الحياة الروحية ضرورية للحب .. هذا ما يؤمن به توماس ميرتون ويتبناه باولو كويلهو ويرهن عليه في روايته ''قرب النهر أبكي'' أن نحب معناه الاتصال بالآخر بطريقة ما .. وذاك الاتصال يكشف لنا أننا نخاطب كائنا آخر .. باولو كويلهو في روايته هذه كلف النهر بمهمة أخرى .. هو شيء آخر غير ذاك الماء الجاري المنهمر على الدوام .. في مياه النهر يقع كل شيء : أوراق الشجر .. الحشرات .. ريش الطيور الخ .. هاته الأشياء كلها تشكل في الأخير حصى النهر .. قرب النهر يسحر بطل الرواية بألغاز الحياة .. ويريد معرفة الأكثر .. ينهمك في البحث عن علامات يمكن أن تلهمه حل ألغازه، وتخبره أن شخصا ما يعرف شيئا ما .. سافر إلى بقاع عديدة وجلس مع أساتذة السحر والتأمل .. واكتشف أخيرا أن الحقيقة تكمن حيث يكون الإيمان ''البوذيون على حق .. طالما اتبع الإنسان وفعل ذلك بإخلاص .. فبإمكانه التوحد مع الله واجتراح المعجزات .. اكتشف أن الحديث عن الله يجر إلى الحديث عن الحب : ''إن كل شيء يقود إلى ممارسة حب الله'' قال أيضا : أود الحديث عن نوع آخر من الحب .. الحب الذي يشترك فيه الرجل والمرأة، والذي يخلق المعجزات أيضا ''أمسكت يدي، ربما يكون يعرف الألغاز الضخمة عن الإله لكنه لا يعرف أكثر مني عن الحب، رأيت في عينيه الخوف العميق الذي نعرف عن الحب الحقيقي .. يتمنى لو يجد عالما خاليا من أي نوع من القلق .. الإنسان نادرا ما يدرك أنه محاط بالأشياء غير العادية، ولا ينتبه إلى وجودها ولا يوليها اهتماما كبيرا لأنه تعود على اتباع رموز واتباع قواعد محددة، ولكن الأمر يختلف مع الحب.. لا توجد قواعد مع الحب .. يمكن للبعض أن يجرب التحكم في مشاعره وترويض سلوكه إلا أن القلب يصر على قراره وما يقرره هو الذي يعنيه". باولو كويلهو الكاتب البرازيلي الشهير تطغى على كتاباته الأخيرة مسحة إيمانية ربما بسبب أداءه لطقوس الحج على الطريقة الاسبانية القديمة وكللت تجربته تلك بكتابه ''الحج'' الذي صدر عام 1987 .. أما روايته ''قرب النهر أبكي'' فقد صدرت مباشرة بعد رائعته ''الخيميائي'' والتي لازالت من بين أكثر الكتب مبيعا في العالم.