في السنوات الأخيرة ظهر إلى العلن الخلاف بين أهل السنة والشيعة، وبما أن أهل السنة والجماعة لا يعرفون الشيعة عكس الشيعة الذي يدرسون عقيدة السنة، في هذه الحلقة سأسرد سردا تاريخيا لظهور التشيع وانقساماتهم، وسيكون مرجعنا في هذا كتاب الملل والنحل للشهرستاني. ظهور التشيع : بعث الله عز وجل نبيه محمد بن عبد الله صلى الله عليه سلمات إلى البشرية جمعاء في كل مكان وزمان، فكان خاتم الأنبياء والرسل عليهم السلام، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بايع المسلمون أبي بكر رضي الله عنه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عمر ثم عثمان رضي الله عنهما، أثناء خلافة عثمان ظهر رجل من اليمن كان يلقب "ببن السوداء"، كان يهوديا وادعى الإسلام، لما كان في يهوديته كان يقول أن يوشع بن نون هو وصي سيدنا موسى عليه السلام، ولما ادعى الإسلام قال "لكل نبي وصي، ووصي رسول الله هو علي رضي الله عنه"، ومن هنا ظهرت عقيدة "الوصية" ثم أحدث فتنة بين المسلمين، ونفوس حينئذ كانت جاهزة للفتنة، فقال أن عليا أحق بالخلافة من عثمان رضي الله عنهما "وكان من أوائل من تشيع لعلي رضي الله عنه"، ومنه ظهرت فتنة الشيعة. الشيعة، الرافضة، غلاة الرافضة : الشيعة الأوائل كانوا فضلوا عليا على عثمان فقط والرافضة فضلوه على أبي بكر وعمر، أما غلاة الرافضة "كما قال القاضي عياض المالكي" فضلوه على الأنبياء والرسل عياذا بالله، هناك من يعتقد أن التشيع كان فيه غلوا شديدا، ومع الزمن كان الشيعة يتخلون عن هذا الغلو. هناك أقوال كفرية تخلى عنها الشيعة، أقول أن هذا الاعتقاد خاطئ، بل العكس الذي يحصل فالشيعة الحاليين أكثر غلوا وضلالا من الشيعة المتقدمين. الفرق بين شيعة علي والتشيع : شيعة علي لم يخالفوا الإسلام بعقائد جديدة بل كانوا على عقيدة السنة، وأطلق عليهم هذه التسمية لأنهم شايعوا عليا رضي الله عنه في فتنة الجمل وصفين وحرب النهروان، أما التشيع فهو مجموعة من العقائد تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة. فرق الشيعة : في البداية قال الشيعة، إن الخلافة في علي ثم الحسن لكن الحسن تنازل عن إمامته لمعاوية سنة 41 ه، هنا خرجت فرقة تسمى "الكيسانية". من قال بإمامة الحسن قال من بعده بإمامة الحسين، ثم ابنه علي بن الحسين ثم اختلفوا، فهناك من قال بإمامة "زيد بن علي" وهم الزيدية، وهناك من قال بإمامة "محمد بن علي" وهم الإمامية. الزيدية والحوثيين : الزيدية أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وهم أقرب فرق الشيعة لأهل السنة والجماعة، فهم لم يكفروا الصحابة رضي الله عنهم ولا كفروا الناس، خرجت من رحم الزيدية فرقة تسمى "الجارودية"، زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي رضي الله عنه وأن الناس لما نصبوا أبا بكر خليفة باختيارهم فكفروا، وهذا هو الفرق بين "الزيدية" و"الزيدية الجارودية"، والجارودية ينشرون الآن في اليمن وهم من يطلق عليهم "الحوثيون". الإمامية والرافضة : الإمامية هم القائلون بإمامة علي رضي الله عنه بعد النبي عليه الصلاة والسلام نصا ظاهرا وتعيينا صادقا، واختلفوا مع الزيدية في أبناء علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فالزيدية قالوا بإمامة زيد بن علي، والإمامية قالوا بإمامة محمد بن علي وكان يسمى بالباقر، وهنا ظهر الخلاف العقيدي بين الشيعة، لأن الإمامية رفضوا خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فسماهم زيد بن علي بن الحسين "الرافضة"، لهذا كل فرقة من فرق الإمامية هم "رافضة". اختلافات الشيعة الإمامية الرافضة : من قال بإمامة "محمد بن علي بن الحسين" قالوا بإمامة ابنه "جعفر بن محمد"، وكانت كنيته أبو عبد الله ويلقب ب"الصادق" لدى السنة والشيعة، كما كان أحد تلاميذ إمام أهل السنة في الحديث الإمام بن شهاب الزهري شيخ مالك بن أنس وجعفر، وعند وفاة جعفر اختلفوا من جديد فهناك من قال إمامة في ابنه إسماعيل وهم "الإسماعيلية" وتفرعوا كثيرا، وهناك من قال الإمامة في ابنه "عبدالله" وهم الفطحية، وهناك من قال في ابنه "موسى بن جعفر" وهم الموسوية، وهؤلاء ساقوا الإمامية في "علي بن موسى" ثم ابنه "محمد بن علي" ثم ابنه "علي بن محمد" ثم "الحسن بن علي"، وكان الإمام الحادى عشر لهذا الفرع من فروع الإمامية، لما توفي الحسن الملقب بالعسكري سنة 260 ه لم يكن له ولد، فقال بعضهم أن له ولد وأنه خائف ومختبئ منذ 5 سنوات في سرداب أبيه، ثم قالوا أن هذا الولد هو الإمام الثاني عشر، لما طالت المدة ولم يظهر هذا الولد المزعوم قالوا أنه هو "المهدي" وهم ينتظرونه منذ 1200 سنة، وهذه العقيدة التي عليها الشيعة الآن في "إيران، لبنان، سوريا، العراق … إلخ)، هذه الفرقة تسمى بالإثنى عشرية. التسمية الصحيحة لهذه الفرقة هي : الشيعة الإمامية الإثنى عشرية، فالشيعة لأنهم يدعون مشايعة علي، والإمامية لأنهم يرون بالإمامة في علي وذريته، والإثنى عشرية لأنهم يعتقدون بإثنى عشر إماما، أولهم علي وآخرهم محمد بن الحسن "مهدي الرافضة". في الحلقات القادمة سنواصل الحديث عن هذه الفرقة. يتبع …