لم يمر أسبوع واحد من الإعلان عن ظهورها، والتأكد من تفشيها في 11 دولة، حتى اقتحمت أنباء أنفلونزا الخنازير بيوت وغرف وقاعات جلوس جميع الجزائريين، وصارت حديث العام والخاص، بل ولأن اهتمامات الجزائريين محيرة وغريبة وتثير أكثر من ذلك الدهشة، فإن الجزائري اليوم لا يتساءل عما إذا هو محصن أم لا من هذا الداء القاتل، بقدر ما يهتم بصحة الرئيس الأمريكي أوباما، فالجميع يعزف هذه الأيام على أنغام ''أنفلونزا الخنازير في واشنطن''. فمنذ أن تحدث مسؤول هام عن نبأ اكتشاف حالة إصابة بالداء داخل مقر البيت الأبيض، حتى بدأت تكهنات الجميع تتداول فكرة أوباما مصاب أم لا؟، وصار الحديث مقتصرا خلال رحلات ''الطرولي'' ويوميات المسافرين عن حكايات ''أوباما والخنازير''.. ومع تفاقم حالة الرعب من أنفلونزا الخنازير التي تحوم حول العالم بعد أن رفعت منظمة الصحة العالمية مستوى الإنذار بشأن المرض إلى الدرجة الخامسة، يتجادل الجزائريون حول إعلان روبرت غيتس المتحدث باسم الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أنه يحتمل إصابة أحد أعضاء الوفد الذي رافق الرئيس إلى المكسيك شهر أفريل بأنفلونزا الخنازير. مجادلات ''الحافلات'' تتحدث عن أخبار سرية وأخرى مخابراتية تتخطى حدود البيت الأبيض، تشتد حدتها أحيانا إلى درجة الشجار، حتى يخيل لك أن كل واحد من المتشاجرين كان في مهمة سرية إلى البيت الأبيض وجاءنا بالخبر اليقين.. البعض تراه يتحدث عن إصابة معاون الوزير ستيفن تشو مرافق أوباما إلى المكسيك، في حين ''يحلف ويتسخط'' آخرون أن تشو لم يكن على متن طارة ''آير فورس وان الرئاسية'' وفي كلام الجميع نبرة ثقة لا مثيل لها تقنع المتتبع أن مصدر المعلومات موثوق منه دون تأكيد.. البعض راح حتى إلى الحديث عن أشخاص يتلاعبون بالفيروسات، ويؤججون من حين لآخر إشاعات الوباء، كيف لا والوباء صار يتلون ويغير اسمه من حيوان لآخر، في محاولة لإلهاء الجميع عما يحدث في القدس الشريف من عمليات التهويد الخطيرة التي يقترفها الصهاينة هناك... مجادلات الجزائريين واهتماماتهم اليومية تركتهم يتحدثون عن ''جزاء عظيم'' أسقطه العلي الكريم على عباده المفسدين في أرض ''المكسيك والأمريك''، تبعا لقول الرسول الكريم : ''ما ظهرت فاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا تفشى فيهم الطاعون''، فلا عجب أن نسمع عن داء جنون البقر، والطيور والإيبولا، وأخيرا رعب الخنازير... آخرون يعتقدون أن داء أنفلونزا الخنازير ما هو سوى حلقة أخيرة لسلسلة طويلة من المصائب والأوبئة والكوارث الطبيعية والأعاصير والحرائق وانهيارات أسواق المال والأعمال والأزمة المالية العالمية التي يجني ثمارها المفسدون على الأرض، ولنا أن نتصور صحة ما تثيره وتتداوله وكالات الأخبار عبر رحلات ''حافلات النقل السريع''..