حاوره: نبيل فرشة استعرض علي قرفة، رئيس الاتحاد الوطني للصناعيين المنتجين والمحولين في حوار مطول مع "مجلة الحوار" التصور العام للاتحاد، حول الأسس التي من شئنها ضخ دماء جديدة للاقتصاد الوطني، من خلال تنويع الموارد وتشجيع الصناعات الخفيفة والصناعة التحويلية، كما تطرق المتحدث للندوة الوطنية للإنعاش الاقتصادي التي اشرف عليها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مثمنا ما اسماه بالمساعي التي تصب في إطار دعم القطاع المنتج والصناعي من اجل التخفيف من تداعيات تفشي وباء كورونا المستجد.
* ما هو انطباعكم كاتحاد وطني يعني بالصناعيين المنتجين من لقاء الندوة الوطنية للإنعاش الاقتصادي خاصة وانها جاءت في وقت وصف المتابعون للوضع الاقتصادي في الجزائر بالحساس؟ بصفة عامة ندوات كهذه لابد منها بهدف تنظيم حوار شامل بين مختلف الشركاء الاجتماعيين والحكومة كما تعتبر مساحة لتقديم المقترحات الخلاقة وحلول لمختلف المعضلات التي يعاني من تبعاتها الاقتصاد الوطني كما تسمح بالتواصل بين الشركاء الاجتماعيين والمسؤولين التنفيذيين بعيدا عن الضوابط البيروقراطية التي فرضت في وقت سابق وأسهمت في عدم تلاقي وجهات النظر وتركت مشاكل المنتجين والمستثمرين من دون حلول. * هل التمستم نوعا من التغيير بين الندوة الأخير وندوات سابقة من ناحية الإصغاء وفتح المجال للاقتراحات؟ كلها كانت ثرية وتمخض عنها مخرجات وحلول كان من شانها جبر الصدع الذي كان يعاني منه الاقتصاد الوطني، لكن المشكلة التي كنا نعاني منها سابقا هي عدم التطبيق الفعلي للاقتراحات على ارض الواقع، أما الندوة الأخيرة التي رأسها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون اكتنزت في تفاصيلها معنى كبيرا، خاصة وانه –الرئيس تبون- أعطى مدة شهر لبداية تجسيد توصيات ومخرجاتها وقدم خلال خطابه ورقة طريق شملت كل القطاعات، و تكلم بكل صراحة وموضوعية وصدق عن المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الوطني وضرورة إيجاد حلول أنية بعيدا عن الاقتصاد الريعي.
* في السابق كانت تراخيص إنشاء المجمعات الصناعية تمنح بالمحاباة والولاء بعيدا عن الكفاءة والخبرة كيف أثرت هذه الممارسات على مناخ الأعمال في الجزائر؟ بكل صراحة مناخ الإعمال سابقا كان يعاني من البيروقراطية والمحسوبية والعراقيل التي تفرضها البنوك ما أثقل كاهل المستثمرين الذين ضاقوا ذرعا نتيجة هذه الممارسات، أما اليوم حسب ما أكد رئيس الجمهورية فالملفات يجب ان تدرس بصورة متسارعة بعيدا عن المماطلة، بهدف خلق مناخ أعمال حقيقي يمتاز بالتنافسية وجودة المنتوج والشفافية، و كل هذا سيعود حتما بالخير على الاقتصاد الوطني ويساعد في إيجاد العديد من الحلول لمشاكل كالبطالة وأشياء من هذا القبيل.
* في خضم الحديث عن الممارسات السابقة اثأر رئيس الجمهورية في خرجته الأخيرة قضية العقار الصناعي والمستثمرين الذي استفادوا منه كما اكد على فتح تحقيق في هذا الموضوع كيف ترون هذه الخطوة؟ ليس من المعقول منح عقار صناعي دون انجاز المشاريع بينما يوجد مستثمرين هم في أمس الحاجة للعقار، و مشكل كهذا لازال الاقتصاد الوطني يعاني منه منذ عقود سابقة، و حين نقوم بزيارة المساحات الصناعية نجد العديد من الأراضي منحت لمستثمرين ولكن لم يجسد فيها أي شيء من الوعود التي أطلقت ونالوا لأجلها هذا العقار، و انأ اقترح إنشاء لجان ولائية يرأسها والي الولاية تقوم بإحصاء وتقييم المشاريع المنجزة، وعلى ضوء ما تم إحصاءه تصدر تقارير توضح حالة العقار الصناعي في كل ولاية ورفع الانشغالات للسلطات العليا.
* كيف ترى المنظومة البنكية في الجزائر وما هي المزايا التي من الممكن أن تقدمها الرقمنة للنظام المصرفي؟ في الماضي كانت قضية تجسيد المشاريع تستوجب حقائب لا متناهية من الأوراق التي توضع لدى مختلف المصالح الإدارية وملف المستثمر يمر على عدد لا يستهان به من الموظفين والإدارات ، كل هذا يعطل تجسيد المشروع ، لكن برقمنة مختلف المصالح الإدارية وتجسيد ما يسمى بالإدارة الرقمية يسمح بدراسة الملفات بصورة سريعة وآنية، كذلك في مصلحة الضرائب فهي تسهل التعاملات المالية وحركة الأموال في السوق الداخلية، بالإضافة إلى تحسين مناخ الاستثمار بالصورة المثلى لدى رؤوس المستثمرين الأجانب.
* انتم كاتحاد وطني للصناعيين المنتجين والمحولين ما هو التصور العام الذي من الممكن ان تقدموه لتشجيع مناخ الاستثمار والأعمال في الجزائر؟ في الحديث عن تشجيع مناخ الاستثمار في الجزائر لابد من تسهيل عملية دراسة الملفات، بالإضافة إلى اعتماد منهجية وتصور جديد من طرف البنوك خاصة من ناحية تمويل المشاريع، حسب تأكيدات رئيس الجمهورية بضرورة تغيير الأسس والقوات التي تنظم وتضبط المنظومة البنكية في بلدنا، من خلال الاعتماد على تجارب البنوك العالمية والتأسيس لنظام مصرفي حديث يتعامل مع مستثمرين شرفاء لديهم نية الاستثمار والعمل على دعم الاقتصاد الوطني، يهدفون لتجسيد مشاريع خلاقة تمتاز بالمصداقية والعمل الجاد بعيدا عن عملية التمويل الغير عقلاني من دون دراسة.
* في الحديث عن الاستثمار الجاد والعقلاني ماذا يمكن ان يقدم الاتحاد الوطني للصناعيين المنتجين والمحولين للاقتصاد الوطني لو وفرت لكم الإمكانيات اللازمة؟ برنامجنا يرتكز على ضرورة تأجيل الاستثمار في الصناعات الثقيلة ودعم الصناعات الخفيفة والصناعات التحويلية، مثل المعمول به في تركيا واندونيسيا وماليزيا هذه البلدان صنعت اقتصادات قوية برزت على المستوى العالمي، اعتمادا على الصناعات الخفيفة، و نحن كمنظمة نعمل لتسهيل الاستثمار ومرافقة رجال الأعمال منذ وضع ملف على مستوى الإدارة المعنية إلى غاية تجسيد المشروع، بالإضافة إلى تنظيم دورات تكوينية وأيام دراسية لتكوين المستثمرين عبر أصعدة عدة لرفع حس التسيير للمستثمر، خاصة وان امتداد الاتحاد الوطني للصناعيين المنتجين والمحولين يشمل اغلب مناطق الوطن ويعمل في مجالات عديدة كالزراعة والصناعة والصناعة التحويلية والمناولة، و من المخرجات الايجابية في اللقاء الأخيرة في ندوة الإنعاش الاقتصادي هي إنشاء لجان جهوية للاستثمار تحت رئاسة السادة الولاة التي سنكون اعضاء فيها محكم اننا مطلعون على اهم المشاكل التي تعاني منها مختلف بلديات الوطن.كما نود أن يكون التواصل الدائم بين رؤساء المكاتب الولائية للاتحاد المنتشرة في الولايات والمسؤولين المحليين لرفع الانشغالات ولتسهيل حل المشاكل العالقة التي يتعرض لها المستثمرين.
* كيف ترى قانون عدم تجريم المستثمر؟ المستثمر يعمل في الميدان مع مختلف المصالح المحلية والإدارية والبنكية فلا يعقل تجريمه وتخوينه مع اي مشكل من الممكن له ان يحدث ويصبح بين عشية وضحاها من صاحب مشروع يهدف إلى العمل في بلده إلى شخص يراه المجتمع مجرم يجب ان يحاسب ويجب أيضا ان تكون هنالك تعاملات ندا للند ففي حالة استدعاء المستثمر مثلا إلى مصلحة الضرائب يقوم بإرسال مسؤول الحسابات نيابة عنه وأمر كهذا معمول به على مستوى العالم هذا ما يعطي قيمة لرجل الأعمال ويشعر انه بين أيدي أمنة ويعمل في وسط نسق يشجع على العمل.
* تكبدت الجزائر خسائر جسيمة في ما يسمى مصانع تركيب السيارات كيف ترى مستقبلها وما هو التصور الذي من الممكن ان تقدمه في مجال الصناعة الميكانيكية؟ مشكل مصانع تركيب السيارات في بدايته كان فاشلا وانطلاقتها لم تحقق الأهداف المسطرة خاصة وانه في ذلك الوقت ادرج في إطار التجسيد بسرعة تبعث على الريبة والقلق حتى ملفات هذه المصانع والجدوى منها لم تدرس بالصورة المثلى لكن في هذه المرحلة مع دفتر الشروط الذي أدرج مؤخرا يمكن لنا الحديث عن صناعة ميكانيكية حقيقية بعيدا عن سياسة "نفخ العجلات " لكن يجب تحقيق نسبة إدماج كأقل تقدير بنسبة 50 في المائة وتدعيم مصانع المناولة بهدف استحداث مناصب شغل والمساهمة في القضاء على البطالة فالشروط تتيح للمستثمرين العمل بنسق تصاعدي لتصليح الصدع الذي احدث في المراحل السابقة والتأسيس لصناعة ميكانيكية حقيقية.
* تعتبر السوق الإفريقية من الأسواق التي تفضل المنتوج الجزائري على غيره كيف يمكن لنا توسيع دائرة النشاط فيها وما هي المنتجات التي تلقى رواجا في هذه السوق الواعدة؟ من أهم الصناعات التي لاقت رواجا في السوق الإفريقية هي الصناعة التحويلية والصناعة الغذائية خاصة وأن المنتوج الجزائري يكتسي نوعية كبيرة مقارنة بالمنتجات الأخرى زد إلى ذلك سعره التنافسي خاصة ونحن نملك العديد من التمثيليات في الدول الإفريقية وصدى أسواقها الباحثة بشغف عن المنتج الجزائري يصلنا الآن خاصة موريتانيا ودولة البينين ونيجيريا فالجزائر دولة بحجم قارة حباها الله بكل الخيرات والإمكانات خاصة الطبيعية منها فما علينا نحن كمستثمرين هو مواصلة العمل الدءوب لغزو السوق الإفريقية بالمنتج الجزائري ودعني أحدثك عن قضية اخرى يمكن لها ان تدعم الخزينة الوطنية وتسندها في قادم السنوات وهي الصناعة أيضا في مجال السياحة التي من الممكن لها أن تمثل منبعا آخر يخدم الجزائر في كافة النواحي خاصة وان دول الجوار قاربت مداخيلها من السياحة نصابا لا يستهان به و علينا الاستفادة من تجاربهم لتطوير السياحة في بلدنا وهذا ما يعود بالخير على المنتجات المحلية والصناعات التقليدية التي ستشهد إقبالا من قطع النظير من السياح كما علينا التركيز على الإشهار والتعريف ببلدنا ومكامنه السياحية
* كلمة أخيرة؟ في الختام نتمنى الخير والسداد لبلدنا الذي يملك العديد من المقومات التي تسمح له بالتطور والرقي فلا بد من المستثمرين ورجال الأعمال والشركاء الاجتماعيين العمل والبرهنة في الميدان والنظر للمستقبل ويجب أيضا ان نجد أذان صاغية من قبل السلطات لتحقيق التكامل الأمثل في الحياة الاقتصادية بهدف بناء الجزائر الجديدة التي ينشدها الجميع بعيدا عن التمني والخطابات الشعبوية.