بعد أن تولى المدرب دييغو أرماندو مارادونا زمام العارضة الفنية لمنتخب الأرجنتيني، استهل كلامه قائلا:”سيكون في المنتخب الأرجنتيني ماسكيرانو ومعه عشرة لاعبين”، وهو كلام يدلّ على كل شيء، بما أن شارة القائد نُزعت من خافيير زانيتي ليمنحها مارادونا ل ماسكيرانو، بالنظر إلى قوته الذهنية ونضجه الكبير، وهما ميزتان جعلتا المدرب الأسبق ماسيلو بييلسا يستدعيه وهو الذي لم يبلغ 19 ربيعا، كما أن إمكاناته لم تكن لتخفى على النادي الكاتالاني برشلونة، ومن بعدها الإنتير والعديد من الأندية الأوروبية الأخرى التي رشحته ليكتسب خبرة كبيرة. وفي أحد تصريحاته قال ماسكيرانو:”ما يهمني حاليا هو منتخب الأرجنتين والذي أريد أن أؤدّي معه مشوارا قويا في كأس العالم”. كما تحدّث في هذا الحوار الحصري مع “الهداف” عن الجزائر التي لم يفاجئه أداؤها أمام انجلترا على حدّ تعبيره، بما أنه عانى الويلات أمام التشكيلة نفسها منذ ثلاث سنوات لمّا واجهها رفقة منتخب بلاده في “كامب نو”... نفضّل في البداية أن نبدأ حوارنا بمنتخب الأرجنتين، بعد تأهل صعب إلى المونديال، هل يمكن القول إنكم وجدتم معالمكم الآن في “بريتوريا“؟ نحن في أفضل أحوالنا في جنوب إفريقيا، وقضاء أيام عديدة مع بعضنا البعض منحنا قوة إضافية وتلاحمنا فيما بيننا بشكل كبير، كما أن هذا الأمر سمح للمدرب بأن يقوم بعمله على أكمل وجه، بما أن الأيام الثلاثة التي كانت تسبق المباريات التصفوية كانت قليلة ولم تجعله يطبّق برنامجه على أكمل وجه. جميعنا يعلم أن حمل القميص الوطني يجعلك تشعر بإحساس قوي، لكن بالمقابل هي مسؤولية كبيرة، ولكننا سنتحملها لنشرّفها على أكمل وجه. هل كنت قلقا من مردود الأرجنتين خلال الإقصائيات؟ وهل يمكن القول إن الأمور تغيّرت الآن مع بداية دورة جنوب إفريقيا؟ كل المتتبعين يعرفون جيدا أن الوجه الذي أبنّا عنه في الإقصائيات ليس هو وجهنا الحقيقي، فمنتخب الأرجنتين أحسن بكثير من التي تشاهدونها حتى في نهائيات المونديال، برهنا على ذلك إلى حد الآن، لكن سنواصل المشوار في هدوء لننهي الدورة بقوة كبيرة ولم لا التتويج بالكأس. هل أنتم بصدد ردّ جميل أنصار منتخب بلادكم الذين عانوا الأمّرين في الإقصائيات؟ أعلم أن كل آمال أنصارنا معلّقة علينا، لكن نريد أن نبقى محافظين على برودة أعصابنا، وهذا حتى نبتعد عن كل ضغط، وعليهم أن يعرفوا أننا نفضّل الحديث على الميدان للوصول إلى هدفنا ونسعدهم في نهاية المطاف. هل تعتقد أن وجود لاعب مثل ميسي يجعل منتخب الأرجنتين أحد المرشّحين للتتويج باللقب العالمي؟ من النادر أن ترى لاعبا مثل ميسي في فريقك، وحضوره على أرضية الميدان يمنح الأمان للجميع، كما أن ليونيل بحاجة إلى الدعم من طرفنا ليقدّم أفضل عروضه، لأننا لن نقدّم له الكرة ونطلب منه أن يراوغ كل الفريق المنافس. هل فاجأك مستوى “ميسي“ في بداية هذه الدورة؟ ليونيل لم يفاجئني بمستواه لأني أعرفه منذ خمس أو ستّ سنوات في المنتخب الأرجنتيني، وأنا متعوّد على رؤية العجائب التي يقوم بها على أرضية الميدان، وفي السنوات الأخيرة تطوّر كثيرا، ليس كلاعب كرة قدم فقط بل حتى كإنسان، وكلنا سعداء للمستوى الذي يُظهره في بداية كأس العالم، لأن مردود المنتخب متوقف عليه. قبل السفر إلى جنوب إفريقيا، حصل هناك اصطدام بينك وبين ميسي، الذي بقي بعض الدقائق على أرضية الميدان، هل انتابك خوف على مستقبل الأرجنتين؟ كنت متخوفا أكثر على ليونيل، فهذه الأشياء تحصل كثيرا في التدريبات لأن الأمر يتعلق برياضة اسمها كرة القدم ولا يمكن تجنّبها، عندما شاهدت ميسي ملقى على الأرض، طلبت منه إن كان بخير، ولمّا أجابني بابتسامة عريضة قائلا:”إنه تدخل خفيف ولا يدعو للقلق ومثل هذه الأمور تحدث في كرة القدم”، تنفّست الصعداء وارتحت كثيرا. يمكن اعتبار ميسي إذن اللاعب الأهم في المنتخب الأرجنتيني؟ بحكم تجربتي أقول إن المنتخب الأرجنتيني يملك 23 لاعبا كلهم يستحقون مكانة أساسية، كما أن في منافسة من حجم المونديال تحتاج إلى كل لاعبيك، فالذين نعتبرهم غير مهمين يستطيعون في أي لحظة من لحظات المواجهة أن يغيّروا وجه المباراة، والمهم هو أن يكون الجميع على أهبة الاستعداد. أنا لا أقول إن ميسي ليس قطعة أساسية في منتخبنا، لكن يجب أن نعمل سويا حتى يكون في أوجّ مستواه ونساعده، وكما صرحت به سابقا، فقد وجدت في ميسي لاعبا ناضجا، ويعرف كيف يسير الضغط، فهو يلعب في ناد كبير يحتم عليه أن يكون دائما في أوجّ مستواه، أتمنى فقط أن يحافظ على الهدوء الذي يتميز به مع “البارصا“.. ليو لاعب رائع، ومن يدفع لمشاهدته لا يندم إطلاقا على فعل ذلك. كم من مرة تحلم أنك سترفع كأس العالم في 12 جويلية القادم؟ لأكون صريحا معكم، لم أحلم إطلاقا برفع الكأس لأنها ليست حلما بالنسبة لي، لأنه هدف نريد تحقيقه، وكلّ أفراد عائلتي بالإضافة إلى أصدقائي يرون أنه من الرائع أن أختم منافسة كأس العالم بالتتويج يوم 12 جويلية القادم، وأنا أتفهمهم كثيرا، ومن جهتي لا أرغب إطلاقا في أن أفرض ضغطا زائدا على نفسي، وأريد أن أعيش المغامرة بأدقّ تفاصيلها، وألعب اللقاءات كلها لقاء بلقاء إلى غاية 12 جويلية القادم، ومن طبعي لا أتكلم عن أي لقاء قبل الآخر. خلافا للدورة السابقة في ألمانيا، هل تشعر أنك قادر على تحمّل مسؤوليتك كقائد للفريق؟ من الجانب الجماعي، لا يوجد أي اختلاف في تحضيرنا لكأس العالم السابقة مع الحالية، أما من الجانب الشخصي، هناك فرق شاسع جدا، في 2006 تنقلت إلى ألمانيا بمستوى منخفض لأني شفيت لتوّي من إصابة دامت سبعة أشهر، على عكس هذا الموسم أين لعبت العديد من اللقاءات، وحطمت الرقم القياسي في عدد اللقاءات التي لعبتها في المواسم الأخرى. وهذا هو الفرق بين الفترة الحالية وتلك الفارطة، وأشعر بتحسّن كبير مقارنة ب 2006، صحيح أني أشعر براحة كبيرة بدنيا، لكن أعرف أن هناك مسؤوليات في هذه المجموعة، ليس باعتباري قائدا للفريق لكن بالنظر إلى قِدمي في التشكيلة. هل ترى أن رسالة مارادونا ستمرّ بشكل طبيعي؟ لدينا لاعبون أصحاب خبرة وأذكياء لاستيعاب الرسالة التي وجّهها المدرب بطريقة جيدة وسريعة أيضا. هل ترى أن غياب المباريات الودية سيكون عائقا؟ قبل مونديال ألمانيا في 2006، لعبنا مباراة ودية واحدة فقط أمام أنغولا، لنبرمج بعدها مباراة ثانية ولكن مع فئة أقلّ من 20 سنة للمنتخب الأرجنتيني، ورغم ذلك إلا أننا وصلنا “المونديال” في أحسن لياقة، صحيح أنه يوجد منتخبات لعبت أكثر من خمس مباريات ودية، ولكنهم وصلوا المونديال مرهقين بعض الشيء.. مارادونا يدرك جيدا ومقتنع أن العمل الأساسي يجرى في الحصص التدريبية، ولا توجد أهمية للعب 20 مباراة ودية لتكون جاهزا لنهائيات كأس العالم، بل يجب الاستفادة من كل مباراة ودية للتحسّن في الأداء الجماعي والفردي لكل لاعب، كما أن التمرّن أكثر يسمح بكسب الانسجام في المجموعة، ويجعل في مقابلها “ميسي” ينسجم أكثر مع الفريق ويقدّم أفضل ما لديه من إمكانات. صحيح أننا لعبنا لقاءين وديين فقط في فترة التحضيرات، ولكنهما سمحا لنا بتحقيق فوزين على التوالي مع بداية “المونديال”. حاليا يجب التركيز على تحسين طريقة اللعب لأنه كلما نتقدّم في المنافسة كلما تزداد صعوبة اللقاءات. (الحوار أجري قبل مباراة الأرجنتين- اليونان). هل يعرف “دييغو” كيف يرفع معنويات لاعبيه؟ “دييغو” كان لاعبا فريدا من نوعه وهو أيضا مدرب فريد من نوعه، فلديه طريقة خاصة للتعبير عن أحاسيسه وما يريد قوله، ولا يعرف أيضا إخفاء ما يشعر به، فإذا كان يريد أن يصافحنا أو يسلم علينا، فهو يفعل ذلك أمام الكاميرات ويشاهدنا العالم كله، فهو في الحالة الطبيعية يكون بهذا الشكل، فكيف تريده أن يغيّر من طبيعته مع اللاعبين الذين يعتبرهم شخصيا مثل إخوته؟ بكل صراحة، هل أنت تتمتع بطريقة لعب الأرجنتين مع مارادونا؟ ليس لدي ما أقول في هذا الشأن لأنني دائما أكون فوق الميدان، واعتقد أن الأنصار هم من يملكون الشعور الذي تتحدّث عنه، لأنهم هم من يتابعون طريقة لعب الفريق ويرون الفارق أيضا، ولكن حينما تضع عددا كبيرا من المهاجمين (الأرجنتين تلعب بثلاثة مهاجمين وهم: هيغوان، تيفاز وميسي)، يعني أنك تريد أن تقدّم فرجة في اللقاءات التي تلعبها، كما يجب أن نكون في نفس الوقت حريصين من الهجمات المرتدة التي يقوم بها منافسونا. تعرفون جيدا أننا في نهائيات كأس العالم وأي منتخب يكون له “تكتيك” مميّز قادر على أن يخلق لنا متاعب ومشاكل، بدليل حدوث العديد من المفاجآت في بداية المونديال. كرة القدم أصبحت تحديات تكتيكية، ومن يعرف كيف يسيطر على المساحات يملك حظوظا كبيرة في الفوز. ما هي المفاجآت الكبيرة في هذا المونديال؟ لدينا مثلا مفاجأتان لحد الآن، فوز سويسرا على إسبانيا، وتعادل الجزائر مع إنجلترا الجزائر تذكرك بشيء ما، أليس كذلك؟ تتحدّث عن نتيجة 4-3 في “كامب نو”. هذا ما أقصده... نعم أتذكرها جيدا، فقد كان اللقاء التحضيري الأخير الذي أجريناه قبل مباشرتنا منافسة “كوبا أمريكا” 2007، في البداية عدد كبير من المتتبعين انتقدوا اختيار المنافس، ولكن في النهاية اعترف الجميع أن اختيار الجزائر يعتبر أحسن منافس واجهناه لما يتمتع به من مهارات وطريقة لعب، كما لا ننسى أنه يملك سلاحا قويا يتمثل في الكرات الثابتة التي استعملها واستغلها في الشوط الأول، بل أنهاه لصالحه بنتيجة (2-1)، والهدفان جاءا من كرات ثابتة. فهذا اللقاء سمح لنا تصليح أخطاء كثيرة كنا نغفلها قبل مشاركتنا في “كوبا أمريكا”، ولهذا أعتبره لقاء هاما وجيدا بالنسبة لنا. ما رأيك في مشوار المنتخب الجزائري في كأس العالم؟ حينما ضيّعت الجزائر مباراتها الأولى أمام سلوفينيا، اعتقدت أنها ستخسر دون شك أمام إنجلترا.. تعرفون جيدا حينما تدخل المنافسة بشكل سيّء، خاصة لما ترى أن اللقاء القادم الذي ينتظرك سيكون أمام منتخب قوي وكبير ويعتبر من بين أقوى الفرق في المونديال، وهو المنتخب الإنجليزي، ولكن في النهاية الجزائريون عرفوا كيف ينتفضون ويقدّمون مباراة اعتبرها ممتازة من الناحية الدفاعية. كما اعتقد هنا أن الإنجليز لم يحسبوها جيدا مع الجزائر ولم يأخذوا اللقاء بمحمل الجدّ، وهذا كان خطؤهم لأنهم لم يقيّموا الجزائر بشكل جيّد ولم يعيروا اهتماما لمنتخب نجح في الوصول إلى الدور نصف النهائي من كأس أفريقيا. هل ترى أن الجزائر تستحقّ أن تكون من بين أفضل 32 منتخبا في العالم؟ إذا ما كانت قد تأهلت إلى كأس العالم فهذا يعني بشكل أكيد أنها من بين أحسن المنتخبات، ففي كرة القدم الحالية، لا يوجد هناك هدايا بل لا يمكننا أن نتأسف أو نبكي على تضييعنا لفرصة أخذ مكانة في أكبر منافسة في العالم وهي “المونديال”، المنافسة الأكثر تنافسا واهتماما من كل الفرق في العالم. الجزائر وجدت مكانتها في كأس العالم، وهي بذلك تعني أنها تملك منتخبا قويا ولاعبين أصحاب مهارات فنية كبيرة. هل تعرف البعض منهم؟ بطبيعة الحال، أعرف لاعبي نادي “بورتسموث” يبدة وبلحاج اللذين التقيتهما في “البريمر ليغ” – بطولة الدرجة الأولى الإنجليزية- وهما يستحقان اللعب في أندية كبيرة ليقدّما أفضل وأحسن ما لديهما من مهارات فنية وبدنية كبيرة، وهنا أخصّ بلحاج الذي يتمتع بنزعة هجومية ويملك قدما يسارية رائعة، في “كاب نو” بإسبانيا كان وراء كامل الأهداف التي سجلتها الجزائر، وفي كل مرّة يصعد إلى الهجوم إلا ويكون هناك خطر. هل بإمكان الجزائر التأهل إلى الدور الثاني؟ أكيد، بالمردود الذي قدّمته أمام إنجلترا، فهي تملك كامل الحظوظ للتأهل إلى الدور الثاني، وهي بذلك مطالبة بمواصلة رفع التحدّي بالشكل الذي عودتنا به ويعرفه اللاعبون جيّدا.