خيرة بوعمرة أبدى المشاركون في لقاء الرواية والتاريخ المنظم بقصر الثقافة والذي يندرج في إطار "موعد مع الرواية"، تشاؤمهم بخصوص مستقبل الرواية التاريخية في الجزائر. منتقدين اتجاه أغلب كتاب هذا الصنف الروائي إلى الاهتمام بالشخصية التاريخية بدل اهتمامهم بالحدث التاريخي. واتخذ الناقد الأمين بحري رواية "الأمير" للروائي واسيني الأعرج نموذجا لورقته النقدية، مؤكدا بأن واسيني الأعرج اعتمد على الشخصية وأهمل الحدث التاريخي وذهب بحري إلى أبعد من ذلك حين اعتبر أن شخصية "الأمير" راحت ضحية اختيارات واسيني، الذي كتب روايته كذلك بضمير الغائب ما جعله ينفصل عن الزمن التاريخي، مضيفا بأن هذه الرواية كتبت بالوصاية وليس هو من بادر بكتابتها. ولم يتردد بحري في الحكم على الروائيين الجزائريين بأنهم دمروا "الرواية التاريخية"، متجها بالاتهام خاصة إلى واسيني الأعرج وروايته "مملكة الفراشة" قائلا: "واسيني الأعرج في روايته "مملكة الفراشة" تكلم عن أشياء تاريخية ولكن عنصر الزمن قام بتخريبه تخريبا، حيث تحدث عن وجود الفايسبوك في العشرية السوداء، وهنا أتساءل هل كان هناك فايسبوك سنوات التسعينات؟ هذا ما أسميه بالمجزرة التاريخية". واعتبر الأمين بحري بأن فوز الأعرج بجائزة "كتارا" كان تتويجا لاسمه وليس لنصه، معتبرا أن القائمين على الجائزة قاموا بمنحها لواسيني الأعرج وليس لنصه "مملكة الفراشة". كما انتقد بحري رواية "الرايس" لهاجر قويدري واعتبرها "رواية بدون عقدة"، رغم تضمنها كما هائلا من الحقائق التاريخية إلا أنها دمرت الجانب الفني مع غياب الجانب التقني في العمل، في حين نوه بحري بأعمال محمد مفلاح، قائلا بأنه روائي ذكي ويبحث في التاريخ الهامشي وهذا ما يتيح له التصرف في التاريخ كما يشاء ويكون له هامش الإبداع كبيرا، ونفس الأمر ينطبق مثلما قال بحري على الروائي محمد بن جبار الذي تناول في عمله الروائي الأول شخصية هامشية واتخذها بوابة للتاريخ. من جهته، قال الروائي محمد مفلاح إن الرواية التاريخية هي عمل سردي يحاول بناء مرحلة تاريخية معينة، مضيفا بأن العرب كانوا متخلفين في هذا النوع من الكتابة وجورجي زيدان اعتمد هذه التقنية ولكن التاريخ تغلب على الرواية في عمله. واعتبر مفلاح أن الأدب الفرنكفوني كان سباقا للرواية التاريخية مثل عبد العزيز فراح الذي كتب "زفيرة" وغيرها من الروايات التاريخية الأخرى، والأمر لا يقتصر عليه فقط بل جاء معه روائيون يكتبون بالفرنسية كتبوا الرواية التاريخية كذلك، مضيفا: "ليست لنا معرفة قوية بتاريخنا وهذا سبب ضعف الرواية التاريخية، وعندما نتحدث عن التاريخ يجب الحديث عن الرموز والتراث ويجب ذكر ما هو مغيب، وما يهم في كتابة الرواية التاريخية هو رؤية وقراءة ما هو مهمش".