تجربة غير عادية تلك التي عاشها وحيد حليلوزيتش الناخب الوطني خلال الأسبوع الماضي، فاستقبال أبناء جلدته البوسنيين هنا بالجزائر ومواجهتهم فوي أرضية "المزرعة" بملعب 5 جويلية أمر لن يتكرر معه مادام حيا.. لذا كان لابد له من توثيق تلك السابقة وسردها بتفاصيلها الحلوة والمرة، الأمر الذي حدث بالفعل عبر جريدة "دنيفنيك آفاز" البوسنية، والتي نشرت في آخر أعدادها ما أطلقت عليه اسم "مذكرات حليلوزيتش" الخاصة بالأسبوع الماضي، تحديدا من يوم السبت 10 نوفمبر حتى 16 من الشهر نفسه، وقد كتب المدرب الوطني بيده تلك اليوميات التي نعرضها عليكم كما نشرتها الصحيفة الصادرة في سراييفو. السّبت 10 نوفمبر ... "تدريبات، ركض وعمل في الجزائر" "استقضت كعادتي كل صباح حوالي الساعة الثامنة، وذلك هو وقت بداية العمل اليومي الروتيني بالنسبة لي، لقد ركضت ل 5 أو 6 كيلومترات وبعدها مارست التمارين في القاعة الرياضية ثم تناولت إفطاري، راجعت ذلك اليوم فيديو لإحدى مباريات منتخب البوسنة والهرسك في سبيل معاينة المنافس، ومن ثم قمت برحلة إلى مناطق داخلية في الجزائر الغرض منها معاينة بعض اللاعبين المرشحين للالتحاق بالمنتخب، وبعدها عدت إلى محل إقامتي في منتصف الليل". الأحد 11 نوفمبر ... "إلى أين يذهب بنا هذا العالم؟!" "عقدت هذا اليوم اجتماعا مع الطاقم الفني وجهازي الطبي أيضا، أردت أن أكون على إطلاع بما يجري مع اللاعبين المصابين وعددهم كثير، كان لدي المزيد من الوقت في فترة ما بعد الظهر قضيته على شبكة الانترنت أتابع ماذا يحدث في العالم، لقد طالعت الأخبار في البوسنة والهرسك، بحثت عن آخر المستجدات في كرواتيا وعرجت على فرنسا أيضا... هل توجد أخبار جديدة؟؟ فقط تفشي الفاشية، القتل والسرقة... إلى أين يذهب بنا العالم يا ترى، إلى أين هو سائر؟". الاثنين 12 نوفمبر ... "أخواي وصلا إلى الجزائر ونستعدّ كأنّنا نحضّر للمونديال" "عائلة حليلوزيتش تعزز بعضها البعض، لقد حل أخواي سالم وإينو بالجزائر، ونظرا لكوني مرتبط بالتزامات كثيرة أرسلت سائقا كي يقلهما من المطار... صحيح أن مباراتنا أمام البوسنة ودية، إلا أننا نحضر بجدية بالغة وكأننا نستعد لمباراة في كأس العالم، لقد استقبلت هذا اليوم أنباء سيئة أخرى بشأن تعدادي، فبعض اللاعبين سيغيبون رسميا عن مباراة البوسنة بعد أن كنت قد افتقدت آخرين مؤخرا، فمن سأوظف فوي أرضية الميدان؟... لقد فوجئت اليوم أيضا أن الإعلام الجزائري لم يهتم كثيرا بالمنتخب البوسني". الثّلاثاء 13 نوفمبر ... "غداء جزائري لذيذ على شرف البوسنيّين" "بدأت يومي بمعاينة مباراة اليونان والبوسنة، وكانت تلك المواجهة الرسمية الأخيرة التي تلعبها البوسنة قبل أن نواجهها، لقد ترأس إيفيكا أوسيم رئيس الإتحاد البوسني لكرة القدم وفدا صغير العدد زارنا في مركز التدريبات، وتلت تلك الزيارة مأدبة غداء ومحادثة ودية... أشكر كثيرا الجزائريين على حسن ضيافتهم، وعلى رأس قائمة الطعام المقدم لنا كان هناك طبق من لحم الضأن المشوي، على غرار ذلك الذي نعرفه في يابلانيتشا (مدينة بوسنية تعرف بلذة أطباقها)، لكن لا أستطيع تحديد مقدار لذته لأنني بالفعل لم أتناول الكثير، كوني أخذت وجبة الغذاء مع اللاعبين، لقد قضيت الليلة مع أشبالي نعاين مباريات المنتخب البوسني". الأربعاء 14 نوفمبر ... "ليلة ظلماء ومباراة كان بالإمكان إلغاؤها" "السماء صافية، الشمس دافئة والأجواء كانت جيدة في الجزائر، قلت في نفسي مع بداية اليوم أن اللقاء سيكون كبيرا، لقد كنا في طريقنا إلى الملعب عندما بدأت الأمطار تسقط، تسقط، تسقط وتسقط... لقد انفتحت السماء من فوقنا وأظلمت، حل الجو الحقيقي لذلك اليوم و31 ألف مناصر جزائري كانوا في الموعد، لقد بدوا يائسين من الجو، ربما كان بالإمكان إلغاء اللقاء لذلك السبب. اللاعبون خاضوا تجربة غير عادية وكان صعبا تخيل تنافسهم ل90 دقيقة كاملة، لقد حفظت ذاكرتي لقطات كثيرة، فخروج دزيكو ودخول سيجاد وقتها وقع الحكم الرابع في خطأ، ما عاناه الأطفال المكلفون بالكرات وابتسامات دزيكو تجاه ما حدث، لقد التقيت مع زميلي سوسيتش (مدرب البوسنة) في فندق شيراتون هذه الليلة وتبادلنا الحديث ل3 ساعات، لقد اعترف لي أنه تمادى في قصة فوزه الدائم عليّ في التنس، أذكر الأغنية الشعبية الجزائرية التي سمعتها في مقهى شيراطون، أيضا الرسالة النصية التي وصلتني من صديقي المغني البوسني خالد بيسليتش يحييني بشأن المباراة وعودتي إلى محل إقامتي حتى أتمدد على الأرض كطفل صغير". الخميس 15 نوفمبر ... "حليلوزيتش ليس باردا أو جامدا، هو نفسه الذي تعرفونه!" "لقد توقف المطر ولا أستطيع أن أصدق ذلك رغم أنني لم أنم إلا ثلاث ساعات ونصف، استيقضت في كامل نشاطي وحيويتي وتناولت وجبة الغذاء بمعية مسؤولي اتحادية كرة القدم الجزائرية، بعدها قضيت حوالي ثلاث ساعات رفقة صحفيين فرنسيين قدما خصيصا من أجلي لإجابتهما حول بعض الأسئلة... يقولون أني مختلف عن ذلك الذي عرفوه في فرنسا، بارد، منغلق وجامد في معاملاته، لا أيها السادة أنتهم مخطئون، حليلوزيتش هو نفسه، كما عهدتموه، لم يختلف منذ ولد قبل 60 عاما". الجمعة 16 نوفمبر ... "علاقات وديّة... وهذه هي مبادئي في هذا السّن" "اليوم التقيت مع بعض البوسنيين بالجزائر وهم مسؤولون في شركة "إنرجوانفست" (شركة طاقوية بوسنية تعمل في الجزائر منذ عقود)، كانت جلست علاقات ودية واجتماعية مع أبناء الوطن، مازالت تنتظرني بعض الالتزامات تتعلق بالمنتخب عليّ إنهاؤها، فأنا لا أستطيع الانتظار حتى أعود إلى بيتي في فرنسا، لقد كان أسبوعا مرهقا جدا، حلقة جديدة في سلسلة طويلة من أسابيع العمل الشاقة... مرحبا بالتوقف قليلا، أنا حاليا في العقد السابع من حياتي، وبالنسبة لي لا يجب الوقوع في الإحباط عند الفشل، فعندما نضغط على الفرامل بشكل كامل حينها ستكون النهاية".