تحدث محمد الوهابي عن الإعلام في ألمانيا وطرق توظيفه في خدمة القضايا الإنسانية، خاصة وأن ألمانيا استقبلت مئات الآلاف من اللاجئين وهو ما حتم عليها انتهاج سبل كفيلة بإدماجهم في المجتمع الألماني، وبناء على مقترح منه وافق البرلمان الألماني على استعمال الرياضة في إدماج الكثير من اللاجئين، وكانت فكرة محمد الوهابي ممتازة إلى حد بعيد على اعتبار أن الرياضة هي القاسم المشترك بين شعوب العالم. في هذا الحوار يتحدث محمد الوهابي، عن بداياته وسعيه وراء تحقيق حلمه وخدمة بلده المغرب والقضايا الإنسانية العادلة. *كيف يقدم محمد الوهابي نفسه للقارىء الجزائري؟ – محمد الوهابي شاب مغربي ينحدر من مدينة فاس العريقة، 26 سنة، خلال دراستي الأدب الألماني بفاس تعرفت على ثقافة وتاريخ ألمانيا، هذا البلد الجميل الذي يشهد له الجميع بالعظمة والتقدم والازدهار، حلمت بإتمام دراستي بألمانيا لكن ظروفي المادية والاجتماعية حالت دون ذلك، لكن الحمد الله تحقق حلمي إذ حصلت على منحة دراسية لمدة شهر من الهيئة الألمانية للتبادل العلمي وهذا لتفوقي في الدراسة، هذه التجربة كان لها أثر إيجابي، فلم يكن أمامي سوى مواصلة الاجتهاد أكثر وإكمال دراسة الأدب الألماني والحصول على الشهادة الجامعية للتمكن مرة ثانية من الحصول على منحة ثانية من البرلمان الألماني عام 2016، وأتيحت لي الفرصة للتعرف على شخصيات سياسة مهمة في ألمانيا، وخلال فترة تدريبي بالبرلمان الألماني علمت بوجود مبادرة لتقديم مقترحات مشاريع لفائدة اللاجئين من مختلف الدول، وبحكم عملي التطوعي وخبرتي بمشاريع الاندماج عبر الرياضة في بلدي المغرب، قمت بعرض فكرة المشروع على المسؤولين وهي إدماج اللاجئين عبر الرياضة، وقد أعجبوا كثيرا بالفكرة فحصلت بموجب ذلك على عقد عمل لدى الاتحاد الرياضي بولاية برلين.
*هل من السهل تحقيق النجاح الإعلامي في الغرب؟ -أولا هذا السؤال مرتبط بمجموعة من الإشكاليات، الإعلام في الغرب بطبيعة الحال لديه حرية أكبر على بلدان شمال إفريقيا والبلدان العربية، لكن حتى الإعلام في الغرب لديه حدود لا يجب تجاوزها ولا يتكلم عن كل شيء، وكذلك توجد مواضيع لا يحق للإعلام الغربي التكلم فيها كمواضيع حساسة في السياسة. والنجاح الإعلامي في الغرب يكمن في الإمكانيات المادية الكبيرة التي يحظى بها قطاع الإعلام، وهذا راجع لقوة اقتصاد البلد، لأنه عندما يكون الاقتصاد قويا تكون كل القطاعات في كل المجالات قوية، وحتى الصحفي تكون له كل مقومات النجاح متوفرة لديه من الراتب الجيد والتنقل إلى كل البلدان بسهولة وحتى الحالة الاجتماعية تكون جيدة، كل هذه العوامل تساعد على النجاح والإبداع .
*ماهي العوامل التي ساعدتك على النجاح؟ -أولا أنا لم أصل للنجاح بعد، وكأي شاب طموح أريد تمثيل بلادي المغرب أحسن تمثيل، وكذلك نمثل كل العرب. الطريق مازال طويلا وظروفي الصعبة هي التي شجعتني على المضي قدما، ظروفي كانت صعبة جدا الله وحده يعلم قساوتها، وأقول للشباب أوروبا ليست بالجنة لها السلبيات والإيجابيات، صحيح لها اقتصاد قوي وسوق الشغل جيد وفرص العمل كثيرة، لكن صراحة تلقى صعوبات في التعايش مع مجتمع مختلف في الدين والثقافة والتقاليد، خاصة بالنسبة للشخص المحافظ لأن أوروبا عندها تقاليد وأعراف ودين آخر، لكن إن أردت أن تعيش يجب عليك التنازل وهذا أمر صعب جدا.
*كيف كانت فكرة استثمار الرياضة في عالم اللاجئين؟ – فكرة اندماج اللاجئين عن طريق الرياضة هي فكرة جديدة وفعالة مقارنة بالطرق التقليدية، لأن وجود عنصر الترفيه يجعل المعلومة تصل بسلاسة للإنسان، خاصة إذا تعلق بالاندماج في مجتمع كالمجتمع الألماني الذي يتميز بالدقة والانضباط ويختلف كليا عن المجتمعات الأخرى.
*لماذا تقبل المجتمع الألماني المهاجرين دون غيره من الأوروبين؟ – رغم أن ألمانيا مرت بحروب وصراعات ومشاكل تبقى البلد الأوروبي الوحيد الذي عنده سعة صدر واسعة للاجئين، عكس دول الجوار مثل بولونيا، ليست سياسة عنصرية لكن لم يتقبلوا اللاجئين خاصة المسلمين منهم، ومؤخرا كان نقاش في المجلس الأوروبي على أنه يتوجب تقسيم اللاجئين لأنه لا يمكن لألمانيا أن تستقبل كل اللاجئين، وكل الضغوطات كانت على ألمانيا، وعلى المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، الذين يقولون إنها ارتكبت خطأ بالنسبة لي ليس خطأ وإنما هو حس إنساني.
*لماذا أصبح الإعلام الرياضي يملك التأثير الأقوى؟ – الرياضة أصبحت الآن لها أبعاد اقتصادية وسياسية واجتماعية، وأصبحت توحد وتفرق بين الشعوب، وأصبحت لا تلعب الدور الوحيد لها، وهو الحفاظ على صحة الإنسان. إن الإعلام الرياضي في أوروبا كسب الملايين من أخبار النجوم الرياضيين وأصبحت الرياضة لها أهداف اقتصادية وراء الكواليس، وتوجد مجتمعات أنقذت نفسها عن طريق الرياضة كدولة البرازيل مثلا.
*ماهي الفروق الموجودة بين الإعلام الرياضي العربي والغربي؟ – كما قلت سابقا الإمكانيات المادية هي التي تجعل الإعلام قويا، والإعلام الرياضي العربي مثلا قناة "الجزيرة" مثالا يحتدى به في العالم لما لها من إمكانيات مادية كبيرة، حيث يمكن أن تشاهد مجموعة من الدوريات ومن كل المباريات في مختلف أرجاء العالم، حيث المحتوى هو الأساس. البلدان العربية التي تمتلك منتخبات قوية أكيد سيكون لها إعلام قوي، والإعلام الرياضي يلعب دورا كبيرا وله حرية أيضا، ولا يجب أن يكون إعلاما استهلاكيا فقط يستهلك الحبر والكلام. الإعلام الرياضي له علاقة بالإنجازات الخاصة بأي بلد، إذا كانت في المستوى يكون الإعلام قويا، وكذلك الإمكانيات المادية والبشرية تلعب دورا كبيرا في قوة الإعلام الرياضي.
*هل صحيح أن التجربة الإعلامية الألمانية نموذج منفرد؟ الإعلام الألماني هو الأحسن أوروبيا، والقنوات الألمانية تقدم أحسن الإمكانيات للإعلاميين، والإعلام الألماني اليوم له مواضيع معروفة كاللاجئين والإسلام والسياسة الخارجية، ولا يتكلم كثيرا عن السياسة الداخلية. أكيد توجد نزاهة في الإعلام الألماني، ولكن في بعض اللحظات يكون غرورا من بعض الإعلاميين الذين يستهدفون بعض الأشخاص، وهذا طبعا يحدث وراء الكواليس، وهذا شيء معمول به ويحدث في كل دول العالم، الصحفي ممكن أن تكون له حرية الإعلام ولكن يتوجب عليه تقديم الاحترام.
*ما تقييمك لجريدة "الحوار" الجزائرية وما تقدمه للقارئ؟ -صراحة جريدة "الحوار" لها مواضيع ومقالات جيدة، وكتاباتها نابعة من النزاهة والصدق، وهذا ما يتحلى به طاقم الجريدة التي أتمنى لها كل التوفيق والنجاح المتواصل.
*كلمة للشعب الجزائري. -الشعب الجزائري صراحة أكن له احتراما ومودة كبيرة، نحن المغاربة والجزائريون إخوة، وتجمعنا علاقات طيبة ولنا نفس العادات والتقاليد، والشعب الجزائري يعرف ماذا يقول، وبعيدا كل البعد عن السياسة، تحياتي للشعب الجزائري، وأتمنى من الله أن يحفظ هذا الشعب الطيب. حاورته: سناء بلال