بقلم: خليل بن الدين تعد خدمة البديل المالية المتفقة مع الشريعة الإسلامية والتي أطلقها بنك التنمية المحلية منذ شهر استفاقة متأخرة جدا من المصارف في الاستفادة من الأموال المكدسة في بيوت الجزائريين والتي تُقدَّرُ بما يُعادل مليارات الدولار، يكتنزها الناس في صناديق خاصة، أو في أكياس باتت تعرف في عرف التعامل المالي والاقتصادي لديهم بالشكارة. ولم يكن اللجوء إلى أكياس البلاستيك لادخار الأموال إلا بعد فقدان أو تناقص الثقة في النظام البنكي الجزائري، الذي لم يستوعب بعد التحولات المالية العالمية، ولم يستطع التجاوب مع النظم البنكية الحديثة وهو ما دفع الناس إلى اللجوء إلى الادخار العائلي أو العقاري بعيدا عن بيروقراطية البنوك وتخلف أدائها الاقتصادي. من أجل توظيف أموال المسلمين في مختلف بقاع العالم تبنت الدول الغربية الصيرفة الإسلامية، إذ سمحت الحكومة البريطانية في سنة 1978 بتأسيس أول شركة استثمارية إسلامية قابضة، وبدأت في إعطاء تراخيص لبنوك تقليدية لفتح نوافذ للمنتجات الإسلامية (عقود المرابحة، المضاربة ، الإيجار.. ) حيث يبلغ حاليا عدد البنوك التي تقدم منتجات تتوافق مع الشريعة الإسلامية 22 بنكاً. كما أصدرت فرنسا، في أواخر أفريل 2011 أول صكوك في السوق المالية الفرنسية تتماشى مع الشريعة الإسلامية، وبعدها دخلت مجموعة البنك الشعبي وبنك فرنسا في فتح نوافذ للمنتجات الإسلامية (المرابحة والإجارة، ..) ليبلغ عدد البنوك التي تقدم منتجات مالية إسلامية ثلاثة بنوك. نكتفي بهذين المثالين الأوروبيين اللذين استطاعا التأقلم مع الصيرفة الإسلامية ونُذكِّرُ بالمناسبة بصمود هذه المنظومة في وجه الأزمة المالية التي عصفت باقتصاديات الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوربا في 2008. نعود إلى حالنا فما بال البنوك عندنا تكابر في اللجوء إلى الصيرفة الإسلامية وهي تعرف يقينا إقبال الناس على هذه الخدمة ونفور جلهم من الخدمات المصرفية والقروض الربوية .. وهو ما قد يشكل إسهاما في تجاوز الأزمة المالية الحالية. لم تفاجئ تجربة بنك التنمية المحلية الحديثة أحدا، فهي وإن جاءت متأخرة إلا أنها تتماهى تماما مع مرجعيات المجتمع الجزائري الذي كان ينتظر بشغف التعامل بخدمات مالية بدون فوائد. وإذا كان مدير بنك التنمية المحلية عبر عن انبهاره بنجاح العملية في وقت قياسي من إطلاقها، فإن هذا النجاح سيؤدي لا محالة إلى استنساخ التجربة في بنوك جزائرية أخرى عليها أن تطور من أدائها، وتتأقلم مع المعطيات الحديثة للتسيير إن هي أرادت فعلا استقطاب أموال الجزائريين، وأن تكسب ثقتهم في إيداع أموالهم لديها، ومن ثمة الانتقال إلى مرحلة أخرى هي مرحلة توظيف هذه الأموال في معاملات تعود عليهم بالربح المتسق مع قناعاتهم ومرجعياتهم الدينية والاجتماعية.