هدّد، أمس، اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر الجزائر بالدخول معها في حرب، على خلفية ما سماه استغلالها الأوضاع الأمنية في ليبيا ودخول قوات من الجيش الجزائري الأراضي الليبية. يأتي هذا في ظل الجهود الكبيرة التي تبذلها الجزائر منذ اندلاع الأزمة في ليبيا، حيث استقبلت العاصمة الجزائرية وفودا ليبية من جميع الأطراف، إلا أن جهودها لم تنجح في الوصول لحل متفق عليه من جميع الأطراف. وفي هذا الصدد أجمع خبراء عسكريون ومحللون دوليون ودبلوماسيون سابقون في اتصال خصوا به “الحوار” أن تصريحات الماريشال الليبي، لا تعبر عن قائد عسكري يقود ميليشيات ليس لديها ترتيبات قانونية وفق الأعراف الدولية. في إشارة إلى أن تصريحاته الأخيرة غير مسؤولة ولا تعبر عن تصور سياسي رسمي يمثل الدولة الليبية، خاصة وأنها نتيجة ضغط إقليمي ودولي إزاء الفشل الذريع الذي لقيه في الآونة الأخيرة. حفتر يريد أن يزرع فتنة في الداخل الليبي وجه الضابط السامي في جهاز المخابرات الجزائرية، محمد خلفاوي، ردا صريحا وقانونيا للواء خليفة حفتر، حيث قال إنه وجب على هذا الأخير أن يدرك أن الدستور الجزائري لا يسمح للجيش بالخروج من الحدود وهذا معروف لدى المجموعة الدولية. وتابع خلفاوي أن حفتر يريد أن يستثمر إعلاميا في هذا الموضوع عن طريق إعطاء لنفسه القوة والقدرة هذا من جهة، والحركة الشرعية التي تميزه على الحكومة المعترف بها دوليا من جهة أخرى. وأشار خلفاوي إلى أن دعم الجزائر لحكومة فايز السراج يمكن أن يكون وراء هذا التصريح والذي من خلاله يريد أن يزرع فتنة في الداخل الليبي وهذا لا يصب في مصلحته بالدرجة الأولى. وأكد الخبير الأمني والإستراتيجي أن القوى الإقليمية التي تدعم حفتر كمصر التي تدعمه إعلاميا وتوجه الدفة للمغرب للاستثمار في القضية الجزائرية الليبية، بالإضافة إلى قطروالإمارات والقوى الغربية التي تعرف جيد المشهد السياسي الليبي. وفي الختام قال العقيد السابق، إن القائد العسكري يقود ميليشيات ولا يملك جيشا ولا استراتيجيات عسكرية وينتظر قوة عسكرية أجنبية من الخارج لتدافع عن بلاده لا يمكن أن يسمى نفسه قائدا، هذا وشدد محدثنا على أن الجزائر مستعدة لأي حرب تتعلق بالدفاع عن حدودها إلى آخر قطرة دم وهذا وفقا للدستور. عليه أن ينهي أزمة طرابلس وبنغازي أولا قال الرائد السابق في جيش التحرير الجزائري، لخضر بورقعة، إن حفتر شخصية لا تستحي ورجل فاشل أثبت فشله الكبير في الداخل وغير قادر على حل أزمة بلاده التي يريد من خلالها تصديرها للجزائر. وأضاف المجاهد بورقعة أن حفتر لو كان جديا في تهديده فعليه أولا أن ينهي على الأقل أزمة طرابلس وبنغازي، وهذا دليل على أنه قرأ رسالة من الخارج من حلفائه الاستراتيجيين كمصر وفرنسا وأمريكا. وأشار بورقعة إلى أن هذا التهديد تريد بعض الأطراف استغلاله والاستثمار فيه بطريقة أو بأخرى عن طريق جر الجزائر للداخل الليبي وهذا بعدما قرر صانع القرار الجزائري التزام الدولة بمبادئها الدبلوماسية تجاه دول الجوار أولا والعالم بصفة عامة. رجل مجنون ومتهور..ينفذ أجندة دولية وإقليمية أكد الخبير الأمني والإستراتيجي، حكيم غريب، أن حفتر ما هو إلا رجل ينفذ أجندة دولية وإقليمية تحاول بعض الدولة المجهرية أن تصنع منه أوراقا لبروز أزمة داخلية جديدة، مضيفا أن هذا الأخير متهور ومجنون، يريد أن يرمي فشله الذريع على الجزائر. تابع غريب أن تصريح حفتر حمل في طياته إشارات خاصة عندما أشار إلى أن وراءه قوى لشن ما يسميه بالحرب، وبالتالي فهو يعتمد على حلفائه الغربيين كواشنطن وباريس، وهذا لو كان سياسيا حكيما أو قائدا كبير لما فكر حتى مجرد التفكير في الموضوع بالرغم من أنه لا يخدمه شخصيا قبل أن يكون ذات مصلحة عامة. وفي الختام قال ذات المتحدث إن الجزائر لديها كلمتها في الأخير وستعرف كيف تتعامل مع الموضوع بكل عقلانية وبأسلوبها الخاص ووفق دستورها الذي يوضح سياستها الخارجية ودبلوماسيتها المتعامل بها دوليا. من هو حفتر حتى يهدد الجزائر ؟ قال أستاذ العلوم السياسية، فاتح خنانو، إن تصريحات اللواء خليفة حفتر، حين نقوم بتقييمها من حيث المبدأ هي تصريحات غير مسؤولة ولا تعبر عن قائد عسكري له تصور سياسي رسمي للدولة الليبية، مشيرا إلى أن العقيد المتقاعد لا يمثل الدولة الليبية، فهو يقود ميليشيا تتصارع ضمن مراكز قوة موجودة في الداخل وهذه الأخيرة غير معترف بها دوليا ولا تخضع لترتيبات الدولة الليبية، ولا تتماشى مع الأعراف الدولية إلا أن اللواء يعتبرها جيشا ليبيا. هذا وطرح خنانو سؤالا في الصميم حيث قال من هو حفتر أساسا؟ ليجيب بعدها أن هذا الأخير يمثل قطعيا القوى المتصارعة داخل المشهد الليبي مشيرا لمصر والإمارات. وتابع ذات المتحدث أن الجزائر دائما تشتغل في إطار منزلة الكبار، ولا تسمح لنفسها بالنئي أو الرد على منزلة الصغار. وهذا أكد خنانو، أنه وجب على حفتر أن يدرك أن للجزائر جيش يعد من أقوى الجيوش في العالم. مضيفا أن الجزائر تحترم حدود جيرانها ولا تتجاوز القانون الدولي. كما أنها تعمل على مساعدة ليبيا للخروج من أزمتها المعقدة وفق سياستها الخارجية ودون التدخل في شؤونها الداخلية. وفي رده على سؤال الصحفي حول من يكون خلف حفتر كتبرير لتصريحاته، قال محدثنا إن حفتر تحركه قوى غربية كالولاياتالمتحدةالأمريكية وقوى إقليمية كالإمارات ومصر. ضرب من الجنون والزهايمر القيادي وصف مدير موقع صوت الضفتين، نزار الجليدي، خطاب خليفة حفتر بالمتشنج سياسيا، مشيرا إلى أن تصريحه الأخير يؤكد على أنه رهينة ضغط إقليمي متمثل في الإمارات، وضغط غربي متمثل في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقال المحلل السياسي، إن مثل هذه التصريحات لا تخدم حفتر بالدرجة الأولى، إلا أنها تصب في مصلحة سيف الإسلام القذافي. وختم الجليدي قائلا “حفتر واقعيا لا يستطيع مس الجزائر، أما إذا كان ينوي ذلك فعلا فهو ضرب من الجنون، والزهايمر القيادي”. خطاب التصعيد واستعراض القوة أوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عمر بن سليمان، أن تصريحات حفتر في غير محلها، مضيفا أنه يتجاهل عدة أمور منها تاريخ علاقات حسن الجوار بين الجزائر وليبيا، وعقيدة الجيش الوطني الشعبي القاضية بعدم تجاوزه حدودنا الوطنية، وكذلك الدستور الجزائري الذي ينص بعدم أحقية الجزائر بجيشها ومؤسساتها بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول أخرى. بالإضافة إلى عدم فهمه لقواعد التعامل الدبلوماسي لمثل هذه الحالات نظرا لأنه عسكري وغير دبلوماسي، وذهب مباشرة إلى خطاب التصعيد واستعراض القوة. وقال بن سليمان يمكن القول إن اللواء كان يقصد من وراء تصريحاته المناورات التي قام بها الجيش الوطني الشعبي بالقرب من الحدود الجزائرية، إلا أن هذا لا يمنع جيشنا من التجول والتدرب وعرض قوته في كل سنتمتر على إقليم حدود وطننا. وقال بن سليمان، إن حفتر لو كان دبلوماسيا محنكا وقائدا من العيار الثقيل، لما عبر عن فرحه وارتياحه وعن شعوره بالأمان لوجود قوة إقليمية جزائرية تحرس حدوده الوطنية ضد الإرهاب، وضد الجريمة المنظمة العابرة للحدود التي استغلت أوضاع بلده للعبث بأمن سيادة إقليمنا الوطني، مشيرا في الوقت ذاته إلى الهجوم الإرهابي الجبان الذي ضرب منطقة تيقنتورين التي راح ضحيتها رعايا جزائريين وأجانب. وفي الختام قال محدثنا إن حفتر ربما نسي من يخاطب أو من سيواجه على أرض الميدان، مؤكدا أن هذا الأخير إذا أراد أن يواجه الجزائر عسكريا، فيجب أن يعلم أن الجزائر لا تعلن الحرب على أحد، لكن إذا أعلن أيا كان الحرب على الجزائر سواء هو أو أي دولة أخرى فإن الجزائر ستحرص على إنهائها. مجرد فرقعات إعلامية لا أكثر ولا أقل قال أستاذ العلوم السياسية، الجيلالي كرايس، إن تصريحات خليفة حفتر ما هي إلا مجرد فرقعات إعلامية لا أكثر ولا أقل، مضيفا أن قرار حفتر بنقل الحرب على الحدود الجزائرية ضرب من الخيال، بدليل أنه غير قادر على السيطرة على الأحداث في ليبيا، وتنظيم حتى الميليشيات التي يقودها إضافة إلى توحيد الحكومات الثلاث. وأكد كرايس، أن ليبيا تمثل اليوم أحد نماذج الدول الفاشلة، ناهيك عن الاستقطاب الدولي للفرقاء الليبيين وهذا من الصعب تجاوزه. هذا ووصف كرايس، تصريحات حفتر بالاستفزازية والاستعراضية، موضحا أن هذا الأخير كان ينتظر وقوف الجزائر بجانبه إلا أن الجزائر لم تفعل ذلك نظرا لمبادئها كعدم الانحياز إلى أي طرف ليبي بتفضيل دعوتها الأطراف المتصارعة للحوار وتغليب مصلحة الشعب الليبي. وقال ذات المتحدث، إن حفتر ربما أقنع نفسه بفكرة أن من ليس معه فهو ضده، لذلك قرر الهجوم الإعلامي على الجزائر عن طريق تصريحات غير منطقية وغير واقعية. وفي الختام قال محدثنا إن اللواء يواجه عزلة تامة في الشرق، بالإضافة إلى عدم توفره على إمكانيات للتقدم نحو طرابلس إلا عن طريق دعم إقليمي ودولي، وبالتالي فهو لا يمثل إلا قوة أجنبية يبدو أنها دفعته لقول مثل هكذا تصريحات. جدير بالذكر أن تصريحات حفتر تشكل تحديًا لجهود الوساطة التي تقوم بها الجزائر بين فرقاء الأزمة الليبية التي طال أمدها في وقت لم يصدر أي رد فعل من السلطات الجزائرية على التهديد الخطير للجنرال حفتر حتى الآن.