“أرغب في مواجهة مصر من جديد حتى أثأر منهم لأنهم دون مساعدة الحكم سيرضخون كالعادة” “لم أشتم شحاتة مثلما يزعم المصريون لأني ذو تربية أصيلة... هذا ما قلت له بالضبط وعليهم أن يسألوه لكي يتأكدوا” “مباراة كوت ديفوار هي المعيار الحقيقي لأننا واجهنا وفزنا على أقوى منتخب في إفريقيا“ “أعتدي عليّ أمام مصر وطُردت أمام مصر... صحيح هم شؤم عليّ، لكني تأهلت إلى المونديال على حساب مصر” بصراحته المعهودة يعود بنا صخرة دفاع المنتخب الوطني رفيق حليش إلى مشوار الجزائر في نهائيات كأس إفريقيا الأخيرة، وإلى ما تعرّضت له الجزائر من “حڤرة“ وتعسّف من طرف الحكم البينيني “كوفي كوجيا“ أمام مصر في الدور نصف النهائي. ويعرب حليش عن حسرته على ضياع حلم معانقة اللقب الإفريقي الذي راوده وراود رفاقه منذ الفوز على كوت ديفوار. كما يعود للحديث عن خسارة مالاوي وأسبابها، ويعرّج إلى المستقبل وما ينتظر “الخضر“ بداية من لقاء صربيا التحضيري لنهائيات كأس العالم، بالإضافة إلى ما دار بينه وبين زميله السلوفيني الذي يلعب معه في “ماديرا“ البرتغالي من حديث حول المواجهة المرتقبة بين الجزائر وسلوفينيا في المونديال المقبل. رفيق، لنبدأ من الخسارة المرّة التي مني بها فريقك “ناسيونال ماديرا” مساء أمس (الحوار أجري أمس) أمام “أولهانينسي” في الوقت بدل الضائع، أكيد أنها خسارة يصعب تجرّعها، أليس كذلك؟ لقد وصفت الخسارة بنفسك، هي خسارة مرة ولا زالت تحز في نفسي إلى حد الآن لأننا كنا قاب قوسين أو أدنى من العودة على الأقل بالتعادل، ولأننا لعبنا تقريبا الشوط الثاني كله بعشرة لاعبين بعد أن طرد الحكم لنا أحد مدافعينا، للأسف الشديد أننا لم نحافظ على تلك النتيجة وتلقينا هدفا مباغتا في آخر دقيقة من عمر اللقاء، وهذه هي كرة القدم علينا أن نتقبل قواعدها بحلوها ومرّها مهما كانت مرارة الخسارة التي تكبّدناها هذه المرّة. لكنها ورغم مرارتها لن تكون مرّة بطعم الخسارة التي تكبدتها مع “الخضر” أمام مصر بسبب الحكم الضعيف جدا “كوفي كوجيا”، أليس كذلك؟ بطبيعة الحال، لا يوجد أمرّ من تلك الخسارة القاسية التي تسبب فيها ذلك الحكم الضعيف المستوى والشخصية في آن واحد، ثم أن الأمر مختلف تماما، لأن الخسارة مع فريقك في مباراة لحساب البطولة والخسارة مع منتخب بلادك في نصف نهائي كأس إفريقيا مختلف تماما، ولذلك لا مجال للمقارنة بين خسارتي مع “ماديرا“ أمس وخسارتي مع الجزائر منذ أيام، لأن الجرح لم يندمل بعد، ولأننا لم نكن نستحقّ أن نخسر بتلك النتيجة الثقيلة ولا أن ننهزم بتلك الطريقة الفاضحة، لولا ذلك الحكم. لنعد إلى ذلك اليوم المشؤوم، وإلى ما فعله لنا جميعا هذا، فهل لا زلت تتذكر بالتفصيل ما قام به حتى تمكّن المنتخب المصري من الفوز علينا بتلك النتيجة؟ لا زلت أتذكر بطبيعة الحال لأن ما فعله بنا ليس بالأمر السهل الذي يمكن تجرّعه هكذا... يا أخي لقد حرمنا من حلم راودنا جميعا في تلك الدورة وراود كل جمهورنا الجزائري العريض، لكن صدقني أني وضعت تلك المباراة في طي النسيان، لأني لم أنهزم بطريقة مشرّفة من جهة، ولأن التفكير فيها لا ولن ينفعنا في أي شيء لاسيما أننا مقبلون في المستقبل على تحديات أخرى لا تقل أهمية، أنا شخصيا طويت صفحة الأمور السلبية، واحتفظت فقط بأحسن الذكريات لأن ما فعلناه أمر رائع ولا أحد بإمكانه أن ينكر ذلك. ما هو الحلم الذي قلت إن هذا الحكم حرمنا منه؟ حلم الوصول إلى النهائي والتتويج بالكأس الإفريقية، لأنه لو تحلى بنزاهة في لقائنا أمام منتخب مصر، لكان التأهل من نصيبنا، ولتمكنا من التتويج باللقب بصفة عادية جدا، وهذا ما آلمني أكثر وحزّ في نفسي، ومع ذلك فالمستقبل لا زال أمام منتخبنا الشاب وسنعوّض ما فعله بنا “كوجيا“ في المستقبل إن شاء الله. قلت يومها إن الحصول على كأس إفريقيا يتطلب أمرا هاما، وهو أن يكون مقرّ “الكاف” في بلدك، هل قلتها تحت وطأة الصدمة بعد الذي فعله بك وبمنتخبنا ذلك الحكم، أم أنك لا زلت مصرّا على كلامك؟ هذه هي الحقيقة، وما حدث لنا أمام مصر خير دليل على ذلك، أنا أعترف أن الحكم بشر ومن حقه أن يخطئ، ومن واجبنا أيضا أن نتفهّم هذا الحكم إن هو أخطأ، لأنه بشر، والبشر معرّضون للخطأ في أي لحظة، لكن الأخطاء التي ارتكبها ذلك الحكم كانت كلها متعمّدة ومقصودة حتى يحطمنا منذ البداية، بدأ معي ببطاقة صفراء مجانية لا أثر لها، وعاودها معي في لقطة ركلة الجزاء التي لم أعترض فيها طريق اللاعب المصري، وطردني على إثرها، وواصل بعدها أخطاءه بمنح الأسبقية لمصر في كل شيء، وبإثارة أعصاب لاعبينا بقراراته العشوائية. وهنا أتوقف مجدّدا لأقول إن الكرة الإفريقية من المستحيل أن تتطور وترفع برأسها مع حكام من طينة “كوجيا”. لو تقارن بينه وبين التحكيم في أوروبا، ولو تقارن بينه وبين الحكم الذي طرد لاعبا من لاعبي فريقك أمس، فما الذي تقول؟ (يضحك)... فرق شاسع بين التحكيم الأوروبي والتحكيم الإفريقي، هنا وحتى عندما تكون الأخطاء تكون أخطاء تقديرية غير مقصودة، عكس التحكيم في إفريقيا أين يتعمّد الحكام ارتكاب تلك الأخطاء لخدمة مصالح الطرف الآخر، لذلك فلا مجال للمقارنة. رغم أنك أجبت يومها عن هذا السؤال، إلا أن الفضوليين في الجزائر ممن لم يطلعوا ربّما على إجابتك عبر “الهداف“، لا زالوا يتساءلون حول الكلام الذي قلته للمدرب المصري شحاتة لدى خروجك؟ حتى أنا كنت أرغب في التطرّق إلى هذه النقطة، لأن رفاقي ممن اتصلوا بي من الجزائر، أكدوا لي أن بعض المصريين من إعلاميين ولاعبين أكدوا عبر قنواتهم أني شتمت “الشيخ” شحاتة، وهو ما يجعلني اليوم أفند كلّ هذه الإشاعات التي لا أساس لها من الصحة، ليس من شيمي أن أشتم المدربين ولا من شيمي أن أشتم من هم كبار في السنّ، ولا من شيمي وتربيتي وأخلاقي أن أفكّر حتى في شتمه. لقد طرحت لي السؤال ذاته يومها وأجبتك، وها أنا أسرد ما قلته له بالتفصيل، توجهت له وقلت له بصريح العبارة: “الله غالب لا يمكنكم أن تفوزوا علينا دون مساعدة الحكام، قدرتو تخدموا الحكم لكي تفوزوا علينا ... ما تستاهلوهاش”، لكن كل شيء أوّل بعدها، فراح المصريون حسب ما رواه لي الأصدقاء يؤكدون أني شمته، رغم أني أقسم بالله العلي العظيم أني لم أشتمه، وبإمكانه أن يشهد بذلك، أنا إنسان متخلق ولا يمكنني أن أشتم “الشيخ” شحاتة الذي أحترمه كثيرا، مثلما أحترم كافة المدربين وكلّ من هم كبار في السنّ أمثاله، وأقول لمن روّج لهذا الكلام في مصر “ربي يهديكم“. هل عاودت مشاهدة المباراة أم لا؟ أجل شاهدتها وكان من اللازم أن أعيد مشاهدتها رغم الصعوبات التي وجدتها في مشاهدة ما فعله بنا الحكم كوجيا يومها، وذلك حتى أقف على بعض الأخطاء التي لابد ألا تتكرر في المستقبل. أكيد أنك لمت نفسك على شيء ما مادمت تحدثت عن أخطاء لابد من تفاديها مستقبلا؟ أجل لمت نفسي على خطأ وحيد سأسعى إلى عدم تكراره مستقبلا وهو أني لم أجد ضرب الكرة جيدا في اللقطة التي تحصلوا من خلالها على ركلة الجزاء، فلو ضربت الكرة جيدا لما حدث ما حدث، لكني ومع ذلك حاولت أن أنقذ ما يمكن إنقاذه ولحقت باللاعب وحاولت إيقافه، لكنه استعمل ذكاءه وارتمى عليّ وساعده الحكم على الحصول على ما أراده ومنحه ركلة جزاء وطردني رغم أنه كان بعيدا في لقطة البطاقة الصفراء الأولى وفي لقطة ركلة الجزاء، تلك اللقطة الوحيدة التي لمت نفسي عليها صراحة. لكن لا أحد يلومك لأنك أديت ما عليك طيلة الدورة ولست أول ولا آخر لاعب يخطئ في إبعاد الكرة. صحيح أني قمت بواجبي على أكمل وجه وأعطيت منتخب بلادي كل ما عندي، لكني عندما أعدت مشاهدة اللقاء أدركت أني أخطأت حينها، وعلى كل حال لن أكرر الخطأ وهو درس لي في المستقبل سأستفيد منه لأن كرة القدم تجارب ودروس ومن يحفظ الدرس جيدا سيجني الثمار مستقبلا. ألا ترى أن مصر صارت شؤما عليك بعض الشيء ففي القاهرة تعرضت إلى اعتداء في الحاجب وفي أنغولا إلى طرد هو الأول لك مع “الخضر”؟ من الممكن، صحيح أن اسم مصر صار يرتبط معي غالبا بأمور سلبية فمرة حادثة الاعتداء الذي تعرضنا له لدى وصولنا إلى القاهرة ومرة حادثة الطرد الأول لي مع “الخضر”، لكنك نسيت أن أفضل ذكرى لي طيلة مسيرتي الكروية كانت مع مصر أيضا. وهي ... وهي أن الوصول إلى كأس العالم كان على حساب مصر، وأعتقد أن إنجاز أم درمان بالسودان والوصول إلى جنوب إفريقيا سيجعلني أنسى ما تعرضت له في القاهرة وأنغولا معا، لأن المونديال والمشاركة فيه أهم من أي شيء آخر وهم يدركون ذلك في مصر رغم أنهم توجوا باللقب الإفريقي. هل يمكننا أن نأخذ مباراة مصر كمعيار نقيس به قوة المنافس ونحكم به على ضعف الجزائر؟ أبدا، لا يمكن أن نأخذها كمعيار نقيس به ما تقول لأن من حكّمها ببساطة لم يكن نزيها، لو كان الحكم البينيني نزيها ومحايدا لاعترفت بقوة مصر وضعفنا لكن أن يطرد لنا ثلاثة لاعبين ويمنحهم ركلة جزاء ويسهل مهمتهم للفوز علينا فهذا دليل على أننا أقوياء وعلى أنهم ب 11 لاعبا أمام 11 لاعبا لا يمكنهم أن يفوزوا علينا ... كوجيا أتى من أجل تحطيمنا، طردني تعسفا وبعدها تسبب في إثارة أعصاب رفاقي وحقق هدفه وجعلنا نكمل اللقاء بثمانية لاعبين فقط. ألا ترى أن مباراة الجزائر أمام كوت ديفوار هي المعيار الحقيقي الذي نقيس به مستوى الجزائر؟ بطبيعة الحال تلك المباراة هي المعيار الحقيقي لأننا واجهنا أقوى منتخب في إفريقيا، ثم أن الأخصائيين والفنيين لم يختاروها كأحسن مباراة في الدورة هكذا، شاهدنا يومها لعبا مفتوحا وصراعات ثنائية عديدة في إطار الروح الرياضية، لعبا نظيفا وجميلا، حكما نزيها، منافسا يلعب كرة جميلة ونظيفة أيضا، عروضا شيقة طيلة 120 دقيقة، ترقبا إلى آخر دقيقة من عمر اللقاء بدليل أنهم سجلوا علينا دقيقة أو دقيقتين قبل أن تنتهي المباراة قبل أن نعادل النتيجة في الثواني الأخيرة، عكس مباراة مصر التي لم نشاهد فيها سوى حكما جاء لينفذ مهمته بتحطيم الجزائر في البداية حتى يسهل مهمة المنافس، فنجح في مهمته وأخلّ بموازين القوى عمدا لصالح المنافس. يحيى عنتر قال إنكم كنتم 8 لاعبين أمام 12 لاعبا يومها. لا، كنا 8 أمام 14 لأن الحكم في نظري يساوي ثلاثة أشخاص وليس شخصا واحدا. لو خيّروك من قبل بين مواجهة مصر أو الكامرون في الدور نصف النهائي من كنت تتمنّى أن تواجه؟ كنت سأختار الكامرون حتى أكتشف منافسا آخر ولاعبين آخرين على غرار إيتو وسونغ وغيرهم، لاسيما أننا لعبنا كثيرا أمام المنتخب المصري في الآونة الأخيرة. إذن ليس خوفًا من المنتخب المصري رفيق.. ماذا ؟ خوفا ؟ لماذا أخافهم ونحن الذين فزنا عليهم مرتين متتاليتين في ظرف قصير، مرة في الجزائر ومرة في أرض محايدة بالسودان، وحتى في القاهرة كان بوسعنا أن نعود بتأشيرة التأهل إلى المونديال لولا ما فعلوه معنا، قلت لك أني كنت أرغب في اكتشاف منتخب آخر بأسلوب آخر بعدما واجهنا مصر مرارا وتكرارا، وبعدما اختبرنا أنفسنا أمام منتخبات مالي وكوت ديفوار وغيرها. ألم تتخوّفوا لمّا شاهدتم مباراة مصر- الكامرون أن يحدث لكم ما حدث لهذا الأخير من طرف الحكم يومها ؟ صراحة راودتنا شكوك عديدة يومها، لأن الكامرون لعبت بطريقة جيدة لكنها دفعت في نهاية المطاف ثمن تحيّز الحكم، ومنذ ذلك الحين شعرنا بأننا سنتعرض لنفس التعسف أمامهم، وهذا الذي حدث فعلا، وكيف حدث ؟ حدث بداية من مطلع المباراة ببطاقة مجانية لا زلت لم أفهم إلى حد الآن لماذا منحني إياها الحكم، وبعدها بطرد وركلة جزاء، ثم طردين... والله عيب ما حدث. وهل سترحب بمواجهة المنتخب المصري من الآن فصاعدا، بعد كل الذي فعله بكم الحكم كوجيا أمامه، وبعد أن اتضح للجميع بأنّ مصر من دون مساعدة الحكام لا يمكنها أن تفعل شيئا، أم أنك سترفض مواجهته مجددا ؟ أتمنى أن أواجههم مجدّدا، حتى نثأر لأنفسنا من تلك الخسارة غير المنطقية التي ألحقوها بنا، والتي أقول بشأنها أن الحكم كوجيا هو من فاز فيها علينا وليس المنتخب المصري، لأنه مع كل احترامي له لا يمكنه أن يفوز علينا من دون ممارسات خارج عن الإطار الرياضي، فهم فازوا علينا في القاهرة بفضل ممارسات يندى لها الجبين، وفازوا علينا في أنغولا بفضل الحكم، أما نحن ففزنا عليهم “بالون” في الجزائر بثلاثية وفزنا عليهم في السودان المحايدة بنزاهة أيضا، وسنفوز عليهم مجددا دون أن يساعدنا الحكم إن شاء الله ودون أن يقف في صفهم أيضا.. سيرضخون كالعادة. لنتطرق إلى أحسن لقاء في الدورة وهو لقاء كوت ديفوار الذي نتخذه نحن معيارا حقيقيا نقيس به مستوى الخضر، لم تتعقّدوا يومها ولعبتم بكل راحة، وحققتم في نهاية المطاف تأهلا مستحقا، كيف تمّ ذلك ؟ إلى الرغبة الكبيرة التي كانت تحدونا في بلوغ أدوار متقدمة من تلك الدورة، وجدنا أمامنا منافسا من العيار الثقيل رشحه الأخصائيون للظفر بلقب الدورة، منتخبا يضم في صفوفه نجوما لا يستهان بها كدروغبا وغيره، لكننا عرفنا كيف نتصدى له، بفضل الإرادة التي تحلينا بها، وبفضل الوجه الرائع الذي ظهرنا به، والحمد لله أننا يومها وجدنا أمامنا حكما نزيها ومحايدا سهل المهمة للمنتخبين وأعطى كل ذي حق حقه. أنت شخصيا وفقت في مهمتك، ولم تجد أي عقدة في كبح جماح لاعب من طينة دروغبا... الحمد لله، قلت لك آنذاك وقبل المباراة أني لن أواجه دروغبا فقط، بل سأواجه منتخبا يضم في صفوفه أسماء لامعة كثيرة، وفقت في مهمتي مثلما وفق جميع رفاقي في مهمتهم، وحققنا تأهلا مستحقا لا غبار عليه أمام من كان مرشحا للظفر بلقب الدورة الإفريقية، لأن كوت ديفوار هي التي كانت مرشحة وليس مصر، وبعد أن أزحناها صار حلم معانقة التاج الإفريقي مشروعا لنا، لولا الحكم الذي حطم أحلامنا وقضى علينا في الدور نصف النهائي. ما سر تلك الروح الرياضية العالية التي لمسناها يومها بينك وبين دروغبا ؟ هو نجم كبير في الحقيقة، والنجوم تتعرف عليها من خلال طباعها وتصرفاتها فوق الميدان، فرغم أهمية المباراة، ورغم الصراعات الثنائية التي كانت بيني وبينه حول الكرة في كل مرة، إلا أن الأمور بيننا لم تتجاوز الإطار الرياضي، فكما لاحظت كنت عندما أسقط يأتي لتفقد أحوالي ويبادر إلى مصافحتي، وأنا نفس الشيء وهذه هي كرة القدم، أخلاق وتربية قبل كل شيء. ألا ترى أن مباراة كوت ديفوار هي أحسن مباراة يخوضها المنتخب الجزائري منذ فترة من الزمن.. صحيح أننا لعبنا العديد من المباريات الهامة، وأظهرنا خلالها مستوى عاليا وراقيا ومن بينها مباراة السودان مثلا أمام مصر، لكن مباراة كوت ديفوار مختلفة بعض الشيء وشخصيا أشاطرك الرأي وأضعها على رأس أحسن المباريات التي خضناها في السنتين الأخيرتين، فرغم أن المهمة لم تكن سهلة أمام منتخب يعج بالنجوم التي تجيد لعب كرة القدم وممارستها، أمام نجوم تجعل الخطر محدقا بك في أي لحظة، إلا أننا وفقنا في مهمتنا ولم نترك لهم المساحات الشاغرة وحققنا عليهم فوزا نظيفا شهد الجميع لنا باستحقاقه. خسارة بثلاثية أمام مالاوي المغمور وفوز بثلاثية على كوت ديفوار القوي والمرشح، هل من تفسير لذلك ؟ خسارة مالاوي مجرد تعثر فقط، تعثر كانت له أسبابه من حرارة شديدة ورطوبة عالية، لقد كنت معنا هناك وبإمكانك أن تشهد بأن اللعب في عز الظهر وتحت تلك الحرارة الشديدة أمر شاق وصعب ومرهق للقوى، يا أخي الأرجنتين وسبق لها أن خسرت بسداسية أمام بوليفيا بسبب الرطوبة والارتفاع... (نقاطعه) سلمنا بذلك جميعا، وأنصفناكم وقلنا الحرارة هي السبب، لكن ألا تعتقد أن احتقاركم للمنافس تسبب في تلك الخسارة الثقيلة ؟ والله العلي العظيم لم نحتقرهم، بل أننا أخذنا الأمور ضدهم بمأخذ الجد، لاسيما وأننا وصلنا مستوى لا يسمح باحتقار المنافسين، فكل المواجهات صارت صعبة وكل المنتخبات تطورت، كل ما في الأمر أنّ الظروف المناخية الصعبة هي التي هزمتنا، بدليل أننا وبداية من لقاء مالي الذي انطلق على الساعة الخامسة مساء، ظهرنا بوجه مغاير، وتمكنا من بعث حظوظنا في التأهل، ففزنا عليه، وفرضنا تعادلا على أنغولا وضمنا الوصول إلى الدور ربع النهائي بعدما رشحنا الكل لمغادرة الدورة مبكرا. حدثنا عن الاستقبال الذي خصك به رفاقك بعد العودة إلى “ماديرا” ؟ رفاقي كلهم كانوا يتابعون نهائيات كأس إفريقيا من أجلي ومن أجل الجزائر، وكلهم سعدوا بالوجه المشرف الذي ظهرنا به، وبالأداء الكبير الذي قدمناه أمام منتخبات عملاقة ككوت ديفوار ومالي وغيرها، وكلهم في الحقيقة هنّأوني وشجعوني سواء أعضاء الطاقم الفني أو رفاقي اللاعبين. وحتى الأنصار. أجل وحتى الأنصار هنّأوني على المرتبة الرابعة التي احتللناها، وسعدوا كثيرا لأن لاعب من لاعبي ماديرا شارك في ذلك الإنجاز الذي حققته الجزائر. وحتى زميلك السلوفيني “بيشنيك” ؟ أجل والله لقد سعد كثيرا للوجه الذي ظهرت به الجزائر، وبدا ملما بكل صغيرة وكبيرة تتعلق بالمباريات التي خضناها، وهذا أمر منطقي وبديهي لأن منتخب بلاده سيكون في نفس المجموعة التي سنكون فيها خلال المونديال القادم. ما الذي قاله لك بالضبط ؟ صراحة الحكايات عن الوجه الذي ظهرت به الجزائر كان حديثي دوما مع رفاقي البرتغاليين والبرازيليين، لكن مع “بيشنيك” كانت أكثر لأننا سنتواجه مستقبلا في جنوب إفريقيا، قال لي بصريح العبارة أنه أعجب بما قدمناه خاصة خلال اللقاء الذي جمعنا بمنتخب كوت ديفوار، وأنه نوّه بالنسق الذي لعبنا به وبالطريقة التي كبحنا من خلالها جماح دروغبا ورفاقه، وأكد لي أن لقاء الجزائر أمام سلوفينيا سيكون كبيرًا أيضا. ألم يبدُ لك متخوفا من مصير منتخبه بعد الذي وقف عليه من مستوى راقٍ في لقاء كوت ديفوار ؟ هو لم يكن يتوقع أن نظهر بذلك المستوى أمام الإيفواريين، لكنه لم يُبد تخوفه لي، وإذا ما خاف فذلك في قرارة نفسه، لا يمكنه أن يظهر لي أنه خائف مني أو خائف من منتخب بلدي (يحضك). لكنك ستسعى إلى الإطاحة به على الأقل ؟ بطبيعة الحال، هو يدرك ذلك. وماذا عن زميل لك اسمه “تودوروفيتش” وهو من صربيا، فهل تحدّثتم عن اللقاء الذي سيجمع الجزائر بصربيا بعد أيام قليلة من الآن ؟ في الحقيقة لم نتطرق إليه كثيرا، لأنه غير معنٍ بهذه المباراة الودية. أكيد أنك متشوق كي تلتقي ورفاقك مجددا بمناسبة هذه المباراة الودية ؟ أجل، نحن في المنتخب وكما تعلم صرنا نشكل عائلة واحدة، وصرنا نسعد عندما يتعلق الأمر بمثل هذه المواعيد حتى نلتقي مجددا، والفرصة ستكون مواتية مع مطلع شهر مارس حتى نلتقي وحتى نشرع في التحضير بدءا من تلك المباراة للموعد الهام الذي ينتظرنا في جنوب إفريقيا، لأننا بعد الذي أظهرناه في أنغولا سنسعى إلى الظهور بوجه مشرف في المونديال، نؤكد من خلاله عودة الكرة الجزائرية إلى الواجهة والساحة العالمية. الحديث كثر عن انضمام لاعبين جدد على غرار لحسن مثلا، فهل ترى أنه سيفيد “الخضر” بمجيئه ؟ أعذرني لا يمكنني أن أجيب عن هذا السؤال، لا أدري ما الذي يحدث بالضبط في الجزائر، وأفضّل ألا أجيب عن هذا السؤال. وهل أنت ملم مثلا بما يحدث للحارس شاوشي الذي وجّهت له سهام الانتقادات من كل صوب وحدب ؟ أجل سمعت بذلك، وأنا متأثر لكل ما قيل عنه، وللأسف الشديد أن من هم بصدد انتقاده اليوم ليسوا على دراية لا بالظروف التي مر بها فوزي ولا بأي شيء آخر. شاوشي حارس كبير، والمنتخب الوطني في أمس الحاجة إليه، وعلينا أن نقف إلى جانبه، عوض أن نصوب سهامنا نحوه، فبالأمس القريب فقط كان بطلنا واليوم من الخطأ أن نقزّمه ونحوّله إلى لا شيء، علينا جميعا أن نقف في صفه لأن المجموعة تحتاج إلى وجوده وتحتاج إلى خدماته. في الأخير، تفضّل قل ما شئت للجمهور الجزائري الذي لا زال سعيدا وفخورا بكم، والذي يتشوق من الآن لرؤيتكم أمام صربيا وفي المونديال. إنه لشرف كبير أن يبقى جمهورنا الواسع يضع فينا كل هذه الثقة العمياء، وصدقني أننا من أجلهم صرنا نصرّ على الفوز ونصرّ على الرمي بكل ثقلنا في أي مباراة نخوضها، لأننا صرنا ندرك مدى انعكاس تلك النتيجة على الشارع الجزائري، الكل في الجزائر صار ينتظرنا حتى يفرح وحتى يسعد ويخرج للاحتفال، وهذا يشرفنا كثيرا، وأستغل الفرصة لكي أعدهم بأننا سوف نسعدهم مستقبلا لأن منتخبنا شاب ولا زال قادرا على تقديم الكثير، وسنجعلهم يخرجون للشوارع للاحتفال إن شاء الله في أكثر من مناسبة، وسلامي الحار لهم جميعا.