طالب مصباح قديري، رئيس الاتحاد الوطني للصحفيين والإعلاميين الجزائريين، مختلف وسائل الإعلام بإعادة النظر في الظروف المهنية والاجتماعية للمراسلين الصحفيين،على اعتبار أنهم الشريان الحقيقي لها، مشيرا إلى أن العديد من المؤسسات الإعلامية اليوم، تعتمد على مراسلين غير مؤهلين مقابل أجور زهيدة لتزويدها بالأخبار، وفي هذا التصريح ل"الحوار"، ألقى قديري الضوء على واقع المراسلين ومختلف مشاكلهم. * كيف ترون واقع المراسل الصحفي في الجزائر، وتجربة "الحوار"؟ المراسل الصحفي اليوم هو الشريان الحقيقي، وهو صحفي ميداني لأي مؤسسة إعلامية، لأنه على دراية بما يحدث في منطقته، ينقل انشغالات المواطنين وينتظر الرد من طرف الإدارة المخولة لذلك، كما يعمل بمؤسسات إعلامية من دون تأمينات ولا عقود ولا راتب، ومن الطبيعي أن تؤثر هذه العوامل على مردوده لأن مهنة الصحافة شاقة ومتعبة للغاية. ورغم المجهوادت الكبيرة التي يبذلها لا يزال مهمشا، ويعاني العديد منهم من المتابعات القضائية، لذا يجب على كل الأطياف الإعلامية التي ينتمي لها هؤلاء المراسلون أن تعيد النظر في أوضاعهم خاصة المهنية والمتعلقة أساسا بالراتب والتأمين. أما جريدة "الحوار" هي الصوت الحقيقي لرفع كل انشغالات المراسلين، إذ استطاعت في وقت قصير منافسة كبريات الجرائد في الجزائر بفضل طاقم صحفييها الشاب، ومديرها الذي يملك خبرة كبيرة في مجال الإعلام.
*ماهي العراقيل التي تقف أمامه؟ طبعا مصدر المعلومة في ظل التكتم والأبواب الموصدة من قبل بعض الإدارات، فتبقى هذه المعاناة قائمة في واقع المراسل الصحفي الجزائري وقطاع الإعلام بشكل عام، إلى غاية أن يصبح للمراسل الصحفي في يوم من الأيام، مواد قانونية تسيّره وتحمي حقوقه وعمله.
*وهل فعلا هناك مراسلون يستحقون أن يدخلوا مجال الإعلام؟ بصراحة العديد من المؤسسات الإعلامية باتت تعتمد على مراسلين غير مؤهلين لأنها تحتاج فقط المعلومة، خاصة وأن اغلبهم يعمل دون مقابل، فالجرائد مثلا تستفيد من المعلومة وتعيد صياغتها، وبعض المراسلين همهم الوحيد الشهرة، ولذلك يجب إعادة النظر في تأهيل وتكوين المراسلين قبل التحاقهم بمختلف مجالات الإعلام.
*ولم يرفض المراسلون هذه التسمية؟ المراسل الصحفي لا يكره كلمة مراسل وإنما العمل الذي يؤديه يعتبره الكثيرون ومن بينهم الصحفيين والمؤسسات الإعلامية أقل درجة من الصحفيين، رغم أن المراسل يقوم بجهد أكثر من الصحفيين ذاتهم، المراسل يكره التمييز وليست التسمية.
*الكثير يتهم المراسل الصحفي بخدمة مصلحته الشخصية قبل خدمة الإعلام، كيف تردون على الاتهام؟ اتهام باطل، فإذا كانت الصحافة هي مهنة البحث عن الحقيقة، فإن البحث عن الحقيقة من خلال الأخبار يجعل المراسل الصحفي يعيش حالة مستمرة من الترقب والانتظار والتوقع واليأس والإحباط والإنتصار والإنكسار، مما يسبب التعب والإنهاك الذي يؤدي بالدرجة الأولى إلى الإصابة بأمراض القلب وغيرها، والمراسل الصحفي اليوم يتواجد مع صناع القرار لنقل انشغالات المواطن البسيط إلى المسؤولين بالدرجة الأولى، فهم النخبة المؤثرة في دواليب الدولة.
* كيف تم تأسيس الاتحاد، وما الهدف من تأسيسه، وما الذي حققه؟ نحن مجموعة من الصحفيين والإعلاميين على مستوى الوطن، ومن خلال لقاءات وحوارات عقدتها ثلة خيّرة من الصحفيين والإعلاميين الجزائريين، لإخراج إطار تنظيمي يجمعهم وينظم أعمالهم المهنية والتخصصية، ويساعدهم على نشر وبث إبداعاتهم ويعمل على دعمهم، قمنا بتأسيس هذا الاتحاد بعد فشل عدة هيئات أخرى في لم شمل الأسرة الإعلامية، وجاء أيضا ليكون شريكا فعالا ومرافقا للإدارة وتحقيق التنمية، فالهدف منه هو النهوض بالصحافة الوطنية لتكون الوجه المعبر والصادق عن الجزائر والارتقاء بالكتابة وتنمية مهارات الصحافيين والإعلاميين وصقل تجاربهم وتكوينهم تكوينا جيدا وغيرها من الأهداف الأخرى. فمجرد تمكننا في ظرف جد قياسي من تنصيب مكاتب في أغلب الولايات هو في حد ذاته إنجاز، وعن طريق هذه المكاتب تمكنا أيضا من ضم كم هائل من المنخرطين تحت جناح الاتحاد، كما أن جلّ هذه المكاتب قامت بالعديد من النشاطات قصد التعريف أكثر بالاتحاد وإرساء قواعد أهدافه، إضافة إلى ذلك سنواصل تنصيب باقي المكاتب، ومن خلال هذه الولايات سنتمكن من توسيع أنشطتنا عبر كامل جهات الوطن، ومستقبلا سنفتح فروعا خارج الوطن. كما قمنا بتوقيع العديد من الاتفاقيات في مجالات مختلفة، كالتكوين وتبادل الخبرات في مجال الإعلام، فمن خلال هذه الاتفاقيات ستكون لنا أنشطة مختلفة خدمه للصحافي والإعلامي. فالاتحاد يخطو خطوات ثابتة وعملاقة نحو تحقيق الكثير خدمةً للإعلام تحديدا، وكذلك خدمة للرأي العام الذي يعتبرنا أمله في تبليغ الرسائل من خلال الصحافيين المنتمين للاتحاد، فرغم ثقل الحمل أتمنى أن أكون في مستوى قيادتي لهذا الاتحاد الذي يسعى للتحليق في آفاق رحبة تخدم المجتمع الجزائري والصحافيين والمراسلين تحديدا. وللاتحاد كوادر على مستوى المكتب الوطني تشاركني في تسيير الاتحاد، ولها من الخبرة والحنكة لتسير بالاتحاد إلى تحقيق كل الأهداف التي وجد من أجلها، وعلى رأسها الأخذ بأيدي المراسل الصحافي وتأهيله للقيام بدوره على أحسن وجه.
* لماذا لم يسمى باتحاد المراسلين الصحفيين لأنه يضم مراسلين، خصوصا وأنه لا ينتمي إليه إعلاميون معروفين في الساحة؟ الاتحاد أكبر تكتل إعلامي وصحفي في الجزائر، بدليل أنه متواجد في أغلب ولايات الوطن، ينضم إليه كل الصحفيين والإعلاميين، ولم نسمي المراسلين لأن المراسلين والمتعاونين والمنشطين وغيرهم هم في نفس الوقت إعلاميين، ولم نحسر الاتحاد في فئة المراسلين فقط، والدليل على ذلك انضمام صحفيين من التلفزيون العمومي ووكالة الأنباء والإذاعات الجهوية ومن القنوات الأخرى، إضافة إلى صحفيين من الجرائد اليومية ومدراء الصحف، وأبواب الاتحاد مفتوحة لكل الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية من أجل المساهمة في إبداء الرأي وتحريك الحقل الإعلامي والعمل على ترقية الصحفي والالتزام بأخلاقيات المهنة.
*في كل مرة تنصبون رئيس مكتب لولاية، على أي أساس يتم تعيين هذا الرئيس، وهل فعلا يستحقون منصب رئيس مكتب؟ على أساس الكفاءة والنزاهة والثقة، حسب المادة 10 من القانون الأساسي، إضافة إلى علاقته الجيدة بالسلطات الولائية والمحلية والأسرة الإعلامية، وكل من تم تعيينه من طرف المكتب الوطني للاتحاد هو جدير بثقتنا ويستحق ذلك.
*هل يؤدي انتشار القنوات الفضائية إلى تطور الإعلام عن طريق المنافسة، أم هي مجرد دكاكين إعلامية؟ فتح مجال السمعي البصري هو أكثر خطوة إيجابية حصلت في الجزائر، لكن الطريق لا زالت طويلة للوصول إلى إعلام يحترم المشاهد ويحترمه المشاهد، ورسالتي لكثير من القائمين على هذه القنوات أن المشاهد يبحث عن الجوهر فاهتموا برغبات المشاهد، كما تهتمون بمختلف رغباتكم وسترون الفارق. القنوات الجزائرية ابتعدت – في نظري – عما يجب أن تكون عليه، وانغمست في ممارسة الدعاية تارة والابتذال تارة أخرى، وهو ما لا تجده في فضائيات عربية، حيث المعلومة مقدسة والتوازن مطلوب في معالجة المواضيع، وهنا تكمن الاحترافية عندما تدافع عن افتتاحية القناة التي تنتمي إليها، لكنك تحافظ في الوقت ذاته على موضوعيتك وحياديتك بين مختلف القصص الخبرية التي تتم معالجتها.
* *كيف ترون مستقبل المراسل الصحفي أمام الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي؟ لم يعد العمل الصحفي حكرا على الصحفيين أو المراسلين فقط، بل أصبح بمقدور المواطن العادي القيام بدور الصحفي عبر نقل آرائه وملاحظاته ومشاهداته اليومية لحدث أو موقف ما من خلال الوسائل التكنولوجية الحديثة ،سواء المرئية أو المسموعة أو حتى الإلكترونيّة، والتي تُمثلها وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وأصبح يُطلق على ذلك صحافة المواطن، من خلالها يستطيع المواطن كتابة المنشورات أو التغريدات المختلفة والتعليق على الأخبار ورفع مقاطع الفيديو واستخدام تقنيات البث المباشر الحديثة في تلك الوسائل أحيانا، والتي تُمكّن المواطن من نقل الخبر أوالحدث مباشرة على صفحته الشخصية، سواء على موقع الفيسبوك، أم تويتر، أو غيرها من مواقع التواصل الاجتماعية العديدة، فيجب على المراسل الصحفي التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي لأنها أصبحت أمر حتمي وضروري، فمستقبل الإعلام ينبئ بالتوجه إلى الإعلام الإلكتروني، فهي تعد متنفسا للإعلاميين ليطلوا عبر صفحاتها وتسهيل عملية التواصل مع زملائهم.
* كيف تقيّمون المشهد الإعلامي العربي بصورة عامة؟ الإعلام العربي هو في طريقه نحو التحسن، ومفروض عليه مجاراة العولمة حتى لا يفوته القطار. الإعلام العربي مازال يعاني كثيرا من المشاكل من حيث الحريات، أعتقد أن الإعلام الجزائري وخاصة المكتوب، قد حقق قفزة نوعية يشهد بها العدو قبل الصديق. حاورته: مليكة ينون