تحدثت الإعلامية حدة حزام بكل ثقة وصراحة وعفوية عن تجاربها في الحياة، رافضة علاج قضايا المرأة بمنأى عن باقي قضايا المجتمع، مثمنة تجربة الإعلاميات الجزائريات ومعتبرة إياها في ذات الوقت صحافة نوع متأثرة بالمدرسة الفرنكوفونية بالرغم من افتقادها للمهنية، ورأت في إحياء الثامن مارس فرصة لتسليط الضوء على ما حققته المرأة بدل إهمالها وتهميشها الكلي. ؟ الحوار: حدة حزام عملت في الحقل الإعلامي في زمن الحزب الواحد وصحف القطاع العام وخاضت تجربة استقلالية الصحافة، ماذا حققت هذه الاستقلالية برأيك للإعلام الوطني؟ - حدة حزام: حققت الكثير فهناك العديد من المواضيع التي لم نكن نتطرق إليها بنفس الشكل الذي نتطرق به لها حاليا، مثلا قضايا الفساد كانت تمر في صمت، لكن حاليا الصحافة المستقلة تقود المبادرة وتخوض في مواضيع لم يكن من الممكن أن تطرق لها سابقا. الشيء الوحيد الذي كانت تتميز به الصحافة في ظل الحزب الواحد القطاع العمومي أن الصحفيين كانوا أكثر مهنية، فصحافة القطاع العمومي كانت تتقيد بشروط نشر المواضيع من جميع جوانبها من مصادر موثوقة، وتوفر الوثائق، فالتحقيق كان يأخذ شكل التحقيق بأتم معنى الكلمة وبطريقة علمية وبالطريقة المعمول بها حاليا في البلدان المتطورة. ؟ نفهم من هذا أن الصحافة في عصرنا تنقصها المهنية؟ - نعم المهنية تراجعت كثيرا لأنها دخلت في مضمار السباق نحو الوصول إلى المعلومة وتقديمها وليس هذا وحسب بل أن من يمتلك المعلومة يأخذ الوقت الكافي لتحري مدى صحتها خوفا من فقدان السبق الصحفي لو وصل زملائه الآخرين من المعلومة، ما يفقدهم المهنية. ؟ ألا يعد هذا أحد الأسباب التي توقع الصحفي في مشكل الفهم الخطأ للمعلومة وتقديم معلومات غير صحيحة يتحمل عواقبها فيما بعد؟ - هذا صحيح ولكن لا يجب أن ننسى أن هناك منهم من يتعمد القضية والتضخيم سواء من أجل البيع أو من أجل تصفية الحسابات، ولا يجب إهمال دور التأطير الكافي ما نجده في الكثير من الصحف الناشئة. ؟ وجودك كامرأة على رأس صحيفة وطنية يومية، هل كان دافعا لك للتركيز أكثر على قضايا المرأة بشكل خاص في الجزائر، أم أنك التزمت الموضوعية والحياد في هذه النقطة؟ - أنا لست مديرة جريدة خاصة بالمرأة، لأنني في جريدتي أتوجه إلى المجتمع الجزائري بكل فئاته وأرفض أن أكون قلم خاص للمرأة باعتبار مشاكل المرأة جزء من مشاكل المجتمع ونفس القضايا التي تمس المرأة تمس الرجل أيضا بدليل أن زوارق الموت حملت على متنها الرجال أكثر من النساء مما يعكس أن حدة المشاكل التي تواجه الرجل أكثر من تلك التي تواجه المرأة. أنا أرفض أن أضيق على نفسي بالدفاع عن قضية واحدة في حين تطرح أمامي العديد من القضايا للدفاع عنها، ومع ذلك أنا لا أهمل مشاكل المرأة. ؟ في رأيك ما هي المكاسب التي حققتها الرماة في العهدتين السابقتين لبوتفليقة؟ - لا يمكنني تقييمها من هذا الباب. ؟ هل تعمل السيدة حزام على إثراء تجربتها الإعلامية على رأس مؤسستها (جريدة الفجر) من خلال الاحتكاك بإعلاميات عربيات على مستوى الملتقيات والمؤتمرات؟ - شاركت في مؤتمرات دولية خاصة بالناشرين في جنوب إفريقيا وسأشارك هذه السنة في مؤتمر آخر سيعقد بالهند، لكن الإعلاميات العربيات لا تضفن شيئا للتجربة الجزائرية فنحن نتميز عليهن بتخرج العديد من الجزائريات من المدرسة الفرنكوفونية التي تهتم بالنوع وليس بالكم، أنا أطالع صحف المشرق صحيح فيها الكثير من الحرية مثل تجربة الكويت ومصر لكن بعد قراءة مقال بألف كلمة لا نخرج بفكرة بناءة، فصحافة هذه الدول لها حرية الشتم إلا أنها لا تتميز بالنوع، ماعدا صحافة لبنان التي تشبه إلى نوع ما التجربة الجزائرية من ناحية الحرية والجرأة ومن ناحية تأثرها بالمدرسة الفرنسية مع العلم أنها صحف طوائف أكثر مما هي صحف وطنية، لكن الإعلاميات العربيات لا تضفن شيئا للتجربة الجزائرية. ؟ إذن برأيك تجربة الصحافة الجزائرية تصلح لتكون نموذج للتصدير؟ - صحيح أن التجربة الجزائرية تتمتع بالحرية، لكنها تفتقد لمعايير المهنية، لذا لا يمكن أن نصدر نموذج مبتذل، فتجربتنا على قدر إيجابياتها غلبتها السلبيات. ؟ هناك أصداء من الحقل الإعلامي تؤكد أن حدة حزام أكثر صرامة كمسئولة جريدة من نظرائها الرجال، إلى أي مدى يعد هذا القول صحيحا؟ - أنا صارمة في البيت وخارجه وصارمة حتى مع نفسي، أنا أتعامل بمسؤولية وأفضل أن أقوم بكل أعمالي على أحسن وجه. ؟ هل ساهمت هذه المسؤولية في مجال الإعلام عنفي إبعاد السيدة حزام عن أسرتها وبيتها؟ - أنا أرفض أن أكون نموذج من منطلق وجود نساء أفضل مني في عدة مجالات. ؟ هذا من تواضع السيدة حزام؟ - ليس تواضعا وإنما لرفضي الدائم الإجابة عن هذا السؤال لما يخفيه من تمييز بين المرأة والرجل فلماذا لا يطرح هذا السؤال على الرجل فمن المفروض أنه يحمل مسؤوليات داخل البيت أيضا، لدى يجب أن نطرح النقاش الاجتماعي بطريقة جديدة، فالمجتمع الجزائري حاليا ترقى في مجالات عديدة. ؟ تجربة السجن التي عاشتها السيدة حزام كامرأة أولا كصحفية ثانيا، كيف أثرت فيها؟ - من طالع ''يوميات سجينة'' كان سيعرف إلى أي مدى كنت سعيدة بهذه التجربة لأنني لم أضحك في حياتي بنفس الطريقة التي ضحكت بها وأنا متواجدة داخل السجن فرميت كل هموم الدنيا وراء ظهري وعشت التجربة بوجداني بالرغم من كونها كانت قاسية جدا فحقيقة تقفل سبع أبواب تفصل السجين عن العالم الخارجي ، إلا أني عشت التجربة بوجداني كإعلامية وهذا منذ أول وهلة سقت فيها نحو السجن فقلت في نفسي '' يا حدة سوف تعيشين تجربة لم تتوفر لكل الصحافيين نساء ورجال''، فشجعت نفسي وقلت يجب أن أدخله كصحفية وأخرج منه بعمل متميز وهذا ما قمت به، وأتكلم عن تجربتي بكثير من الافتخار لأن الله عز وجل منحني القوة ولم أنهار وخرجت من هذه التجربة بإرادة أكثر. ؟ كلمة السيدة حزام عن الثامن مارس؟ - أنا أرى أن الثامن من مارس فرصة للتحدث عن المرأة فهذا أفضل مما ألا نتكلم عنها إطلاقا، ولكن الرسالة التي أريد تبليغها للمرأة، ألا تخرج يوم 8 مارس مثل الحيوانات إلى الشارع في كامل زينتها من دون هدف أو معنى، يجب على المرأة الجزائرية أن تقف بهذه المناسبة وقفة تقيم خلالها ما حققته منذ الاستقلال إلى الآن وما استطاعت إنجازه لصالح المجتمع لأننا لا نستطيع التكلم عن المرأة بمعزل عن المجتمع لأن مشاكل المرأة تحل في إطار مشروع مجتمع متوازن وهذا هو نضالي والسبب الذي أسست من أجله الجريدة وليس من أجل صفحات الإشهار أو كمية السحب أو أشياء أخرى فجريدتي تأسست من أجل مشروع اجتماعي متميز.