تقع ولاية تيزي وزو، شرق الجزائر العاصمة، بحيث لا يبعد مقر الولاية عن الجزائر سوى بحوالي 105 كلم، وتنقسم الولاية إداريا إلى 21 دائرة و67 بلدية، ويغلب الطابعين الفلاحي والتجاري على نشاطها. ويعيش السكان في المناطق الريفية على شكل قرى يصل عددها أكثر من 1400 قرية غير أن عدد القرى لم يشفع لها أمام المسؤولين بحمل همهم على محمل الجد لتجسيد مشاريعهم التنموية التي وعدوا بها خلال الحملة الانتخابية، ما حمل السكان على تسجيل أعلى رقم من حيث عدد الاحتجاجات خلال هذه السنة، أين ناهز ال100 احتجاج حسب مصادر مطلعة، فضلا عن انسدادات داخل البلدية على رأسها انسداد بلدية عزازقة. لم يطر أي جديد في المجال التنموي بولاية تيزي وزو، واحتجاجات المواطنين على سوء الأوضاع من جهة والخلافات القائمة بين المنتخبين في معظم بلديات الولاية، وهذا كمؤشر على استمرار تأخر التنمية والتقاعس في التكفل بمشاكل المواطنين بهذه الولاية الغنية بمواردها على مدى سنوات مضت، ولم تبرز أي مستجدات على الساحة التنموية التي لازالت تشهد ركودا تنمويا فظيعا بجميع المجالات دون استثناء.
تنمية معطلة إلى إشعار آخر وبرأي بعض المواطنين ممن تحدثت إليهم "الحوار"، فإن أوجه المقارنة بين ماشاهدته البلديات خلال العهدة الماضية وحاليا تكاد تكون منعدمة، فغياب التنمية لا يزال يطبع جميع البلديات التي لم تتخلص بعد من المشاكل التي ظلت مطروحة منذ عشرية كاملة.
نفايات منتشرة في كل مكان وزمان وتمثل بعض البلديات نموذجا لهذه الوضعية بل تعدى ذلك إلى التأثير على وجهها السياحي الذي تعرف به، كما تشكل قضية الانتشار الفوضوي للمزابل عبر بلديات الولاية التي أصبحت صورة من صور التخلف بها، فالقمامات منتشرة بهذه المناطق وحتى الأحياء الرئيسية لبعض المدن الكبرى أعطت انطباعا بعجز البلديات حتى على التكفل بهذا المشكل الصغير والبسيط. في هذا الصدد، أبدى المواطنون تخوفهم مما يمكن أن ينجر عن هاته الظاهرةو إضافة إلى الأوبئة التي قد تتسبب فيها هذه المزابل.
رؤساء البلديات يحملون المواطنين مسؤولية انتشار القمامة ويرجع أسباب بروز هذه الظاهرة -حسب رأي المنتخبين السابقين- إلى انعدام الوعي الحضري لدى المواطنين وعدم قيامهم بمبادرات جماعية لتنظيف أحيائهم لتفادي الوقوع في أخطار صحية محتملة خاصة لدى الأطفال، فالظاهرة وإن كانت عامة إلا أنها تبدو بصورة أكثر وضوحا ببلدية تيزي وزو وبلدية افليسن خاصة وايت تودرت، التي تشكو معظم أحيائها وقراها بما فيها الحديثة النشأة من الغياب الكلي للنظافة وانعدام التهيئة والصيانة حتى أن الزائر لها يعتقد وكأنه مرّ على إنجازها قرن.
42 احتجاجا من جانفي إلى مارس لعل أهم المشاكل التي تبقى تتصدر قائمة انشغالات مواطني هذه الولاية يتمثل في نقص مياه الشرب وكذا الغاز الذي لم يجد له الجميع حلا سوى تكرار الاحتجاجات وغلق مقرات البلديات، في ظل الخلافات المستمرة بين المنتخبين وتهربهم من المسؤولية، على غرار ما يحدث بمنطقة عزازقة. يذكر أن ما بين الفترة الممتدة شهر جانفي وبداية مارس، شهدت تيزي وزو ما لايقل عن 42 احتجاجا بكل من بني دوالة التي تعيش هي الأخرى على وقع الانسداد و على وقع انفجار بسبب ملف ما يسمى الإعانات الخاصة بالبناء الريفي التي تأخرت الجهات الولائية في تحرير قرارات الاستفادة بها، وماكودة- تيزي غنيف بوزقان وكذا عدة مناطق منها آيت عيسى ميمون وذراع الميزان. وتجدر الإشارة فقط، إلى هذه العمليات الاحتجاجية شهدت غلق الطرقات والمقرات العمومية، وقد وصل الأمر إلى اشتباكات مع قوات الأمن التي تتدخل في كل مرة من أجل تهدئة الأوضاع.
طرقات مهترئة لم تعرف التعبيد منذ سنوات الزائر لولاية تيزي وزو خاصة عاصمتها خلال المدة الأخيرة يلاحظ الوضعية المزرية للطرق وحتى وسط الأحياء السكنية جراء برك المياه التي غزت هذه الطرق، الأمر الذي تسبب في تذمر المواطنين واستيائهم، علما أنهم يقضون منذ الصائفة ظروفا متعبة خاصة بالنسبة لأصحاب المركبات جراء انطلاق عملية التهيئة، ومن أهم الشوارع التي تعرف اكتظاظا في حركة المرور جراء هذه الحفر نجد الطريق الرابط بين المركز الجامعي وحي بكار مسكن، خاصة على محور لقار والمركز الجامعي الذي غزته عدة برك للمياه بسبب عدم إتمام عملية تعبيد الطريق مما حوّل حياة السائقين والمشاة إلى معاناة يومية، وتزداد المعاناة عبر بقية الشوارع خاصة عبر الطريق الرابط بين مقر الدائرة ومديرية الشؤون الدينية، حيث الحفر وبرك المياه، هذا دون أن ننسى حي ليجوني الذي رغم أنه يقع في منطقة حضرية منذ أكثر من 36 سنة إلا أنه لم يحظ بأية تهيئة عمرانية في الوقت الذي نجد فيه أحياء سكنية جديدة ظهرت خلال السنوات الأخيرة عرفت عملية تهيئة من مساحات خضراء و ساحات للعب و تعبيد الطرق والأمثلة كثيرة و كثيرة، أما بقية البلديات خاصة الريفية منها، فإن الحديث عنها طويل ومتشعب في ظل قلة المشاريع التي استفادت بها هذه القرى والمداشر والتي زادت في عزلة السكان الذين ينتظرون التفاتة جادة من قبل الجهات المعنية كونها تندرج في إطار تحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
الصحة مريضة يعيش سكان قرية اث حمودة الواقعة على بعد حوالي 9 كم و التابعة لبلدية بوغني، ظروفا صعبة جراء نقص الخدمات الصحية عبر المركز الصحي الوحيد الذي يقدم خدماته لهؤلاء السكان الذين يلتمسون تدخل الجهات المعنية لتحسين الوضعية و على رأسها اتخاذ الإجراءات الميدانية للقضاء على ظاهرة الغيابات المتكررة للطبيب وحتى الممرضة، الأمر الذي ألزم هؤلاء السكان إلى التنقل إلى عاصمة الولاية للحصول على الخدمات الصحية متحملين الظروف المناخية و متاعب الانتظار على حافة الطريق الوطني رقم 25 للظفر بمقعد ضمن مركبات النقل التي تربط عاصمة الولاية بالمنطقة، ولذا فإن هؤلاء السكان يلتمسون التفاتة من الجهات المعنية، وذلك باتخاذ كل الإجراءات الميدانية لتفادي هذه النقائض التي أثقلت كاهلهم في ظل اتساع رقعة الفقر وتدني القدرة الشرائية.
جهات مشبوهة تمارس "التخلاط السياسي" باحتجاجات بعزازقة كشفت مصادر عليمة ل"الحوار"، عن جهات مشبوهة تحاول استغلال الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها مدينة عزازقة مؤخرا لممارسة (التخلاط السياسي) ومحاولة إثارة الفوضى والبلبلة ليس في عزازقة بل امتدت لتشمل بعض المناطق، حيث سعت تلك الجهات التي ترمي بكلّ ما أوتيت من خبث إلى زعزعة استقرار البلاد، إلى العمل من أجل ركوب موجة الاحتجاجات بتيزي وزو التي لا تختلف عن أيّ احتجاجات اجتماعية أخرى من أجل الترويج لمخطّطات غريبة، وشهدت ولاية تيزي وزو في السنوات الأخيرة تقدّما كبيرا دون أن يعني ذلك اختفاء كلّ النّقائص، وهي النّقائص التي دفعت بعض مواطنى المنطقة إلى الخروج في احتجاجات سلمية تطالب بتحسين ظروفهم الاجتماعية ورحيل المسؤولين المحلّيين، وهي مطالب تُرفع في العديد من بلديات القطر الوطني، ويبدو أن بعض المرضى سياسيا وفكريا وإعلاميا تصوّروا أنهم يمكنهم استغلال غضب بعض السكان لتحويل المنطقة كلّها ومن خلالها تيزي وزو وعزازقة إلى بؤرة (توتّر سياسي)، لكن سرعان ما ستكتشف هذه الجهات أنها إنما تنفخ في الرّماد أو تصيح في واد سحيق، وأن مصير محاولة (التخلاط لن يختلف كثيرا عن مصائر محاولات سابقة وعليه أقدمت قوات الأمن أمس، على استعمال القوة لفك اعتصام معارضي سياسة المير والمطالبين بلجنة تحقيق وزارية للكشف عن طريقة تسيير الأموال العمومية بالبلدية، وحسبما أكدته مصادر محلية، حيث تم توقيف 10 أشخاص من بين المعتصمين الذين سرعان ما أطلق سراحهم.
طالبوا بلجنة تحقيق ووضع حد لاستيلاء ذوي النفوذ على أراضي محيط شلابي شباب مرجة يحتجون ويطالبون بوقف نهب العقار شهدت مدينة تيزي وزو، حركة احتجاجية قام بها العشرات من الشباب و عائلة شلابي، للمطالبة بفتح تحقيق في استيلاء ذوي النفوذ على العقار الفلاحي بالمنطقة الجنوبية، مطالبين بوقف مهزلة منح العقار لغير مستحقيه. المحتجون الذي كانوا في حالة غضب أقدموا على الاحتجاج، مطالبين من المنتخبين والجهات الإدارية ووزير العدل بإيفاد لجنة تحقيق إلى المحيط المسمى مرجة للوقوف على التجاوزات الحاصلة في منح العقار لذوي النفوذ و تواطئ أطراف في البلدية في الوقت الذي يعاني فيه المستفيدون من التضييق على مساكنهم و أراضيهم الشرعية التي ورثوها عن أجدادهم، كما طالب المحتجون من وزير العدل ومنتخبي البلدية وكذا رئيس الدائرة ووالي الولاية بإيفاد لجنة تحقيق للتأكد من وجود تجاوزات في توزيع أراضيهم على المافيا المعروفة بتيزي وزو، حيث تم الاعتداء على أراضي الكثير منهم باسم مكاتب الدراسات، وضم عشرات الهكتارات من أراضيهم إلى محيطات أنشأتها هذه الجهات لهؤلاء، محملين مسؤولية هذا الإجراء لكل من لهم يد في ذلك، وقد هدد هؤلاء الشباب بتصعيد الموقف و نقل احتجاجاتهم إلى مستويات عليا إن لم تتحرك الجهات المحلية لوقف مهازل نهب العقار ومنحه لذوي النفوذ والمسؤولين وأبنائهم، الذين يؤكد هؤلاء أنهم تحصلوا على عشرات الهكتارات من الأراضي عبر نفوذهم وأقربائهم من الجهات المسؤولة.
معاناة لا تنتهي مع رحلة البحث عن الماء الشروب وتقطع النساء كيلومترات ليس إلا لإيجاد ينبوع قد تملأن منه دلاءهن أو شيئا من هذا القبيل، وأحيانا تجدهن وهن مصحوبات بأطفالهن وهم في أعمار الزهور يتيهون بدورهم طوال اليوم بين الينابيع من أجل حصولهم على قطرة ماء تشفي غليلهم في هذا الفصل الحار الذي تتعدى درجة حرارته هذه الأيام الأربعين درجة. يحدث هذا في الوقت الذي تقع منطقة اسي يوسف بمحاذاة جبال جرجرة التي يعتبرها السكان المحليون الخزان الرئيسي للمياه الطبيعية بسبب الثلوج المتراكمة على سفوح جبالها والتي لا تذوب إلا بحلول فصل ماي أي أيام فقط من دخول موسم الاصطياف، إلى جانب الأمطار المتساقطة في فصل الشتاء محوّلة في الكثير من المرات مناطقها إلى شبه وديان جارفة لكن سرعان ما تجف وتصب في شاطئ تيفزيرت وغيره دون أن يتم استغلالها حتى في سقي الأراضي الفلاحية أو تحويلها إلى سدود خاصة بها لاستعمالها في وقت الحاجة ما من شأنه أن يضع حتما حدا لمشكل مياه الصرف المستعملة في الري وسقي المساحات الفلاحية، وهي الظاهرة التي قد تعصف بصحة المواطن في ظل تجاهله لذلك، يضاف إليه مشكل افتقار شبكات صرف المياه القذرة على مستوى قرى بلدية اسي يوسف التي يبلغ تعداد سكانها ال20 ألف نسمة ما زالوا يعيشون حياة مزرية وهم الذين لا تتوفر منطقتهم إلا على منابع مائية تم تجهيزها بحنفيات لتعويض غياب الماء الشروب، هذا إلى جانب انعدام كلي لمشروع إنجاز شبكة لتوزيع المياه، وهو ما زاد من المتاعب اليومية للسكان يضاف إليها الاعتماد على نظام المناوبة الذي تم تحديده من طرف عقلاء القرى لتفادي المشاكل الناتجة عن قانون الجاذبية الذي تستفيد بموجبه العائلات القاطنة بالمنحدرات قصد السماح بإيصال الماء الشروب إليها أكثر من سكان المرتفعات. ولم تقتصر خدمات هذا النظام الذي يعيد نفسه كل فصل صيف على قرى ومداشر اسي يوسف بل مس حتى مقر البلدية التي من المفروض أن تتسم بمعايير التقدم والتحضر، لكن لا حياة لمن تنادي وكل شيء فيها معطل إلى إشعار آخر والضحية هو المواطن البسيط الذي يدفع به الحال إلى الاستنجاد بصهاريج ماء أثمانها خيالية تفوق في بعض الأحيان الألف و200 دج، ليس هذا فحسب بل أظهر العديد من السكان ممن تحدثت إليهم "الحوار" خوفهم الكبير من نوعية الماء الذي يشربونه، متخوفين أن يكون من مياه الأودية الذي تفتقر إلى المعايير اللازمة، ما سيخلق لهم مشاكل صحية قد تبدأ بالتيفويد وغيرها. وحسبهم، فإن هذا الماء له طعم خاص وحتى لونه غير طبيعي. يحدث هذا في ظل غياب الرقابة القانونية على أصحاب الصهاريج الذين يعيشون على حساب صحة الفقراء. هذا، وقد ناشد السكان السلطات المحلية بضرورة تدخلها العاجل لانتشال قرى ومداشر بلدية اسي يوسف من العزلة والتهميش المفروض عليها منذ سنوات، والذي جعلها أشبه بالبلدة الميتة لا تصلح سوى للأشباح جراء العزلة المفروضة عليها في مختلف المجالات في ظل غياب المنشآت القاعدية والترفيهية، إلى جانب منشأة للتسلية والترفيه لصالح الشباب، فضلا عن ذلك يطالب المواطنون بالتعجيل في تسجيل مشاريع تنموية لصالح هذه المنطقة التي أنهكتها النقائص كونها المنطقة التي لم تكن مبرمجة في جدول المسؤولين المحليين منذ سنوات. امسوان -ل