حسب المفكر ابن خلدون فإن الدول والنظم تسقط بالفساد الثلاثي: الأول: الفساد السياسي ويتضمن الآتي: (1) التعسف في استخدام السلطة (2) اشتغال المسؤول في التجارة (3) استيلاء الحاكم أو أعوانه على أموال الدولة (4) كثرة الضرائب المرهقة لكاهل المواطن (5) تدخل النساء في الحكم بالتدبير الثاني: فساد اقتصادي: ويكون من خلال مظاهر عديدة منها: (1) الإسراف في النفقات (2) الغلاء وكساد الأسواق (3) تزوير العملة (4) احتكار السلع الثالث: فساد حضاري ويكون متمظهرا في ما يلي: (1) فساد المدنية بالترف في الطبقة العليا من المجتمع والفقر في الطبقة الأدنى منه (2) الانهيار الأخلاقي وانحسار الفضيلة وانتشار الرذيلة أما ما يترتب من آثار جراء هذا الفساد الذي ينخر جسد الدول وينهك قوتها فيتمثل في: أ- فساد موظفي الدولة ب- سرقة المال العام ج- المجاعات وما يترتب عنها من أمراض وأوبئة د- خراب العمران بالفتن الكثيرة ولمعالجة فيروس الفساد والقضاء عليه أو على الأقل التقليل منه وجب اتباع ما يلى: أ: العدل بين الرعية والعدل أساس الملك ب: الرفق بالرعية والتحسس لمشاكلها وحلها والاهتمام بحاجتهم ج: عقوبات رادعة والضرب بيد من حديد لكل مفسد أو متلاعب بالمال العام د: اختيار المسؤول المتخصص صاحب الكفاءة والنزاهة والخبرة والقوي الأمين ه: تعيين وتقريب المخلصين غير المتملقين (بطانة ناصحة مخلصة حكيمة) إن الفساد هو آفة من الآفات التي أصيبت بها الأمم والدول اليوم واستشرت وانتشرت وتمظهرت فى مظاهر عدة وأخذت أبعادا دولية وأصبحت تهدد الأوطان في استقرارها وأمنها بل وحتى في وحدتها، وهناك اليوم مقاييس عالمية لقياس نسبة وترتيب الدول في الفساد وأعتقد أننا اليوم إلى جانب ما ذكرناه من أقوال للمفكر ابن خلدون بحاجة إلى تكاتف الجهد والنظر في ما يهدد وحدتنا وأمننا ورخاء مجتمعاتنا وذلك بإشاعة وتكريس الديمقراطية الحقة المعبرة عن الاختيار الحر والنزيه في من يمثل الشعب ليكون كل مسؤول محاسب أمام من اختاره ثم أيضا من الواجب علينا تكريس الديمقراطية التشاركية الحقة وليست الشكلية بإشراك المجتمع المدني في صناعة القرار وإيجاد الحلول الميدانية ولكن من خلال ديمقراطية تشاركية يمثلها مجتمع مدني حقيقي غير مزيف أو مصطنع ويأتي في مقام آخر إشراك المثقف النزيه لا مثقف السلطة ولا صاحب السلطة بل مثقف السلطة نفسه أي هو يصنع القرار ويساهم ويوجه ويرسم المستقبل ويساهم فى إنزال الأفكار من مستوى التنظير إلى مستوى الممارسة وينجز الأدوات التي تقضى على الفساد وتقلل منه.