للوهلة الأولى تصور الكثير من المتتبعين أن نهاية رجل الأعمال وصاحب مجمع سيفيتال، يسعد ربراب، بات واقعا لا مفر منه، خاصة وأن تحركات الحكومة ووزير الصناعة عبد السلام بوشوراب بالذات أوحت بأن الرجل لم يعد مرحبا باستثماراته في وطنه وعليه أن يجد مكانا آخر لها، لكن عودة الرجل بداية الأسبوع أعادت ترتيب الأوراق وأكدت أن الخلاف يكون قد طوي أو ربما أجل إلى حين. الضجة التي أثارها صراع الحكومة – ربراب أو بالأحرى صراع وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب – يسعد ربراب بسب ما قال عنه الوزير إن تحايلا على الحكومة قد تم في ملف شراء مصنع برند الفرنسي إذ قام مالك مجمع سيفيتال بحسبه بفوترة التجهيزات القديمة "لبرند" على أنها جديدة، كاشفا أن قيمة ما اعتبره "خردة" هي 2.5 مليون أورو، وتم التصريح بأن قيمتها أكثر من 5 مليون أورو، هذه الضجة اعتبرها الكثير أنها بداية نهاية الرجل اقتصاديا في البلاد، حيث ذهب البعض إلى حد ربط خلاف ربراب مع الحكومة بإقالة من قيل إنه أحد أكبر داعمي الرجل وهو رئيس جهاز الأمن والاستعلام المقال. يسعد ربراب وبتصريحاته النارية عبر وسائل إعلامية محلية وأجنبية المدافع بها عن نفسه ونزاهته مرة والمتوجس من اعتقاله مرة أخرى، زاد الوضع تعقيدا خاصة وأنه رمى بالكرة إلى ملعب الحكومة، التي اضطرت هي الأخرى للرد عن طريق مدير عام الأمن الوطني ووزير الاتصال لتبديد مخاوفه وذلك خوفا من اهتزاز صورتها الخارجية خاصة وأنها تسعى لاستقطاب استثمارات خارجية في ظل ما تعانيه من أزمة اقتصادية خانقة. خطوة ربراب الأولى بزيارة والي بجاية تعد خطوة مهمة في طريق إنهاء الخلاف الذي فجره وزير الصناعة قبل شهر، أما الخطوة الثانية المتمثلة في توسيطه بينه وبين الحكومة لتسهيل استثماريته فتؤكد أن الصراع لم يبح بكامل أسراره بعد، لأن رجل أعمال بقيمة ربراب لم يكن يوما بحاجة لهمزة وصل تصله بصناع القرار خاصة وأن الكثير كانوا ولا يزالوا يعتبرونه الرجل الاقتصادي لجناح في السلطة ظل قويا أكثر من ربع قرن. أما دخول رجل الأعمال المقرب من السلطة ورئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد، على الخط وعرضه لأن يكون وسيطا على شاكلة والي بجاية لحل مشاكل ربراب العالقة مع الحكومة، بعدما كان يهاجم هو الآخر صاحب مجمع سيفيتال يوحي بأن رئيس "الافسيو" الذي يرى البعض أنه لا يتحرك من تلقاء نفسه، استشعر أن الخلاف طوي وبات من الماضي لذا وجب تلطيف الجو بينه وبين رجل أعمال بحجم ربراب. الحكومة في مثل هكذا مواقف تعودت على عدم كشف أوراقها جميعا، والكل يعرف كيف تعاملت مع أوضاع مشابهة، فمن المؤكد أن الحكومة في هذا الوقت الاقتصادي العصيب ليس من مصلحتها الصدام مع رجال المال والأعمال الذين يغطون بعض إخفاقاتها، لذلك لا أحد يدري كيف ستتعامل السلطة مع ربراب هل بطي الخلاف وجعله من الماضي أم تأجيله قدر المستطاع طالما أنها بحاجة لاستثماراته على الأقل في ظل الراهن. مراد.ب