الشركات سرّحت عمالها في منتصف النهار، المقاهي والمطاعم امتلأت، الجزائر شلّت وقت المباراة وخيبة أمل كبيرة في النهاية اختلطت حسابات الكثير من الجزائريين أمس بسبب توقيت مباراة المنتخب الوطني الأولى في “مونديال” جنوب إفريقيا أمام سلوفينيا التي برمجت في منتصف النهار ونصف.. وهو التوقيت الذي لا يساعد الجميع لاسيما أن الأمر يتعلق بيوم عمل. لذا فقد ظلّ الكثيرون يبحثون عن الحل المناسب لمشاهدة المباراة على المباشر وعدم تفويت الفرصة للاستمتاع بأول ظهور ل“الخضر” في كأس العالم بعد 24 سنة من الانتظار، والمهم أن كل شيء يهون من أجل “الخضرا” والجمهور الجزائري معروف بعشقه لكرة القدم. بعض الشركات اشتغلت نصف يوم وأخرى عملت الجمعة وأمس راحة وحسب المعلومات المتوفرة، فإن الكثير من الشركات العمومية وحتى الخاصة استجابت لطلبات عمالها بالسماح لهم بمغادرة مقرّ عملهم في منتصف النهار حتى يصلون بالمباراة، على غرار موظفي “جيزي و“نجمة” الذين استفادوا من نصف يوم راحة مدفوع الأجر، على اعتبار أن هذين المتعاملين في الهاتف النقال يدعمان وبقوة المنتخب الوطني. كما علمنا أن شركات أخرى فضّلت أن تجبر عمالها على العمل يوم السبت ليستفيدوا أمس الأحد من راحة يوم كامل، لا لشيء سوى لمشاهدة “الخضر” أمام السلوفينيين في ظروف طبيعية. أنصار نقلوا معهم شاشات التلفاز إلى مقرّ عملهم والبعض الآخر من الموظفين لم يكن محظوظا على غرار المتعاملين بصيغة التناوب ليضمنوا سير الخدمات، لكنهم لم يضيّعوا مشاهدة المباراة من خلال حمل الكثير منهم تلفاز صغير الحجم إلى مقرّ العمل وفي الوقت نفسه يضمن سير الخدمات، كما اضطر آخرون إلى حدّ تقديم طلب إجازة قبل بداية “المونديال” والركون إلى راحة وعطلة، حتى يتمتع بمتابعة مباريات كأس العالم بدون أي ضغوطات عملية وهو مرتاح البال يتابع كلّ صغيرة وكبيرة تخص المنتخب الوطني والمنتخبات الأخرى المشاركة في أكبر موعد كروي في العالم. الجزائر كلها شُلّت في توقيت اللقاء وقبل بداية المباراة في منتصف النهار ونصف بلحظات توقفت الحركة بشكل شبه تام في العاصمة وكل ولايات الوطن، فيكفي أن يقوم شخص أجنبي بجولة خفيفة في أي حيّ من أحياء المدن الجزائرية في توقيت المباراة أمام سلوفينيا لكي يتأكد بأن هناك شيئا غير عاد يثير اهتمام كل الجزائريين، حتى وإن لم يكن يعرف مسبقا أن الجزائر تواجه سلوفينيا في كأس العالم. الزغاريد تعالت والعائلات الجزائرية اجتمعت أمام الشاشة وقد اجتمعت كلّ العائلات الجزائرية في المنزل ملتفة حول جهاز التلفزيون تنتظر بداية ساعة الحسم والحقيقة، والكل يدعو اللّه أن يوفق منتخبنا ورفقاء زياني أمام سلوفينيا، كما تعالت الزغاريد من كل مكان حتى قبل بداية اللقاء ورفعت الأعلام والرايات الوطنية في البيوت والعمارات، في مشاهد ذكرتنا بالأجواء التي عرفتها الجزائر بمناسبة مواجهة المصريين في آخر محطة من تصفيات “المونديال” بأم درمان. الشاشات العملاقة، المقاهي والمطاعم... المكان المفضّل إذا كانت الأغلبية من مناصري “الخضر” فضّلوا المكوث في بيوتهم لمشاهدة المباراة، فإن البعض منهم أراد أن يعيش الحدث بكل جوارحه ووسط حماس المناصرين، وذلك بمشاهدة اللقاء من وراء الشاشات العملاقة التي نصبت في الكثير من ولايات الوطن. كما اكتظت المقاهي والمطاعم التي زُيّنت بالأبيض، الأخضر والأحمر بالمناصرين وهتف الجميع “وان، تو، ثري... فيفا لالجيري”، حتى يخيّل لك أنك في ملعب. المتعصّبون عاشوا ضغطا شديدا أما المتعصّبون للمنتخب الوطني الذين كان باديا عليهم القلق ولاحظنا الكثير منهم قبل بداية اللقاء في حالة نفسية صعبة ويشعرون بالضغط ربما أكثر من اللاعبين، لم يتمكنوا حتى من تناول وجبة الغذاء. فقد عبّر لنا عدد من المناصرين أنهم يتخوّفون من التعثر أمام سلوفينيا في وقت أن كل العرب ينتظرون منا أن نشرّفهم ونرفع رؤوسهم، في حين أكد آخرون قبل انطلاق اللقاء أنه لا بد من الفوز أمام السلوفينيين حتى نبرهن أننا نستحقّ التواجد في “المونديال”. جيل بأكمله انتظر معايشة الجزائر لأول مرّة في”المونديال” العديد من الشبان كانوا في حالة من الترقب مؤكدين على أنهم ينتظرون بشغف معايشة أول ظهور للمنتخب الوطني في كأس العالم في حياتهم، ذلك أن الجيل الحالي لم يسبق له أن عاش هذا الحدث على اعتبار أن آخر مباراة للمنتخب الوطني في “المونديال” كانت أمام إسبانيا بتاريخ 13 مارس 1986، ومنذ 24 سنة بالضبط عمر شاب لم يعرف الجيل الحالي معنى حضور الجزائر في “المونديال”، وهو ما أعطى مواجهة سلوفينيا نكهة خاصة. محلاّت الأسطوانات شهدت إقبالا كبيرا وقد شهدت محلات الأسطوانات في الأيام القلية الماضية إقبالا كبيرا على الأشرطة الأخيرة الخاصة بالمنتخب الوطني، فلا تمر عليك سيارة إلا وينبعث منها آخر الأغاني الممجدّة ل “الخضر”. وقد عرفت الأغنية الرياضية في الأشهر الأخيرة انتشارا واسعا في وسط المناصرين إلى حدّ أنها أصبحت تجارة مربحة للكثيرين لاسيما مع مشاركة المنتخب الوطني في “المونديال”. خيبة أمل شديدة في النهاية مع بداية المواجهة خيّم الصمت على كافة البيوت الجزائرية وخلت الشوارع والأحياء بشكل شبه تام من المارّة. لكن خيبة الأمل كانت شديدة جدا في نفوس الجزائريين بعدما أعلن الحكم الغواتيمالي نهاية اللقاء بخسارة المنتخب الجزائري بهدف يتيم. حيث خيّم الأسى على الجميع ليس للخسارة في حدّ ذاتها، وإنما لشعور الكل أن منتخبنا ضيّع على نفسه فرصة تحقيق التعادل على الأقل لولا سذاجة بعض اللاعبين والخطة الحذرة التي طبقها “الخضر” في المباراة الأولى في”المونديال”. تجمّعات في الشوارع وانتقادات خطة سعدان في الوقت الذي كان يحضّر الكثيرون قبل بداية اللقاء للخروج إلى الشوارع للاحتفال في حال فوز الخضر”، حدث العكس من ذلك تماما، حيث اكتفى محبو المنتخب الوطني بالتجمّع جماعات في الشوارع والمقاهي للتعليق عن النتيجة، وذهب كل واحد يعبّر عن حزنه العميق من هذه الخسارة المرّة التي لم يهضمها الكثيرون. فبالعض منهم حمّل المسؤولية لسعدان بسبب الخطة الدفاعية المطبقة أمام منافس لم يكن قويا كما كان متوقعا، وأكد الكثيرون على أن سعدان عليه أن يغيّر الخطة في الشوط الثاني بعدما لاحظ تواضع السلوفنيين في المرحلة الأولى وذلك باشراك مهاجم إضافي مكان قادير، لكنه لم يفعل ذلك وقام بتغيير منصب بمنصب (غزال مكان جبور). عدد من الأنصار حمّلوا المسؤولية إلى غزال وشاوشي أما عدد من المناصرين فرأوا أن طرد غزال كان المنعرج وحمّلوه المسؤولية في الحصول على إنذارين في مدة قصيرة من دخوله، وبطاقتين مجانيتين في منطقة المنافس كان من الممكن تفاديهما بسهولة. كما تلقى شاوشي نصيبه من النقد لخطأه الفادح في الهدف المسجّل عليه، مشيرين إلى أن الأمر يتعلق بمنافسة عالية المستوى مثل كأس العالم لا يسمح فيها أبدا بمثل هذه الأخطاء “اللّي تخلصها كاش” “ما شي سلوفينيا اللّي تربحنا” والكثيرون فقدوا الأمل في التأهل وقد اتفق الجميع في النهاية أن المهمّة في المرور إلى الدور الثاني بعد نتيجة أمس أصبحت صعبة جدا، حيث أجمعوا على أن “الخضر” ضيّعوا ثلاث نقاط كانت تبدو في متناولهم أمام سلوفينيا، لكنهم ضيّعوا حتى نقطة التعادل، وليس ذلك الفريق القوي الذي يهزمنا فما بالك بمواجهتي إنجلترا والولايات المتحدةالأمريكية. إلى حدّ أن الكثيرون فقدوا الأمل من الآن في تجاوز الدور الأول رغم أن كرة القدم ليست علوما دقيقة وقد يحدث “الخضر” المفاجأة في المبارتين المتبقيتين.