرابطة الثانية: مستقبل الرويسات يتعثر في باتنة و رائد القبة يلتحق بشبيبة تيارت في الوصافة    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: ابراهيم قندوز يمنح الجزائر الميدالية الذهبية التاسعة    الأمين العام لوزارة الفلاحة : التمور الجزائرية تصدر نحو أزيد من 90 بلدا عبر القارات    السلطات تتحرّك لزيادة الصّادرات    بورصة الجزائر : إطلاق بوابة الكترونية ونافذة للسوق المالي في الجزائر    إلغاء رحلتين نحو باريس    البُنّ متوفر بكمّيات كافية.. وبالسعر المسقّف    اللواء فضيل قائداً للناحية الثالثة    بوريل ينتقد الدول الممتنعة عن دعم قرار "الجنائية الدولية" اعتقال نتنياهو .. حماس: هجمات إسرائيل على مستشفى "كمال عدوان" استخفاف بالإنسانية    الجزائر العاصمة : غرس 70 شجرة بصفة رمزية تكريما لأصدقاء الثورة الجزائرية    لبنان : استشهاد 11 شخصا في غارة إسرائيلية على قلب بيروت    المحكمة الدستورية تقول كلمتها..    المغرب: لوبي الفساد يتجه نحو تسييج المجتمع بالخوف ويسعى لفرض الامر الواقع    الخضر مُطالبون بالفوز على تونس    الشباب يهزم المولودية    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    مجلس حقوق الإنسان يُثمّن التزام الجزائر    مشاريع تنموية لفائدة دائرتي الشهبونية وعين بوسيف    أدرار.. أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى عدة ولايات بالجنوب    دعوى قضائية ضد كمال داود    تيسمسيلت..اختتام فعاليات الطبعة الثالثة للمنتدى الوطني للريشة الذهبي    جبهة المستقبل تؤكد على ضرورة تعزيز الوعي والتعبئة الوطنية لمواجهة التحديات التي تواجهها الجزائر    سباق الأبطال البليدة-الشريعة: مشاركة أكثر من 600 متسابق من 27 ولاية ومن دول اجنبية    المغرب: المخزن يمعن في "تجريم" مناهضي التطبيع انتقاما لتضامنهم مع الشعب الفلسطيني    وزيرة التضامن ترافق الفرق المختصة في البحث والتكفل بالأشخاص دون مأوى    النعامة: ملتقى حول "دور المؤسسات ذات الاختصاص في النهوض باللغة العربية"    العدوان الصهيوني: الأوضاع الإنسانية في غزة تزداد سوء والكارثة تجاوزت التوقعات    قرار الجنائية الدولية ينهي عقودا للإفلات من العقاب    لمست لدى الرئيس تبون اهتماما بالقضية الصومالية    هذه شروط تأسيس بنك رقمي في الجزائر    صنصال.. دمية التيار التحريفي المعادي للجزائر    استكمال مشروع الرصيف البحري الاصطناعي بوهران    3مناطق نشاطات جديدة وتهيئة 7 أخرى    دورة استثنائية للمجلس الشعبي الولائي للجزائر العاصمة    "السياسي" يطيح بسوسطارة ويعتلي الصدارة    المرافقة النفسية للمريض جزء من العلاج    وفاة طفل تعرض لتسمم غذائي    ضبط مخدرات بالكرط    السداسي الجزائري يستهل تدريباته بمحطة الشلف    إيمان خليف وكيليا نمور وجها لوجه    مجلس الأمة يشارك في الدورة البرلمانية لحلف شمال الأطلسي بمونتريال    دعوة إلى إنقاذ تراث بسكرة الأشم    نحو تفكيك الخطاب النيوكولونيالي ومقاومة العولمة الشرسة    4معالم تاريخية جديدة تخليدا لأبطال ثورة نوفمبر    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    أوبرا الجزائر تحتضن العرض الشرفي الأول للعمل الفني التاريخي ملحمة الرمال " تاهقارت"    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق بتاج: “ليس لدي عمل ولا مصدر رزق، اضطررت للعمل كلونديستان وراني نسوفري بزاف”
نشر في الهداف يوم 08 - 04 - 2010

بعد أن صنع الحدث لسنوات كان فيها رمزا لتألق وتميز المدرسة التلمسانية بموهبته الكبيرة وأخلاقه المثالية، لازال طارق بتاج يصنع الحدث في تلمسان ولا يخلو حديث الأنصار عن ذكر اسمه، لكن هذه المرة عن المعاناة التي عاشها خلال السنوات الأخيرة...
لما تخلى عنه الجميع في محنة المرض التي تعرض لها مطلع موسم 1999/2000، والتي أنهت مشواره الكروي قبل أن يتجاوز الثلاثين من عمره ويوفر لأسرته الصغيرة سبل العيش الكريم. بتاج يعيش وضعية اجتماعية صعبة جدا بعد أن صار دون عمل دائم ولا مصدر دخل، والصورة ينقلها لنا المعني في هذا الحوار المؤثر الذي يدعو من خلاله المسؤولين لرفع الغبن عنه، ورد الاعتبار للاعب الذي حمل الألوان الوطنية أكثر من ثماني سنوات...
“في تلمسان أو في المنتخب... الكل تخلى عني في محنتي، لا أحد سأل أو كلّف نفسه حتى عناء رفع الهاتف للسؤال عني”
“قالوا إن أحدهم رماني بماء مسحور في نيجيريا، مرضت بالبالوديزم وتعرضت لانهيار عصبي حاد”
“أنتظر وقفة من المسؤولين في تلمسان ومن ودادية اللاعبين وتنظيم جوبيلي أمنيتي”
“الإرهاب قضى على جيل التسعينيات المميز، تربصات المنتخب كنا نتحدث فيها عن الانفجارات والاغتيالات أكثر من الحديث عن المباراة”
“كنا نعيش الرعب كلما تنقلنا ليلا ونبقى ننطق بالشهادة خوفا من الوقوع في الحواجز المزيفة”
“ظلمت كثيرا في المنتخب وفرڤاني حرمني من دورة جنوب إفريقيا وأخذ لاعبين بالجبس وحارسا رابعا“
“كلنا صرنا مدربين، على الجميع أن يساند سعدان ولا ينسى بأنه هو من أهلنا للمونديال”
طارق بتاج أحد الأسماء الكبيرة التي صنعت أمجاد وداد تلمسان وحمل في العديد من المناسبات ألوان المنتخب الوطني، كثيرون يعرفون أنك مررت بظروف صعبة خلال السنوات الأخيرة، ونبدأ من هنا لنسألك عن أحوالك حاليا وهل تماثلت للشفاء ولو أننا نلاحظ أن حالتك الصحية أفضل بكثير مما كانت عليه؟
في البداية أشكركم على هذه الزيارة وأشكر “الهداف“ على هذا الاهتمام بي، وعن سؤالك فإن حالتي الصحية تحسنت كثيرا مقارنة بما كانت عليه في الفترة الماضية، بعد أن عانيت من المرض لعشرية أو أكثر واسترجعت عافيتي، حتى أني توقفت بطلب من الطبيب عن تناول الأدوية الخاصة بعلاج الانهيار العصبي.
وماذا عن حالتك الاجتماعية؟
حالتي الاجتماعية للأسف ليست على ما يرام، وأعتقد بأني لا أعلم أحدا لو أقول أن حالتي الاجتماعية صعبة وصعبة للغاية، مستقبلي ومستقبل أسرتي الصغيرة يبدو غامضا، وأنا الذي لا أملك عملا ولا مصدر رزق ولا أي مدخول يذكر، وهذا منذ 1999 تاريخ توقفي عن ممارسة كرة القدم مع الوداد، منذ ذلك اليوم وأنا “نسوفري بزاف” خاصة لما أتذكر ابنتيّ وعجزي عن ضمان مستقبلهما.
قلت إنك من دون عمل ومن دون دخل، فكيف تواجه إذن متطلبات الحياة؟
بصعوبة بالغة، ومن حسن حظي أن والدي يملك محلا صغيرا أشتغل فيه وأسعى من خلاله لتوفير أبسط متطلبات الحياة الكريمة.
هل صحيح أنك اشتغلت كسائق “كلونديستان”؟
لا أنفي ذلك، وجدت نفسي مضطرا للعمل، الحاجة أجبرتني لذلك.
لكن أين ذهبت الأموال التي حققتها خلال مسيرتك الكروية بين الوداد، الشاوية وحتى المنتخب الوطني؟ هل كنت تلعب دون مقابل؟
هذا السؤال تردد علي مرارا وتكرارا، لكن على الجميع أن يعرف أن بتاج كان يلعب من أجل الألوان الوطنية ومن أجل كرة القدم التي كان يعشقها، أضف إلى ذلك فالكل يعلم أن الفترة التي كنت ألعب خلالها ما بين نهاية الثمانينيات إلى نهاية التسعينيات لم تكن الأموال تمنح فيها بالشكل الذي هو عليه الآن، خاصة بالنسبة لي أنا الذي بقيت وفيا للفريق الذي تربيت فيه والمدينة التي أنتمي إليها والتي فيها أهلي وأصدقائي، ومهما يكن فهذا قدري وعليّ تقبله رغم مرارته.
لعبت للشاوية في عهد رئيسها ياحي موسم 1993/1994 وتوجت باللقب معها، والمعروف أن ياحي كان من الرؤساء الأوائل في الجزائر الذي كان يقدم منح إمضاء عالية، ونتصور أنه مع اللقب الذي أحرزته تكون قد خرجت بمبلغ لا بأس به من هناك
لعبت للشاوية مع دحلب وتوجت باللقب لكني عكس ما تتصور لم أستفد كثيرا من الناحية المالية، كما قلت لك منذ قليل الأموال لم تكن معتبرة في تلك الفترة، كما أنني لم ألعب مطولا وعانيت كثيرا من المرض الذي تعرضت له سنة 1993، أضف إلى هذا أن تجربتي لم تدم طويلا مثل بقية اللاعبين فتوقفت وأنا لم أتجاوز سن الثلاثين.
وكيف بدأت معاناتك مع المرض؟
كان ذلك سنة 1992 خلال تنقلي مع المنتخب الوطني بقيادة مهداوي وإيغيل إلى نيجيريا في مباراة تصفيات كأس العالم هناك تعرضت للمرض، والخطأ الذي ارتكبته أني رغم قيامي بالتلقيح إلا أني نسيت تناول الأقراص المطلوب تناولها قبل أو بعد التنقل إلى إفريقيا، وهو ما كلفني غاليا فتدهورت حالتي الصحية منذ عودتي من نيجيريا وتضاربت الروايات بشأني، فقال البعض إن أحدهم رماني بماء مسحور هناك، والحقيقة تقال إن السفر إلى إفريقيا بعدها كان يضغط على أعصابي خاصة لما كنا نواجهه من سحر وشعوذة الأفارقة، أذكر مثلا ما رأيناه في مالي خلال المباراة التي تم فيها الاعتداء على المدرب مهداوي، يومها وجدت غرف الملابس في حالة رهيبة، الخمور، الدماء وقوائم أسد ملطخة بالدماء، مشهد غريب جدا.
قلت إن رحلتك مع المرض بدأت بالتنقل إلى نيجيريا، لكن ما أعرفه ويعرفه الجميع أنك عدت للعب بصفة عادية بعدها، ولم نلاحظ هذا التدهور في صحتك خلال السنوات التي تلت سفرية نيجيريا؟
لأني نسيت تناول الأقراص تعرضت لداء “البالوديسم” وبقيت شهرا طريح الفراش، بعدها عدت للنشاط ولعبت سنوات أخرى لكني لم أكن ألعب بكامل إمكاناتي، حتى المستوى الذي قدمته سنوات والذي نال رضا وإعجاب الناس لم أكن راضيا تماما عنه، لأني كنت قادرا على تقديم أفضل من ذلك بكثير ولم أستطع بسبب تأثير المرض، والآن لما أراجع ما قمت به أقول إني لم ألعب بكامل إمكاناتي سوى ست سنوات فقط ما بين 1987 تاريخ ترقيتي للعب مع أكابر الوداد إلى غاية 1993 تاريخ مباراة نيجيريا، بعدها كنت ألعب بما يعادل 60 بالمائة من قدراتي، والأمر نفسه مع المنتخب فقد بدأت بقوة مع كرمالي وبعدها مع إيغيل ومهداوي لكني لم أعد بالقوة نفسها بعدها، كنت ألعب وأعاني من الإرهاق وينال مني التعب بسرعة، لم أكن قادرا على تقديم المجهود البدني الذي كنت أبذله قبل سفرية نيجيريا.
وبقي الأمر على حاله إلى غاية تعرضك لانهيار عصبي سنة 1999، نريد أن نعرف ما الذي أوصلك لذلك؟
تعرضت لانهيار عصبي حاد وكان ذلك خلال الجولات الأولى من موسم 1999/2000، لعبت عشر مباريات فقط قبل أن يحدث لي ما حدث والذي لا أدري سببه، ربما من تأثير المرض بالإضافة للضغوطات الشديدة التي فرضتها علي مسؤولياتي تجاه الفريق، كنت دائما القائد الذي يسعى لحل المشاكل بين اللاعبين والإدارة وأسعى دائما لحل الأمور بطريقة تحفظ مصلحة النادي.
نريد أن نعرف بالضبط كيف تعرضت للانهيار العصبي؟
لم أكن مرتاحا خلال فترة التحضيرات التي سبقت ذلك الموسم، واستمر الحال إلى غاية المباراة التي خسرناها أمام مولودية الجزائر على ملعبنا بهدفين لهدف واحد، كانت تلك المواجهة الأخيرة لي، بعدها تعرضت للانهيار العصبي ولازمت المنزل وأجبرت على وضع حد لمشواري الكروي.
وكيف كان العلاج؟
استمر العلاج عشر سنوات ولم أتوقف عن تناول الأدوية سوى العام ما قبل الماضي، تجاوزت المرض أخيرا وعدت للنشاط وأتدرب من حين لآخر، استرجعت بنيتي بعد أن كان وزني قد ازداد بشكل كبير بسبب الأدوية التي كنت أتناولها.
كيف مرت عليك تلك السنوات؟ وهل وجدت يد المساعدة؟
مرت “ثقيلة“ جدا خاصة أن الجميع تخلى عني في محنتي ولم أجد أحدا ليقف إلى جانبي، لا مسيري الوداد ولا السلطات المحلية في تلمسان ولا مسؤولي المنتخب الوطني أو الفدرالية والأمر يمتد إلى يومنا هذا ولا أحد اكترث لحالي، صدقني طيلة هذه السنوات لا أحد من المسؤولين كلف نفسه حتى عناء القيام بمكالمة هاتفية لرفع معنوياتي، صحيح أن حالتي الصعبة كانت حديث الناس في تلمسان لكني أقولها الآن لم أر الملموس والحديث عن مساعدتي بقي مجرد كلام تناقله الأنصار فقط هذا ما حز في نفسي كثيرا، لقد أفنيت شبابي وصحتي من أجل الفريق، لعبت بقلبي ولأجل الألوان وهذا كان جزائي.
وكيف كان موقف زملائك اللاعبين سواء في الوداد أو في المنتخب الوطني؟
في المنتخب الوطني ما عدا مراد سلاطني الذي كان يتصل بي ليسأل عن أحوالي وحمناد الذي كان يزورني لما جاء للعب في تلمسان البقية لم يسألوا عني، وفي الوداد الذين وقفوا بجانبي يعدون على أصابع اليد، هناك قندوسي مثلا وآخرون لا يسعني المجال لأذكرهم، لكن حسرتي كبيرة من موقف بعض اللاعبين الذين تقاسمت معهم مشواري كله وتخلوا عني، كأني لم ألعب معهم ولا يعرفونني ولا تطلب مني ذكر الأسماء لأنهم يعرفون أنفسهم.
وكيف سيّرت أمورك خلال فترة المرض؟
بفضل الوالدين وبفضل قريبي فيصل وصديقي قارة، وبعض الأصدقاء الذين وقفوا بجانبي حتى تجاوزت محنة المرض.
هل نفهم من كلامك أنك لما توقفت عن اللعب سنة 1999 لم تكن تملك شيئا، ولا حتى رصيدا في البنك؟
للأسف لا.
ألم تكن تفكر أبدا في تأمين مستقبلك كما يفعل كل اللاعبين؟
لم أفعل، كنت أفكر في مصلحة الوداد وأسبّقها على مصلحتي، لم يكن يهمني سوى نجاح الفريق، في وقت كان لاعبون معي دون ذكر الأسماء لا يترددون في مساومة الإدارة، وعندما نصل للمباريات الكبيرة يعلنون عن رفضهم اللعب إذا لم يحصلوا على المال، في الوقت الذي كنت أنا الساذج الذي يتدخل دائما لتهدئة الأمور وللإصلاح بين اللاعبين والإدارة، ولو كان الأمر على حساب مصلحتي.
(يتدخل أحد الأصدقاء الذي كان حاضرا معنا ويذكر بأن المسكن الذي يقطن فيه وعائلته لم يمنحه إياه الوداد عكس ما ادعى المسيرون وسألناه بدورنا)، هل هذا صحيح؟
نعم البيت أدفع أقساطه بصفة عادية، صدقني أني أشعر كأني لم ألعب كرة القدم أصلا.
لو يعود بك الزمن للوراء، كنت ستفعل العكس وربما كنت ستغادر تلمسان أصلا؟
لو يعود بي الزمن للوراء كنت سأسعى للاحتراف، أعتقد أن إمكاناتي خلال مطلع التسعينيات كانت ترشحني للاحتراف، الجميع كان يتحدث عن بتاج في تلك الفترة، كنت موهوبا فعلا وموهبتي ربانية وليس المدربون من لقنوني فنيات كرة القدم، وصلتني عروض لكني لم أكن أتحمس للابتعاد عن تلمسان، واستمر الحال إلى غاية نهاية التسعينيات حيث وافقت على اللعب لنادي باجة التونسي، لكني لم أبق أكثر من أربعة أشهر وقررت العودة لأني لم أتحمل البقاء هناك طويلا خاصة أني لم أكن بصحة جيدة وقتها.
وماذا ينتظر بتاج في المستقبل، إلى ما يحتاج وما هي نوعية المساعدة التي ينتظرها في المستقبل؟
أعتقد أن وضعيتي واضحة والحوار هذا سيجعل الجميع يعرف وضعيتي، وأعتقد أيضا أن ودادية اللاعبين التي يرأسها علي فرڤاني وهو مشروع جيد، قادرة على تقديم المساعدة لي، هي تعمل على مساعدة اللاعبين القدامى، وهو ما فعلته مع البعض لكنها لم تسأل عني لحد الآن وأنتظر التفاتة منها.
الودادية تعتزم القيام بمباريات تكريمية لعشرة لاعبين موجودين في نفس حالتك في كل جهة من الوطن، هل تعتقد أن تنظيم مباراة جوبيلي مع تسعة لاعبين يمثلون الجهة الغربية مع جمع التبرعات لهم هي المساعدة التي تستحقها وتحتاج إليها حاليا؟
نحن في الجزائر ولا يمكننا أن نطلب أكثر من ذلك، صدقني أن أي مبادرة من هذا النوع ستسعدني كثيرا وسترفع من معنوياتي، على الأقل أدرك أن الناس والمسؤولين لم يتنكروا لما قدمته للوداد والكرة الجزائرية. أقول بأن بتاج محتاج لوقفة مساندة من المسؤولين في “الفاف” أيضا، لأني حملت ألوان المنتخب الوطني في فئة الأواسط، الآمال والمنتخب الأول من 1990 لغاية 1998 ولو على مراحل متقطعة. وغبت بالخصوص خلال الفترة التي كان فيها ماجر مدربا للمنتخب، لهذا أطلب من مسؤولي “الفاف”، الودادية والمسؤولين في ولاية تلمسان النظر لحالي.
الجوبيلي قد يكون لك فرصة أيضا للقاء الأصدقاء والزملاء الذين أبعدكم المرض عنهم، هل هناك شخص معين أو لاعب معين اشتقت له وتتمنى لقاءه؟
هناك واحد اشتقت للقائه واسترجاع الذكريات الكثيرة التي تقاسمناها سواء في منتخب الأواسط أو في المنتخب الأول وهو تشيكو مفتاح، كنت دائما أبعث له سلامي مع حمناد وأتمنى أن ألتقي به قريبا. أتمنى أيضا لقاء عماني، سرار، عصماني، عجاس، مغارية وآخرين ممن كانوا معي خلال فترة إشراف كرمالي على المنتخب أو من كان معي في فترة إشراف إيغيل ومهداوي مثل دزيري، زكري والبقية. الحمد لله علاقتي كانت جيدة مع الجميع وتركت مكاني نظيفا، أتمنى حضور كل هؤلاء في مباراة تكريمي من دون أن أنسى المدرب القدير إيغيل الذي تأسفت كثيرا على ما حدث معه مؤخرا وسعدت كثيرا بالمقابل على خروجه من محنته.
نعود بك للوراء ونسألك عن تجربتك مع المنتخب الوطني التي امتدت كما تقول لثماني سنوات، لكنك لم تشارك في أي دورة من نهائيات أمم إفريقيا، لماذا؟
سنة 1990 كنت مع المجموعة، قبل أن يقوم كرمالي بإسقاط اسمي رفقة بوجلطي في آخر لحظة، لكني عدت بقوة معه وكنت مع المجموعة التي توجت بالكأس الأفروآسياوية، بعدها غبت بسبب إصابة عن دورة السنغال بزيغنشور، مع إيغيل ومهداوي حرمنا ظلما من المشاركة في دورة تونس بسبب قضية كعروف والتي قضت على منتخب ممتاز وجيل مميز من اللاعبين، بعدها ماجر لم يوجه لي الدعوة تماما لأعود مع فرڤاني والمرحوم عبد الوهاب. وكنت أشارك بصفة منتظمة وآخرها دورة الغابون أين أعلن لنا فرڤاني بأننا نحن العناصر التي ستشارك في دورة جنوب إفريقيا لأفاجأ بعد العودة إلى الجزائر بإعلان القائمة وغياب اسمي رفقة خريس منها، لقد تأسفت كثيرا على ذلك، ليس لأن فرڤاني لم يوجه لي الدعوة لكن لأنه فضل علينا لاعبين كانوا مصابين وتنقلوا إلى جنوب إفريقيا وهم كذلك.
هل يمكن أن نعرف الأسماء؟
لا فائدة من ذكرها الآن، لكنهم لاعبان اثنان تنقلا لجنوب إفريقيا وهما بالجبس، والأدهى أن حارسا رابعا رافق المنتخب مع حمناد، حنيشاد وعاصيمي وهذا على حسابي أنا وخريس.
ودورة بوركينا فاسو 1998؟
مهداوي أيضا، أسقطني من حساباته، رغم أنني كنت شاركت في كل المباريات التصفوية. وعلى ضوء كل هذا أقول بأني لست راضيا عن ما حققته مع المنتخب الوطني، المستوى الذي كنت عليه مع الوداد لم أبرز به مع المنتخب الأول وأفضل ذكرى أحتفظ بها تبقى المباراة الودية التي خضناها أمام المنتخب الإنجليزي بكامل نجومه سنة 1990 بملعب 5 جويلية يتقدمهم روبسون، بيرس ولينيكر. كنا نحضر لمباراة الكأس الأفروآسياوية والجو كان ماطرا يومها، لعبت على ما أذكر مع شريف الوزاني، عماني وحراوي وقدمت مباراة كبيرة، مع السنغال أيضا في قسنطينة وفزنا، ويومها أشاد بي كلود لوروا مطولا، لعبت مباراة كبيرة أيضا أمام الكاميرون بأرمادته من النجوم ميلا، كوندي وغيرهم، كانت فترة زاهية في مشواري الكروي قبل أن تبدأ المعاناة مع المرض.
كيف تصنف الجيل الذي لعبت معه خلال التسعينيات، جيل دزيري، دحلب، لونيسي، تاسفاوت والبقية؟
الجيل هذا من أحسن الأجيال التي عرفتها الكرة الجزائرية، لكنه راح ضحية الأزمة الأمنية التي عرفتها الجزائر خلال العشرية السوداء، ومثلنا مثل بقية أفراد الشعب الجزائري عانينا الأمرين خلال تلك الفترة، لعبنا في ظروف صعبة للغاية، أذكر تلك الأيام كيف مرت ثقيلة علينا، أذكر كيف كنا في تربص تحضيرا لخوض مباراة قبل أن تصلنا مراسلة بإلغاء اللقاء بسبب حادث أمني. الكل يذكر كيف تم تأجيل البطولة في أحد المواسم، ومرة لعبت في نصف موسم، أذكر الرعب الذي كنا نعيشه في كل تنقل كنا نخوضه لمختلف مناطق البلاد، مثلا لما كانت الطائرة تحط في مطار قسنطينة أو باتنة على الساعة التاسعة مساء تحسبا لخوض تنقل آخر في الشرق والله كان يتملكنا الخوف طيلة الرحلة “وحنا نشهدو” خوفا من الوقوع في الحواجز المزيفة.
كان الأمر صعبا جدا عليكم؟
أكيد، الكل يعلم أن الجانب النفسي هام جدا بالنسبة للاعب، لأنه شخص معرض أكثر من أي واحد آخر لضغوط كثيرة، نحن اللاعبين كنا على غرار أفراد الشعب الجزائري تحت وقع الصدمات المتتالية بسبب الإرهاب،”راهم قتلوا فلان، و”صرات” مجزرة في المكان الفلاني، وتم حرق المصنع الفلاني، كنا نعيش على وقع تلك الأحداث الأليمة. وحتى أضعك في الصورة أقول لك إن طيلة الفترة التي حملت فيها الألوان الوطنية ما بين 1990 إلى 1998، لم يكن لنا حديث في تربصاتنا مع المنتخب الوطني سوى على ما كان يفعله الإرهاب في الجزائر، كل لاعب كان ينقل لنا ما كان يحدث في منطقته. صدقني أننا لم نكن نتحدث عن المباريات التي كانت تنتظرنا بقدر ما نتحدث عن الأعمال الإرهابية التي كانت تصنع يومياتنا، خاصة وأننا كنا معنيين بشكل مباشر، هناك العديد من الأندية واللاعبين واجهتهم الحواجز المزيفة وفي مقدمتها فريقي وداد تلمسان.
كيف حدث ذلك؟
حدث هذا في طريق العودة من العاصمة بعد أن لعبنا مباراة هناك، أذكر أن الرحلة كانت بالطائرة لمطار السانية حوالي العاشرة مساء، وأذكر أننا تشاجرنا مع المسيرين لأنهم رفضوا أن نبيت ليلتنا في وهران كما ألححنا عليهم وهذا بسبب الأموال، لخوفنا من التعرض للحواجز المزيفة التي كانت منتشرة في تلك الفترة وأصروا علينا بالعودة لتلمسان مباشرة، وأذكر أننا لدى وصولنا لتقاطع زناتة وقعنا فيما كنا نخشى، سيارة بيضاء بنوافذ مفتوحة كان يطل منها عناصر ملتحية كانت تحمل الكلاشينكوف، شعرنا برعب حقيقي، “ كل واحد يشهد”، الوجوه اصفرت، ربي ستر، مررنا عليهم من دون أن يقوموا بتوقيفنا. دهشتنا كانت كبيرة وبقينا نتخيل السناريوهات التي جعلت الإرهابيين يسمحون لنا بالمرور من دون أن يقوموا بتوقيفنا، وقلنا إما أن يكونوا يستعدون للقيام بمهمة ما، أو يكون بيننا في تلك الحافلة رجل صالح، هذه حادثة فقط من العشرات، الرعب كان يلاحقنا في كل تنقلاتنا في تلك الفترة بما في ذلك لما لعبت للشاوية.
الأكيد أن ذلك الجيل كان سيحقق الكثير لو وجد ظروفا أفضل من تلك؟
هذا أكيد، الكل يشهد لجيل التسعينيات بأنه كان مميزا جدا، لاعبين على أعلى مستوى، خلال فترة أيغيل ومهداوي شكلنا فريقا رائعا بعناصر محلية باستثناء موسي صايب الذي كان محترفا في أوكسير قبل أن يلحقه تاسفاوت بعد ذلك، وكنا نقدم مباريات على أعلى مستوى، للأسف جاءت قضية كعروف التي عصفت بذلك الفريق.
الصورة انعكست حاليا والمنتخب الأول صار مشكلا بالأساس من اللاعبين المغتربين؟
هذا منطقي في ظل تراجع مستوى اللاعب المحلي، ولا أتحدث عن المستوى الفني لكن حتى المستوى الذهني، الاعتماد على اللاعبين المتخرجين من مدارس التكوين الفرنسية ضرورة أملتها المعطيات التي ذكرتها، وتأهل الجزائر للمونديال صار يدفع أكثر الناخب الوطني لاعتماد هذه الورقة، خاصة بعد المستوى الذي قدمته العناصر الحالية والإرادة القوية والغيرة على الألوان التي يلعبون بها.
هل تتنقل للملعب لمشاهدة مباريات الوداد؟
لا يمكنني التنقل لسببين، الأول هو أن الملعب أصبح مكانا غير مشرف، وآخرها ما حدث في ملعب 5 جويلية برسم مباراة المنتخب أمام صربيا والتي حدثت فيها تجاوزات رواها لي أصدقائي لا تشرف أحدا، السبب الثاني لرفضي التنقل للملعب هو أن “قلبي ما يسمحليش” أن ألتقى مسيري الوداد الذين تخلوا عني في محنتي. هذه قضية مبدأ وكرامتي فوق كل اعتبار، هؤلاء المسيرون الذين لا يملكون أي طموح وبسببهم لم يحقق الوداد الألقاب التي تستحقها كل تلك الأجيال الرائعة التي مرت على الفريق وفي مقدمتها جيل التسعينيات، كانوا ولازالوا يختبئون وراء مبرر نقص الأموال. هذا خطأ، الأموال كانت دائما متوفرة في تلمسان، لكننا لا نملك مسيرين قادرين على توفيرها للفريق، لا أقول إن مسيري الوداد يأخذون أموال الفريق لأنفسهم، لأنني لا أملك الأدلة، لأن كل الكلام الذي نسمعه عن ذلك لا نجد له أي أثر عندما يقدمون حصيلتهم المالية خلال نهاية الموسم.
ما رأيك في الجيل الحالي من اللاعبين المحليين؟
هناك بعض الأسماء الجيدة، مثل جابو، غزالي وجاليت، ويحيى شريف أيضا، الموهبة في الجزائر موجودة، الإمكانات متوفرة، لكن المشكل في التسيير والمحليون يعانون بسبب سوء التسيير الذي يميز أنديتنا.
وما هي أفضل لحظات مشوارك؟
الكأس العربية التي أحرزناها في السعودية عن جدارة واستحقاق، هو إنجاز كبير لأن أندية كبيرة مثل شبيبة القبائل في عز تألقها، شباب بلوزداد وحتى عنابة لم تحقق ذلك اللقب. صحيح أن الوفاق فاز باللقب بعدها في نسختين متتاليتين، لكن ذلك كان في بطولة بنظام الذهاب والإياب، في وقت لعبنا البطولة في السعودية وفزنا على الفريق المنظم في النهائي، مع التذكير أن مولودية وهران فازت بالكأس العربية للأندية الفائزة بالكؤوس، وليس بكأس الأبطال مثلنا. فرحتي كانت مضاعفة لأننا أفرحنا كل الشعب الجزائري في فترة عصيبة من تاريخ بلادنا ومحنة الإرهاب التي عانينا بسببه، وفي تلمسان مثلا الكل خرج للاحتفال، الرجال، النساء وحتى الأطفال.
ما هو الشيء الذي تأسفت عليه كثيرا؟
هو ما قلته ذات مرة للمسيرين، لعبت موسما واحدا في الشاوية وتوجت خلاله باللقب، ولعبت 13 موسما مع الوداد دون أن أتوج بلقب البطولة، هذا ما يحز في نفسي الآن، خاصة وأنه كانت لدينا كل الإمكانات للتتويج باللقب عدة مرات، بالجيل الذي كنا نملكه كان بإمكاننا السيطرة على البطولة الوطنية لخمسة مواسم على الأقل، كانت المولودية “تجي وتأخذ ربعة”، “لياسما” أيضا، والشبيبة تأخذ ثلاثة. المدربون كان يصرحون وقتها بأنهم يتنقلون لتلمسان من أجل تخفيف الأضرار، مرة عليق صرح سنة 1996 وكان إفتسان مدربا للاتحاد بدزيري، زكري والبقية بعد مباراة فزنا بها بثلاثية لهدف واحد، عليق قال لمسيرينا أعطوني فريقكم وسأعطيكم جمهور الاتحاد في بولوغين الذي كان يضرب به المثل في ذلك الوقت. مرة كان بهمان مدربا للوداد سنة 1992، كنا نتقدم بخمس نقاط عن الملاحق، لكنا ضيعنا اللقب لفائدة مولودية وهران.
بعد أن تماثلت للشفاء، هل ستعود لعالم كرة القدم؟
ربما، بدأت حاليا في الاستعداد للقيام بتربص المدربين الذي ترعاه “الفاف”، ولدي مشروع إنشاء فريق لكرة القدم داخل القاعة بعد أن تم الاتصال بي، وبهذه الخطوات أتمنى أن أعود للميدان الكروي تدريجيا.
ماذا تقول في الأخير؟
أطلب من الأنصار مساندة المدرب الوطني سعدان، لأن الجزائريين صاروا عشية كل منافسة قارية أو عالمية يتحولون إلى مدربين وينتقدون كثيرا المدرب الوطني، أليس هو من قادنا للمونديال، يجب أن لا ننقلب على سعدان بمجرد أننا خسرنا مباراة ودية أمام صربيا. ومن جهتي أتمنى له كل التوفيق في مونديال هذه الصائفة، كما أتمنى أيضا نهضة الكرة الجزائرية ولابد من تغيير العقليات، وهذا لن يكون سوى بثورة في التسيير على غرار الإصلاح الرياضي الذي قامت به الدولة الجزائرية في وقت سابق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.