كيف هي أحوالك سيد ڤيرو؟ على أحسن ما يرام، خاصة أننا عشنا ضوضاء حقيقية أثناء كأس العالم الحقيقية، وأنا اليوم بعيد كل البعد عن الميادين وأحاول قدر المستطاع أن أسترجع أنفاسي. تعلمون جيدا أني لم أعد قادرا على تحمّل سفريات مثل تلك التي قادتني إلى جنوب إفريقيا، لكني فعلت ذلك لأن كرة القدم جزء من حياتي. هذا لا يمنع من أن نطرح عليك بعض الأسئلة.. لا يوجد أيّ مشكل، لكن حاولوا أن تكونوا مختصرين من فضلكم. “المونديال“ انتهى الآن، ما هي قراءتك لدورة جنوب إفريقيا مقارنة بالدورات الأخيرة؟ قبل كلّ شيء أرى أن كل شيء كان محضّرا لإنجاح هذا العرس الكبير والذي احتضنته القارة السمراء لأول مرة في تاريخها. فبخلاف الطبعات السابقة، فقد اكتشف العالم ثقافة أخرى، توجهات اجتماعية أخرى، وعادات لا يمكن أن تجدها إلا في إفريقيا، وهذا ما يجعلني أقول إن دورة جنوب إفريقيا عبّرت بحقّ عن شيء اسمه كأس العالم. ما هو تقييمك الفني للدورة؟ المباريات التي كنت مكلّفا بتحليلها برهنت على أن كرة القدم الحالية بدأت تٌحدث القطيعة مع كرة القدم التي تعتمد على المهارات الفنية وهذا للأسف الشديد، شاهدنا منتخبات همّها الوحيد هو الحسابات، بدءا بالمدربين نهاية إلى آخر لاعب، وهذا شيء جعلنا نشاهد مباريات مُغلقة. لكن الأمور تغيّرت مع بداية مباريات الدور الثاني لأن كل فريق يرفض اللعب يدفع الثمن غاليا وهو ما كان يعيه كل مدرب. حسب رأيك، فإن منتخبات مثل الجزائر دفعت ثمن حساباتها الكثيرة عندما أقصيت من الدور الأول؟ في الحقيقة لا يمكنني إصدار حكم عن الجزائر لأني لم أشاهدها بالشكل الكافي، ولكن ما يمكنني قوله هو أن أصداء طيّبة وصلتني عن أداء لاعبيكم وخاصة أمام إنجلترا، ولهذا لا يمكنني أن أقول إن كان لاعبو منتخبكم سقطوا في فخ الحسابات، وما يجب الإشارة إليه هو أنه من الضروري أن لا نجرّم الجزائر لأنها أقصيت من الدور الأول. هل يمكن اعتبار النتيجة المحققة أمام إنجلترا مثلا الشجرة التي تغطي الغابة؟ اسمعوني جيدا! عندما تصمد أمام منتخب قوي والجميع يرشّحه للتتويج باللقب، بل وتنجح في إدخال الشك إلى لاعبيه فهذا يعني أنك كنت قادرا على ما هو أفضل ولم لا الوصول إلى أبعد نقطة ممكنة، وما أعلمه أن المشكل في كل هذا هو غياب الفعالية في الهجوم على حدّ علمي، وهذا ما تسبّب بنسبة كبيرة في خروج الجزائر من الدور الأول، لأن المنتخبات التي كانت معها لا تفوقها في شيء. ما هي الخطوات التي يجب أن يتبعها المسؤولون في الجزائر للحفاظ على هذه الوتيرة التي يسير عليها المنتخب الوطني؟ هي الاستمرارية في العمل ولا شيء سوى ذلك، فمنتخب بلادكم يملك لاعبين أعرفهما جيدا وهما يبدة وجبور، هما جواهر حقيقية، صحيح أن جبور لم يكن في أعزّ أيامه، لكن يجب أن تتأكدوا بأنه موهوب جدا، ونفس الكلام ينطبق على يبدة، الذي أثبت مستواه العالي وأكّد كلّ الكلام الجيد الذي قيل بخصوصه منذ فترة طويلة. من هم اللاعبون الذين تعرفهم أيضا ولفتوا انتباهك؟ شاهدت بلحاج وبودبوز في آخر مباراة ودية قبيل بداية المونديال (مباراة الإمارات الودية)، وصدقوني أني اكتشفت أنهما بحاجة إلى الرعاية والاهتمام فقط وسيبهران رفقة يبدة وجبور وبعض لاعبيكم الشبان العالم في أقرب فرصة ممكنة. ما يجعلني واثقا جدا أن المستقبل سيكون في صالح المنتخب الجزائري، وسيأتي يوم تتذكرون فيه كلامي جيدا. لكن ألا تعتقد أن التحاق بلحاج بالدوري القطري، وهو ما يصنع الحدث حاليا، قد يؤثر على مستواه؟ أنا أسمع هذا الكلام لأول مرّة من طرفكم، ولكن ما يجب الإشارة إليه هو أن كرة القدم تخلت عن جانبها الاستعراضي والإبداعي الذي غاب كليا عن الميادين في السنوات الأخيرة، وأصبحت تجارة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ. بلحاج يريد تأمين مستقبله المادي، ولهذا نظر إلى العرض القطري أنه فرصة للربح، وهو حرّ في قراره، وأي لاعب مكانه كان سيقوم بنفس الشيء لأن الأمر يتعلق بمستقبل. لكن ألا ترى أن بلحاج اتخذ قرارا قد يؤثر على مستواه الفني وينعكس ذلك سلبا على أدائه مع المنتخب الجزائري؟ لا أعتقد ذلك وسأقول لكم لماذا: كرة القدم في الخليج تتطوّر تطوّرا سريعا، وعلى هذا الأساس فأنا متيقن أن مستوى بلحاج سيبقى كما هو ولا عذر له إطلاقا، لأن الأندية الخليجية أصبحت تملك هياكل ومرافق رياضية ربما لا تتوفر حتى في أوروبا، والدوريات هناك وخاصة القطري الذي أصبح وجهة العديد من اللاعبين الكبار، ولهذا لا عذر أمام بلحاج إذا انخفض مستواه.. صحيح أن الأندية هناك لا تتوفر على قواعد جماهيرية كبيرة، لكن وسائل العمل متوفرة، ومن يدري ربما بمقدور بلحاج أن يرفع مستواه بالشكل الذي يسمح له بالعودة إلى أوروبا من أوسع الأبواب. لنعد إلى المنتخب الجزائري، صرحت في وقت سابق على أن الجزائر مطالبة بالبحث فقط عن لاعب مثل زيدان لأنها ستجده، وهو التصريح الذي أثلج صدر كل الجزائريين، هل ما زلت عند كلامك؟ لو لم أكن أقصد ذلك فعلا لما قلته، وأنا أعي جيدا أن العديد من المواهب الجزائرية مختفية، ليس في فرنسا فقط بل حتى في أبعد نقطة في بلادكم الذي أحترمه، والكرة الآن في مرمى مسؤوليكم لينقّبوا عنها، ولا يساورني أدنى شك في أن الجزائر بلد كرة القدم، وبإمكانها تقديم المزيد من الأسماء التي بمقدورها فعل الكثير، والدليل على ذلك أسماء اللاعبين الذين سبق لي أن ذكرتهم آنفا. نتمنى في الأخير أن لا نكون قد أطلنا عليك، ماذا تريد أن تضيف؟ لا يوجد أيّ مشكل وأشكركم على اتصالكم، وأتمنى من صميم قلبي أن يكون منتخبكم قد استفاد من مشاركته في “المونديال“، لأن هذا الأمر سيعود عليه بالفائدة لو تعامل لاعبوكم ومسيّرو منتخبكم معها بالشكل الإيجابي. وفي كل هذا تبقى المواصلة في العمل هي السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف، ومع تصليح بعض الأمور سيكون بمقدور الجزائريين أن يعتمدوا على لاعبيهم في كل المواعيد.