يكتبه كل سبت: محمد رابح شيء من الذهول أصاب ما بقي من متتبعي الشأن السياسي بعد تصريحات أحمد أويحيى الأخيرة، عوض شيئا من غياب أي تشويق في معركته الأخيرة مع بن صالح، الذي دفن سياسيا دون أن يؤبنه أحد. أويحيى توج عودته إلى حزب التجمع الوطني الديمقراطي من زرالدة وما أدراك ما زرالدة في معادلة الحكم الجزائرية اليوم، وعاد بخطاب جديد ومفردات جديدة، فلم نعهد الرجل يتحدث عن كل شيء مرة واحدة وهو المعروف بتسليط الضوء على قضية واحدة يمرر بها رسائل من أراد لمن يريد. العائد من مكاتب المرادية حيث تقل الحركة تحرك في كل الاتجاهات وهاجم المعارضة بأبشع الصفات، وقال إن رموزها تجاوزوا الحدود، وهو الأعلم بتلك الألغام المنتشرة، كيف لا وأحدها أصابته سنة 2005 بمجرد عودة الرئيس من رحلته العلاجية الأولى بفرنسا، ووفق في النجاة منها بأعجوبة. الحيرة تزول حينما نعرف أن أويحيى طالب في خرجته الجديدة بتشكيل قطب يجمع مساندي الرئيس بوتفليقة وخص بالاسم الآفلان وتاج والامبيا، أي أن أويحيى اعتنق مذهبا سياسيا جديدا يرتكز على انتظار القدر، وحديثه عن إكمال الرئيس لعهدته وإصراره على أن رهانه مع الصحفيين الذين قاموا بتغطية ندوته الصحفية بخصوص عدم تغير الأوضاع في الخريف القادم وبقاء كل شيء على حاله "حلال"، هو رسالة من الرجل إلى حلفائه الجدد مفادها "راني مومن وما نطمعش في الدنيا الفانية" وأنتظر يوم الحساب كباقي البشر، وتؤكد أيضا أن سي أحمد يريد إعلان تنكره لمدرسته السياسية في أعالي بن عكنون، حيث يوجد مقر الحزب أمام "خلق ربي"، والتسجيل في صف واحد مع سعداني وبن يونس وغول، وهي قرائن تؤكد أن المعني تعلم من غربته الأخيرة عدة دروس لعل أهمها أن الأسرة السياسية تشبه في تركيبتها الأسرة البيولوجية، الأخ الحقيقي فيها يبقى أخا، والحليف تبقى مخاطبته بالأخ مجرد لباقة، وهو ما تفوه به أويحيى بعظمة لسانه. بقي أن نتحدث عن توزيع الأدوار وهامش الرجعة، فقد سمعت من مسؤول سابق أن أويحيى لما عجز داخل مجلس الوزراء منتصف التسعينات عن إيجاد تبرير اقتصادي لقرار خصم الأيام الثلاثة للموظفين، قال لهم بأن استعمال" الإلكترو شوك" ستكون نتيجته فعالة، وأعتقد أنها الفكرة ذاتها التي سيقولها -إن حدث- وطلب أحدهم منه تبريرا لتوقفه عن تدخين "السيغار" فجأة.