عقبت الفتوى التي أطلقها الدعاة والمشايخ حول تحريم ظاهرة "الحرقة" عبر "الحوار"، انتقادات عديدة حول تحريم المشايخ لهذه الظاهرة، التي كان وراءها حسب المنتقدين سياسة الظلم والبيروقراطية التي ينتهجها العديد من المسؤولين مع الشباب الجزائري، وفي ذات السياق رد هؤلاء الدعاة والمشايخ على هذه الانتقادات، مؤكدين أن تحريمهم لهذه الظاهرة لا يعني موافقتهم على مظاهر الفساد والبيروقراطية التي باتت تسيطر على الأوضاع. * الشاب الجزائري يعيش في وضعية مزرية صرح الأمين العام لنقابة أئمة المساجد، جلول حجيمي، في رده على منتقدي الفتوى القاضية بتحريم "الحرقة"، أن هناك خلطا كبيرا في الأمور، مؤكدا أن تحريم هذه الأخيرة لا يعني موافقتهم على مظاهر الفساد والبيروقراطية التي تسيطر على الأوضاع. وقال جلول حجيمي، في اتصال هاتفي مع "الحوار"، إن مسألة الحرقة مسألة مرتبطة بالنفس البشرية وبقتل النفس التي لا يرضاها مسلم، أما الحيثيات يقول حجيمي إنه لطالما وجهوا انتقادات ضد الوضع المزري للشباب الجزائري، خاصة في ظل سيطرة البطالة، وتغليب الإناث على الذكور، بالإضافة إلى المعطيات التي تشير إلى أن هناك وضعا مزريا وغير طيب للشباب الجزائري، على غرار البطالة وتغريب الإناث على الذكور، وسياسة الظلم والبيروقراطية التي ينتهجها العديد من المسؤولين، مشددا على السلطات المعنية، والمختصين في الاقتصاد وعلم الاجتماع، بضرورة إيجاد حلول مستعجلة للشباب. وأفاد المتحدث أن الفتوى التي أطلقها ليست لإرضاء جهات معينة، وإنما إرضاء لله سبحانه وتعالى وإرضاء لرسوله صلى الله عليه وسلم، مضيفا أن الشاب الجزائري رسم صورة وردية عن أوروبا، مؤكدا أن هناك تقصيرا كبيرا في حق الشباب الجزائري، خاصة فيما يخص التوظيف والشغل، وصعوبة الزواج، وضعف الراتب الشهري في ظل صعوبة الظروف المعيشية الحالية، مضيفا بالقول: "هذه الظروف لا تعني ان يرمي الشاب الجزائري بنفسه ليموت غريقا، لا ينبغي إخفاء قول الحق لأنه واجب". وفيما يخص المسؤولين، صرح حجيمي، أنه تم توجيه العديد من النداءات في خطبة الجمعة، حيث شددوا فيها على ضرورة تقرب المسؤولين من الشباب للتعرف أكثر على المشاكل التي يتخبطون فيها، وذلك للبحث عن الحلول والدراسات الناجعة مع خبراء في الاقتصاد والاجتماع، لإعطاء الحلول اللازمة، مضيفا بالقول: "كيف لبلد مثل الجزائر أن لا يكون بقدرته إعالة أبنائه"، مضيفا أن توجه الشباب إلى "الحرقة" يدل على وجود هواجس خطيرة وأوضاع صعبة دفعته إلى ذلك، مطالبا في السياق بضرورة إعادة النظر في سياسة التشغيل وفي كل السياسات المتعلقة بالشباب وعطائهم الأولوية لأنهم أساس بناء ورقي الوطن. * الانتقادات جاءت من المغررين بأبناء الجزائر من جهته، قال إمام مسجد حيدرة، جلول قسول إن فتوى تحريم "الحرقة" كانت ردا على تساؤلات الكثيرين حول تحريم أو جواز هذه الظاهرة، مضيفا أنه لا أحد من الأئمة والمشايخ لا يرد بعدم تحريم الربا والرشوة والظلم، مفيدا في السياق أن الانتقادات الكثيرة التي عقبت تحريم الحرقة، تدل على أن هناك مؤامرة تحاك ضد الشباب الجزائري. وصرح قسول، في حديثه مع "الحوار"، أن الانتقادات الموجهة جاءت ممن يؤيدون ويساندون "الحرقة" من المغررين بأبناء الجزائر، مضيفا بالقول: "الله سبحانه وتعالى نهى عن قتل النفس حتى وإن كان هناك فساد وظلم، صحيح هناك ظلم وفساد لكن يعالج بالصبر وليس بقتل النفس". وفي النصيحة التي وجهها إلى الشباب الجزائري، قال قسول إن الشباب يجب أن يكون واعيا وفطنا للمناورة والمؤامرة التي تحاك ضده، مع التعقل والحكمة في مواجهة الصعوبات، مضيفا أن مسؤوليتهم كدعاة هي إظهار الحق والصواب للشباب والوقوف إلى جانبهم، مشددا على المسؤولين بضرورة فتح أبواب الحوار مع الشباب والتقرب أكثر من مشاكلهم. * العدل غائب في توزيع الفرص والثروات قال البروفيسور محمد بن بريكة إن الذين يتحدثون عن تحريم الممارسات البيروقراطية التي تسببت في ضياع أوقات الناس والإضرار بمصالحهم اليومية، و الذين يتكلمون على تحريم الفساد الاقتصادي و الاعتداء على الثروات و التوزيع غير العادل للثروة هم على حق، مضيفا أن هذا لا يعني السكوت عن آفة "الحرقة" التي باتت تزهق أرواح الشباب الجزائري يوميا. وأشار محمد بن بريكة، في تصريح ل "الحوار"، إلى أن هذه الآفة استفحلت كثيرا، مضيفا بالقول: "هذه الظاهرة الخطيرة أتت على أبناء كثر من دولة ليبيا وتونس الشقيقة و المغرب الشقيق أيضا، فوقف العالم أو الفقيه أو الإمام أو الداعية موقف الساكت على هذه الأوضاع"، مردفا: "نحن ندعو إلى العدالة الاجتماعية في كل شيء، العادلة الغائبة في أقطارنا العربية و الإسلامية في توزيع الثروات وتوزيع مناصب العمل و إتاحة الفرص على الناس بشكل سواء، هذه العدالة الغائبة هي التي اضطرت أبنائنا جميعا إلى اعتماد حلول للأمانة لا يمكن أن يقال عنها إلا كما قال الشاعر: إذا لم تكن إلا الأسنة مركبا، فلا يسع المضطر إلا ركوبها، هذا الوصف، حقيقة –يقول الشيخ بن بريكة– يجب أن يصحح، و الذين يريدون التنبيه إلى كثير من المفاسد في تقديري هم على حق". سمية شبيطة