مرة أخرى تفجع قوارب الموت الجزائريين بحادث تدمى له القلوب، طفلة في الرابعة من العمر تغرق قبالة شواطئ وهران، تفقد في انقلاب زورق الحراقة، وينقذ الباقون من موت محقق بعد مغامرة للحرقة باتجاه اسبانيا استمرت بضع ساعات. فقدت طفلة تبلغ من العمر 4 سنوات في حادث غرق زورق على متنه مهاجرون غير شرعيين انقلبت في عرض شاطئ عين الترك بوهران. وبحسب ما نقلته مصادر صحفية أمس، فإن الزورق الهش الذي أبحر من شاطئ عين الترك بوهران باتجاه مغامرة هجرة غير شرعية باتجاه اسبانيا، كان على متنه 12 فردا من الحراقة بينهم طفلان وامرأة حامل، ونتيجة للظروف المأساوية لسفرية الموت هذه، انقلب الزورق في عرض البحر وكاد الجميع يغرق لولا الإخطار بالحادث وتدخل قوات حراس السواحل لإنقاذ الحراقة جميعهم من موت محقق، وتمكنت عمليات النجدة من إنقاذ حياتهم كلهم إلا الطفلة الصغيرة التي بقيت مفقودة، وتواصلت عمليات البحث اليائسة للعثور عليها لكن دون حياة. وأفادت شهادات ذكرتها نفس المصادر، أن عائلة الطفلة الصغيرة تقطن بحي "سان بييار" بوهران وكانت تشغل قبوا في عمارة وتعيش حالة اجتماعية جد مزرية، الشيء الذي دفعها للإقدام على المخاطرة بأفرادها كلهم، الأب والأم الحامل وطفلين صغيرين أحدهما الطفلة المفقودة وعمرها لا يتجاوز 4 سنوات. قصة هذه العائلة التي ركبت البحر بكل أفرادها باتجاه اسبانيا هي مأساة حقيقية وبكل المقاييس، بالنظر إلى خوض هذه المخاطرة من قبل الأب والأم الحامل واصطحاب ابنيهما على متن قارب لا يتوفر على أدنى شروط السفر، للكبار فكيف بالصغار، وهم أطفال في السنوات الأولى من الحياة، ما يطرح تساؤلات حقيقية عن الحالة النفسية والاجتماعية التي يكون فيها الأفراد عندما يقبلون على هذه المغامرة. ونفس السؤال طرحناه على متخصصين في موضوع الهجرة غير الشرعية لمعرفة كيف لأناس بكامل قواهم العقلية خوض مثل هذه التجربة بحجة الفقر، بما أن الفقر هو في كل الحالات أحسن من الموت، فلماذا يحمّل الصغار مثل هذا الجنون وهم في أحسن المغامرات أمنا لن يصلوا بأمان بعد مغامرة يائسة في عرض البحر، والمثال على ذلك نجاة البالغين وفقدان الطفلة الصغيرة ليأكلها الحوت على حد شعارات الحراقة. وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى قال إن ظاهرة الحرقة هي نتيجة حتمية لتيئيس الناس من المستقبل والترويج للإحباط وسط المجتمع، متهما شبكات عنكبوتية ومنها حتى من تبث من إسرائيل من توحي للناس بمغادرة البلاد والانتحار برا أو بحرا. أما الأستاذ الجامعي يوسف حنطابلي فيقول إن مثل هذه المغامرات لا يمكن أن تعرف هذا المنحى التصاعدي لو لا تشجيع الحراقة السابقين لأصحابهم وأهاليهم على شق عباب البحر نحو آفاق أرحب، معتقدين أن البحر فضاء مفتوح ينسي الآفاق المغلقة التي أنتجتها الأزمة الاقتصادية. كما تفسر الحرقة باتجاه أوربا عبر قوارب الموت بالدعوة الصريحة للانتحار نتائجها وخيمة تفقد الحياة وتورث الحسرة وتدمي القلوب. فبأي ذنب غرقت الطفلة الصغيرة وإلى متى تدفع قوافل جديدة من الأرواح البريئة قربانا لحلم الهجرة؟ وكم من شباب وأطفال سيكونون أيضا وليمة لأسمالك البحر؟ إلى أين وإلى متى؟ غنية قمراوي