ها هي مناسبة المولد النبوي الشريف التي تأتي في ذكرى مولد سيد الخلق النبي الرسول محمد صل الله عليه وسلم، تحل علينا وتأتي لتكون مناسبة لتأكيد التمسك بأصالتنا وقيمنا وغرسها وتأكيدها في نفوس الأجيال وتعليمهم من تعاليم الدين وأخلاق الرسول ما يستبصرون به الطريق ويستلهمون العبر في مسيرة الحياة الصعبة والشاقة بعيدا عن كل الشطط أو الفتاوى التبديعية، فالمناسبة فرصة في ظروف أمتنا للمراجعة والتوقف عند الانحباس الحضاري الذي انحسرت فيه أمتنا والبحث في أسباب نكاباتنا وتخلفنا والتطلع إلى تجديد خطابنا الديني وأساليب تقديم الإسلام للعالم كدين رحمة جاء للإنسانية جمعاء. وإن الجزائر العربية الأمازيغية المسلمة والتي دينها الإسلام دولة وشعبا الضارب في أعماق التاريخ عبر قرون والذي كان دوما صمام أمان لوحدتها وأمنها أمام كل الأخطار وكان الملهم لها في مسارها التحرري من الاستعمار والموقظ لشعلة ثورتها والداعم لها فى محطات كثيرة من مسارها التنموي بعد الاستقلال عبر مساجدها الممتدة في حواضرها وأريافها وقراها والتي تعد بالآلاف مدعومة بكتاتيبها وزواياها وطرقها الصوفية وعبر أنشطتها الفكرية ومؤسساتها الإعلامية والدينية ورجالها وعلمائها ومشايخها. هذا الدين الإسلامى جدار الإسمنت المسلح الجامع للأمة وفق المرجعية المتعارف عليها والمتوافق عليها ممثلة في المذهب المالكي وعقيدة الأشعري والإسلام الصوفي السني على مذهب الجنيد السالك مع احترام الخصوصيات التى يزخر بها المجتمع. هذه المرجعية هي التي حمت الأمة الجزائرية من كثير من الملل والنحل والموجات وتحطمت عليها كل محاولات التفريق والتمزيق وهدم الدولة وإثارة الفوضى بالمجتمع رغم محاولات الاستيراد للأفكار والفتوى من هنا وهناك. وهاهو مركز السلفية الوهابية بالخليج يعلن بكل قوة وجرأة فكرا إصلاحيا لمنظومته الفكرية ومرجعيته الفقهية ويعلن الحرب على كل الأفكار المتطرفة بلا هوادة ويعلن تنقية ومراجعة موروثها وكثير من فتاويه فى عملية إصلاح وتغيير وتحديث متسارعة شملت عدة مجالات. فإنه والحال هاته حري بأطياف كثيرة ذات مشارب دينية فى الجزائر ولأجل الحفاظ على وحدة مشارب الأمة ومرجعيتها أن تقوم بعملية مراجعة لمرجعيتها الفكرية وتتمسك بمرجعية المجتمع الجزائري وتتخلى عن الكثير من القناعات والتصورات التي تهدد الأمة الجزائرية وتكون مفرقة لها من خلال ما تتبناه من فتاوى وتصورات مخالفة أمر مؤسسات الدولة وآرائها الفقهية كما هو الحال مع فتوى إخراج الزكاة أو التصور لدى بعضهم بأنهم الفرقة الناجية الوحيدة. إن نعي تماما حق الاختلاق وشرعيته وهو مضمون لكل شخص دينا ودستورا وقانونا ولكن وحده صف الأمة أوجب وأولى فوجبت المراجعة والتوافق والتنازل مادام الاختلاف في الغالب في الفروع من أجل التمسك بالمرجعية الجامعة المانعة درءا لكل مفسدة ولكل خطر محدق بنا وبوحدتنا الفكرية والترابية وأمننا. فإذا كان الإصرار على نفس القناعات فإن هاته القناعات سجون لأصحابها وخطر على الأمة الجزائرية بل وعلى الإسلام والإنسانية جمعاء في وقت يبحث فيه العالم عن القيم المشتركة لتفادي كل الانزلقات. وإنه وجب التذكير بالقول بأن طاعة الحاكم أمر واجب كما هو في أدبيات السلفية ولا حاكم لنا بالجزائر إلا الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة وليس لنا حاكم من هنا أو هناك في دولة أخرى نجعله وليا لأمرنا. نسأل الله للجزائر الأمن والأمان والرخاء والازدهار، وصل الله على سيد الخلق وخاتم الرسل نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل السلام.