في المرآة يكتبه الصغير سلاّم بعيدا عن تصريحات "الجنرال قدور" الباردة وعن مذكرات "الكلونيل بوجمعة" التي لن تطبع إلى يوم الدين .. دعونا نلتفت إلى شؤوننا الحقيقية وتحديدا الجرائم الإلكترونية في الجزائر، والتي لا تختلف عن الجرائم العادية سوى أن اللص أوالمجرم هو إنسان متعلم أوعلى الأقل يحسن استعمال التقنية من حواسيب وهواتف وألواح ذكية .. ولعل أخطر ما في الأمر أن الضحايا المفضلين لأشباح "السيبر كرايم" هم الأطفال، ويأتي بعدهم المراهقات والمراهقون ثم الشباب من الطلبة و غيرهم من مستعملي الأنترنيت ..ولأن في كل جريمة طرفين على الأقل، وهما الضحية والمجرم، إضافة إلى الوسيلة، فإنها تصبح هكذا جريمة كاملة الأركان..فالجريمة الإلكترونية واسعة و تبدأ بالشتم و السب و القذف و الإهانة مرورا بالاحتيال و التزوير و الدعارة و ترويج الممنوعات، و قد تنتهي أحيانا بالاختطاف أو الإغتصاب، و في الغالب الضحية هو أحد أبنائنا أو بناتنا، سواء أكانوا أطفالا أو مراهقين..أما كبار السن أو المتعلمين فهم عرضة للإحتيال و الإبتزاز الإلكتروني غرض الإستيلاء على أموالهم و مقتنياتهم.. قد تبدو بعيدة تلك الجرائم الإلكترونية التي نسمع عنها أو نقرأ أخبارها في الصحف والمواقع..لكن رجاء منكم انتباه!!! لا أحد هو في منأى عن الجريمة الإلكترونية، سواء رب الأسرة أوالأم أوالأبناء والبنات، فما دام أحد هؤلاء "مشبوكا" بالأنترنيت، سواء عن طريق الهاتف الذكي أوالحاسوب المكتبي أوالمحمول، فهو معرض على الأقل للقرصنة وسرقة البيانات، وهو عرضة للاحتيال والإغراء والاستدراج .. للأسف، لا يزال التشريع الجزائري بطيئا في مواكبة تطور الجريمة الإلكترونية التي لا تستهدف فقط بلادنا لأن الجريمة هذه عابرة للقارات، و قد يكون المجرم في قارة والضحية في قارة أخرى، وإلى حد الآن توكل المهمة في الجزائر إلى كيان إداري يسمى "الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها"، لكن خبراء القانون في بلادنا لا زالوا يدقون ناقوس الخطر ويدعون إلى الإسراع بتبني قوانين صارمة للتصدي للجريمة الإلكترونية التي تعرف تزايدا كبيرا دون مواكبة قانونية للمستجدات، فهناك نقصا واضحا في الجانب التشريعي وفي طريقة التعاطي معها..وما لفت انتباهي، وأنا أتصفح النصوص التشريعية ذات العلاقة أنها لا توفر لجهات التحقيق أوإنفاذ القانون من رجال و نساء جهاز التحريات والتحقيق، الأدوات القانونية الضرورية لإنجاز عملهم، كما أن روح القانون حررت لمراقبة المواطن وليس لحمايته أي أنها تصنفه كمجرم محتمل وليس كضحية محتملة !!..المجرمون قادمون عبر خيوط الشبكة ولن ينفعنا يومها لا "الجنرال قدور" ولا "الكولونيل بوجمعة"!.