تثير استقالة حسين خلدون، أحد القيادات الأفلانية البارزة المعروف عنها لدى قيادة العتيد ومناضليه اتسامه بالعقلانية والحكمة والتبصر، الكثير من علامات الاستفهام حول الوضع الداخلي الحقيقي الذي يعيشه اليوم حزب جمال ولد عباس المتهم من قبل خلدون بالانفراد في اتخاذ القرارات المصيرية وعدم استشارة القيادة، خاصة تلك الممثلة في المكتب السياسي وتدخل أشخاص خارج الأطر المؤسساتية وفرض منطقها في تسيير شؤون العتيد، الأمر الذي يبعث على التساؤل حول طريقة إدارة العتيد في ظل رئاسة صاحب ربطة العنق الوردية، خاصة أن هذه "الشهادة" من "أهل البيت" تعد مؤشرا على أن الحزب يعمل خارج إطار المؤسسة. هذه الاستقالة المفاجئة للمكلف بالاعلام على مستوى الحزب حسين خلدون، أكيد أنها لن تمر مرور الكرام على البيت الأفلاني، وأن رياحها ستهب لا محالة على سماء العتيد، خاصة أمام المبررات التي ساقها القيادي خلدون حول أسباب الاستقالة، في مقدمتها انفراد ولد عباس باتخاذ القرار وتدخل اشخاص لا تمت بصلة لمؤسسات الحزب في تسيير هذه التشكيلة وفرض توجهاتها وآرائها ومنطقها كذلك. هذه الاستقالة التي جاءت من بوابة وسائل الاعلام تؤكد ان "التشنج" أصبح سيد الموقف داخل البيت الأفلاني وداخل مؤسساته كذلك، في مقدمتها المكتب السياسي الذي تشير الكثير من التقارير الاعلامية إلى وجود هوة كبيرة بين اعضائه، بين داعم لمسار الرجل الأول الحالي في العتيد ولد عباس، ولكل القرارات التي يتخذها، وبين رافض لها ومن يعتبرها "انفرادية" صادرة خارج المؤسسات. واللافت أن الأعضاء الذين تبنوا هذا الطرح أؤلئك المحسوبين على الأمين العام السابق عمار سعداني الذي ترك قبل رحيله من على رأس الأفلان تركة ثقيلة وقنابل موقوتة بدأت اليوم "تنفجر" في وجه ولد عباس. * دعوة لتنحية ولد عباس تجدر الاشارة إلى أن حسين خلدون المستقيل، دعا، أمس، على صفحته الرسمية على الفايسبوك مناضلي الحزب بالعمل على تنحية الأمين العام جمال ولد عباس، مؤكدا أن استقالته جاءت بعد ما وصفه ب"تمادي ولد عباس في التصرفات الانفرادية والتعامل مع الحزب كوزارة التضامن". ويطرح متتبعون للشأن الأفلاني، الكثير من السيناريوهات التي من المتوقع أن ترافق استقالة حسين خلدون من منصبه كمكلف بالإعلام واكتفائه بالاستمرار في النضال فقط، منهم من يرى أن هذه الاستقالة ستفتح "باب جهنم" على مصراعيها في وجه الأمين العام، وأن إطارات وقيادات أخرى ستتبنى مستقبلا نفس نهج خلدون، ما يمكن من إعادة العتيد "إلى مربعه الأول" من حيث التشنج وارتفاع وتيرة الاحتجاجات على السياسة الحالية، خاصة من قبل أعضاء المكتب السياسي الذين يشاطرون خلدون أفكاره، ضف إلى ذلك "التخوف" من هزات ارتدادية أخرى تكون مصدرها المحافظات والقسمات التي ترى أنها "همشت" في عهد ولد عباس، بعد أن عرفت "ربيعها الوردي" في فترة سعداني. أما تيار آخر فيرى أن خروج القيادي البارز خلدون من "سرب" ولد عباس لن يقدم ولن يؤخر شيئا في سبيل إعادة لحمة العتيد وترتيب بيته من جديد. وبين هذا وذاك، تبقى السؤال المطروح الى حد توجد ظلال خارجية تسير الحزب من خارج المؤسسات، خاصة وأن حسين خلدون لا يعرف عنه انه صاحب إثارة أو مشاكل أو طامع في مناصب نزعت اليوم منه. * المكتب السياسي: استقالة خلدون لن تؤثر على استقرار الأفلان في السياق، اعتبر القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني مصطفى معزوزي، ل"الحوار" أن استقالة المكلف بالإعلام حسين خلدون: "استقالة عادية ولن تؤثر على استقرار الحزب". وعلق عضو المكتب السياسي للحزب رشيد عساس في حديث مع "الحوار" بتحفظ حول استقالة زميله في المكتب السياسي حسين خلدون، حيث قال إن: "كل مناضل من حقه الاستقالة، وكل مسؤول من حقه الاستقالة كذلك من منصبه، وتبقى الأسباب التي ساقها تخصه وحده فقط، لكن برأيي كان عليه ان تكون استقالته في الإطار الرسمي فقط". وعن امكانية ان تحدث هذه الخطوة ارتدادات سلبية على استقرار الأفلان: "لا أستطيع ان أقول تأثر أو لم تأثر، خلدون زميلنا في المكتب السياسي، قدم مجهودات، وهذه الاستقالة شأنه الخاص، هو انسان مناضل وعضو مكتب سياسي لم نتمن أن يخرج بهذه الطريقة". نورالدين علواش