لم يبق ل "الخضر" من خيار غير تحقيق الفوز في إفريقيا الوسطى، خاصة بعد أن ضيّعوا نقطتين في ملعب تشاكر، مع تعثر المغرب المفاجئ أمام أضعف منتخبات المجموعة على أرضه. ورغم ضيق الفترة التي جاء فيها المدرب الجديد بن شيخة، وعدم قدرته على إحداث ثورة على مستوى التشكيلة، أو الخطة التكتيكية، خاصة النزعة الهجومية التي كانت تنقص من قبل، فإنه بالمقابل حسب من يعرفونه قادر على تغيير أشياء عديدة على المستوى النفسي. رحيل أيّ مدرب يجلب التحرّر وعدّة لاعبين كانوا مع قرار مغادرة سعدان ومعروف في كرة القدم عندما تسوء نتائج أي فريق، أن رحيل أي مدرب عندما لا تسير الأمور بالشكل المطلوب، قد يؤدّي إلى تحرّر اللاعبين مع المدرب القادم مهما كان اسمه، وهو أمر وارد حصوله مع "الخضر" الذين صاموا عن تحقيق النتائج الإيجابية ولم يتذوقوا طعم الانتصار في مباراة رسمية منذ 24 جانفي الماضي (كوت ديفوار)، وفضلا عن هذا فإن المعروف أن عددا معتبرا من اللاعبين خاصة الركائز كانوا موافقين على قرار مغادرة المدرب السابق، كما أن لاعبين بالجملة لم يكونوا يودّون بقاءه. بن شيخة قوي في الخطاب الحماسي وبالإضافة إلى هذه النقطة التي تخدم المدرب الجديد أو أيّ كان آخر كان مكانه، فإن بن شيخة معروف بكونه يعتمد على خطاب حماسي، يدفع به اللاعبين إلى أرض الملعب مشحونين، وهو الخطاب المطلوب في الوضعية الحالية، خاصة أن النتائج لا تسرّ، والمنتخب الوطني بحاجة إلى دفع معنوي حتى يخدم نفسه في الظروف الصعبة التي يوجد فيها وحاجته الماسة إلى انتصار من خارج الديار. في أول ندوة صحفية لم يعد بأكثر من لمسة نفسية ومن جهته، فإن بن شيخة في أول لقاء مع الإعلاميين بعد تعيينه أشار إلى أنه غير قادر في فترة قصيرة على تغيير أشياء كثيرة، مشيرا إلى أنه يمكنه بالمقابل منح إضافة من الناحية النفسية، من خلال إجادة الكلام مع اللاعبين والتواصل معهم وتحفيزهم ليكونوا في مستوى ما ينتظرهم، كما قال للقناة الإذاعية الثالثة قبل الجمعة الماضية أنه في مهمّة مستعجلة ولا يمكنه إلا أن يركز على الجانب النفسي. الذين يعرفونه يُؤكدون أنه يُجيد إختيار الكلمات في غرف حفظ الملابس ويعرف من عملوا مع بن شيخة أنه قوي من الناحية النفسية، وهو كلام أكده لنا مساعده السابق في النادي الإفريقي نبيل الكوكي، معتبرا طريقة شحنه اللاعبين، وتواصله معهم في غرف حفظ الملابس مميّزة فعلا، لأنه يعرف كيف يختار الكلمات اللازمة والمطلوبة حسب الوضعيات، واعترف أنه تعلم منه الكثير، كما أن حتى بعض اللاعبين من الذين يعرفونه وتكلمت إليهم "الهداف"، اعترفوا حقيقة أن بن شيخة من الناحية النفسية ممتاز، ولو أن المشكل الأول الذي يعاني منه المنتخب نفسي بدرجة أولى. الدوادي: "في غرف الملابس بن شيخة يجعل منك مُحاربا" في حديث مقتضب معه بعد محاولات عديدة تمكنا من الاتصال ب زهير الدوادي اللاعب الدولي التونسي الذي رحّب بتعيين بن شيخة على رأس "الخضر"، حيث قال: "لم أتفاجأ لأنني أعرف جيّدا مستواه بحكم أنني عملت معه موسمين"، وأشار لاعب الإفريقي بشأن إمكانية أن قدوم مدربه السابق قد يمنح إضافة من الناحية النفسية ل "الخضر" لتجاوز عقبة إفريقيا الوسطى بالقول: "هذه هي نقطة قوته، ويركز عليها كثيرا في التدريبات وقبل المباريات، كما أنه في غرف حفظ الملابس يجعل منك مُحاربا. وأتذكر جيّدا مباراة ترجي جرجيس التي كان يجب علينا الفوز فيها للتتويج باللقب، وما قاله لنا بالحرف الواحد ما بين شوطي اللقاء، حيث أنني أتذكر جيدا كلماته". وأنهى الدوادي كلامه بالقول:"أتمنى له التوفيق... وبصراحة بن شيخة من المدرّبين الذين تركوا تأثيرا كبيرا في مشواري الكروي". المسعدي: "قبل بن شيخة لم أكن شيئا مذكورا.. ولهذا سُمّي جنرال" من جهته، فإن حمزة المسعدي وفي اتصال مع "الهدّاف" ورغم أنه يمرّ بوضعية صعبة في بداية الموسم بسبب الإصابة التي يعاني منها على مستوى الركبة، إلا أنه تكلم معنا عن بن شيخة الذي يحظى بمكانة خاصة عنده، وهو ما شرحه لنا بالقول: "قبل قدومه لم أكن شيئا مذكورا تماما، أتذكر لمّا منحني الفرصة أول مرة في مباراة المنتسير قبل 3 سنوات وسط حيرة الجميع، لكني رددت له الخير وأدّيت لقاء كبيرا وانطلقت من يومها. وهكذا أيضا اكتشف بلال العيفة الذي هو لاعب دولي الآن، حيث اكتشفنا معا وحرّرنا". وعن نقاط قوته، قال :"قوي، صارم، يحبّ عمله، بالإضافة إلى أنه قريب من اللاعبين، إنه جنرال حقيقي". وعلى ذكر هذه الكلمة، فقد قال عن سبب تسميته بها :"قوة شخصية وإجادته تحفيز اللاعبين، السبب في التسمية". "الخضر" يُحبّون خطابا حماسيا ويكرهون تعظيم المنافسين! من جهتهم، يحبّ لاعبو "الخضر" خطابا حماسيا مليئا بلغة التفاؤل في غرف حفظ الملابس أو في الإجتماعات الفنية. وعندما يقرؤون كلام جريئا من مدربهم، فإن ذلك ما يعتبر عاملا دافعا لهم، ثم إن "الفريق يعكس عقلية مدربه" مثلما تقول الحكمة الكروية، التي يُكرّرها المدرب بن شيخة. ومعروف أن اللاعبين المحترفين كانوا يتحفظون جدا على طريقة كلام المدرب السابق سعدان التي تميل إلى تبجيل المنافسين مهما كان مستواهم، مع التقليل من قدرات "الخضر". في 6 أيام مع المحافظة على كلّ اللاعبين، حتى الخطة قد لا تتغيّر كثيرا في فترة 6 أيام التي سيدخل فيها اللاعبون تربصا في بني مسوس وإلى غاية مباراة إفريقيا الوسطى، فإنها مدّة لا يمكن لأي مدرب في العالم أن يترك لمسته، إلا من الجانب النفسي، وفوق هذا فإن حتى الخطة من الممكن أن لا تتغيّر كثيرا بالمقارنة مع ما تعوّد عليه رفقاء بوڤرة، لأن بن شيخة في أول موعد وأمام المهمّة التي سمّاها بنفسه ب "المستعجلة"، فضّل تجديد الثقة في نفس قائمة سعدان مع إقصاء لاعب واحد وهو شاقوري وتعويضه بعنصر آخر، وقد لا "يتفلسف" كثيرا إلى غاية لقاء المغرب أين سيكون له متّسع من الوقت لأجل تطبيق تصوّراته. ----------------------- بن شيخة سيصبح صديقا للاعبين ... ومبادرته أراحت عنتر، بوڤرة وزياني مرتاحون بعد عودته من تونس رفقة عائلته الصغيرة، وبعد المشاكل الطفيفة التي عرفها مؤخرا من كسر في ذراعه وتعطل سيارته، ها هو الناخب الوطني يتفرغ كليا إلى شؤون المنتخب الوطني وتحضيراته لمباراة العاشر أكتوبر أمام منتخب إفريقيا الوسطى. أول الخطوات التي قام بها حسب مصادرنا هي الاتصال بعدد كبير من اللاعبين عبر الهاتف وتبادل أطراف الحديث معهم قبيل الملاقاة في الرابع من الشهر المقبل، وهي خطوة جيدة يسعى من خلالها ناخبنا إلى إحداث التعارف والتقارب منذ البداية على أن يكون الاحتكاك سهلا خلال تربص العاصمة الذي صار على الأبواب. سأل حتى عن المصابين مثل زياني، الشاذلي والعائد مطمور وأدرك بن شيخة أهمية الحديث مع اللاعبين قبيل شروعه في عمله بصفة رسمية بعد أيام من الآن، فلم يتوان بمجرد عودته من تونس عن الاتصال بعدد منهم، مثل المصابين على غرار زياني حيث استفسره عن حالته الصحية وما مدى خطورة الإصابة التي تعرض لها، متمنيا له عودة سريعة إلى أجواء المنافسة، وفعل ذلك مع عمري الشاذلي المصاب وتلقى منه ضمانات بأن يكون جاهزا للعودة إلى أجواء المنافسة قبيل تربص "الخضر"، كما جمع بن شيخة حديث مع مطمور، حيث اطمأن على حالته الصحية وارتاح لعودته إلى الميادين. حديث مطوّل مع الركائز مثل عنتر يحيى وبوڤرة ونالت الركائز القسط الأكبر من اتصالات بن شيخة الذي تبادل أطراف الحديث مطولا مع القائد عنتر يحيى الذي زوّده بكل صغيرة وكبيرة تتعلق بأجواء المجموعة من الداخل والروح الجماعية التي تسودها، ما أثار ارتياح بن شيخة الذي جمعه بعدها حديث بالمدافع المتألق في البطولة الإسكتلندية مجيد بوڤرة، الذي نقل له الكلام نفسه ورحب به على غرار كل لاعبي المنتخب، مانحا إياه ضمانات بأن يلقى كل التسهيلات من عناصر "الخضر" حتى يوفق في مهمته. الإتصالات جرت حتى مع الإحتياطيين وحتى إن لم نحصل على كل الأسماء التي اتصل بها بن شيخة، إلا أننا علمنا أنه لم يغفل اللاعبين الإحتياطيين وجمعه حديث ببعضهم، كما ستربطه اتصالات أخرى بالبعض الآخر في الأيام القليلة المقبلة، ما يؤكد حقا أن الرجل يتعامل مع لاعبيه سواسية ولا يفرق بين أساسي واحتياطي. هدفه التعارف منذ البداية قبل الرابع أكتوبر ويهدف بن شيخة من وراء كل هذا إلى إحداث التعارف منذ البداية بينه وبين العناصر التي سيشرف عليها، إذ لم يؤجل ذلك إلى الرابع أكتوبر، بل فضّل أن يتواصل معهم هاتفيا قبل ذلك، حتى يسهل عليهم وعليه التعامل مع بعض يوم الشروع الميداني في العمل. ويكون بن شيخة بهذه الإلتفاتة قد نال منذ البداية ودّ اللاعبين، لأن المعلومات التي بحوزتنا من بعضهم تؤكد أن المبادرة نالت استحسان الجميع. سيتحوّلون إلى أصدقاء له وطريقة حديثه تُسهّل ذلك ويخطئ من يعتقد أن العلاقة بين بن شيخة واللاعبين ستعرف توترا لم يكن له مثيل مع الناخب السابق سعدان، بالنظر إلى صرامته وتشدّده وتعصبه، بالعكس فالعارفون لشخصية بن شيخة ممن سبق لهم التعامل معه، سواء فنيون أم رجال إعلام، يؤكدون أن طيبة الرجل ستجعله مقربا من اللاعبين، بل ومحبوبا لديهم، بل يؤكد العارفون أيضا أن طريقة خطابه السهل فهمها، ستسهل مهمته وتجعل منه الصديق الوفي للاعبيه. ------------------------- المهاجمون ينتقدون خطة سعدان وينتظرون الجديد مع بن شيخة تركيز المتتبعين والمختصين على مشكل العقم الهجومي، خلق ضغطا شديدا على لاعبي الخط الأمامي ل "الخضر" منذ انتهاء مونديال جنوب إفريقيا، حيث كثرت الإنتقادات ضد غزال، جبور ومطمور الذين عجزوا عن تسجيل هدف واحد في جنوب إفريقيا، وقد تواصل العقم الهجومي حتى أمام المنتخبات المغمورة، حيث لم يتمكن المهاجمون من ترجمة الفرص المتاحة في مبارتي الغابون وتانزانيا إلى أهداف، وقد كشف الناخب الوطني الجديد عبد الحق بن شيخة أن الهاجس الأول الذي سيحاول تجاوزه هو العقم الهجومي كما كشف عنه في الندوة الصحفية الأخيرة. جبّور يُحدّد المشكل في خطة سعدان الإفريقية التصريح الأخير الذي أدلى به هداف نادي أيكا رفيق جبور، كشف فيه عن الأسباب التي جعلته يسجل في ناديه دون المنتخب، حيث حدد المشكل في اختلاف طريقة اللعب موضحا أنه في المنتخب الجزائري الطريقة لا تعتمد على النزعة الهجومية بل سعدان دون أن يذكره يعتمد على طريقة إفريقية لا تناسب التكوين الأوروبي لجبور، وهو تفسير وإن كان غير مقنع بالنظر إلى أن سعدان كان يعتمد على تعداد مشكل فقط من لاعبين تكونوا في مدارس أوروبية ولكنه في سياق آخر يعيب على سعدان خياراته التكتيكية التي كانت تبقي المهاجمين في عزلة. مطمور، بلحاج وزياني قالوها في المونديال مشكل الهجوم تطرق إليه اللاعبون في مشاركتهم الأخيرة في جنوب إفريقيا، حيث دافع كل من زياني، بلحاج عن المهاجمين واعتبروا أن مشكل العقم في الهجوم يعود إلى الخطة المنتهجة وإلى عزلة مطمور وجبور في الخط الأمامي، وهو نفس كلام مطمور الذي عبر عن غضبه من الخطة المنتهجة في جنوب إفريقيا التي جعلته ينشط كرأس حربة معزولا في الهجوم بالنظر إلى النزعة الدفاعية التي تطبع خطة سعدان. نجاعة المحترفين فضحت خطة سعدان والجميع ينتظر خطة بن شيخة المفارقة التي كانت موجودة بين العقم والمستوى الهزيل لكل من مطمور، جبور، غزال وزياية مع المنتخب واستردادهم حس التهديف مباشرة بعد مشاركتهم مع أنديتهم، بينت أن العيب كما جاء بلسان اللاعبين في الخطة المنتهجة وغياب طريقة لعب هجومية واضحة تعتمد على بناء الهجمات وليس على التهديف بفضل الكرات الثابتة فقط، وقد رفض سعدان الإجابة عن هذا التساؤل في عدة ندوات صحفية حيث رفض تفسير تباين مردود مهاجمينا في أنديتهم وفي المنتخب مفضلا إرجاع المشكل إلى سوء الحظ ، ليبقى الجميع ينتظر الجديد مع خطة عبد الحق بن شيخة، الذي من المنتظر أن ينتهج خطة هجومية مختلفة عن ما كان يقوم به رابح سعدان.