كشف، أحسن قدماني، رئيس الفيدرالية الوطنية لمنتجي البطاطا، أن أسعار مادة البطاطا ستشهد انخفاضا في الفترة المقبلة، حيث ستصل إلى 30 دينارا للكيلو غرام، مشيرا إلى أن الجزائريين يتصدرون القارة الإفريقية وينافسون الألمان في استهلاك البطاطا ب100 كلغ للفرد سنويا. وأكد قدماني في حديثه لجريدة "الحوار"، أن الفيدرالية تسعى لتطوير إنتاج البطاطا محليا حتى يصل ما بين 6.5 إلى 7 ملايين طن بحلول عام 2019. *في البداية، ما هو توقعكم لمنتوج البطاطا هذا الموسم؟ – في الحقيقة نتوقع أن يصل إنتاج البطاطا في أواخر مارس حتى بداية أفريل المقبل، إلى نصف مليون قنطار، خاصة مع الأمطار التي شهدتها المنطقة، والتي جاءت في الوقت المناسب، حيث نتوقع زيادة في منتوج البطاطا ولكن ليس بدرجة كبيرة، فهي متقاربة مع الموسم الفارط، نتيجة الأمطار المعتدلة التي تساقطت منذ أيام، ونحن ننتج 45 مليون قنطار في السنة.
*كم سيتراوح سعر البطاطا خلال الفترة القادمة؟ – أظن أن سعر البطاطا سيشهد استقرارا هذا الموسم بسبب الظروف المناخية المناسبة التي شهدتها الجزائر، ويتراوح ما بين 30 إلى 40 دينارا، لكن ليس مثل العام الماضي، أين كان السعر منخفضا جدا لمدة طويلة، خاصة مع دعم الدولة لاستقرار الأسعار، وهي أسعار لم تكن مقبولة لدى المنتجين " الفلاحين " الذين تضرروا منها، عكس المواطن الذي استحسن هذا السعر.
*إذن ما سبب ارتفاع أسعار البطاطا منذ أشهر؟ -لابد هنا من التأكيد أن سبب ارتفاع الأسعار لا يرجع إلى المنتجين أساسا وهو أمر يحيرنا، والمشكل الرئيسي هو وجود خلل في مسالك التسويق وعدم انتظامها وليس فقط المضاربة، لأن المنتج في حقيقة الأمر لا يستفيد كثيرا سوى من 5 دج في الكيلوغرام، وبالتالي من المفترض أن يكون سعر البطاطا يتراوح بين 30 إلى 40 دج، بينما نجده في الأسواق يصل أحيانا من 60 إلى 70 دج، ويصل الفرق إلى 30 دج وهذا أمر غير معقول، لهذا ندعو إلى ضرورة تنظيم المسالك التسويقية.
*من المسؤول عن تنظيم مسالك التسويق؟ – هناك وزارة التجارة التي لابد لها من فتح أسواق جوارية خاصة بمنتوج البطاطا الذي يعتبر ذو استهلاك واسع جدا، ولهذا لابد من تنظيم دقيق ومحقق وجيد. وحسب تجاربنا وتجارب في بلدان أخرى، لابد لهذا المنتوج أن يسلم إلى تعاونيات، أين الفلاح والمنتج ينتج البطاطا والتعاونية هي من تضبط الأسعار. التعاونيات إن وجدت ستقضي على مشكل التذبذب في أسعار البطاطا.
*ماهو دور الفيدرالية هنا؟ – هدفنا ودورنا هو التنسيق والتسيير، حيث قمنا باتصالات مع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية الذين نشكرهم لفتحهم لفيدراليتنا كل أبواب المساعدة، وأيضا حوار مع وزارة التجارة لوضع تعاونيات أومناطق لجمع هذا المنتوج الذي يمكّننا في التصرف فيه، خاصة وأن التعاونية لا تملك أغراضا ربحية، فغرضها الأساسي هو تعديل السوق، وفي هذه السنين لا نملك أي حلول، وتوجهنا نحو فتح تعاونيات لضبط سعر البطاطا في السوق. * هل تلقيتم ردا على طلبكم؟ – كفيدرالية ليس لدينا أي مشاكل مع وزارة الفلاحة، لأنها فتحت لنا كل الأبواب، ونحن نتشاور ونتحاور معهم حول مواضيع التسويق، الإنتاج، المناطق المنتجة، في خلق عدة مناطق للإنتاج، خاصة في الأشهر غير الموسمية، لأن لدينا فقط ولاية واد سوف التي يمول إنتاجها ما بين 40 إلى 45 بالمائة من الإنتاج الوطني.
*لماذا برزت واد سوف بالضبط بالرغم من وجود مناطق سهبية واسعة تزخر بها الجزائر؟ – واد سوف هي منطقة صحراوية، والمؤسسات المحلية المنتجة للبذور هي من صنعت هذا الفارق، وبدورنا نسعى لتطوير الإنتاج في ولايات أخرى سطيف مثلا، ورقلة، غليزان، تيارت، أم البواقي وتمنراست.
* إذن لماذا تشهد أسعار البطاطا ارتفاعا في واد سوف؟ -المنتجون في واد سوف اعتبرهم مجاهدين في الصحراء في ظل الصعوبات التي تواجههم من اهتراء الطرقاء والكهرباء، لكننا نطالبهم بأن يكونوا وطنيين ومهنيين، مثلما قدّمنا مساعدات لهم من قبل المؤسسات المنتجة للبذور من خلال تأخير تسديد فواتير البذور بعد إنتاج البطاطا ومساعدات أخرى.
*بخصوص الشكاوى التي طرحها فلاحو واد سوف، هل قمتم بإيصالها إلى السلطات الوصية؟ -نعم قمنا بإيصال انشغالات الفلاحين للجهات الوصية، وتمت سوية 50٪ منها، وهناك تسهيلات في الكهرباء ومسالك النقل، ويجب على المنتجين أن يتضامنوا فيما بينهم ولا ينتظروا مساعدات الدولة دائما، وعدم التفكير في الربح السريع فقط.
*هل تعتقد أن نسجل فائضا في إنتاج البطاطا؟ – هذا الأمر يرجع إلى الأحوال الجوية أوالمناخ، وإذا استمرت هذه الأجواء المعتدلة لأنه في وقت الغرس تمت العملية بطريقة جيدة، ونتوقع أن نسجل فائضا في الإنتاج ونحن نعمل على ذلك، وهناك الكثير ممن يفكرون في التصدير، لكنه كان محتشما نوعا ما، وهناك حوار بين المصدرين والمنتجين، لكن قبل أن نفكر في التصدير لابد أولا من التفكير في إنشاء مصانع للتحويل، أين هنالك اتفاقيات مع المنتجين للتحويل، ومهما كان المنتوج فهناك طرائق كثيرة للحفاظ على المنتج وعلى السعر، حينما يتم تحقيق فائض في الإنتاج، وإنما نفكر في التصدير يعني تكون فيه اتفاقية في بداية الأمر، أي في بداية زرع المنتوج بين المصدر والمنتج، أي هناك كمية معينة نستطيع بها أن ننطلق في عملية التصدير وبمقاييس النوعية.
*من هي الدول التي ستصدرون لها البطاطا؟ – نحن في اتصالات مع دول إفريقية مختلفة من أجل تصدير البطاطا، على غرار السنغال ومالي، وكان ذلك بمناسبة المنتدى الإفريقي للمؤسسات الذي حضرنا فيه بقوة وتلقينا ردود إيجابية، حيث سيزور مجموعة ممثلين عن دول إفريقية الجزائر شهر أفريل المقبل، لتفقد الإنتاج وإمكانية عقد اتفاقيات معها، ونحن فيدرالية منتجي البطاطا بدورنا سنزورهم أيضا، كما لدينا طلبات من دول الخليج من أجل الاستيراد، لكنها لن تكون بالمقاييس التي تتطلبها السوق الأوروبية.
*لو حدثتنا عن المقاييس؟ -في إفريقيا المستهلك لا يبحث كثيراعن النوع وإنما همّه الحصول على البطاطا، وإن اشترط يطلب الحجم الكبير، عكس المستهلك الأوروبي لديه ثقافة في النوعية، فهو يبحث عن الدولة المنتجة للبطاطا وحجمها (الصغيرة والمتوسطة ..) وشكلها.
*ماهي أنواع البطاطا التي تنتجها الجزائر؟ هناك "سبونتا" و"فابيلا" من البطاطا البيضاء، وهناك "كندور" و"الأطلس" من البطاطا الحمراء، كما يوجد نوع مطلوب جدا في السوق الأوروبية يسمى "الشارنيكولا"، لكن لا نستورده إلا نادرا في الجزائر، له عدة ميزات ذو شكل متوسط ويصلح للتخزين.
*كم تتوقعون أن يصل الإنتاج الوطني للبطاطا خلال المواسم القادمة؟ – نسعى لرفع القدرة الإنتاجية من 6.5 إلى 7 ملايين طن في الموسم بحلول سنة 2019، حاليا الجزائر لاتزال تستورد "الشيبس" من الخارج في وقت أنها تسجل فائضا في إنتاج البطاطا، والذي يمكن تحويله في المصانع إلى "شيبس"، وغرضنا الذهاب إلى التحويل قبل التصدير من أجل ضبط الأسعار، وكذلك نحافظ على الفلاح الذي تبرم معه اتفاقية من أجل تحويل البطاطا إلى مصانع.
*هل قمتم بخطوة في هذا الاتجاه لتحويل البطاطا في المصانع؟ – كانت هناك مصانع لتحويل البطاطا المستوردة من قبل، لكننا تدخلنا في السنوات الأخيرة من أجل توقيف هذا الاستيراد، مع أن المصنعين كانوا على حق لأن الإنتاج الوطني لم يكن يتوفر على النوعية التي يبحثون عنها. قمنا بمبادرة من أجل إقناع المصنعين بالتوجه نحو الإنتاج المحلي مع توفير شروط النوعية والجودة، هناك اتفاقيات بين منتجي البطاطا والمصانع، وكمثال مصنع "شيبس" الذي اتفق مع المنتجين، وهناك أيضا اتفاقيات مع مصانع بكل من بومرداس والبويرة لتحويل البطاطا المحلية.
*السوق الدولية سيطرت عليها إيران وكانت سوريا ودول أخرى، هل تبحثون عن أسواق دولية فيما يخص البطاطا للتصدير؟ – قبل التوجه للتصدير نحو السوق الدولية يجب ضبط الأسعار في السوق الوطنية التي تشهد تذبذبا، في وقت أن الجزائريين يستهلكون البطاطا مثلا كالألمان مقارنة بجيراننا، وحتى يكون التصدير لابد من أن تتكاتف جهود المنتجين والموزعين وإرادة قوية من الدولة.
*ماهي قدرة الجزائر على تخزين البطاطا؟ – الجزائر تعرف نقصا كبيرا في غرف التبريد، ومؤخرا طرحنا هذا الإشكال على وزيرالفلاحة والتنمية الريفية من أجل إعداد برنامج خاص للمنتجين وخلق غرف للتبريد والتخزين بمقاييس عالمية، وهذا بغية تحقيق استقرار في أسعارالبطاطا وليس للمضاربة، يمكن القول -حسب معلوماتنا- أنه ينقصنا مليون متر مكعب في مجموع حجم غرف التبريد.
*شهد إنتاج البطاطا خسائر خلال فترة الاضطراب الجوي وهذا ما طرح إشكالية سوء تسيير، لماذا دائما هذا المشكل؟، وماهو الحل لعدم تكراره؟ -المشكل -كما ذكرت- هو وجود خلل في مسالك التوزيع، مع حدوث اضطراب جوي تصبح الأمور أكثر تعقيدا في عملية النقل، ولابد من استحداث تعاونيات تعمل على تنظيم عملية التوزيع في المناطق المنتجة على مستوى الطرقات الوعرة، كما أن هناك بعض المضاربين يستغلون سوء الأحوال الجوية للمضاربة ورفع الأسعار لأضعاف. في هذا الصدد، نحن ننسق مع وزارة الفلاحة من أجل حل هذا المشكل بالتعاون مع هذه التعاونيات.
*كم تستورد الجزائر من البذور في الموسم؟ -في السنوات الأخيرة تراوح معدل استيراد البذور ما بين 120 ألف طن و140 ألف طن، وفي هذه السنة قمنا بتحديده في قيمة 100 ألف طن، وهذا ما أعطى الفرصة للمؤسسات المحلية من أجل إنتاج البذور التي تنتج حاليا 80 ٪، في حين نستورد 20٪ من الخارج، وهي قفزة كبيرة في الإنتاج.
* هل يمكننا تحقيق الاكتفاء الذاتي وتغطية الطلب الوطني من ناحية إنتاج البذور؟ -لا يمكن أن أعدك بذلك، لكن لتحقيق الاكتفاء الذاتي يجب المساهمة علميا من خلال المخابر وعقد شراكات مع الدول الرائدة في إنتاج البطاطا، على غرار كندا وهولندا لخلق نوع جديد من البطاطا الجزائرية التي تتميز بالجودة والنوعية.
*كم بلغ الاستهلاك السنوي الفردي للبطاطا في الجزائر؟ وصل إلى 100 كيلوغرام سنويا للفرد، إذ تحتل الجزائر المرتبة الأولى إفريقيا في الإنتاج والإستهلاك، ونحن ننافس حاليا الألمان، حيث يستهلك الألماني 140 كيلوغرام من البطاطا سنويا.
*هل تلقيتم دعما من السلطات؟ -لا نحتاج الدعم المادي ولم نتلق خدمات مادية بل معنوية، نحن نحترم السلطة ووزارة الفلاحة، ودائما ما نجلس على مائدة الحوار، نحن كمنتجين نأمل أن تفور لنا كل التسهيلات إلى جانب عدم فرض شروط تعجيزية على الفيدرالية ومنتجيها.
*في الأخير الكلمة لك.. -نشكر جريدة "الحوار" على اهتمامها بالفيدرالية التي ستبلغ سنة كاملة على تأسيسها في مارس المقبل، ونشكر أيضا الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين تحت إشراف الحاج محمد عليوي، يجب أن نحافظ على المنتجين الذين امتهنوا هذه المهنة، لأن الفلاحة هي بترول الجزائر في المستقبل. حاورته: زهرة علي