عماره بن عبد الله الاحتفال بذكريات العظماء وفاء وأي وفاء، لأنهم وفوا بما عاهدوا عليه الله والشعب وحققوا أمانيهم بخاتمة الاستشهاد، فالذكرى وإن قامت فهي لا تقام من أجلهم كأشخاص، ولا من أجل الذكرى، بل تقام لأن حياتهم جزء من تاريخ هذا الوطن العظيم، فتذكرهم وإقامة الذكريات لهم تذكير للأجيال على مدى العصور، بما قدمه أجدادهم وآباؤهم من تضحيات غالية كي يتحرر الوطن ويسعد أبناؤه وينعموا بالحرية فوق أرضهم. فعلا أيها الاعزاء أبناء الوطن، وما أدراك ما الوطن، هذا المكان والشعور والقيم التي لا يشعر بها إلا من يفتقدها..! إن وراء كل عظيم من عظمائنا قصة وبطولة وأمجاد تعتز بها أجيال الغد وتتباهى بسجلها الذهبي الثري بالرجال والأبطال، هذا السجل الذي عاثت أيادي المستعمر فيه حرقا وفسادا، أما الوجع الكبير عندما يقارن جيل ما بعد الاستقلال بين سجلنا وسجلات الشعوب الاخرى عندها يلاحظ الفارق الذي دعمناه بصمتنا وتجاهلنا كل من مستواه ومسؤولياته. لقد حضي الشهيد بالتكريم والتبجيل لما خصه به الله من مكانة حميدة، وعرفان له لما قدمت يداه من تضحيات جسام، فهو الذي لبى وضحى بالروح والجسد دفاعا عن الوطن والحرية والشرف صادقا عهده ولم يبدل تبديلا، حينها اجتمع الحاضرون تحت قبة نادي الصنوبر في ذلك اليوم من سنة 1989 وأي حاضرون وهم أبناء النشامى الذين ضحوا لأجل الوطن على أن يكون ذلك اليوم ذكرى ويوم وطني للشهيد، لا لشيء إلا لإرساء الروابط بين الأجيال وتذكير الشباب بتضحيات الأسلاف من أجل استخلاص العبر والإقتداء بخطهم الشريف، وليستعيد هذا الشعب الابي ذاكرته العملاقة بهذه المناسبة فضل التضحيات والدم والنار والعذاب وجثث الشهداء وجراح أيام الاستدمار الفرنسي ولكي يربط بين الماضي والمستقبل، وليتذكر أن هؤلاء ماتوا في خندق واحد ومن أجل هدف واحد، وهو الحرية والاستقلال.. هنا يتجلى الهدف والغاية المقصودة من وراء اعتبار هذا التاريخ يوما وطنيا للشهيد، إنما هو من أجل ترسيخ قيمة الشهيد وعظمة تضحياته في أذهان الأجيال الحاضرة واللاحقة، هاته الاجيال التي تحاك بها وعليها عدة تحديات ورهانات من هنا وهناك. وعليه فصفوة كلامي أن هذا اليوم هو عودة لهذا الشعب إلى تاريخه ليقرأ فيه معاني الوطنية ومعنى النضال ومعنى الإسلام ومعاني الجهاد ومعاني حب الوطن من خلال استذكاره لقوافل الشهداء الذين قدمهم قربانا لمذبح الحرية، وبالتالي فهو رمزا حيا للجزائر ومعنى غاليا لا يزول من ذاكرة الأجيال الصاعدة، لكي يبقى الشهيد شوكة عالقة بحلق فرنسا الاستعمارية.. فالمجد والخلود لشهدائنا الابرار.