* لماذا اختار القائمون على النقابة الوطنية للأئمة المستقلة تاريخ 16 أفريل لعقد مؤتمرهم؟ – اختار القائمون على النقابة الوطنية للأئمة المستقلة تاريخ 16 أفريل، لعقد مؤتمرهم الوطني الأول الخاص بقطاع الشؤون الدينية، لما لهذا التاريخ من رمزية ودلالة عميقة، فهو يمثل يوم العلم الوطني، واختيارنا لهذا التاريخ كان مقصودا، وهو دعوة السلطات المعنية لتعظيم العلم، فمن أراد الدنيا والآخرة فعليه بالعلم، وتنظيمه جاء أساسا لتبليغ رسالة الأئمة إلى الوزارة الوصية وإلى السلطات أن الأئمة بحاجة إلى تكوين متخصص عال حتى يواكبوا مستجدات المجتمع، ويلبوا متطلبات رواد المساجد على تنوع توجهاتهم ومستواهم الاجتماعي والثقافي…
* .. وما هي مرامي المؤتمر، وعلى ما يراهن؟ – يعتبر هذا المؤتمر أول مؤتمر يعقد في الجزائر منذ الاستقلال بدون وصاية وزارة الشؤون الدينية، أو أية جهة معينة، فهو لقاء يجمع كل الأئمة عبر الوطن، ولهم كل الحق لما يخلصون فيه من نتائج، ولهم فيها مطلق الحرية في أخذ القرارات ، ومن أهداف المؤتمر أيضا أنه تنظيمي بحت للهياكل وتجديد المجلس الوطني والهيئة العليا وتجديد المكتب الوطني، وللأئمة حرية الترشح والاختيار في من يرونه أهلا للمرحلة المقبلة، كما أن الكثير من الموظفين والمواطنين المتتبعين لعمل النقابة يستقلون انجزاتها وأعمالها، حيث بلغت حد الاحتقار، فهذا المؤتمر فرصة لاستعراض الانجازات النقابية وتقييمها إلى أي درجة من النجاح وصلنا إليه، فالجديد يثمن والنقائص تستكمل، ونستدركها في السنوات المقبلة، والأهم من كل ذلك أن هذا المؤتمر فرصة للتلاقي مع جميع الأطر والشرائح النقابية عبر مختلف الولايات، من أجل نقل التجارب وتبادل الخبرات، فيما يخص عمل النقابة، والمسجد، وإيجاد الحلول المناسبة، كما سيسعى المؤتمرون إلى تشريح القضايا الراهنة، من فرص وتحديات لرسم خطة عمل للسنوات الخمس المقبلة، واستشراف المستقبل لهذا التنظيم المستقل، ومن الأهداف المرجوة من المؤتمر القادم تذليل العقبات .
* .. وما الشعار الذي سيرفعه المؤتمر؟ – سيعقد المؤتمر تحت شعار "وطن موحد ورؤية إصلاحية وتدافع إيجابي"، لأننا ما زلنا نسمع بعض الدعوات إلى تقسيم الوطن، والذي يعتبره الأئمة خطا أحمر، وتوحيد الوطن رمز للاستقرار والتطور نحو غد أفضل، كما لا يمكن لأحد أن ينكر تفشي الفساد في حياتنا اليومية، وعليه لا بد من إيجاد آليات لإصلاحه، أما الجزء الثالث من الشعار فهو "التدافع الإيجابي" والذي جاء بناء على العديد من الجهات التي تحاول كسب الرهان من خلال تزكية آرائها وتعتبرها الأنجع، فالوزارة مثلا تدعي أن ما تأتي به من قرارات هو الصحيح، ونحن لدينا طرح بدائل أخرى، والتدافع يجب أن يرتكز على معطى إيجابي، وليس المعارضة من أجل المعارضة، أو من أجل نشر الخصام، بل لا بد من أن يكون الجدل إيجابيا من أجل الخروج برؤى إصلاحية، مما يؤدي إلى وطن واحد موحد.
* .. وهل هناك العراقيل التي تعيق تنظيم المؤتمر؟ – أولى المصاعب التي صادفها المنظمون لهذا المؤتمر، مسألة التكلفة التي تراوح 600 مليون سنتيم، وهو مبلغ كبير نظرا لرحابة الحدث الذي سيجمع تحت مظلته أزيد من 400 مندوب من أئمة وقيمين على المساجد، وموظفين في القطاع، وغيرهم، حيث طالبنا من وزارة الشؤون الدينية والأوقاف مساعدتنا ولو بجزء من المبلغ، إلا أن ردها كان سلبيا لحد الآن، وأملنا أن تبدل رأيها وتبدي رغبتها في مساعدتنا، حتى ولو جاء ردها الاجابي أثناء أو بعد انعقاد المؤتمر، ونوجه رسالتنا إلى وزير الشؤون الدينية عبر منبر "الحوار"، التعجيل بالرد الذي نأمل أن يكون إيجابيا، لأن الأئمة ما زالوا ينتظرون إعانة الوزارة لعقد مؤتمرهم حتى يكون ناجحا وحتى تكون للوزارة الوصية يد في إنجاحه، ومن المعوقات التي وجهناها أيضا منعنا من انعقاد مؤتمرنا بدار الإمام التي فتحت أبوابها لجمعيات مختلفة لاحتضان فعالياتها، ولما تعلق الأمر بالأئمة أداروا لهم الظهر، لهذا سيتم تنظيمه في تعاونية البناء بزرالدة، وقلنا لوزارة الشؤون الدينية لو تعذر حصولنا على دار الامام كفضاء لتنظيم المؤتمر، تقدم لنا إعانات، لكننا لم نجد آذانا صاغية لغاية اللحظة، ونحن في انتظار تحقيقها إلى أن تنتهي فعاليات المؤتمر، الذي تم اختياره بطريقة محكمة حتى يكون واجهة للأئمة.
* في انتظار رد الوزارة الوصية على قطاع الشؤون الدينية بالجزائر، هل هناك إجراءات أخرى انتهجتها نقابتكم لاستيفاء المبلغ المستحق لتنظيم المؤتمر القادم؟ – كحل في حال عدم الرد من الوزارة، طالبنا من الأئمة الذين يريدون المشاركة في المؤتمر، تقديم مبلغ مالي قدره 15 ألف دينار جزائري، والنقابة ترفع التحدي لإنجاح هذه الحدث الأول من نوعه في تاريخ الجزائر، كما نوجه نداءنا إلى ذوي البر والاحسان لمساعدتنا، وفي حالة عدم حصولنا على 600 مليون سنتيم، سيتم خفض عدد المندوبين من 450 مندوب إلى عدد أقل، حتى نحقق النجاح.
* كثيرا ما اشتكيتم من تضييق العمل النقابي، ما تفسيركم؟ – من خلال تجربتنا التي تدخل عامها الخماس، لامسنا تضييقا على العمل النقابي، ناتج عن عدم تطبيق القوانين الخاصة بالعمل النقابي، ففي كثير من الأحيان نفس التنظيم مع الإدارات ترفض تطبيق قوانين موجودة تحث على ممارسة العمل النقابي، والتي تسهر على تطبيقها وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، فهذه الأخيرة اثبتت تقصيرها في المجال، حيث كان لا بد لها أن تأخذ على كاهلها هذه المهمة، وتعمل على تقييم مدى احترام الإدارات التي توجد بها نقابات لاحترام قوانين العمل الموجودة حاليا، بالإضافة إلى وجود فراغات قانونية فادحة في العمل النقابي مما يؤدي إلى الاختلاف مع وزارة العمل، وهو ما يؤكده ما حدث خلال 8 مارس الفارط في التمثيل الوطني، وأكدت على جميع النقابات المستقلة أن تعطي لوزارة العمل ما يمكنها تقييم تمثيل نقابي وطني، وهناك أمر آخر لا بد أن ننوه به، وهو إلزامنا تقديم تمثيلنا مع حلول 31 مارس من كل سنة ، وهو إجراء نعتبره غير قانوني، لأن المادة 35 من قانون 90/14 المتعلق بممارسة العمل النقابي، تنص على إلزام 31 مارس خاص بنقابات القطاعات الاقتصادية، وبالتالي ونظرا لكوننا نقابات قطاعية تابعة للوظيف العمومي، فالقانون لا يلزمنا إيداعنا في التاريخ أعلاه، فلنا كل الحرية إيداعنا مثلما نشاء، ولا تفرض علينا التمثيل كل سنة، إن لم يكن هناك جديد، كما أن التمثيل الوطني كان خاضعا لمرسوم يشرح كيفية تطبيق مواد القانون سابق الذكر، ويتعلق الأمر بمرسوم97/ 09 ، والذي يحتوي على جدول يعطي كيفية التمثيل، يتكون من عدد المنخرطين، والموظفين، وعدد الاشتراكات، إلا أن مراسلة وزارة العمل الأخيرة، فاجأتنا بجدول به كما من المعلومات التي ليس لها أية علاقة مع العمل النقابي، والمراسلة لا تستند إلى أي مرسوم ولا نص قانوني، وهو ما يؤكد تضييق العمل النقابي، لأن المعيار الوحيد للتمثيل عندها أن تكون النقابة تتوفر على 20 بالمائة من المنخرطين من الموظفين، وهو معيار غير سليم، لأنه لا علاقة لنجاح العمل النقابي بعدد المنخرطين، في الدول المتقدمة، منخرطان يشكلان تمثيلية، وهل الاتحاد العام للعمال الجزائريين يعطي تمثيلية العمل، ولأنه موالاة يغض عنه النظر.
* الجزائري ليس له ثقافة العمل النقابي، ما تعليقك؟ – من المفروض أن وزارة العمل هي مرافقة العمل النقابي، والجزائريون أعلنوا العزوف عن الممارسة النقابية، وبالنظر إلى عدد الموظفين الاجمالي في الجزائر بلغ مليونا وأربعمائة موظف، وعدد المنخرطين في كل التنظيمات النقابية الموجودة في الجزائر لا يتجاوز 15 بالمائة، لذا أرى من دور وزارة العمل تشجع الممارسة النقابية، حتى ترفع من نسبة التمثيل الوطني.
* ما تقييمها للوضعية الاجتماعية للأئمة؟ – إن الحديث عن هذه القضية يطول، ولا أجد وصفا مناسبا للوضعية التي يعيشها الأئمة، فهم يحيون في ظروف أقل ما يقال عنها إنها مزرية، وضعية متدهورة إلى حد كبير جدا، وذلك راجع لسببين اثنين، أولهما متعلق بالقانون الأساسي الذي وضعته وزارة الشؤون الدينية الذي صدر سنة 2008 ، الذي يعد مجحفا ولا توجد بينه وبين موظفين وأئمة المساجد، لاحتوائه على الكثير من الاختلالات.
* كنقابة مستقلة، هل قدمتم البديل، وما محتواه؟ – طبعا، قدمنا البديل، باقتراح قانون جديد يعوض القانون القديم، ويختلف جملة وتفصيلا من حيث المهام، والحقوق، والتصنيفات، وفرض شروط كبيرة عند توظيفهم، بالإضافة إلى إجحاف قانون التعويضات، ناهيك عن سلم الأجور الذي يطرح مشكلة عويصة، وتدني رواتبهم، باختصار شديد إن موظف الشؤون الدينية لم يأخذ سوى الفتات، لكن للأسف يطلق على قطاع الشؤون الدينية القطاع غير المنتج، ولكن قد أثبتنا بالأرقام ما تؤطره وزارة الشؤون الدينية في التعليم التحضيري يفوق ما يؤطره العمال، نفس الأمر بالنسبة لمحو الأمية الذي يقدم بالمجان، قس على ذلك قفة رمضان وزكاة الفطر ولباس العيد يفوق ما تقدمه الوزارة بكاملها…
* على ذكر شهر رمضان، القائمون على المساجد اعتادوا تنظيم مسابقات فكرية ودينية كلما حل هذا الشهر الفضيل، إلا أن الميزانية التي تخصصها البلدية أو الولاية للمساجد لشراء الهدايا لا تفي بالغرض، ما موقفك من ذلك؟ – نطالب وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تخصيص ميزانية للمساجد المتعلقة بتمويلها، خاصة خلال شهر رمضان لتسهيل المهام على الوالي وعلى رئيس البلدية والامام معا، كما تفعل مع باقي النشاطات الأخرى، حتى لا يضطر الإمام التوجه إلى جهات أخرى يناشدها بالمساعدة.
* .. وماذا عن قضية السكن، الكثير منهم أحيلوا على التقاعد ووجدوا أنفسهم في العراء، بعدما كانوا يشغلون مساكن تابعة للمسجد؟ – للأسف، الكثير من الأئمة يتم إسكانهم في أقبية المساجد، أو في المقصورات، التابعة للمسجد، كان لا بد على وزارة السكن تخصيص ضمن برامجها السكنية وحدات سكنية للأئمة، أو على وزارة الشؤون الدينية إعادة إسكانهم عند استفاء الإمام مدة الخدمة في مساكن الوقف ويلمونه بدفع مبلغ رمزي شهريا.
* هناك من يتخوف من إقحام المسجد في السياسة، خاصة في المحطات الانتخابية؟ – نحن نرفض إقحام المسجد في السياسة.
* كيف قرأتهم الكلمة الشهرية للشيخ فركوس، والتي اعتبرها الكثيرون تدعو إلى التفرقة والكراهية؟ نحن ضد خطاب الكراهية، إنما مع لمّ الشمل وننبذ كل خطاب يؤدي إلى ضرب الوحدة الوطنية.
كيف يمكن محاربة الطوائف التي تضر بالمرجعية الوطنية؟ لا يجب أن يخرج الخلاف عن الفضاء العلمي، فهذا مهمة وزارة الشؤون الدينية، فمعالجة الأمور الفكرية ليست بالتعليمات وخطابات وزير الشؤون الدينية في وسائط الإعلام، بل باستحداث فضاء علمي يجمع العلماء والمختصين وكل واحد يدلي بدلوه وتكون القاعات مرسخة، والأمر الذي يترجح في الأخير هو الذي تكون له قوة الحجة.
هل أنتم مع تجريم خطاب الكراهية والتفرقة؟ يجب الاتفاق على المصطلحات التي تدخل ضمن خطاب الكراهية والتفرقة، على اعتبار أن مفهوم المرجعية الوطنية الذي نادت به وزارة الشؤون الدينية غير واضح وغير محدد المعالم.
* ما هي نظرتكم للشروط الواجب توفرها في مفتي الجمهورية؟ – الشيء الذي لا بد من التنويه به أن مفتي الجمهورية لا يجب أن ينحصر في شخص معين، إنما يجب تأسيس هيئة علمية تتوفر على علماء في المجال، وفي حالة إصدار الفتاوى تكون مؤسسة وذات مرجعية إلى أصولها الشرعية
* هناك من يتخوف من إقحام المسجد في السياسة، خاصة في المحطات الانتخابية؟ – نحن نرفض إقحام المسجد في السياسة.
* كيف يمكن محاربة الطوائف التي تضر بالمرجعية الوطنية؟ – لا يجب أن يخرج الخلاف عن الفضاء العلمي، فهذا من مهمة وزارة الشؤون الدينية.
* كلمة أخيرة. – أشكر جريدة "الحوار" على استضافتنا لهذا المنتدى بغية تبليغ صوتي للأئمة فيما سيقدمون عليه خلال هذا المؤتمر. حاوره: نور الدين علواش / نصيرة سيد علي