أكدت الوزارة الأولى أن المناطق الصناعية ستنجز خارج الأراضي الفلاحية ، مشيرة أن الانطلاق في إنجاز 41 منطقة صناعية جديدة عبر الوطن ، كاشفة أن رئيس الجمهورية أعطى تعليمات بعدم المساس بالأراضي الزراعية. هذا التأكيد جاء بعد التفاعل الكبير الذي أحدثه الفيديوا الذي نشره الفلاح لزهاري من ولاية وهران الذي دعا السلطات العليا في البلاد الى التدخل العاجل لعدم تشييد مصنع في أرضه الفلاحية. و موازاة مع ذلك تحركت النيابة العامة لدى مجلس قضاء وهران للتحقيق في قضية الاعتداء على الاراضي الفلاحية بالولاية ، حيث فتحت النيابة العامة لدى مجلس قضاء وهران تحقيقا بعد بث فيديو فلاح يستنجد بالرئيس بوتفليقة. الأرض لمن يخدمها وتحقيق الأمن الغذائي ضرورة في السياق، أكد مكلف بالإعلام بوزارة الفلاحة جمال برشيش في تصريحه ل"الحوار" أن وزارة الفلاحة سطرت مخططا تسعى بموجبه إلى تحسين القطاع، والرفع من مردودية المنتجات الزراعية، منها دعم القطاع الفلاحي بمختلف شعبه الانتاجية، وتعزيز أدائه أكثر في إطار مسعى الدولة لتنويع الاقتصاد، وعليه يقول برشيش إن إجراء نزع القطع الفلاحية من أيادي الأفراد الذي شرعت فيه وزارة الفلاحة مستالأراضي التي تم تسلميها إلى الفلاحين بغية استغلالها في محلها، واحترام دفتر الشروط الذي على أساس استفادة من القطع الأرضية الصالحة للزراعة، وليس بغرض تركها أراضي بور، أو التخلي عنها أو استخدمها لأغراض شخصية غير نفعية، فقرار نزع الأرض من هؤلاء لا يمكن اعتباره -يضيف برشيش- قرارا تعسفيا، بل تم ذلك بناء على تسخيرة من اللجنة الولائية التي عالجت ملف استرجاع القطع الأرضية محل النقاش، وأن عملية النزع هذه -حسبه- تمت وفق دراسة معمقة، وتحري شامل عن الموضوع، وبموافقة من مجلس الحكومة، يعني القضية كلها -يقول المتحدث ذاته- قانونية شرعية، الأرض لمن يخدمها وتحقيق الأمن الغذائي ضرورة حتمية، ومبتغى سياسة الحكومة في مجال التنويع الاقتصادي، ولن يحدث ذلك كما قال إلا إذا استرجعت جميع القطع الأرضية الصالحة للزراعة وتستغل في مجالها.
منح عقود الامتياز العشوائي ليس بالمنطق الاقتصادي من جهته، قال الاقتصادي الدكتور فرحات آيت علي إن منح الأملاك التابعة للدولة في إطار عقود الامتياز أو الاستغلال الفلاحي، لأعضاء المستثمرات الفلاحية الجماعية والفردية دون متابعة أو مرافقة الوزارة الوصية لهؤلاء المستفيدين ميدانيا، هو إجراء غير شرعي ولا يحقق النجاعة الاقتصادية، كونها منحت بطريقة عشوائية، وذهبت لغير مستحقيها، مما أثار موجة من الفوضى، فأغلب المستفيدين من تلك العقود لم يستغلوا تلك الأراضي في مجال الفلاحةو، بل قاموا بتجزئتها إربا إربا، وحولوا كل جزء منها إلى استغلال معين لا يمت بصلة بميدان الفلاحة، مشيرا إلى أن هذه العملية ليست بمنطق الرأسمالي أو الاقتصادي ولا تأتي بنجاعتها ويترك آثارا سلبية على المردودية.
استرجاع ملكية الدولة لا يعني مصادرة الأملاك الفردية وبخصوص الأراضي الفلاحية التي شرعت الدولة في استرجاعها، والتي أثارت حفيظة الذين مسهم القرار، قال آيت علي إن تلك الأراضي هي في الأساس تابعة للدولة، منحتها لجماعات أو أفراد خلال سنوات ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ولم تحقق الأمن الغذائي، حيث استغل المستفيدون سكوت الدولة فقاموا بكراء تلك الأراضي لأطراف أخرى بعضها تحولت إلى أراضي اسمنتية، والبعض الآخر -يضيف فرحات- بقيت بورا بصفر فائدة، وعليه تطبيق الجهات المعنية عليهم سلطة القانون واسترجاع تلك الأملاك التي لم يحترم المستفيدون منها شروط المتعاقد عليها عند إبرام عقد الاستغلال أضحى أكثر من ضرورة، لكن بشرط أن يتم منحها مرة أخرى لأشخاص منتجة متمرسة وملمة بعالم الفلاحة والزراعة، حتى لا نكرر المأساة ذاتها، مع مرافقة المستفيدين من القطع الأرضية الصالحة للزراعية عن طريق تزويدهم بوسائل وأدوات العمل اللازمة، لتحقيق نتيجة مرضية.
لا تخلطوا بين الاقتصاد و"السوسويال" ومن أجل النهوض بميدان الفلاحة، أوضح الخبير الاقتصادي آيت علي أنه يستوجب على الدولة الجزائرية أنها إذا أرادت تحقيق المردودية الزراعية لا بد عليها أن تتخذ العديد من الإجراءات، وفي مقدمتها القيام بعملية تصنيف القطع الأرضية الصالحة للزراعة، فهناك أراضي صالحة لغرس الأشجار على تنوعها، ومنها صالحة لأنواع أخرى من المنتاجات الزراعية، على أن يتم توزيعها وفق مزاد علني حتى نضمن أنها ذهبت لمستحقيها، داعيا إلى عدم الخلط بين الاقتصاد و"السوسويال".
تعاون الخواص والحكومة على ضرب العقار الزراعي وعلى صعيد مماثل، أعرب الاقتصادي الدكتور كمال رزيق، عن استيائه الشديد إزاء ما يتعرض إليه العقار الفلاحي، من نهب متواصل ومن اعتداء مستمر، وتحويل الجزء الأكبر منه إلى مساحات إسمنتية، واستحدثت مدن كبرى على حساب ما نسبته 70 بالمائة من أجود الأراضي الفلاحية كمنطقة متيجة مثلا، وكلها بيعت دون رقيب أو حسيب على غفلة من الجهات المعنية، صراحة يقول رزيق إن الأراضي الفلاحية التي تم الاعتداء عليها واغتصابها تعاون على ضياعها الدولة والخواص معا، كل الأراضي اكتسحها "البيطون" والحكومة الجزائرية تتفرج، داعيا إلى ضرورة إعادة النظر في هذه المسألة واسترجاع كل القطع الفلاحية المغتصبة وإعادة منحها لمن يعرف قيمتها ويستخدمها في مسارها السليم، لأنها -كما قال رزيق- ليست ريعا، ولم أعثر لحد الساعة على بلدا يسلم أرضا زراعية بالمجان ولا يطالب المستفيد منها بالأرباح السنوية، وطالب الحكومة التدخل حتى لو كانت الأرض الصالحة للزراعة تابعة للخواص وإرغام أصحابها على ضرورة استغلالها في مجال الفلاحة لتعم الفائدة. نصيرة سيد علي_ نورالدين علواش