حمّل الأمين العام للتنسيقية الوطنية لأساتذة العلوم الإسلامية، بوجمعة محمد شيهوب، وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت مسؤولية التخبط الذي يعيشه اليوم القطاع بعد التسريبات التي حدثت في امتحاني السنة الخامسة والرابعة متوسط على التوالي، مشيرا إلى أن بن غبريت بسياستها تعمل على ضرب مصداقية امتحانات مصيرية في الصميم، مسلطا الضوء على النوايا المبيتة التي يراد بها القضاء نهائيا على مواد الهوية الوطنية، منتقدا ما تضمنته كتب الجيل الثاني من نصوص خطيرة تهدد المجتمع الجزائري، وهي نصوص أحدثت ضجة وقت اكتشافها إلا أن القائمين على وزارة التربية لم يتداركوا ذلك. كما تحدث بوجمعة شيهوب عن تدهور المدرسة الجزائرية وتذيلها الترتيب العالمي معتبرا ذلك فضيحة من العيار الثقيل وسقوطا حرا لسياسة بن غبريت وضربة قوية لإصلاحات الجيل الثاني الذي دافعت عنه الوزيرة كثيرا. * ماهي توقعاتكم لسير امتحانات البكالوريا في ظل التسريبات التي شهدتها امتحانات الخامسة ابتدائي والرابعة متوسطة ؟ – التسريبات حصلت وإن كانت مرفوضة أخلاقيا وقانونيا إلا أنها وقعت في السنوات الماضية، فمنذ قدوم الوزيرة شهدنا بكالوريا الغش وبكالوريا التسريبات وبعدها بكالوريا التأخيرات وإقصاء التلاميذ، ولم تسلم أي سنه أو تمر الامتحانات الرسمية بشكل عادي، وهذا وإن كانت هذه السلوكيات كلها مرفوضة إلا أنها وقعت، وهي نتيجة تخبط المسؤولين على الوزارة ومحاولتهم فرض تقاليد لا علاقة لها بالجانب البيداغوجي ولا العلمي وإنما مجرد استعراضات، منها تأخير الامتحانات هذه السنة والتي خلفت استياء كبيرا لدى تلاميذنا وأوليائهم في الجنوب، حيث الحرارة مرتفعة جدا وأجهزة التبريد أغلبها معطلة كما حدث بمتوسطة علي بن أبي طالب بتقرت وانقطاع الماء مما أحدث إغماءات وسط التلاميذ، ولا نعلم كيف ستكون امتحانات البكالوريا التي سيجتازها أبناء الجنوب في درجات حرارة قياسية مما قد يحول الأقسام إلى أفران موقدة ولأول مرة في تاريخها مما يضرب مبدأ تكافؤ الفرص في الصميم، ويضع التلاميذ في خطر محدق، والتي لم تكن سوى للتغطية على الإخفاقات المتكررة للوزيرة من جهة والتي أبرزها ترتيب منظومتنا الأسوأ عالميا منذ الاستقلال من خلال التصنيف الأخير، ومن جهة أخرى عدم الثقة بالوزيرة نتيجة المشروع الذي تعمل على تنفيذه في المدرسة والذي يهدف إلى ضرب الهوية الوطنية في الصميم والذي بات الداني والقاصي يعلمه والذي لا يلتقي إلا مع أهداف الاستخراب الفرنسي حيث فشل في تجسيده يوم كان جاثما على صدور أجدادنا ويراه الجميع اليوم والوزيرة تعمل على تجسيده بأموال وطاقات المجتمع ! * احتلال المدرسة الجزائرية المرتبة 189 عالميا و22 عربيا شكل صدمة للمجتمع الجزائري في رأيكم من يتحمل مسؤولية هذا الفشل ؟ – تدهور المدرسة الجزائرية حدث بعد تغيير المناهج وتوزيع كتب الجيل الثاني الذي تبين بأن الوزيرة تسوق له بمصطلح "الحوكمة" والذي يعني في اللغة العربية النوعية والجودة ولكن وبعد أربع سنوات تبين بما لا يدع مجالا للشك بأن المخاوف التي كنا نتحدث عنها والتي لمسناها في الميدان كان الهدف من مشروع الجيل الثاني كله هو ضرب عناصر الهوية الوطنية ولم يكن الجودة ولا النوعية والدليل التي تتكلم عنه المنظمة العالمية والتي اعتمدت في ترتيب المدرسة الجزائرية على دراسة مناهج الجيل الثاني في الابتدائي والمتوسط والتي تبقى منها قسما الخامسة ابتدائي والرابعة متوسط هذه المنظمة التي درست مناهج وكتب الجيل الثاني، المركز الدولي للتعليم "اليونيفيك" التابع لمنظمة اليونيسكو قال بأن مناهج التعليم الجزائري لا تحمل لا الجودة ولا والنوعية والدليل تصنيفها في المرتبة 189 عالميا و 22 عالميا بعد النيجر والصومال، هل يعقل الجزائر بإمكانياتها البشرية والطاقات أن تتحصل على هذه المدرسة والحقيقة أن بن غبريت التي سوقت للجودة والنوعية كانت تهدف من وراء برامجها لضرب عناصر الهوية الوطنية من دين ولغة وتاريخ. * أين تجلى ذلك بصورة أكبر ؟ تجلى ذلك في كتب الجيل الثاني وفي عدة أخطاء وأشياء وردت في الكتب من بينها أنها ضربت الثورة في إحدى كتب الابتدائي يقول إن الاستقلال منحته فرنسا للجزائر عن طريق استفتاء وافق عليه الجزائريون وهذا ضرب صريح للثورة الجزائرية، ونتعجب كيف يصدر هذا الدرس في الكتب المدرسية وأين هي وزارة المجاهدين وكبار الشخصيات التاريخية. ثم طعنت اللغة العربية في الظهر وأرادت أن تغير النصوص عن طريق خطة "الجزائرياتي" ونحن لسنا ضد هذا المنحى لكن لا يجب أن تقدم نصوص مستواها اللّغوي ضعيف جدا كنصوص البشير الإبراهيمي والتي تم تعويضها بنصوص لأمين الزاوي وبوجدرة وغيرها وهم أصحاب توجه معروف والهدف من الجزائرياتية ليس التعريف بالأدب الجزائري وإنما لتسويق أفكار إيديولوجية معينة واتخاذ المدرسة منبرا لغرس الأفكار. الوزيرة أحاطت نفسها بفريق كلهم أصحاب ايديولوجية يسارية متطرفة ونعرف أسماءهم وسيرتهم وتوجههم، لمساعدتها على تطبيق هذا البرنامج الذي يهدف إلى سلخ الهوية الوطنية من المدرسة الجزائرية وعلى رأسها اللغة العربية ومثال ذلك يقول فيه التلميذ إنه يستحي من التحدث باللغة العربية ويفتخر بالحديث باللغة الفرنسية وهذا ليس موجودا في مجتمعنا وإنما يريدون تكريس هذه النظرة الدونية للغة العربية. وكذلك بعد تحريف الرموز في المواد العلمية عادوا للمواد الأدبية التي نعتبرها نحن مواد هوية ولا يعقل أن تكون هذه المواد ثانوية، فنحن بها نكون الإنسان الذي لا يمكن تكوينه بالرياضيات والفيزياء بل بالدين واللغة والتاريخ. لكننا رأينا عكس ذلك، فرأينا أحد قادة الثورة صور بأنه رجل يحب الموسيقى والرقص بدل تصويره بأنه بطل قاوم الاستعمار.
* لماذا سكت المثقف الجزائري عن جرائم المساس بالهوية الوطنية ؟
– للأسف الشديد وجدنا أنفسنا في مواجهة الوزارة بينما صمت أغلب الناشطين والمثقفين في المجتمع وكان من المفروض أن يتحركوا، فالحفاظ على الهوية ليس من مهام أساتذة العلوم الإسلامية فقط كان يجب أن تقف جمعية العلماء المسلمين سدا منيعا في وجه تحركات بن غبريت وحاشيتها وعدم المساس بعناصر الهوية الوطنية. خاصة المتعلقة بالتربية الإسلامية التي حذف منها تقرير بن زاغو دروس تحريم الخمر والزنا والجهاد، ومثالا على نص الجهاد كان يتم تدريسه من قبل أستاذ متخرج من الجامعة الجزائرية تحت مراقبة المفتش، والتلميذ لا يأخذ إلا المفهوم الصحيح للجهاد لكن الآن تبين أن الذين نزعوه كانوا يخدمون أجندات أجنبية، فالتلميذ الذي يتلقى شرحا للجهاد من جهة أخرى سيكون عرضة للأفكار المتطرفة التي يريد الغرب تسويقها ونسبها للاسم ومن حذفوا درس الجهاد ساهموا في خدمة جهات أجنبية لتغذية الجماعات المتطرفة العالمية، والتلميذ أصبح يحاجج أساتذته بعد أن فقد التطعيم الأولي من المدرسة بحذف دروس الجهاد. كما أننا شكلنا مع جمعية العلماء لجنة خبراء تقوم بتقديم دراسة كبيرة حول كتب الجيل الثاني قدمته الجمعية للوزيرة لكن بن غبريت لم تأخذ به وأعادت طبع الكتب دون مراعاة أي نقطة في التقرير وبعدها الجمعية نشرت التقرير الذي تطرق بالتفصيل للمخاطر التي ترافق جيل الكتب الثاني. وللإشارة لا تزال جرائم الهوية لم تلغ وهذا يعني أنها كانت مقصودة، مثلا في الحديث عن ابن بطوطة نزعوا تعريفا عن حفظه للقرآن في صغره. رغم أن بعض المفتشين المركزيين أقروا بوجود أخطاء في الكتب المدرسية، وتم تصححيها إلا أن الملاحظ أنهم تعمدوا ترك بعض الدروس التي أحدثت بلبلة، دليل قاطع على أن جرائم الهوية التي تتعلق بالدين واللّغة والتاريخ مقصودة وليست أخطاء مطبعية. كما أن الوزيرة تجنبت المساس بالعلوم الإسلامية في مرحلة الثانوي وضربت المواد المحيطة بها اللغة العربية، التربية المدنية والتاريخ والآن هناك كوارث في التربية المدنية، مفاهيم مغلوطة تماما تسوق لتلاميذ الابتدائي.
* التهجم على مادة العلوم الإسلامية اتسع بالتضييق على تدريسها واعتماد أساتذة غير مختصين كيف كان رد التنسيقية على ذلك ؟
في بداية 2017 قامت وزارة التربية الوطنية بتقليص مناصب أساتذة العلوم الإسلامية وفي بعض الولايات على غرار الجلفة، بشار، غرداية وتبسة وأسندوا تدريسها لأساتذة الفلسفة، ورغم احتجاجنا على ذلك إلا أنهم لازالوا يدرسونها والمفتشين قدموا تقارير بأن الأساتذة قاموا بكوارث في المادة بسبب عدم تمكنهم من أحكام الشريعة الإسلامية والنتيجة أن التلاميذ ينتقلون من طور إلى آخر بمفاهيم مغلوطة ومحرفة في حالات كثيرة، وهنا طالبنا بتدريس المادة من قبل أساتذة مختصين في التعليم المتوسط وإضافة ساعة أخرى فلا يعقل أن يدرس ساعة واحدة للتربية الإسلامية وتمنح ساعتين للتربية المدنية. وأشير هنا أننا رفعنا جملة من المطالب من بينها إعطاء المادة مكانتها التربوية برفع حجمها الساعي، رفع معاملها باعتبارها من عناصر الهوية الوطنية، إعادة التخصص (شعبة العلوم الإسلامية) التي حذفت بدون مبررات علمية أو تربوية. إعادة الحجم الساعي المحذوف في السنة الأولى ثانوي والأخذ باقتراحات تنسيقية الأساتذة فيما يتعلق بما يحضر له من مناهج باعتبارها الممثل الشرعي لأساتذة العلوم الإسلامية. ولأن أبواب الحوار أغلقت من قبل وزيرة التربية الوطنية نرفع نداءنا إلى رئيس الجمهورية للتدخل لوضع حد لهذا العبث بعناصر الهوية الوطنية وعلى رأسها العلوم الإسلامية، كما نتوجه إلى جمعية العلماء المسلمين من أجل الوقوف في وجه هذا المشروع بشكل عملي جاد باعتبارها تأسست من أجل العمل لهذه الغاية. كما نتوجه أيضا لكل الغيورين على الهوية لتحمل كامل المسؤولية لنواب الشعب من أجل الدفاع الجاد عن مواد الهوية والعمل الجاد على إيقاف هذا المشروع الخطير الذي تلتقي أهدافه مع مشروع الاستخراب الفرنسي البغيض. حاورته: سهام حواس