دعا مجلس أساتذة الثانويات الجزائرية أولياء التلاميذ إلى محاربة ظاهرة الغش التي أصبحت ترهن مستقبل التعليم بالجزائر من داخل البيوت وفي السنوات الأولى لدراسة أبنائهم من أجل الحفاظ على مصداقية الشهادات التي يتحصلون عليها، متسائلا كيف للأولياء أن يدافعوا عن ابن يغش ويفرحوا بنجاحه المزيف، مشددا على أن وزارة التربية لا يمكنها لوحدها محاربة الظاهرة لإخراج التلميذ الذي يعد ضحية منها. وأوضح مجلس "الكلا" في دراسة أجراها حول السبل الكفيلة بالقضاء على ظاهرة الغش في الامتحانات الرسمية، والتي أظهرت وزارة التربية الوطنية عزمها على محاربتها هذه الدورة مثلما يظهر جليا من خلال الإجراءات والتدابير المتخذة خلال امتحان شهادة التعليم الابتدائي حيث جند أرمادة من الأساتذة والنظار ورجال الأمن والدرك الوطني لتأمين الامتحان، مشددة على أن محاربة ظاهرة الغش يجب أن تكون من السنة الأولى ابتدائي وإلى غاية طلبة الدكتوراه بالموازاة مع الحياة اليومية للمجتمع، لأن الجميع يغش سواء في المدرسة أو في الجامعة وفي باقي الهياكل، وهو ما يستدعي التفكير والتوبيخ منذ السنة الأولى والعقاب عندما يصل الغش للنظام الدراسي. وأرجعت النقابة ظاهرة الغش في المدارس إلى حرمان الأستاذ من سلطته البيداغوجية، حتى وصل الأمر إلى عجزه عن منع 20 مترشحا في قاعة عن الغش، وهو ما تعيه وزارة التربية جيدا بحكم تسخير 3 حراس إلى جانبه، هذا بالرغم من أن كل وسائل الغش التقليدية قد أصبحت معروفة اليوم على غرار الساعات الذكية، الهواتف، سماعات الأذن، الرسائل القصيرة، الآلة الحاسبة، الوشم، فيما يبقى الغش عن طريق النقل من الآخر أكثر الطرق استعمالا في امتحان البكالوريا، مؤكدة أن الوسائل التي اعتمدتها وزارة التربية في محاربة وسائل الغش الحديثة لم تكن بالنجاعة المطلوبة بما كان حجم الخسائر المادية التي تسببت فيها عند قطع الإنترنت بشكل جذري خلال الامتحان، ناهيك عن الخوف الذي سببته للمترشحين دون معرفة المسؤولين عن هذه التسريبات. وأكدت النقابة أن وقع ظاهر الغش أصبح أعمق في مجتمع يضم منظومة تربوية تكرس منطق اللاعقاب، حيث يشهد الطفل ومنذ نعومة أظافره على حالات الغش إما عن طريق أهله أو أصدقائه في الدراسة، مما يجعله يختار سبل النجاح الأسهل إما عن طريق أخذ الدروس الخصوصية عند أستاذه أو استعمال وسائل الغش التي لا يعاقب عليها عادة في قطاع التربية، وبتدخل الأولياء لإنجاح أبنائهم بكل ما توفر لديهم رغم معرفتهم بمستواهم المتدني، مبرزة بأن المجتمع اليوم يحاول محاربة ظاهرة سلبية هو من أنشأها بنفسه. وشدّدت نقابة "الكلا" على أن التلميذ هو مجرد ضحية لنظام مبني على الغش واللاعقاب، وهو ما يدفع حتى التلاميذ النجباء للغش لا لشيء سوى أنه تم ترويضهم على رفض الفشل والنجاح الدائم في الدراسة حتى لو كان لا يستحقونه، داعية إلى عدم اقتصار محاربة ظاهرة الغش سوى على امتحاني "البيام" و"البكالوريا" لأن انتشارها رهيب في الجامعات وتستدعي دق ناقوس الخطر، مشيرة إلى أن الوضع، ورغم أنه لا يقتصر على الجزائر، إلا أن محاربة الظاهرة أصبح لزاما، كون معيار النجاح أصبح الغش، خاصة في ظل الإصلاحات التربوية التي رافقها التفتح على التكنولوجيا، بحيث أصبح الإنترنت وسيلة للغش خرجت عن السيطرة. نسرين مومن