منير زغدود أجل، سمعت أن الاتحاد يريدني مناجيرا عاما الموسم المقبل أخشى قلة المنافسة لدى أغلبية لاعبي الخضر، والمفاجأة في المونديال واردة بعد أزيد من خمس وعشرين سنة قضاها في الملاعب، قرر المدافع الدولي السابق لإتحاد العاصمة منير زغدود الاعتزال وترك مكانه للشبان، وهو الذي اقتنع بأن الظرف لم يعد مواتيا له لمواصلة النشاط، سيما وأن المحيط الكروي في بلادنا ازداد تعفنا في السنوات الأخيرة والأفضل- كما قال - لمن يريدون الخروج من الباب الواسع سوى الهروب وترك المجال حفاظا على سمعتهم، وهو ما فعله ضيفنا منير زغدود ينوي اقتحام مجال التدريب من بابه الواسع بعد الحصول على شهادة الدرجة الأولى. يعود في هذا اللقاء للحديث عن دوافع تعليق الحذاء وعن مشاريعه المستقبلة وحنينه الدائم للإتحاد وطبعا عن المنتخب الوطني ووصول الخضر للمونديال. * العشرية السوداء سبب إخفاق جيلنا.. ولا يوجد أفضل من جيل بلومي، ماجر وزيدان. * منير، كيف هي الأحوال؟ * الحمد لله، كل شيء يسير على ما يرام، أنا في راحة تامة بعد اعتزالي الملاعب رسميا بعد نهاية الموسم الفارط، لقد فضلت التراجع قليلا إلى الوراء حتى استرجع أنفاسي بعد عشرين سنة تقريبا مع الأكابر، تعلم جيدا أنني لم أكن لأتوقف عن الممارسة لولا تلك المشاكل التي حدثت لي في شبيبة بجاية بعد نهاية مرحلة الذهاب. في تلك الفترة، كنت على اتصال مع عدة فرق لكني رفضت الإمضاء وفضلت الانسحاب بشرف، لأن شخصيتي وسمعتي لا تسمحان لي بالبقاء ومواصلة اللعب، فقد قلت يومها إنه حان الوقت للتفكير بجدية في مستقبلي ما بعد كرة القدم، طالما أن الظروف لذلك لا زالت موجودة. وكلاعب سابق صاحب تجربة، أظن أنه من واجبي تجريب حظي ووضع معارفي في خدمتي وفي خدمة الكرة، ولو أنجح سأكون أسعد الناس ولو يعاكسني الحظ، الأفضل أن أبحث عن الخبزة في مجالات أخرى. * * إذن ستشرع في العمل عما قريب؟ * لا، أولا يجب أن أباشر التربص الخاص بنيل شهادة الدرجة الأولى، ولما يتحقق لي ذلك، سأبدأ العمل الميداني تدريجيا، وتعلم جيدا أن البداية صعبة ولا يمكن من اليوم الأول البروز، يجب الصبر علينا ثم يحكموا على ما قمنا به، ولا تنس كذلك أن الحظ يلعب دوره في مثل هذه الأوضاع، لا يوجد مدرب أو لاعب نجح منذ اليوم الأول. * * أتنم اللاعبون القدامى أكيد أنكم تتحسرون لما تشاهدون لاعبين أمثال ديشان أو لوران بلان أو حتى غوارديولا يشرفون على أكبر الأندية؟ * لا بالعكس، هم في الواقع مصدر تشجيع لنا حتى نتحلى بنفس الإرادة والطموح لتحقيق الغاية المرجوة، نحن كلاعبين نعيش ونتنفس كرة القدم، صعب جدا علينا مغادرة هذا المحيط الذي كبرنا فيه، وحتى وإن كنت أعرف جيدا تلك الصعوبة، إلا أننا سنواصل التشبث بنفس الإرادة عسانا نصل إلى المبتغى. * * الأكيد أنه من الصعب أو شبه مستحيل أن تمنح لكم في الجزائر مثل هذه الفرص؟ * صحيح، لكن يجب أن نحتفظ بالأمل، بالنسبة لي مثلا، لدي اسم في كرة القدم، لدي معارف وتجربة ميدانية تقدر ب20 سنة في فئة الأكابر فقط، لذا يجب أن نخوض التجربة الجديدة والبرهنة على ما يمكن أن نقوم به، والمشكل الذي يقع فيه الكثير من اللاعبين السابقين لما يتحولون إلى التدريب، أنهم يخلطون دائما بين نجوميتهم في الكرة وكمدربين، يجب أن ينسوا ما فعلوه كلاعبين. يجب أن يحسنوا مستواهم ويعملوا أكثر، لا أن يعتمدوا على النجومية كمدربين أيضا ونسوا أن الأمر يختلف جدا، التطور العلمي أصبح يطلعنا كل يوم بالجديد في كل المجالات. * * بصراحة هل أنت راض عن مشوارك كلاعب؟ * كنت أتمنى خوض تجارب أخرى في مشواري، مثل الاحتراف، لكن المكتوب أراد أن يكون مشواري هكذا، الحمد لله أنا مقتنع بما قدره الله لي، غادرت الميادين من الباب الواسع ولست نادما على شيء، لكل بداية نهاية ولا يوجد هناك من يخلد في مكان ما، صراحة تمنيت البقاء في الإتحاد و إنهاء مشواري في هذا الفريق الذي أصبح مع مرور السنوات جزءا مني. المهم أنني مرتاح من كل النواحي ولم أندم على أمر فعلته في مشواري الكروي. * * لكن آخر الأخبار تتحدث عن تعيينك الموسم المقبل مناجيرا عاما للإتحاد، وحاج عدلان مساعدا للمدرب؟ * نعم، أنا أيضا سمعت هذا الكلام من عدة أشخاص مقربين من الفريق، لكن لحد الساعة لا يوجد أي شيء رسمي في هذا الاتجاه، أشكر كل من فكروا فينا وخاصة زميلي حاج عدلان المعروف بحكمته ومعارفه الكبيرة أن يقدم الشيء الكثير * * وما رأيك في مستوى الإتحاد هذا الموسم؟ * تمنينا أن يكون أحسن مما هو عليه اليوم، الفريق تغير كثيرا، سواء من حيث الأشخاص أو العقليات، تحدثت مع اللاعبين في عديد المناسبات لتشجيعهم، والمناصر من جهته يجب أن يتقبل الوضع السائد، هذا ليس الفريق الذي نجح كثيرا في التسعينات وفي السنوات الماضية ساهم فيه عدة أشخاص من لاعبين ومسيرين * * سعدي بقول أنه لا يملك التعداد الذي يريده؟ * ربما، هو أدرى بالتشكيلة والتعداد الذي يعمل معه، الوضع تغير بشريا وماديا، اللاعبون في السابق كانوا يصبرون على مستحقاتهم وحقوقهم وينتظرون فرصة اللعب، بينما اليوم اللاعب لا يصبر وغالبا ما يثور لسبب أو لآخر. * * والهزيمة أمام المولودية أكيد أثرت كثيرا على الفريق والأنصار على حد سواء؟ * أنا شخصيا تأثرت كثيرا، لأن لما يتعلق الأمر بالمباريات بين هذين الفريقين، النتيجة لا تكون عريضة وغالبا ما تنتهي بالتعادل وربما بفوز أحدهما بفارق هدف واحد أو اثنين على أقصى تقدير، لكن 3-0 لا تعكس حقيقة الداربي والمباريات بين الفريقين، المهم أن الفريق الآن مطالب بالتدارك بتحقيق البقاء أولا والشروع من الآن في التفكير في الموسم المقبل * * لنتحدث الآن عن المنتخب الوطني الحالي، ما رأيك فيه؟ * ماذا تريدني أن أقول عنه، لدينا منتخب كبير، حقق هدف التأهل للمونديال، غير أن المردود الجماعي للفريق غير مقنع لحد الآن. * * وما هو السبب في اعتقادك؟ * ربما الهدف المنشود أثر على المردود، إضافة ربما إلى الضغط الشديد الذي عاشه اللاعبون في كل مباراة، قوة المنتخب الوطني لحد الآن تكمن في الكرات الثابتة، بينما من حيث الطريقة فهي غائبة، ولم أشاهدها سوى في مناسبة واحدة، وأقصد في المباراة أمام كوت ديفوار، حيث شاهدنا كرات في الرجل وعملا جماعيا وأشياء جميلة كثيرة. * * وما رأيك في مسعى رابح سعدان لتدعيم التشكيلة قبل المونديال؟ * أولا هو الأدرى بما بحوزته من لاعبين وخيارات، وبالمقابل أقول إن الوقت لم يعد في صالحنا لإدراج تغييرات كثيرة، وسعدان في اعتقادي لن يغير الكثير، بل سيحدد القائمة حسب حاجيات دقيقة وليس التغيير أو التدعيم من أجل التدعيم. * * ربما مباراة صربيا هي التي بصرت المدرب بكل العيوب؟ * مباراة صربيا كشفت لنا ما ينتظرنا من متاعب في المونديال، كانت معيارا حقيقيا للياقة البدنية والثقافة التكتيكية، كما قدمت لنا درسا حقيقيا في احترام المنافس، فاللاعب والمناصر يجب أن يتعلما كيف يحترمان المنافس مهما كان اسمه، أمام صربيا كل الجزائريين من أنصار ولاعبين لم يحترموا المنافس، والنتيجة ظهرت فوق الميدان. * * إذن حظوظ البروز في المونديال شبه منعدمة؟ * صعب جدا التحدث عن البروز وسط أرمادة من المنتخبات الكبيرة، وأكثر ما أخشاه على المنتخب الوطني في المونديال قلة المنافسة لدى أغلب اللاعبين، لا تنس أن جل عناصرنا لا تنشط مع أنديتها، بعضهم بسبب الإصابات والبعض الآخر بسبب خيارات المدرب، وكل هذا سينعكس سلبا على أداء اللاعب في المنافسة، وأنا أعي جيدا ما أقوله، اللاعب لما لا يشارك مع فريقه سيخسر الكثير من الأمور، سواء ما تعلق باللياقة أو التركيز وكذا الثقة بالنفس، وهي عوامل يستعيدها مع مرور الوقت، انظر لاعبي المنتخب الوطني لما لا يشاركون مع فرقهم، مردودهم مع المنتخب يتراجع، سيما في الشوط الثاني، وقد لاحظنا ذلك في المباراة الأخيرة أمام صربيا الكثير من الأسماء اختفت في المرحلة الثانية. * * هل تعتقد أن هذا الجيل هو الأحسن في تاريخ المنتخب الوطني؟ * جيل بلومي، ماجر، عصاد وزيدان هو الأحسن على الإطلاق ولا يوجد أحسن منه، كنت صغيرا ومولع بمشاهدة هؤلاء النجوم الذين كانوا من بين أحسن اللاعبين على المستوى العالمي لا الوطني و الإفريقي فحسب. والصراحة أن الجيل الحالي وجد العناية الكافية من طرف كل الهيئات والفاف، تصور أن العلاوات تضاعفت عشرات المرات مقارنة بما كنا نناله نحن، والتربصات تجري خارج الوطن في ظروف رائعة، ولا شيء ينقص المنتخب الحالي من كافة النواحي واللاعبون المحترفون يأتون بأعداد كبيرة لخدمة المنتخب الوطني. بالطبع في وقتنا نحن لا أحد من اللاعبين المحترفين كان يجري وراء اللعب للمنتخب الوطني، جلهم كانوا ينتظرون فرصة اللعب للمنتخب الفرنسي، وحتى بن عربية الذي كان نجما كبيرا فقد التحق متأخرا، كما قلت لك من قبل، في السابق المنتخب الوطني لم يكن يحظى بنفس الاهتمام بسبب الظرف السيئ آنذاك * * وأين تصنف جيلكم؟ * مسكين حقا الجيل الذي لعبت له أنا وعدد من اللاعبين أمثال دزيري، تسفاوت، حدو، قاسي سعيد وغيرهم، لقد لعبنا للمنتخب الوطني في عز العشرية السوداء، والحظ والظروف لم تسمح لنا بالبروز أكثر. * * كيف تقيم تجربتك الدولية؟ * أنا راض كما قلت لك، من قبل على مشواري الكروي من كافة النواحي، صنعت اسما لنفسي في الكرة الجزائرية، غادرت الميادين من الباب الواسع حتى لا أدفع إليه من طرف غيري، ودوليا أيضا كنت في مستوى التطلعات، فقد شاركت ثلاث مرات في نهائيات كأس أمم إفريقيا. سنوات 1998 في بوركينا فاسو، وسنة2000 في غانا ونيجيريا ثم في سنة 2002 في مالي، وقبلها سنة 1996 كنت ضمن القائمة الرسمية، لكن في آخر لحظة تعرضت لإصابة في التربص الذي خضناه في الغابون جعلت الثنائي فرڤاني والمرحوم عبد الوهاب يتخلى عني. * * هل من كلمة أخيرة؟ * أتمنى التوفيق للمنتخب الوطني، وأقول أن عامل المفاجأة وارد، وبإمكاننا أن نكرر سيناريو مباراة ألمانيا.