بالرغم من الكلام الكثير الذي قيل عن الإمكانات الكبيرة التي يحوزها بعض اللاعبين الجزائريين في أوروبا، والذين كان ل “الهدّاف” نصيب كبير في تقديمهم إلى الجمهور الجزائري، على غرار شرفة لاعب تاراڤون الإسباني، شاقوري مدافع شارل لوروا البلجيكي، وميكاييل فابر حارس كليرمون فوت، إلا أن هؤلاء وبالرغم من أن سعدان أولى لهم نصيبا كبيرا من الإهتمام بإرساله مبعوثين لأجل معاينتهم.. إلاّ أنه لم يستدعهم في آخر المطاف مفضّلا لاعبين لم ينتظرهم الجمهور الجزائري على الإطلاق، ما عدا بودبوز. “الهّداف” اتصلت بهم، وكان التفاؤل بمستقبل أفضل مع التشكيلة الوطنية قاسمهم المشترك، بالرغم من خيبة الأمل الكبيرة التي يتواجد فيها البعض منهم. القائمة كانت ضربة موجعة لأغلبهم ولا يُمكن في أي حال من الأحوال تجاهل نقطة مهمة وهي أن القائمة المُعلنة من طرف المدرب رابح سعدان شكّلت ضربة موجعة لدى العديد من اللاعبين الذين لم يصدّقوا أنهم لن يكونوا في التربص القادم، سواء من المحليين أو حتى من المحترفين، خاصة أن كل المؤشرات كانت تدلّ على أنهم سيحظون بشرف تجريب حظهم في تربص سويسرا الإنتقائي والذي سينطلق في الساعات القليلة القادمة... وبعد أن وجدوا أنفسهم خارج القائمة الآن، اعتبر غالب الذين تحدّثوا معنا أنهم أمام الأمر الواقع ولا خيار لديهم إلاّ التفكير في كيفية تطوير مستواهم بشكل كبير في البطولات التي ينشطون فيها لعلى وعسى يحظون بالتفاتة سعدان أو أي مدرب سيتولى زمام العارضة الفنية ل “الخضر” بعد “المونديال“. إستعدادهم لأجل تلبية الدعوة بعد “المونديال“ دليل على وطنيتهم وللأمانة، فقد لمسنا لدى أغلب اللاعبين الذين تحدثوا معنا رغبة شديدة في تجاوز المرحلة الحالية بسلبياتها وكل تأثيراتها من خلال التركيز على العمل مع الأندية التي يلعبون لها ولا شيء سوى ذلك، بالإضافة إلى مدّ يد العون والمساندة إلى زملاء عنتر يحيى في “المونديال“ القادم، كما أنهم لا يرون أي مشكل في الدفاع عن ألوان منتخب بلدهم الأصلي بعد “المونديال“، ودحضوا بذلك كل الشائعات التي تتحدث حول رغبتهم في القدوم إلى الجزائر من أجل المشاركة في دورة جنوب إفريقيا وفقط، بل يريدون أن يكون لهم شرف حمل الألوان الوطنية على ظهورهم حتى بعد “المونديال“ واستعدادهم للسفر إلى أدغال إفريقيا لخوض غمار تصفيات كأس أمم إفريقيا 2012 التي تنتظر النخبة الوطنية في الأشهر القليلة القادمة. وهناك فقط ستظهر نوايا من اختار الجزائر من أجل رفع قيمته في “بورصة“ التحويلات أو من أراد اللعب ل الجزائر لأنها بلد الأجداد والقلب. بوزيد، العمري الشاذلي وزرابي أشدّ اللاعبين تأثرا ويبدو أن بوزيد لاعب هارتس الأسكتلندي، زرابي لاعب نيم الفرنسي والعمري شاذلي الذي ينشط في “البندسليغا” من أشدّ المتأثرين بعد أن فضّل سعدان عليهم أسماء أخرى، لا لشيء إلا أنهم كانوا ينتظرون أن يحظوا بثقة سعدان، وهم الذين شاركوا مع “الخضر” في العديد من المناسبات ويعرفون أجواء الفريق الوطني جيّدا بحكم إحتكاكهم مع اللاعبين الحاليين منذ فترة طويلة، ما يدلّ على أنه ورغم كل ما يمكن قوله عن حجم الصدمة التي تعرّض لها شاقوري، شرفة فابر والآخرون، إلا أنها لا تضاهي ما يشعر به الثلاثي الأول، بما أن المردود الطيب الذي أظهروه مع أنديتهم إلى حدّ الآن يجعلهم أحقّ وأولى بدعوة سعدان من بعض الذين وجدوا أنفسهم وبشكل مفاجئ بين عشية وضحاها في المنتخب الجزائري-على حدّ تعبير القدامى- شرفة تحت الصدمة وهاتفه المغلق أكبر دليل ومن بين اللاعبين الذي أصبحت وضعيته صعبة جدا، نجد وليد شرفة لاعب تاراڤونا جيمناستيك الإسباني، حيث شعر الكل في حديثه مع بعض مقرّبيه أنه كان مستعدا للتضحية بكل شيء من أجل “الخضر”، إلا أن جزاءه كان إستبعاده من القائمة المعنية بتربص سويسرا بشكل أثار دهشته، ما جعله تحت وطأة الصدمة، كيف لا وهو الذي كان في وقت ليس ببعيد أحد ركائز ناديه وأسال لُعاب أعرق أندية “الليغا”، ليجد نفسه مهمّشا في ناديه الحالي بسبب إصراره على الدفاع عن ألوان بلده، وما إغلاقه لهاتفه النقال في اليومينن الأخيرين إلاّ دليل قاطع على أن حجم الصدمة التي يعيشها حاليا وتأثره الشديد من خرجة سعدان. إستدعاء مبولحي أثّر كثيرا في فابر وما يُقال عن شرفة يُمكن أيضا أن ننسبه إلى ميكائيل فابر حارس كليرمون فووت الفرنسي، الذي لم يقو حتى على الردّ على مكالماتنا الهاتفية وكلّ محاولاتنا باءت بالفشل، والذي يستحضر الجميع ربما ما قاله أغلب حراسنا القدامى عندما صرّحوا في وقت سابق ل “الهدّاف”، أنه ما دام سعدان قرّر الإستنجاد بحارس لا يعرفه أغلب الجزائريين، كان ينبغي في هذه الحالة منح الفرصة ل فابر-على حد تعبيرهم- بما أن الأمر يتعلق في هذه الحالة بتربص إنتقائي لإختيار الأسماء التي ستمثّل الجزائر في مونديال جنوب إفريقيا القادم. حدّث ولا حرج عن تأثر المحليين ولا يُمكن أن يُستثنى الأمر بعض اللاعبين المحليين الذين كان الجميع يرشحهم لأن يكونوا ضمن تعداد “الخضر” في المواعيد القادمة، وخاصة بالنسبة ل جابو صانع لعب إتحاد الحراش، مترف الذي أصبح قوة الوفاق الضاربة هذا الموسم، بالإضافة إلى قائد “الكناري” ربيع مفتاح، وصولا إلى اللاعب الذي سالت دماؤه من أجل الجزائر في بلاد “الفراعنة” خالد لموشية، حيث حصل إجماع بين كلّ المناصرين، بالإضافة إلى قدامى اللاعبين، أن هؤلاء يستحقون التواجد في المنتخب الوطني وكان على سعدان أن لا يدفن طموح المحليين بالإعتماد على العيفاوي فقط، في حين أن الرباعي السالف الذكر يستحق مكانته بأعين مغمّضة على حدّ تعبيرهم. شاقوري: “طموحي مع الجزائر أكبر من المشاركة في مونديال” وفي اتصالنا مع شاقوري، أكد لنا أنه بصدد تحضير نفسه معنويا وذهنيا للتحديات التي تنتظره وفريقه في المستقبل، ولم يُبد أي إنزعاج من عدم إستدعائه إلى تربص سويسرا وهو الذي قيل عنه الكثير، حيث صرّح ل “الهداف” قائلا: “صحيح أني كنت أرغب في تلقي دعوة سعدان، إلا أن هذا الأخير قام باختيارات ينبغي لنا أن نحترمها، ومن يعتقد أني معارض لها فهو مخطئ، كما أنني لن أربط تواجدي مع المنتخب الوطني بمشاركة دولية، وهدفي وطموحي مع بلدي الأصلي أكبر بكثير من ذلك، وإذا لم يسعفن الحظ الآن، فسأنال فرصتي لاحقا، بشرط أن أواصل على نفس النسق”. “مناجيري وعدني بفريق كبير ولن أبقى في شارل لوروا” وعن وجهته المستقبلية، أكد شاقوري ل “الهدّاف” أنه لم يفصل فيها بعد، إلا أنه أصر ّفي المقابل على أنه قرّر نهائيا مغادرة فريقه الحالي نحو ناد أكبر، حيث صرّح:”يجب أن تعلموا أن الوصول إلى المنتخب الوطني أصبح صعب المنال بعد الوجه الذي يظهر به اللاعبون الجزائريون هنا في أوروبا، وعلى هذا الأساس، إتفقت مع مناجيري الخاص على التحوّل لاحقا إلى فريق كبير لم يرد الكشف لي عن إسمه، وهذا حتى أتجنّب أي مساومات من طرف فريقي الحالي، خاصة أنني مرتبط بعقد حتى شهر جانفي 2011”. بوزيد: “لن أضع السلاح مبكّرا وموعدنا بعد المونديال“ من جانبه، عبّر المدافع إسماعيل بوزيد في حديث سابق مع “الهدّاف” أنه لم يكن ينتظر أن يتم تجاهله من طرف المدرب الوطني ليكون ضمن العناصر المشكلة للمنتخب في تربص سويسرا، حيث قال: “لا يمكن أن أتأثر من عدم إستدعائي وسأبقى أعمل ولا شيء سوى ذلك بما أن الطموح مشروع لكل لاعب يثق في إمكاناته، كما لا أنسى أن أضيف أن الدفاع عن الألوان الوطنية حق وواجب في نفس الوقت على كل جزائري يحملها في قلبه، ولن أضع السلاح مبكّرا، ورغم أني لم أحظ بشرف تمثيل بلدي، سيحصل ذلك في الفترة القادمة.. وموعدنا بعد المونديال”. “المستقبل أمامي وسأركّز على العمل لأجل رفع مستواي أكثر” “أعتقد أني سأكون جد مسرور إن أنا استطعت أن أرفع مستواي بشكل أفضل في المواعيد القادمة، لا لشيء إلا أنني أرغب في أن أعود من جديد إلى حمل الألوان الوطنية والمستقبل كلّه أمامي ولا أشك في ذلك، وكما صرحت به سابقا، موعدنا بعد المونديال لأن وطنيتي لم تظهر بسبب هذا المحفل الدولي، ولحسن حظي فإن الجميع دون إستثناء يعرف كيف كنت ألبي دعوة “الخضر”، في الوقت الذي كان البعض يتهرّب منها وأنا فخور بذلك كثيرا”. عبد الرؤوف زرابي: “سعدان ظلمني، لكني سأبقى دائما تحت تصرّف بلدي“ ولم تخرج تصريحات زرابي عن نفس سياق زميله بوزيد عندما صرّح ل “الهدّاف” في أحد أعدادها قائلا: “لا أشكّ مطلقا أن سعدان يكنّ لي معاملة خاصة جدا ولا أعرف إطلاق سببها، وبحرماني من المشاركة في المونديال أصبحت أكثر قناعة أن هناك في الأمر “إنّ“، لكن ماذا سأفعل، فرغبتي في نيل فرصتي كانت كبيرة على غرار جميع اللاعبين، والمدرب رابح سعدان بعدم إستدعائي يتبيّن أنه لا يحملني في قلبه وظلمني كثيرا ولا أعرف السبب على الإطلاق، لكن يجب أن يعلم أني لن أخجل في أني دافعت يوما عن ألوان بلدي، بالرغم من أنه أخرجني من الباب الضيّق”. “أتمنّى أن لا تؤثر هذه الوضعية في شقيقي الأصغر” ولم ينس عبد الرؤوف زرابي في حواره معنا أن يشير إلى نقطة مهمة عندما قال: “الجميع يعرف أن عائلة زرابي رياضية، وأتمنى من صميم قلبي أن لا تؤثر هذه الوضعية على شقيقي خير الدين الذي يؤدّي موسما إستثنائيا في البرتغال وبكل المقاييس، وأتمنى أن تتغيّر نظرة سعدان إلينا، لأن خير الدين مازال شابا وهو يحتاج إلى تشجيع أكثر من أيّ شيء آخر، وأن نلقى العناية ولو بعد المونديال، لأننا لا نريد أن تتوقف مسيرتنا مع منتخب بلادنا عند هذا الحدّ وسنبقى تحت تصرّف بلدنا كلّما إحتاج إلى خدماتنا“. العمري الشاذلي: “أنا متأثر، لكن ردّي سيكون بعد المونديال” أما العمري الشاذلي، فقد كان له رأي آخر في الموضوع، عندما صرّح ل “الهدّاف” قائلا: “لن أكون صريحا إن قلت لكم إني لم أتأثر من إستبعادي من المنتخب الوطني، لأن كلّ لاعب يريد أن يدافع عن ألوان بلده الأصلي. ومن جهتي أرى أنه بعد كل الذي قدّمته للجزائر، كان على الأجدر أن تُمنح لي الفرصة في تربص سويسرا لكي أبرهن على استحقاقي التواجد في المونديال، لكن ما عساني أفعل، الأكيد هو أن ردّي سيكون بعد المونديال القادم، ولن أغلق باب الأمل في أني سأعود يوما للدفاع عن ألوان الجزائر وتشريفها، لأن المونديال ليس السبب الذي يجعلني أطمح لأكون مع زملائي، بل لأني أقدّر نُبل الدفاع عن وطنٍ مات من أجله الرجال”. “سأشجع زملائي في جنوب إفريقيا” وختم الشاذلي كلامه معنا قائلا: “سأكون قلبا وقالبا مع زياني والآخرين في المونديال القادم وسأشجّعهم إلى آخر ثانية، لأني أرغب على غرار أيّ مواطن جزائري آخر أن أرى علم بلدي يُرفرف عاليا بعد 24 سنة كاملة من الغياب ونحقق مشاركة مشرفة، وعلى هذا الأساس، أتمنى من صميم قلبي أن يبلي اللاعبون البلاء الحسن في كأس العالم المقبلة، لأنها الفرصة الحقيقية لنا لنبرهن أن الجزائر بلد كرة القدم ولا يوجد أي فرق بينها وبين الدول التي تملك تقاليد كبيرة في الرياضة الأكثر شعبية في العالم”.