لا أقول جديدا إنما أُذكِّر فقط أن طريقة الأكل وأسلوبه يعكسان ثقافة هذا الشعب أو ذاك، لذا نجد طريقة الأكل تختلف من شعب إلى آخر مثلها مثل الطبخ و الزي وطريقة الاحتفال و الطقوس الدينية و العبادات التي هي جزء من العادات و التقاليد المكتسبة و المكرسة تاريخيا عند المجتمعات العريقة. إن طريقة أكل الآسيوي تختلف عن الأوروبي، وأسلوب الأوروبي في الأكل يختلف عن الأمريكي صاحب الوجبة السريعة و "على الماشي" وهذا الأسلوب في الأكل نجده أيضا عند أهل المشرق الذين لهم سمتهم الخاصة. إذا تحدثنا عن الجزائري وعن علاقته بالأكل، وأنا هنا لا أتحدث عن الأكل داخل البيت إنما عن مطاعم الوجبة السريعة التي تنتشر بكثرة ولها شرائح واسعة من المجتمع بخاصة المطاعم القريبة من الجامعات، عندما تتأمل طريقة أكل الجزائري تجدها خالية من أي متعة أو مرح، وكأن الجزائر وهو يتناول الأكل يقوم بواجب بيولوجي بخاصة عند الذكور. عندما تتأمل الجزائري أثناء تناول الأكل تجده"مكشرا" وعبوسا ومقطب الحاجبين وكأن له خصومة مع الأكل وفي حالة شجار وعركة كبيرة بينه وبين الأكل يجب أن ينتصر فيها، ما يجعلك تجزم أن له ثأرا تاريخيا مع الأكل، كأن الجزائري وهو يأكل يقوم بعملية تصفية حساب تاريخي مع الأكل ويريد أن يكملها لصالحه لذا تجده يريد أن يكمل الأكل في وقت قياسي ما يجعله يتصرف مع الأكل بطريقة عجيبة وسريعة فتجد الكميات ،سواء كانت قطع بيتزا أو ساندويتشن تلاحق بعضها بعضا بسرعة فائقة دون فسحة ولا انتظار الهضم، فقبل أن تنزل القطعة الأولى إلى البطن يردفها بالثناية التي يضعها في الحلق والثالثة تكون في "الحنك" الذي تراه منتفخا، وقبل أن يكمل الأكل أو هذا الذي يسمى أكل يطلب "قهوة" التي يأخذها في يده ويخرج مسرعا من المطعم وسير بها في الشوارع وينتقل بها في الحافلات وهي عادة جديدة اكتسبها الجزائري بخاصة في العاصمة. هذا التصرف مع الأكل وبهذه الطريقة يعكس البنية النفسية للجزائري التي تتميز بالتوتر و القلق وعدم الاستقرار.