من أهم المصطلحات التي ستؤرِّخ لتطوّر الوعي الجزائري، وتبقى شاهدةً على مرحلةٍ هامّةٍ من مراحل تاريخه، باعتبار أنّ اللغةَ تُعْتَبَرُ حَامِلاً أساسيّاً لِلْوَعْيِ الثَّقافي للمجتمعات، نَذكُرُ المصطلحات التّالية التي أَنْتَجَتْهَا ثورةُ الابتسامة، وأصبحتْ علامةً جزائريّة خاصّة: القوى غير الدستورية:قد يكون أول من استعمل هذه العبارة هو صدّيق شهاب الناطق الرسمي السّابق باسم التجمّع الوطني الديمقراطي، في أوَّلِ مُساندةٍ له للحراك، إذ قال حينها للصحفي الذي سأله عن دفاعهم المستميت بالأمس القريب عن العهدة الخامسة، قال: كنا فاقدي البصيرة، وحاول أن يتملّص من تحمّل مسؤوليّة كل المواقف الاستفزازيّة التي وقفوها إلى جانب النِّظام السابق، بإرجاعها إلى “قوى غير دستورية” كانت تَفْرِضُ عليهم الأوامِرَ الفوقيّة خارج أطر الدستور والقانون!..تَدَاوَلَ الجزائريون بعد ذلك هذه العبارةَ كثيراً، شعبيّا وإعلاميّا، وأَصْبَحَتْ مَثَلاً يُضْرَبُ للتّعبير عن التّنديد بكلّ الأطراف التي تتلاعب بالدّستور والقانون، لخِدْمَةِ أغراضٍ خاصّةٍ على حساب المصلحة الوطنيّة العليا. الكاشير: تداول الجزائريّون هذه الكلمة شعبيا وإعلاميا بشكل ساخر، واستُعمِلَتْ في الشعارات والنُّكَت للدلالة على التّهكّم والهجاء.. انطلقتْ للسّخريّة من الذين حضروا إلى القاعة البيضاويّة، التي احتضنتْ تجمّعا برعاية أحزاب الموالاة، للإعلان عن تبني العهدة الخامسة، ، وفيه أعطوا للحاضرين ساندويتشات بالكاشير، ومن ذلك اليوم أصبح كلُّ “شيّاتٍ” وكلُّ متملّقٍ للسّلطة آكلاً للكاشير.. من النّكت الجميلة التي تَحَوَّلَتْ إلى شعار جميل يُرفَعُ في المسيرات، ما كتبه أحد الأصدقاء على صفحته في بداية الحراك، مُتَنَبِّئاً بما سيؤول إليه وضع الكاشيريين، قائلا:”بِدِايَتُهَا كاشير.. نهايتُها إسهال حادّ!..” يتنحّاوقاع: أصبحت هذه العبارة تتداول على كل الألسنة، للدلالة على ضرورة ذهاب كل الفاسدين، وانتقلت حتى إلى وسائل الإعلام الأجنبيّة، حيث أصبحت تتداولها مع شيء من اللكنة في النطق تضفي عليها شيئا من الجماليّة والمزحة، وقد تحوَّلتْ هذه العبارةُ إلى شعار عام للحراك، يرفع في المسيرات بصيغ متعدِّدة منها:” كي يتنحاو قاع، لازم نتربّاو قاع، ونخدمو لبلاد قاع، ونبركاو من النّش قاع..” العصابة: هذه الكلمة تداولها الجزائريون كثيرا شعبيا وإعلاميا، للدَّلالة على العناصر الفاسدة في منظومة الحكم السابقة، والتي نَهَبَتْ خيراتِ الوطن ومقدِّراتِه، وتلاعَبَتْ بمصيره. الركمجة:(الركمجة هي رياضة ركوب الأمواج) وقد وُظِّفَ المصطلح للسخريّة من أولئك الانتهازيين الذين حاولوا ركوب موجة الحَراك الشّعبي، بعد أن كانوا من أشدّ الدّاعمين للعهدة الخامسة، وكان بعضُهم يقول: “يلعن أبواللي مايحبناش حينما نساند العهدة الخامسة!..”وبعضهم يقول: “لي ما يساندش العهدة الخامسة ماشي راجل!..” إلا أن الجميع تَحَوَّلَ بقدرة قادر إلى مساندة الحَراك، ركوباً للموجة ومُسايَرةً للتِّيَّار الشّعبي الجارف!.. ولذلك أُطْلِقَ عليهم وصف “الركمجيين” ولكنها (رَكْمَجَةٌ سِيَّاسِيَّةٌ)!..