رزيق: السياحة لا تحتاج إلى وزارة منذ سنوات وأنا أسيرها دون جدوى – برحو سهيلة: العمل وتحرير القطاع الخاص رهان تبون – مهماه: بناء الثقة في البيت الاقتصادي عنصر مهم للاستشراف – لالماص: وجب إيقاف وحش الاستيراد سيتم عرض مخطط عمل حكومة عبد المجيد تبون يوم 18 جوان الجاري أمام المجلس الشعبي الوطني وذلك بإعداد مخطط عمل تتحدد أولوياته في تحسين القدرة الشرائية وترشيد الواردات بهدف تفادي الرجوع للمديونية الخارجية وحماية الاقتصاد الوطني، كما أن محاربة البطالة وبناء السكنات الاجتماعية وتشجيع مشاريع الاستثمار انطلاقا من تحديد إستراتجية واضحة المعالم تتخذها حكومة تبون في المسار المقبل، في ذات السياق يرى خبراء التحليل الاقتصادي أن الحكومة الجديدة يجب أن تغير من نمط عمل سابقتها بالتوجه نحو اقتصاد منتج للخروج من الأزمة الاقتصادية وهو ما أكده كل من الخبير الاقتصادي كمال رزيق وبوزيان مهماه وإسماعيل لالماص والخبيرة برحو سهيلة في حديثهم ل "الحوار". * وجب تغيير البوصلة للنهوض بالاقتصاد الوطني وفي الوقت الذي باشر الوزير الأول عبد المجيد تبون وطاقمه الحكومي مهامهم، يراهن الكل على هذا الطاقم الذي قال بشأنه مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى أن من شأنه إحداث نفس جديد في طريقة تسيير شؤون البلاد، حيث كشف الخبير الاقتصادي كمال رزيق ل "الحوار" أنه من المستحيل التوجه نحو حكومة جديدة بنفس إستراتجية حكومة سلال، وجب تغيير بعض الأساليب وميكانيزمات العمل، موضحا أهم النقائص التي من الممكن أن تعالج في إطار حكومة تبون في شقها الاقتصادي، وفي السياق ذاته قال الخبير الطاقوي فمثلا قطاع الفلاحة رغم مجهود الوزارة وهي مشكورة حققت بعض النتائج ولكن لا نرى أنها تملك إستراتجية واضحة المعالم، ولم تحقق ما يسمى بالأمن الغذائي، الآن نستورد القمح والحليب بكميات كبيرة، لهذا يجب أن نحدد إستراتجية ننطلق منها لتحقيق الاكتفاء الذاتي وفق مخطط عمل مدروس ومحدد الأهداف، ومؤكدا على الخلل في السياسة في حد ذاتها، مضيفا في نفس السياق "نحن نواظب على استيراد المادة الأولية بدون فائدة، ففي الصناعة رغم أن التركيب منح مزايا جيدة لدفع عجلة التنمية، من بينها خلق فرص عمل وكسب الخبرة والتحكم في التقنية، خصوصا إذا توج ذلك برفع نسبة الإدماج ولما لا منتجات جزائرية مائة بالمائة، فمن الواجب على الحكومة أن تصرح وتقدم برنامجا حول نسبة الإدماج وما وصلت إليه، أما أن تستورد قطعا كاملة أو مجزأة فهو أمر غير مجد، يضيف محدثنا أما بالنسبة للسياحة فهي لا تحتاج إلى وزير أو وزارة، منذ سنوات وهي تسير دون جدوى. وقال محدثنا: "من المفروض أن تجسد على شكل نوادٍ وجمعيات هي التي تسهر على فعاليتها، مع التأكيد على أن القطاع الخاص عنصر مهم في الفعل الاقتصادي هو من يبني الفنادق والمنتجعات..الخ، موضحا على غياب التنسيق بين الإنتاج والتوزيع في الصيرورة الاقتصادية وهذا من أحد الأسباب التي أنتجت الأسواق الفوضوية، حيث نجد 3 آلاف سوق تجاري لم يتم إنجازه، وبالتالي هذا الفراغ غطته الأسواق الموازية الحاضنة للمضاربة والاحتكار. وفي نفس السياق يقول رزيق "نعم هي تشكل خطرا على الاقتصاد الوطني ولكن لولاها لما وجدنا أين نقضي حاجياتنا اليومية في ظل غياب البديل ففي 1541 بلدية 70٪ منها لا تحتوي على أسواق جوارية رسمية"، وعلى نفس المنوال يعتبر كمال رزيق أن الأمر بالنسبة للقطاع الفلاحي ينحصر في مشكلة سلسلة التبريد التي تجسد الاحتكار والمضاربة والبيروقراطية. ويرى الخبير الاقتصادي أن الأمر الواجب تجسيده هو وزارة مختصة في التجارة الخارجية كوزارة منتدبة تهتم بالانضمام للمنظمة العالمية للتجارة، وبكيفية رفع حجم الصادرات باستعمال عدة طرق وآليات وميكانيزمات تساعد على نجاح العملية الاقتصادية، وهذا في كيفية ترقية المنتوج الجزائري ليصبح قابلا للتصدير للخروج من تبعية النفط في المسار المقبل.
* التوعية الاقتصادية شق مهم في أي مخطط عمل وفي هذا الصدد دعت الاقتصادية برحو سهيلة ل "الحوار" إلى ضرورة تحسيس المواطنين بأهمية التوجه نحو العمل وتطليق الكسل، قائلة في الحقيقة "خطط الاستشراف لا تبنى إلا في ظل وجود قاعدة شعبية تدعم وتدرك ما ينتظرها من تحديات لإعادة ترتيب البيت الاقتصادي وصياغة هيكلة تتماشى مع الوضع الراهن"، فوجب تغيير الدهنيات والتوجه نحو الكد بعيدا عن ثقافة الاتكال والكسل لخلق مساحة ديناميكية للفعل الاقتصادي كقيمة مضافة لأرباح النفط في خضم التحولات الخارجية، مؤكدة على أن هذا الفعل لا يتأتى إلا بتحرير القطاع الخاص وتوفير جو مناسب للاستثمار، وفي نفس السياق تضيف برحو أنه يجب أيضا أن تتم عملية تحييد العوائق القانونية والإدارية التي تعرقل سير الدورة الاقتصادية، ومن جهة أخرى تكمل الخبيرة الاقتصادية قولها، فالإعلام كوسيلة تصنع الرأي العام له دور كبير في ترسيخ ثقافة التبعية، والملاحظ أنه مع كل ارتفاع طفيف في أسعار النفط يزف الخبر مبشرا المواطن، أنا من رأيي يجب أن ينسى هذا الموضوع و يترك كعامل تقني بحت لتتغير قناعة الفرد الجزائري فقد أصبح يعتمد على الريع في حصر متطلباته، هذا أهم شق يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.
* الثقة عامل أساسي في رسم الإستراتيجية الاقتصادية في حين أوضح الاقتصادي بوزيان مهماه ل"الحوار" أن الفعل السياسي يؤثر حتما على الأداء الاقتصادي ولهذا نتحدث عن مضامين الفعل السياسي التي جاء بها الدستور الجديد المتمثل في الاستنجاد بالإرادة الشعبية بغية التجديد وإبراز كفاءات جديدة وفق مخطط شامل، وهذا ما يسمح بتجديد فلسفة العمل الحكومي، لتجاوز إكراهات الواقع في تلبية المطالب المشروعة للشعب الجزائري، من نفس المنطلق السياسي الذي من المفترض أن يقدم انطباعا جيدا، كما أشار إليه كتاب الفكر الاقتصادي الحديث، مثل "فرنسيسكو بوياما" أحد منظري الرأسمالية الحديثة، حيث تكلموا عن فضائل الثقة ودورها في تحسين النشاط الاقتصادي للدول، ومن نفس الاتجاه يؤكد الخبير الاقتصادي بوزيان أن عامل الثقة عامل أساسي ومهم في أي إستراتجية اقتصادية، وما ينبثق عنه من أثر ايجابي الذي ينبغي أن يترجم على مستوى مخطط الحكومة قبل عرضه على مستوى البرلمان في 18 جوان الجاري، لضمان الثقة الشعبية كمحرك ديناميكي في دفع عجلة التنمية، يضيف مهماه في اتصال هاتفي مع "الحوار" أنه يجب على الحكومة أن تركز على قضايا جوهرية وأساسية، وليس فقط على قضايا تقنية، خصوصا في دعم الطبقة المتوسطة التي نشهد اندثارها، فهذه الأخيرة في كل الفلسفات الاقتصادية من يمينها إلى شمالها تعتبر كمحرك أساسي في دفع عجلة التنمية، وحتى على مستوى منظومة التكوين يجب إعادة الاعتبار لفئة المهندسين، وإعادة بعث النسيج الصناعي الجزائري المبني على الصناعة والفلاحة والسياحة، وفي نفس السياق يضيف محدثنا أن غياب التنسيق ما بين القطاعات أخل بالبرامج الحكومية الفارطة رغم جودتها، لهذا وجب أخذه بعين الاعتبار خاصة وحكومة تبون تبحث عن حلحلة الأزمة الاقتصادية، كورقة طريق تتخذ في رسم رؤية مستقبلية في المخطط الحكومي المقبل.
* دعوة لتقييم عمل حكومة سلال وتصحيح أخطاء كل قطاع ومن جهة أخرى قال الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماص، وفي حديث مع "الحوار"، أنه قبل الكلام عن استشراف الحكومة الجديدة يجب أن نقيم عمل حكومة سلال وأن نشخص كل قطاع لتصحيح الخطأ وإلغاء ما يجب إلغاؤه،: "ففي الحقيقة لا توجد إستراتجية عمل، فقط مبادرات فردية من طرف الوزراء، فمنذ 20 سنة والأمور لم تتغير، حيث نلمس ضعفا في التسيير، ونرى غياب الكفاءات القادرة على ترتيب البيت الاقتصادي في الوضع الراهن"، مضيفا على نفس المنهج: "كان من الأجدر أن يعاد النظر في التركيب الحكومي، وذلك بوضع حكومة مصغرة ذات تنسيق محكم فيما بينها لإنعاش الاقتصاد الوطني، فالوضع مزري وغير مطمئن"، كاشفا أن القطاع الصناعي" وما نلاحظه في مصانع التركيب التي لا تستفيد الجزائر منها أي شيء، حيث بلغت نسبة الاستيراد 99٪، فيما يخص قطع الغيار رغم أن الشركات المخولة بالعمل معفية من الرسوم الجمركية، كما بلغ استيراد هذه القطع ما يقارب المليار دولار، وقد أصدرت الجمارك بيان جاء فيه أن الجزائر صرفت في 2017 حوالي 11.64 مليار دولار في الثلاثي الأول من نفس السنة، ولو نضرب هذا الرقم في 4 لوصلنا إلى 46 مليار دولار واردات مع نهاية السنة، وهذا بدون تفعيل كل رخص الاستيراد التي تحاول عقلنة السوق وفق متطلبات الظروف الحالية للبلد، زيادة على مصاريف الخدمات التي قد تصل إلى 10 ملايير دولار، وأيضا أموال تحويلات الشركات الأجنبية، فسنصل مع نهاية السنة الحالية إلى 60 مليار دولار مصاريف، واليوم المداخل لا تتجاوز عتبة 32 مليار دولار". وهنا نلاحظ – يقول محدثنا – حجم العجز الكبير الذي ينخر الاقتصاد الوطني، المغطى من طرف صندوق ضبط الإرادات واحتياطي الصرف المقدر أن يصل في نهاية سبتمبر 96 مليار دولار، إذا واصلنا بنفس الوتيرة فمع بداية 2018 سيصل إلى 75 مليار دولار فهو في تآكل مستمر، ومن جهة أخرى نسبة التضخم، حيث قالت الحكومة إنها لن تتجاوز 4٪ ولكننا نلاحظ أنها وصلت إلى 7.8٪، وهذا ما يقوض القدرة الشرائية للمواطن ويضعف الاستهلاك وعليه ينقص الإنتاج الوطني فتتقلص الأرباح، ومنه تتم تصفية مناصب الشغل، وهذا ما يرهن سير الدورة الاقتصادية، داعيا إلى تنويع الاقتصاد الوطني انطلاقا من إرادة حقيقية يقودها مختصون وفق برنامج استشرافي واضح المعالم وثابت الخطى. فالجزائر- يشدد- قادرة على ذلك ولها كل الإمكانيات والموارد الطبيعية والبشرية لتحقيق النمو. هشام.شاوشي