عند التحدث عن وجود إعلام تقليدي وآخر جديد، فإنّنا نحاول تنبيه المجتمع إلى ظهور حقل إعلامي جديد، حقق قفزة نوعية في مجال تبادل وتقاسم وتوظيف المعلومة، لأنّ التكنولوجيا الحديثة فتحت أبوابا جديدة لإحداث التغيير في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والفكري والعلمي في المجتمعات، فلمّا كان الإعلام التقليدي " الصحف، التلفزيون، الإذاعة…" منغلق على نفسه كان دور المجتمع منحصر في الاستهلاك دون المشاركة في صناعة الكلمة والرأي السديد، ولكن أمام ثورة المعلومات التي يعيشها العالم في الوقت الراهن اتسع نطاق تفكير الأفراد وانفتاحهم على العالم بفعل الأنترنت التي أثرت على طبيعة العلاقات الاجتماعية بالتحول من الاتصال المباشر إلى الاتصال الافتراضي، الذي يمكّن المواطن من التواصل والحوار والنقاش مع نظرائه في مختلف المجتمعات على المستوى الإقليمي والقاري والعالمي. والتساؤل الذي طالما يثير الجدل حوله، يتمحور في: هل بإمكان الإعلام الجديد أن يكرّس التفاعل الإيجابي للمواطن مع قضايا المجتمع والعالم، أم يوّجهه نحو التصادم مع نمط الثقافة والقيم الاجتماعية والدينية؟. " يقول ليستر، بأنّ الإعلام الجديد : مجموعة تكنولوجيات الاتصال التي تولدت من التزاوج بين الكمبيوتر والوسائل التقليدية للإعلام، والطباعة والتصوير الفوتوغرافي والصوت والفيديو. عندما نقول إعلام جديد، فإننّا نقصد به العملية الاتصالية الناتجة عن التفاعل والحوار بين طرفين تتخطى حدود الزمان والمكان، بالإعتماد على وسائل ووسائط كالصحافة الإلكترونية ومنتديات الحوار والمدونات والمواقع الشخصية والتجارية والشبكات الاجتماعية " الفيس بوك، تويتر، واتس اب، انستغرام" ومواقع الفيديو والإذاعات الرقمية وتلفزيونات الويب، فعلى سبيل المثال: قناة saida tv التابعة للتنظيم الشعبي الناصري، وقناة حزب القوات اللبنانيةLFTV ، أمّا في الجزائر نجد قناة vision tv وقناة Dzair web التي أصبحت حاليا قناة خاصة تبث برامجها على القمر الصناعي. ويرى ليستر، بأنّ الإعلام الجديد: مجموعة تكنولوجيات الاتصال التي تولدت من التزاوج بين الكمبيوتر والوسائل التقليدية للإعلام، والطباعة والتصوير الفوتوغرافي والصوت والفيديو، فهو مجموعة الخصائص أو الوسائط أو الخدمات الإلكترونية التي تتيح للجماهير التفاعل عبر المشاركة بالرأي. وبنظرة أوسع، فالإعلام الرقمي أو إعلام المواطن أو الإعلام الجديد، ليس فقط تطورا تكنولوجيا بل متنفسا فكريا وعلميا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا لكل شرائح المجتمع، وبالأخص الشباب للتعبير عن أفكارهم وآرائهم وانتقاداتهم وإبداعاتهم في ظل التضييق الممارس على الإعلام التقليدي، فهذا الأخير يعكس الواقع الذي يعيشه المواطنون في الوطن العربي على غرار الجزائر في تلقي المعلومات كمستهلكين لأفكار الطبقة السياسية في أعلى هرم السلطة، بينما النوع الجديد من الإعلام يفسح المجال للحرية والحوار والتبادل المعرفي والثقافي والسلوكي. وضمن السياق نفسه، ساعد الإعلام الجديد في بروز مجتمعات افتراضية سنحت للشباب فرصة إنشاء علاقات بين بعضهم البعض من خلال مواقع الدردشة وشبكات التواصل الاجتماعي والمدونات والمنتديات، وتمكينهم من نشاطات البيع والشراء، التسويق الإلكتروني والسفر والدراسة عن بعد، والقيام بحملات تحسيسية حول مكافحة الأمراض والأوبئة والتلوث والفقر من خلال الفرق التطوعية لفعل الخير وإغاثة المنكوبين. وحسب تقرير" وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي"، الصادر عن قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب " التقرير الأول 2015″، حدد النسب كالآتي:87 % مستخدمي الفيس بوك، 84 % مستخدمي واتس أب، 39 % يوتيوب، 34 % أنستغرام، 32 % تويتر، كما استطاعت هذه الوسائط أن تنقل مشاكل وقضايا مجتمعات عانت الأمرين في ظل نظام سياسي مغلق، فالحراك العربي في تونس ومصر بدأ بتنشيط تعبئة الجماهير عن طريق الرسائل والفيديوهات والتعليقات وإنشاء الصفحات على الفايس بوك، ورفع شعارات تزرع الغضب والتذمر لجس نبض الشارع والتي سميت بثورات الفيس بوك، ومن هناك انقسم الشارع بين مؤيد ومعارض للثورة، وبصورة أخرى دفعت مواقع التواصل الاجتماعي نحو إحداث التغيير وزيادة الوعي السياسي – نوعا ما – خاصة لدى الشباب في هذه الدول، ما أثبت مساهمة هذا المتنفس الإعلامي في تعبئة الرأي العام نحو التغيير لإعادة بناء أنظمة حكم تحقق التوافق الاجتماعي بين أفراد المجتمع. " بدأ الحراك العربي في تونس ومصر بتنشيط تعبئة الجماهير عن طريق الرسائل والفيديوهات والتعليقات وإنشاء الصفحات على الفايس بوك ورفع شعارات تزرع الغضب والتذمر لجس نبض الشارع، ومن هناك انقسم إلى مؤيد ومعارض للثورة. وبصورة أخرى دفعت مواقع التواصل الاجتماعي نحو إحداث التغيير وزيادة الوعي السياسي، نوعا ما". وفي جانبه السلبي الحد الآخر من السلاح- قد يتعارض الإعلام الجديد مع قيم وثقافة ونمط سلوك المجتمع، فيُعرّض الشباب بشكل خطير إلى الإدمان الذي يعزله عن مجتمعه وتفكك العلاقات الأسرية، بحيث يقلل من التفاعل الشخصي مع أفراد العائلة والأصدقاء وعامة الناس، ضف إلى ذلك ضعف التحصيل الدراسي لدى الطلاب والتلاميذ الذين يقضون وقت أطول على شبكة الأنترنت، والأمر الأكثر خطورة من هذا وذاك، هو الاستخدامات اللاأخلاقية لمواقع النت التي تهدم ثقافة وقيم المجتمع الإسلامي وما ترّوجه من أفكار شيطانية للاعتقاد بجدوى السحر والشعوذة لتضليل الناس وترسيخ الجهل والتخلف للتهرب من مشاكل واقعهم، كما أنّ انتشار المواقع الإلكترونية الخارجة عن الأدب والدين تؤثر سلبا على الشباب وتزرع فيهم الرذيلة واللامبالاة والإبتعاد عن الشريعة، ما يجعلهم كالحيوانات- أكرمكم الله- يبحثون عن ملذاتهم وينساقون وراء السلوكيات الخاطئة في توجههم التصادمي مع الإعلام التفاعلي في ظل غياب الوازع الديني، ومن زاوية أخرى يدفعهم بشكل مباشر أو غير مباشر نحو نشر العنف والتطرف والإرهاب والجريمة الإلكترونية. فأمام التراكم المعرفي الذي يتيحه هذا السلاح الإعلام الجديد- وبالأخص شبكات التواصل الاجتماعي، تُفرَض علينا مسؤولية تفعيل الرقابة الذاتية لكل فرد منّا، لاستغلال الفرص المواتية التي تسهم في الارتقاء بمجتمعاتنا نحو التميز من خلال الاستفادة من تجارب وخبرات وإبداعات الشباب حول العالم – في شقه التفاعلي البنّاء- لأنّ الكلمة الصادقة والموهبة الخلاقة لهما دور في جعل الشاب مبدعا ومساهما في بناء مجتمعه، مع الوعي بحجم المخاطر التي تهدد مجتمعاتنا وأخلاقنا وواقعنا السياسي والاجتماعي، في شقه التعارضي أو التصادمي.