الحلقة 06: قال الشيخ أبو بكر جابر الجزائري : الحقيقة الثانية : اعتقاد أن القرآن الكريم لم يجمعه ولم يحفظه أحد من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم إلا علي والأئمة من آل البيت!. هذا الاعتقاد أثبته صاحب كتاب الكافي (ج1 كتاب الحجة ص26) جازما به مستدلا عليه بقوله: عن جابر قال سمعت أبا جعفر يقول: ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله إلا كذاب وما جمعه وحفظه كما نزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده. رد الشيعي حسن عبد الله: أقول : لقد تصرّف الجزائري في الرّواية التي استشهد بها لإثبات كلامه حيث حرّف فيها مما أدّى تحريفه لها إلى تغيير كبير في معناها، فنص الرّواية في مصدرها هو : (محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر قال : سمعت أبا جعفر يقول : ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كله كما أنزل إلاّ كذاب، وما جمعه وحفظه كما أنزله الله إلاّ علي بن أبي طالب والأئمة من بعده. ومن خلال المقارنة بين النص الذي ذكره الجزائري والنص الأصل المذكور في كتاب الكافي نجد أنّه حذف عبارة (كما أنزل) الواقعة في العبارة التالية : (… أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلاّ كذاب …) فكتب العبارة هكذا : (جمع القرآن كله إلاّ كذاب) كما أنّه أيضا ص أبدل عبارة : (كما أنزله الله تعالى) الواقعة ضمن قول الإمام : (… وما جمعه وحفظه كما أنزله الله تعالى إلاّ علي ابن أبي طالب والأئمة من بعده ع) أبدلها بعبارة : (كما نزل)، وإن كانت العبارة الثانية التي حرّفها لم تغيّر من معنى الحديث فإنّ حذفه لعبارة (كما أنزل) غيّر معنى الحديث كثيراً، وهو بهذا قد غشّ القارئ ودلس وكذب عليه وزيّف الحقائق وأبدلها والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم : (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلى الْكاذِبينَ) ومن ثم بني العديد من اللوازم على هذه الرّواية التي حرّف معناها، وليس في الرّواية ما يدل على لازم واحد منها . المعنى الصحيح لمضمون الرّواية إن المراد بجمع القرآن الكريم وحفظه كما أنزله الله سبحانه وتعالى هو جمعه مرتباً حسب النزول، السابق نزولاً قبل اللاحق والمكي قبل المدني، والمنسوخ قبل الناسخ وهكذا … فمما لا شكّ فيه أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قد تفرّد بكتابة القرآن الكريم وجمعه على التنزيل، وحسب تسلسل السور والآيات من حيث النزول … وقد ورد من طرقنا عن علي قال : (… ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية من القرآن إلا أقرآنيها، وأملاها علي، فكتبتها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها فما نسيت آية من كتاب الله … الحديث) . وعنه أنه قال : (لو ثنيت لي الوسادة لأخرجت لهم مصحفاً كتبته وأملاه عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم)… الرد على هذا الشيعي من وجوه : أولا : الفكرة العامة التي طرحها الشيخ هي بطلان (اعتقاد أن القرآن لم يجمعه إلا علي!)، لما عجز الشيعي عن الرد، لجأ إلى التهريج، قال أن الشيخ تصرف في النقل من كتاب الكافي، ونقل أقوال علماء السنة، لكن لم يُجب عن الفكرة العامة التي هي بطلان إدعاء الشيعة. ثانيا : يقول الشيعي (إن المراد .. جمعه مرتباً حسب النزول …) هذا الادعاء أبطله الشيخ، فالشيخ أنكر أن يكون علي وحده من جمع القرآن بل جمعه علي وباقي الصحابة، والقرآن نقل إلينا متواترا وليس من رواية الآحاد حتى يدعي أن عليا وأولاده هم من نقوله، لكن هذا المهرج الشيعي حاد عن الكلام الشيخ إما لجهل، أو للهروب من الإجابة. ثالثا : قول الشيعي (وقد ورث بقية الأئمة علم جدّهم علي) هذا ادعاء سخيف يخالف الواقع، فالمعلوم أن أئمتهم أخذوا السنة والقرآن عن أهل البيت وعن غيرهم، فالإمام السادس عندهم جعفر الصادق أخذ الحديث عن "عبيد الله بن أبي رافع وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح وجده القاسم بن محمد ونافع العمري ومحمد بن المنكدر والزهري ومسلم بن أبي مريم وغيرهم". [سير أعلام النبلاء للذهبي (748 ه) الجزء6 صفحة255] رابعا : قال الشيعي (وقد ورد من طرقنا عن علي أنه قال) أقول : الروايات التي جاء بها الشيعي لاتصح : الأولى : في الكافي للكليني ج1 ص62 : لا تصح في سندها أبان بن أبي عياش، قال عنه ابن الغضائري ضعيف. نورالدين المالكي/ باحث في الحركات الإسلامية