جمعنا حديث مع “إيمي جاكي“ المدرب الفرنسي المتوّج بكأس العالم عام 98 عقب مباراة الجزائر أمام إنجلترا، حيث شارك في تحليل اللقاء بمعية المدرب الجزائري بن شيخة لفائدة قناة “الجزيرة الرياضية“، وقد استغلينا الفرصة لأجل معرفة موقف هذا الفني حول حظوظ “الخضر“ عقب التعادل المحقق أمام إنجلترا، حيث قال: “ منتخب بلادكم كان قادرا على تحقيق نتيجة أفضل أمام الإنجليز الذين لم يظهروا بمستواهم، ويبقى التعادل إيجابيا بالنسبة للجزائر أمام الإنجليز لأنه لا يرهن حظوظكم في التأهل، بل الجزائر في وضعية أحسن من المنتخب الفرنسي الذي لم يبقى له إلا حزم الأمتعة بعد خسارته أمام المكسيك، لأن مصير فرنسا متعلق بنتيجة المباراة الأخيرة بين المكسيك وشيلي، لأن تعادل هذا المنتخبين سيسمح لهما بالتأهل عكس المنتخب الجزائري القادر على التأهل في حال فوزه بآخر مباراة“. “إذا لعبتم بالطريقة نفسها قادرون على صنع المفاجأة” وقد تطرّق “إيمي جاكي“ إلى المواجهة المقبلة أمام الولاياتالمتحدة، حيث قال بشأنها: “إذا لعبتم بالطريقة نفسها مع قليل من النجاعة في الهجوم أظن أنكم قادرون على صنع المفاجأة في هذه المجموعة، لأنني أعجبت بالأداء المقدّم في مباراتكم اليوم أمام إنجلترا“. واعتبر “إيمي جاكي” أن التعادل الذي حققه المنتخب الجزائري الشاب أمام إنجلترا أقلّ ما يستحقه أشبال سعدان بالنظر إلى سيرورة المباراة. “قوة منتخب الولاياتالمتحدة في الجانب البدني” وقدّم المدرب الفرنسي موقفه من المنتخب الأمريكي الذي يعدّ منافس الجزائر القادم، حيث قال: “هذا المنافس قوي وهو يعتمد على القوة البدنية وقد استطاع بفضل قوة ذهنية اللاعبين من العودة في النتيجة أمام سلوفينيا، لكن الجزائر تملك الحظوظ للفوز بهذه المباراة وتحقيق تأهلا مستحقا إلى الدور القادم“. واعترف المدرب الفرنسي “جاكي“ بمستوى “الخضر“ مقارنة بمنتخب بلاده الذي لم يقنع في هذه الدورة، ردّا على كتابات بعض الصحف الفرنسية التي استهزأت بالمنتخب الجزائري”. ليشهد عليهم شاهد من أهلها. ---------- إيمي جاكي: “لو كان اللاعبون الجزائريون أدقّ في الكرات الثابتة لتمكنوا من التغلّب على إنجلترا بسهولة” “إيمي جاكي“، البطل العالمي مع المنتخب الفرنسي في مونديال 1998، حاليا يعمل محللا في قناة “كانال +” الفرنسية، وقد وافق على أن يقدم لنا تحليلا مفصلا لمواجهة الجزائرإنجلترا بعد أن أرسلنا له رسالة قصيرة عبر الهاتف، حيث قدّم موافقته وأجاب برسالة قصيرة أخرى: “حسنا، في الحال”، وهذا هو تحليله للمباراة... في البداية سيد “جاكي“، ما هي نظرتك فيما يخص مباراة الجزائر و إنجلترا؟ لقد شاهدنا مباراة جميلة وقوية جدا، لكن الجزائريون أعجبوني كثيرا خلال مجريات اللقاء، منتخب بلادكم نال إعجاب الجميع وليس أنا فقط، وهذا بالنظر إلى الأداء الذي ظهر به، لقد حضرنا مباراة كان فيها المنتخب الجزائري يلعب متحرّرا غير مبال تماما بقوة المنتخب الإنجليزي، رغم أن هذا الأخير يعتبر من بين المنتخبات المرشّحة لنيل اللقب العالمي. حسب رأيك، هل تظنّ أن الجزائر تستحق هذا التعادل؟ نعم بطبيعة الحال، وبإسهاب أيضا، لقد سبق أن قلت إن المنتخب الجزائري أبهرني وفاجأني بالمستوى المشرّف الذي ظهر به أمام إنجلترا، حتى الإنجليز فاجؤوني أيضا، لأنهم عجزوا على أن يقوموا بردّ فعل. الإستراتيجية التي انتهجها المنتخب الجزائري أزعجت كثيرا المنتخب الإنجليزي ولم تسمح له بتطبيق طريقته في اللعب. إذن المدرب سعدان كانت له الكلمة الأخيرة في هذه المواجهة أمام “كابيلو“، أليس كذلك؟ أسمعوني جيدا ! المدرب سعدان يعرف جيدا عمله، لقد انتهج إستراتيجية في اللعب أعاقت حركة المنتخب الإنجليزي، لاعبو هذا الأخير لم يلعبوا مثلما يحلو لهم، وخطة سعدان هي التي تفوّقت في النهاية. لكن الجزائريين لم يحاولوا إختراق دفاع الإنجليز، البعض يرى أنه لو غامر سعدان في الهجوم قليلا، لكانت الجزائر فازت على إنجلترا، هل تشاطر هذا الرأي؟ في كرة القدم، يجب أن نكون منطقيين ونعمل بطريقة مباشرة، الجزائر لعبت جيدا، نعم اللاعبون أدّوا المردود الذي كان يجب أن يؤدّوه، ولكن لم يجرؤوا كثيرا، بعبارة أخرى، الجزائريون لم يخلقوا فرص تهديف حقيقية، إضافة إلى ذلك فقد كانت تنقصهم الدقة في الكرات الثابتة، أظن أنه لو كانت هناك بعض الدقة في مثل هذا التمرين، لتمكنتم من الفوز بالمباراة والتغلب على إنجلترا، خاصة أن الكرات الثابتة تعدّ نقطة قوة المنتخب الجزائري. البعض يرى أن عدم الاعتماد على قلب هجوم صريح أعاق كثيرا “الخضر”، ولو في المرحلة الثانية من المقابلة، ما رأيك؟ لا يمكن تغيير لاعب هكذا فقط، يجب فهم ذلك جيدا، إضافة إلى ذلك، الجزائر ليست البرازيل، وسعدان اختار الطريقة التي رآها مناسبة، وقد كان على حق في النهاية، لأنه لم يُهزم أمام منتخب كبير مثل إنجلترا، لقد عرف كيف يظفر بنقطة ثمينة، كما أن المنتخب الجزائر لعب بطريقة جيدة وقدّم مردودا رائعا، اللاعبون كانوا خطيرين، وكان بوسعهم التسجيل في أي لحظة. لكن أظن أن عدم كسب الجزائر لمهاجم قوي معروف في الساحة العالمية أعاقها كثيرا، إنها خسارة كبيرة، لكن ضيّعتم الفرصة لأن اللاعبين لم يكونوا دقيقين في الكرات الثابتة. أنا متأكد أنه لو كانوا أكثر دقة لأصبح الآن بحوزتكم ثلاث نقاط لا نقطة واحدة. ما الذي أعجبك أكثر في المنتخب الجزائري خلال هذه المواجهة؟ أرى أن المدرب سعدان مدرب يعرف عمله كما ينبغي، لأنه اقتنع بأنه إذا أراد الجزائريون تحقيق نتيجة إيجابية عليهم أن يطبّقوا طريقة لعبهم الخاصة بهم، ذلك الذي يعتمد على التمريرات القصيرة، الحيوية والسرعة، حتى أن الإنجليز كانوا تائهين فوق الميدان، طريقة لعب المنتخب الجزائري تعتمد منذ زمن قديم على التمريرات القصيرة، الفنيات الفردية والسرعة في التنفيذ. في النهاية هذه الطريقة كانت ناجعة... نعم، لكن أنا شخصيا لا آخذ أبدا طريقة اللعب بعين الاعتبار، في كرة القدم، الأهم من كلّ شيء هو الحيوية أو النشاط في اللعب، كانت هناك حيوية كبيرة لدى اللاعبين الجزائريين، الأمر الذي أعاق نوعا ما تحرّكات المنتخب الإنجليزي. هل بإمكانك أن تكون أكثر وضوحا؟ نعم، دون أي مشكل، أنا هنا معكم لهذا الشيء، قلت إنه كانت هناك حيوية كبيرة من جهة الجزائر. أولا، ثلاثة مدافعين محوريين كانوا ممتازين سواء على مستوى العمل الدفاعي أو حتى في بناء اللعب، كان هناك أيضا بلحاج وقادير (وجد صعوبة في نطق أسمائهما) اللذان أدّيا عملا كبيرا في الجهة التي كانا يلعبان فيها، لقد عرفا كيف يخلقان التوازن، إضافة إلى أنهما خلقا المشاكل للإنجليز عن طريق توغلاتهما على الجانبين، مطمور هو أيضا كان رائعا وبذل مجهوده ليقلق دفاع منتخب إنجلترا وفعل المستحيل ليكون حاضرا في كل الكرات، لكن كان هناك ثنائي أدّى دورا كبيرا في المباراة. تريد القول دون شك يبدة ولحسن، أليس كذلك؟ نعم بالطبع، لقد تعرّفت عليهما بمفردك، هذا الثنائي أدّى مقابلة كبيرة، لقد استرجع عددا كبيرا من الكرات، كما ساهم كثيرا في تقديمها إلى اللاعبين وجعل اللعب متزنا ومستقرّا، لقد قام فعلا بدور كبير في وسط الميدان وجعل اللعب يكون متوازنا. ألا تظن أن زياني كان يوقف بعض هجمات “الخضر“ عندما كان يحتفظ بالكرة أكثر من اللزوم؟ بعض الشيء، نعم، لكن هو هكذا، هذه هي طريقته في اللعب، ويجب تقبله بهذا الشكل، في بعض الأحيان، زياني بإمكانه أن يصنع الفارق عندما يحتفظ بالكرة، بصراحة طريقة لعبه تعجبني كثيرا، أمام إنجلترا أدّى مباراة جيدة، وأظن أنه لم يكن سيّئا، لقد كان يركض من أجل الحصول على الكرة لتقديمها إلى زملائه، لكن بالمقابل لم تتمكنوا من تسجيل أي هدف. بعد أن تابعت مواجهتي الجزائر باهتمام، هل تظن أن المنتخب الجزائري قادر على تحقيق التأهل إلى الدور الثاني؟ نعم، ولم لا! الجزائر قادرة على المرور إلى الدور الثاني، الآن يجب التغلب على الولاياتالمتحدةالأمريكية في المقابلة القادمة، قدركم بين أيديكم الآن، هذا الفريق تعلّم عدة أمور وفي وقت قصير جدا، وهذا أمر مشجّع للغاية. كيف ترى هذه المواجهة؟ هذه المقابلة أمام منتخب الولاياتالمتحدة ستكون في غاية الصعوبة بالنسبة للمنتخبين، الفريقان سيلعبان لافتكاك تأشيرة التأهل إلى الدور الثاني، وستلعب على جزئيات صغيرة. أرى أن عامل الاسترجاع سيكون ذا أهمية كبيرة في هذا اللقاء. لاعبو المنتخب الجزائري بذلوا مجهودات كبيرة أمام منتخب إنجلترا، ويجب عليهم أن يسترجعوا أنفاسهم ويستعيدوا كامل لياقتهم البدنية، خاصة أن نقطة قوة المنتخب الأمريكي هي القوة البدنية، إنهم أقوياء بدنيا، ويجب الحذر منهم. وهناك أمر آخر يجعل المباراة أكثر صعوبة. ما هو؟ الآن لن يكون هناك منتخب يمكنه أن يقلّل من قيمة المنتخب الجزائري ويحتقره، وهذا بعد مباراة إنجلترا، لاعبو منتخب الولاياتالمتحدة سيأخذون المباراة أمام الجزائر بكل جدية، وهذا سيكون صعبا عليكم، لأنه إذا لم ينقصوا من قيمة الجزائر، فإن كلّ المنتخبات ستأخذ الجزائر بكل جدية، لكن يجب استغلال هذه الفرصة بالمقابل وتكون الجزائر أكثر فعالية في الهجوم، لأنكم ستحصلون هذه المرّة على الفرص. الآن الجميع نادم على تضييع مباراة سلوفينيا بعد خطأي غزال وشاوشي... يجب التفكير الآن في مباراة الولاياتالمتحدةالأمريكية، أما فيما يخص غزّال، فأرى أن أي لاعب بإمكانه أن يُطرد من مباراة بهذا الطريقة، لا يجب تضخيم الأمور كثيرا، لدينا مثال حيّ لمهاجم كبير طُرد من المباراة وفريقه هزم بهدف دون رد، ويتعلق الأمر باللاعب الألماني ميروسلاف كلوز، لم يتعمد ارتكاب ذلك الخطأ، أظن أنه في حياة لاعب كرة قدم يجب دفع الثمن مقابل التعلم وحفظ الدرس، هذا فيما يخص غزال، أما بخصوص شاوشي فذلك الخطأ يمكن أن يحدث أيضا لأيّ حارس. لكن هذا الهدف هو الذي يمكن أن يقصي الجزائر، ما رأيك؟ نعم، لكن مثل هذه الأمور يمكن أن تحدث، كل اللاعبين بإمكانهم ارتكاب الأخطاء، لكن الجميع بإمكانه رؤية الأخطاء التي يرتكبها حراس المرمى فقط، لأنها دائما تنتهي بتلقي هدف.