مما لا شك فيه أن الأزمة الجزائرية منذ إطلاق ساعة الصفر للحراك قد دخلت المرحلة الحرجة بسبب الجمود والإصرار على بعض المطالب التي أرى بأنها جزئية وثانوية وهذا على حساب القضية الأساسية والجوهرية وهو كيف نخرج من عنق الزجاجة وبأقل التكاليف والخسائر وكل ذلك طبعا يكون للمصلحة العامة للبلاد والعباد، لكن للأسف أصحاب النوايا الحسنة سجنوا أنفسهم في دائرة مغلقة خوفا من عرض أي مبادرات قد تغضب الحراك وتثير سخطه هذه الفوبيا جعلتنا نشك في أصحاب النوايا الحسنة ونتوقع منهم أن مرد ذلك راجع لحسابات خاصة وشخصية، لها علاقة بالاستحقاقات المقبلة لما بعد محطة الحراك ولهذا قلت وأعيد القول بأن السياسي المحترف هو الذي يخترق الجدار والحواجز لتتقدم القاطرة إلى الأمام وليس المطلوب منه نظم قصائد الغزل والمديح للحراك ولا لنظم قصائد الهجاء للسلطة أو للمؤسسة العسكرية والعكس صحيح، والخوف كل الخوف أن تحدث مفاجآت قد تنسف كل هذه الإنجازات التي تحققت على الأرض وبالخصوص ما لها علاقة بتفعيل جهاز القضاء وملاحقة عصابة الفساد التي لم يكن ينتظرها حتى الحراك بل وقد فاجأت الحراك ولكن للأسف لازال بعضهم يدخل صفوف الحراك وكما قلت ولحسابات خاصة يشكك في هذه الإجراءت وإن كانت جزئية بل وذهب حتى في الطعن في مؤسسة الجيش التي تعتبر العمود الفقري للبلاد، الأمر الذي دفعنا للقول بأن مثل هؤلاء يريدون صنع البطولة على ظهر الحراك ومن مصلحتهم أن تكون الأزمة، هذه الأزمة التي تحركت فيها ومن خلالها العديد من الأعشاب الضارة ايديولوجيا وعقائديا وإذا صح ما تناولته بعض وسائل الإعلام من أن مراسلة أمنية لوزارة الداخلية أبرقت للسادة الولاة ولمديريات الأمن والدرك تحذر من استثمار الجماعية في الوضع المضرب الذي تمر به الجزائر للعودة مجددا لممارسة نشاطها ولكن هذه المرة من خلال تأسيس جمعية باسم / أحمد الخير/ وبحكم اهتمامي واختصاصي بهذا الملف طرحت السؤال على زعماء الجماعة الاحمدية على المستوى النرمزي والدولي لأستفسر منهم الأمر وعن موقفهم من ذلك وقد كانت البداية مع الرجل الثاني في هرم القيادة الاحمدية وهو الاستاذ محمد شريف عودة الذي سبق وأن أجربت معه حوارا مطولا لجريدة الحوار والبداية هذه المرة كانت من الحدث الأخير وهل هو مطلع على الأمر وعلى دراية وما هو موقفه من المراسلة الأمنية ولكن يبدو بأنه هذه المرة كان حذرا وأبى أن يتورط معي في الحوار، وبالخصوص أنه يعتبرني شخصا مناورا فلقبني بالصديق اللدود لأنني بقدر ما اطلب الحوار معهم أحذر في نفس الوقت من مكرهم فاعتبروني بأنني في علاقتي معهم في المنزلة بين المنزلتين لا أنا بالصديق ولا أنا بالعدو، و أمام هذا الوضع اضطررت لطرح نفس السؤال على الداعية الإعلامي الشهير بقناة الأحمدية الدكتور ميم أو دقة فكان جوابه وافيا ومن الفائدة نقله حرفيا للقارئ وللرأي العام حتى يبني عليه القراءة السياسية ببصيرة فكان رده: لا أعرف حول هذه التعليمة. ولكن نحن أناس لا نعمل في الخفاء ولا نخالف القوانين، ومسلكنا ومنهجنا واضح. ولا هدف لنا سوى تعريف الناس على الإسلام الحقيقي وتقريبهم من ربهم وجعلهم مواطنين صالحين. لا يخفى عليكم حجم الأكاذيب التي أثيرت ضد الجماعة في الماضي في الصحافة عندكم، بهدف الإثارة، دون مراعاة للحق أو العدل أو الإنصاف. لذلك نحن لن نعلق على أي تقرير صحفي من هذا النوع. وأكرر، ما قامت أو تقوم به الجماعة كان وسيكون في العلن ووفقا للقوانين والأنظمة في البلاد. فلا حاجة لأي قلق أو تكهن أو توقع أو ترويج لشائعات أو أخبار قد لا يكون لها أصل. ونحن لا نستخدم الجمعيات الخيرية كغطاء لعملنا، بل إذا أنشأنا جمعيات خيرية فإنما يكون هدفها هو عمل الخير ومساعدة المجتمع المحلي في أي بلد ضمن نطاق الأنظمة والقوانين، لأننا نؤمن بأن خدمة البشرية جمعاء، والمسلمين خاصة، هي من صميم ديننا الإسلامي الحنيف، وهذا العمل نعتبره جزءا من عبادتنا. ولدينا المنظمة الإنسانية أولا، وهي منظمة لها نشاطات في العديد من دول العالم، وهي مسجلة حاليا في الأردن، ولديها نشاطات في فلسطين، ومسجلة أيضا في الإمارات العربية المتحدة. وهي تعمل في العمل الإنساني المحض، ولا تعمل في التبليغ أو الدعوة للجماعة الإسلامية الأحمدية، بل تستفيد من موارد الجماعة ويتطوع لها الأحمديون في البلاد التي هي فيها ويتبرعون للمشاريع الإنسانية المتنوعة. وكما يتضح من اسمها، فإن الهدف هو الإنسانية وخدمتها، لأننا نؤمن أن توفير الأمن والعيش الكريم للبشر هو الأساس، وهو هدف الدين أصلا، فالمسلم لا يكون مسلما حقا إلا إذا كان متفانيا في خدمة أخيه الإنسان طاعة لأمر الله تعالى وحبا فيه. فهذه الجمعية لا تعمل في تبليغ الدعوة، وهيكليتها ونظامها الإداري منفصل ومختلف تماما عن هيكيلية الجماعة، وإن كانت تحت رعاية الجماعة. وفي بعض البلدان أنشأت الجماعة جمعيات خيرية محلية وفقا للأنظمة والقوانين المرعية، وهذه الجمعيات قد حظيت بموافقة الحكومات وتخضع لرقابتها، ولا تخالف الأنظمة والقوانين، كما في مصر وتونس على سبيل المثال. وهذه الجمعيات أيضا منفصلة في هيكليتها الإدارية عن الجماعة ولا تشكل غطاء لها، ويقوم الأحمديون من خلال هذه الجمعيات الخيرية بخدمة مجتمعهم مبتغين وجه الله تعالى. هذا هو منهج الجماعة وعلاقتها بالجمعيات الخيرية عموما، بغض النظر عن مدى صحة سعي الجماعة في الجزائر لإنشاء جمعية أو جمعيات خيرية من عدمه، فلا ينبغي الظن أن الجمعيات الخيرية التابعة للجماعة أو التي تؤسسها الجماعة تشكل غطاء لها، فالجماعة لا تعمل في الخفاء، ولا تخالف الأنظمة والقوانين في أي بلد، وتؤمن بأن أهدافها في نشر الإسلام الحقيقي لا بد أن تتحقق بمعونة الله تعالى، ولا تعتمد على أي منظمة أو حكومة أو أي سبب دنيوي في تحقيق أهدافها، إلا ما يوفره الله تعالى لها، وتؤمن بالتعاون والعلاقة الطيبة مع الحكومة والمجتمع في كل بلاد تتواجد فيها. فلا داعي لأي نوع من القلق، وتاريخ الجماعة الطويل في كل دول العالم يشهد لها. وإلى هنا توقف الحوار الذي بقي مفتوحا مع الدكتور تميم أبو دقة الذي اعترف بأن موقفي معهم كان متوازنا وتعرضت بسببه لكثير من المتاعب مع الجماعات المتطرفة التي اتهمتني بالعمالة أحيانا وبالضلال والكفر أحيانا أخرى ولكن لا أبالي بهذه الأحكام الجاهزة وبالخصوصية حينما تأتي من أناس فقدوا البصيرة في الدين والسياسة ومرة أخرى أحذر من إطالة عمر الأزمة التي تمر بها البلاد لأن السفينة ستغرق بالجميع والله على ما أقول شهيد.. عدة فلاحي